fbpx

القائمة الرئيسية

تنازع القوانين

تنازع القوانين

مفهوم تنازع القوانين

تتعدد نشاطات الإنسان ولاسيما في علاقاته مع غيره ويتدخل المشرع لتنظيم جانب من هذه العلاقات ذات الطبيعة القانونية، كما يكون القضاء هو الجهة المختصة للفصل في النزاعات الناشئة عن هذه العلاقات، فإذا كانت العلاقة القانونية في عناصرها الثلاثة : الأشخاص، المحل والمصدر، وطنية بحثة أي تنتمي إلى الدولة التي يتبع لها القاضي، فإنها تخرج عن نطاق تنازع القوانين، بل وعن قانون العلاقات الخاصة الدولية

أما إذا اتسم أحد عناصر العلاقة القانونية بالصفة الأجنبية، كان ينتمي احد اطرافها إلى دولة أجنبية ، فإننا هنا نكون أمام تدخل أكثر من قانون لحكم العلاقة القانونية ، تبعا لانتماء عناصر العلاقة لأكثر من دولة ، ويطلق على هذا الوضع بتنازع القوانين

وتبعا لذلك يثور التساؤل عن أنسب القوانين التي يتعين على القاضي تطبيقها على تلك العلاقة، ذلك أن احتوائها لعنصر أجنبي يعني اتصالها باكثر من قانون واحد؟

إن حل مشكلة تنازع القوانين يتم عادة بواسطة إعمال قواعد تنازع القوانين أو قواعد الإسناد، التي ترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على المراكز القانونية ذات العنصر الأجنبي، وهي قواعد يضعها المشرع الوطني لاختيار أكثر القوانين المتزاحمة ملائمة لحكم العلاقة الخاصة المتضمنة عنصرا أجنبيا

وبعبارة أخرى، إن قواعد الإسناد ، لا تطبق إلا على علاقات القانون الخاص، مثل الروابط التعاقدية ، ومسائل الزواج والطلاق والميراث والوصايا…إلخ، أي العلاقات التي لا تكون الدولة موضوعا لها او طرفا فيها بوصفها صاحبة السيادة

 وهكذا، فوظيفة قواعد الإسناد في حل المشاكل المترتبة على اختلاف التشريعات الوطنية السائدة وتباينها. كما أن تعيين قاعدة الإسناد يقتضي تحديد الوصف القانوني لموضوع النزاع، أي تكييف العلاقات القانونية بردها إلى إحدى الفئات القانونية التي خصص لها المشرع قاعدة إسناد ، ومثال العلاقات القانونية : الزواج، الطلاق، العقد، الفعل الضار، الوصية، الأهلية

وبعد تخطي القاضي لهذه المرحلة وتحديده لقاعدة الإسناد، التي أشارت بتطبيق قانون اجنبي معين، فإن التساؤل يثور حول المقصود بهذا القانون، هل يتعين على القاضي أن يرجع إلى القانون الأجنبي في جملته، بما يترتب على ذلك من ضرورة استشارة قواعد الإسناد هذا القانون لمعرفة ما إذا كانت تمنح الاختصاص إلى قانونها أم تقضي بالإحالة إلى قانون آخر؟ أم أن على القاضي أن يرفض الإحالة ويتجه مباشرة إلى القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي ويطبقها على موضوع النزاع دون الاعتداد بقواعد القانون الأجنبي

وبعد الانتهاء من هذه العملية التي تندرج ضمن آليات تنازع القوانين، فإن القاضي ينتقل إلى مرحلة حل التنازع الناشئ بين القوانين عن طريق تطبيق قاعدة الإسناد التي يقصد بها القاعدة الوطنية التي تعين القانون الذي يجب تطبيقه على العلاقة القانونية موضوع النزاع

هذا، وقد يتعذر على القاضي تطبيق القانون الأجنبي الذي تعينه هذه القاعدة، بحيث يلجا إلى استبعاد هذا القانون، وذلك لأسباب متعددة كاستحالة تطبيقه او مخالفته للنظام العام لدولته، أو لوجود تحايل على القانون الواجب التطبيق

آليات تنازع القوانين

إن الاختلاف بين قوانين الدول وانظمتها يثير ولاشك نزاعا فيما بينها كلما اتصلت علاقة قانونية أو مركز قانوني بدولة أجنبية أو أكثر، وهذا التنازع كما جری الاصطلاح على هذه التسمية هو نتيجة طبيعية لما يعرفه العالم من تعامل قانونی بین الأفراد على نطاق يجاوز الحدود الإقليمية منذ زمن بعيد، وقد أصبح في الوقت الحالي أكثر تعقيدا لتشابك العلاقات الدولية واتصالها بفعل التطور الحضاري الهائل

