محتويات المقال
تعريف الشركة والإشكالات التي يطرحها
قام المشرع بتعريف الشركة في الفصل 982 بأنها :” عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشا عنها”. و يغطي هذا التعريف سائر الشركات سواء كانت مدنية أو تجارية و ذلك لعمومية النص.
لكن إذا كان الفصل 982 من قانون الالتزامات و العقود يصف هيكل الشركة بالعقد، فإن المواد القانونية الخاصة بالشركات التجارية من حيث الشكل و المذكورة في إطار القانونين رقم 17.95 و 5.96 نجدها تصف هيكل الشركة بالنظام الأساسي.
الأمر الذي نجم عنه خلاف و جدل في الفقه حول مدى هيمنة كل من حرية التعاقد أو سلطان الإرادة و النظام القانوني و كذا الشخصية المعنوية أو الاعتبارية على هيكل الشركة و بعبارة أخرى، هل الشركة عقد أم نظام قانوني؟ و هل الشركة نظام (أو عقد) أو شخص معنوي؟
الإختلاف الفقهي عن الطبيعة القانونية للشركة
لقد اشتد هذا الخلاف و الجدل عندما اعترف المشرع المغربي و لأول مرة في القانون رقم 5.96 بإمكانية تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، و كذا استمرار هذه الشركة بعد تأسيسها متعددة الأطراف بشريك وحيد.
و أدى هذا التطور التشريعي إلى طرح.تساؤل جدید هو: هل الشركة عقد أي توافق إرادتين على إنشائها، أم تصرف بإرادة منفردة، أم نظام قانوني من صنع المشرع، أم هي مزيج من كل المؤسسات القانونية؟
إذا رجعنا إلى قانون الالتزامات و العقود نجده كان ولا يزال يعتبر الشركة عقدا يخضع لحرية التعاقد و يهيمن عليه مبدأ سلطان الإرادة، فلا يقوم هذا العقد صحيحا إلا بتوافر الأركان العامة اللازمة لصحة العقود و هي التراضي و الأهلية و المحل و السبب و خلو الإرادة من العيوب كالغلط و الغبن و الإكراه و التدليس.
فتعريف الشركة إذن هو عقد رضائي توجد بمجرد تراضي الأطراف المتعاقدة على إنشائها و الاتفاق على باقي الشروط الأخرى، ما لم يتطلب القانون شكلا خاصا
و قد ترتب عن هذا التكييف القانوني الكلاسيكي للشركة ظهور المذهب المناصر و المؤيد لفكرة العقد “la conception contractuelle” أي الأساس العقدي للشركة و الذي يعتبر الشركة عقدا و إن كان عقدا من نوع خاص يشترط لقيامه صحيحا توفر أركان خاصة إلى جانب الأركان العامة، و تتولد عنه شخصية معنوية يطلق عليها اسم “الشركة”.
إنتقادات فكرة العقد
إلا أن فكرة العقد هاته تعرضت لاحقا لانتقادين كبيرين هما:
الاعتراف التشريعي بالشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص أو شريك واحد (المادتان 44 و 48 من القانون رقم 5.96) حيث أصبحت الشركة تتأسس بإرادة منفردة و ليس عن طريق العقد فقط .
عدم اكتساب الشركة التجارية للشخصية المعنوية إلا من تاريخ تقييدها في السجل التجاري، أما قبل هذا التقييد فلا وجود للشركة كشخص معنوي و نتيجة لذلك، برزت النظرية الحديثة التي تتبنى فكرة النظام “la conception institutionnelle” الذي يقيم المشرع هيكله و يتدخل في تكوينه و تأسيسه و إدارته و يضع العقوبات الزجرية لردع المخالفين له. و بعبارة أخرى أصبح ينظر إلى الشركة كشخص معنوي مستقل عن أشخاص الشركاء، يضع المشرع إطاره أو نظامه القانوني بعيدا عن إرادة الشركاء.
فالشركة تستقل بهدفها المختلف عن أهداف الشركاء فيها، و بجنسيتها و مقرها و ذمتها المالية، كما تخضع لضوابط قانونية خاصة يتحكم فيها التشريع كالنصاب القانوني و الأغلبية اللازمة لاتخاذ القرارات داخلها.
لكن الملاحظ أن فكرة النظام القانوني هاته لا يترتب عنها إلغاء كلي لدور الإرادة الثنائية أو الجماعية للشركاء، بل على العكس لا زالت للإرادة و حرية التعاقد دور كبير في إطار قوانين الشركات شريطة احترام النظام القانوني الذي وضعه المشرع لكل شكل من أشكال الشركات التجارية.
خلاصة القول إذن أن الشركة نظام قانوني – لكن دون إغفال دور الإرادة كليا- و هو نظام من نوع خاص ينشأ عنه شخص معنوي يميزه عن باقي الأنظمة الأخرى و مستقل عن باقي الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين المكونة لها. و بعبارة أخرى، لا وجود لشركة بدون نظام أساسي صحيح، ولا وجود لنظام أساسي دون شركة تجسد من وضعه.
المراجع و المصادر المعتمدة:
عز الدين بنستي : “الشركات في التشريع المغربي والمقارن”
فؤاد معلال : “شرح القانون التجاري الجديد”، الجزء الثاني، الشركات التجارية
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
تحميل المقال:
أحدث التعليقات