هذا، ومن الخطأ الاعتقاد بان تنازع القوانين لا يقع إلا الحالة التي تطرح فيها العلاقة القانونية موضوع النزاع أمام المحكمة للبت فيها عن طريق تطبيق القانون الملائم عليها، بل ان التنازع بكون قائما منذ اللحظة التي تنشأ فيها العلاقة القانونية، لأن نشوئها وتكوينها يقتضي أولا تحديد القانون المنظم لها من حيث الشكل والموضوع ، وتحديد هذا القانون يثير منذ البداية إشكالية تزاحم وتنافس قوانین عدة دول لحكم هذه العلاقة

ويتم حل التنازع بترجيح أحد القوانين المتنازعة وتفضيله أكان وطنيا أو أجنبيا

شروط قيام تنازع القوانين

ويشترط لقيام تنازع القوانين توافر شروط اجتماعية وتشريعية هي:

1- أن تتسم العلاقات والتبادل بالصفة الدولية، وبعبارة أخرى أن تتضمن العلاقة القانونية عنصرا أجنبيا، والعناصر المكونة للعلاقة القانونية هي :

أولا : السبب المنشأ لها، سواء كان هذا السبب تصرفا قانونيا كبيع أو وصية أو واقعة قانونية – عملا ضارا أو عملا نافعا- أو نصا قانونيا كالولاية والوصاية، وقد يكون السبب المنشى واقعة طبيعية كالولادة والموت.

ثانيا: أشخاص العلاقة القانونية، سواء أكان هؤلاء الأشخاص دائنين أو مدنيين أو أصحاب حقوق أوملتزمين متسببين في ضرر ما او متضررين إلخ

ثالثا: محل العلاقة القانونية، وهذا المحل إما أن يكون قياما بعمل شيء أو امتاعا عن القيام به او التزاما بإعطاء شيء..

فاتصال العلاقة القانونية بقوانين عدة دول قد يجعل كل قانون من قوانين ثلك الدول قابلا للتطبيق على العلاقة القانونية في هذه الحالة

2- أن يقبل المشرع الوطني – في حالات معينة – تطبيق قانون غير قانونه، لأن التمسك بمبدا سيادة القانون الوطني على إطلاقه، وفي جميع الأحوال، وضع، يؤدي إلى انتفاء أي تنازع بين قانون القاضي وأي قانون أجنبي. “

3- أن يكون هناك اختلاف في التشريع بين الدول، أما إذا كانت قوانين الدول التي تتصل بها عناصر العلاقة القانونية متشابهة وموحدة، فإن الحكم سيكون ذاته سواء، ثم منح الاختصاص إلى قانون دولة ما أم لقانون دولة أخرى، وما دام الحكم واحدا فليس هناك من جدوى ولا مصلحة من قيام التنازع . . .

وعليه، فإذا كانت الأنظمة القانونية في هذا المجال مختلفة، فإن هذا الاختلاف يظهر على مستويين :

1- على مستوى الوصف القانوني الذي يتم إعطائه لرابطة ما، فقد يعتبر قانون دولة ما، هذه الرابطة جزءا من الأحوال الشخصية بينما تعتبر دولة أخرى جزءا من الشروط الجوهرية للعقد، وكذلك قد يعتبر أحد شروط العقد جوهريا في قانون دولة بينما يعتبره قانون دولة أخرى شرطا شكليا، فهذا التباين تنجم عنه صعوبات عند البحث عن قاعدة الإسناد ، لأن الرابطة القانونية المراد تحديد القانون الواجب التطبيق

عليها، قد تدخل ضمن قاعدتين مختلفتين للإسناد ، نظرا لاختلاف الوصف القانوني الممنوح لها كل من الدولتين

وهكذا، فإن إسناد العلاقة ذات البعد الدولي لقانون دولة ما لا يتم بصورة مباشرة وإنما بتطلب إجراء عملية تسمى “التكييف” حتى يتمكن من تعيين قاعدة الإسناد الملائمة

2- وعلى مستوى ثان، إن قواعد الإسناد هي الأخرى تختلف من بلد آخر، فبعض الدول مثلا تجعل الحالة الشخصية خاضعة للقانون الوطني للشخص بينما تخضعها قوانين دول أخرى لقانون الموطن، بحيث يواجه القاضي بالإشكالية التالية: :

فعندما تعين قاعدة الإسناد الوطنية قانونا أجنبيا ليطبق على العلاقة القانونية موضوع النزاع، فهل يجب على القاضي من هذه الحالة أن يستشير أيضا قاعدة الإسناد الأجنبية لمعرفة ما إذا كانت تمنح الاختصاص لقانونها ام أنه يجب عليه أن يطبق مباشرة القانون الأجنبي الداخلي ؟

هنا يواجه القاضي بإشكالية من طبيعة أخرى تعرف باسم “الإحالة” وذلك لتحديد قاعدة الإسناد الملائمة لموضوع النزاع المعروض على القاضي

المراجع :

هشام على صادق : تنازع القوانين

حسن المهداوي : تنازع القوانين

 

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك

تحميل المقال:









اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!