fbpx

القائمة الرئيسية

المنازعة الضريبية أمام القضاء الإداري

المنازعة الضريبية أمام القضاء الإداري

المنازعة الضريبية أمام القضاء الإداري

المنازعة الضريبية في شقها القضائي ، أو رفعها أمام القضاء يتطلب مجموعة من الأسس و الإجراءات التي تحكمها ، هاته الأخيرة التي قد تتنوع بين القواعد العامة للتقاضي وقد تنفرد ببعض المميزات ، نظرا للخصوصيات التي تعرفها المنازعة الضريبية والنظام الضريبي ككل

فحق التقاضي أو اللجوء إلى القضاء هو حق مكفول للجميع ولا أدل على ذلك الدستور الذي هو أسمى قانون في البلاد ، إلا أن اللجوء إلى القضاء لا يتم إلا عن طريق مجموعة من الأسس و الظوابط التي ينص عليها القانون و التي تترجم في لفظ “الدعوى” ، هاته الأخيرة هي التي تربط بين المتقاضين وبين الجهاز القضائي ولا يتم التقاضي إلا عن طريقها.

ويقصد بالدعوى الضريبية السلطة التي خولها القانون للمكلف لعرض موضوع النزاع بينه وبين الإدارة الضريبية على القضاء للفصل في وجود أو مشروعية دين الضريبة الذي في ذمته ، وهذه السلطة ذات طبيعة إجرائية ، أي أن الدعوى الضريبية هي مجموعة من الإجراءات ، التي يجب التقيد بها قصد عرض النزاع أمام القضاء المختص

 لكن الدعوى الضريبية أو دعوى المنازعة الضريبية فهي على غرار باقي الدعاوى لم تتم إلا من خلال مجموعة من الأسس و الظوابط التي ترتكز عليها ، كالإختصاص القضائي الذي يتعلق بتنظيم المحاكم من حيث صلاحياتها للنظر في الدعاوى أو القضايا المعروضة عليها ، إذ لا يمكن رفع الدعوى عبثا بل ينبغي معرفة القضاء المختص فيها ، إلى جانب الإختصاص القضائي فالدعوى الضريبية كباقي الدعاوى الإدارية تستلزم تكييف الطبيعة القانونية لها وبيان موقعها داخل القضاء الإداري بين القضاء الشامل وقضاء الإلغاء .

الإختصاص القضائي والطبيعة القانونية في المنازعة الضريبية

بداية تجدر الإشارة إلى أن مسألة الاختصاص لها علاقة بمسألة تحديد الطبيعة القانونية للقضاء المختص ، حيث أنه إذا كان الإختصاص القضائي في المادة الضريبية مخولا للقضاء الإداري فإن الطبيعة القانونية تستدعي معرفة من هو القضاء المختص داخل القضاء الإداري نفسه هل هو القضاء الشامل أو قضاء الإلغاء ، وعلى هذا الإعتبار اخترنا جمع الإختصاص القضائي والطبيعة القانونية في مطلب واحد لنعالج الإختصاص القضائي في المنازعة الضريبية (الفقرة الأولى( ثم الطبيعة القانونية لدعوى المنازعة الضريبية )الفقرة الثانية( .

الفقرة الأولى : الإختصاص القضائي في المنازعات الضريبية

لقد اختلفت الآراء الفقهية واتجاهات القوانين المقارنة في تحديد القضاء المختص فيما يتعلق بالمنازعة الضريبية ، فبعض القوانين أسندت الفصل فيها إلى القضاء العادي بينما غالبية التشريعات الأخرى جعلت اختصاص النظر في المنازعات الضريبية إلى القضاء الإداري ، في حين يرى البعض أن هذا الصنف من المنازعات يجب أن تختص به محاكم مستقلة وذلك على أساس الخصوصيات التي تميز النظام الضريبي

أولا : الإختصاص النوعي

لقد نصت المادة 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على اختصاص هذه الأخيرة في النزاعات الضريبية ، وبالرجوع للمواد من 31 إلى 35 القانون المذكور نجدها قد عددت نوعية الضرائب التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية غير أن هذا التعداد اقتصر على ذكر بعض الضرائب دون أخرى مما جعل التساؤل يطرح حول نية المشرع من وراء هذا التعداد هل هو على سبيل الحصر أم أنه على سبيل المثال ،

 وهنا يرى بعض الفقه أن المادة 8 عندما نصت على اختصاص المحاكم الإدارية في نزاعات الضرائب تكون قد شملت جميع النزاعات الضريبية

وعليه فإن المحاكم الإدارية هي صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات الضريبية وإذا المشرع قد أخد بشمولية اختصاص القضاء الإداري في النزاعات المتعلقة بالضرائب.

وهكذا تظل المحاكم الإدارية كدرجة ابتدائية للنظر في المنازعات الضريبية ، أما فيما يخص استئناف أحكام هذه النزاعات فإن محاكم الإستئناف الإدارية هي التي أصبحت مختصة بها بعدما كانت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض تضطلع بهذا الدور منذ إحداث المحاكم الإدارية سنة 1994 إلى أن جاء القانون 03-80 المحدث لمحاكم الإستئناف الإدارية

أما محكمة النقض ) المجلس الأعلى سابقا ( فعلاوة عن وظيفتها كمحكمة قانون إلا أنها تختص في المادة الضريبية كباقي المنازعات الإدارية بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة ب :

– التصرفات التنظيمية والفردية الصادرة عن رئيس الوزراء

– قرارات السلطة الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيدها دائرة الإختصاص المحلي لمحكمة إدارية.

ثانيا : الإختصاص المكاني

تقتضي العدالة الضريبية ألا تتتركز المحاكم في مكان واحد بل أن تتوزع على ربوع المملكة وذلك لتسيير التقاضي بين المتقاضين ، ويرجع الإختصاص المكاني للمحاكم الإدارية إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وهو ما نصت عليه المادة 10 من قانون 90-41 وقد جاء في الفقرة العاشرة من الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية على أنه ” تقدم دعاوى الضرائب المباشرة والضرائب البلدية أمام محكمة المكان الذي تجب فيه تأدية الضريبة”

وعلى الرغم من المبدأ الذي أوردته المادة 10 المذكورة أعلاه فيما يتعلق بالإختصاص المحلي لهذه المحاكم فانالقانون 90-41 قد نص في المادتين 34 و 35 منه على الإختصاص المحلي – لهذه المحاكم في بعض الضرائب المتعلقة بالعقارات وكذا الطعون الصادرة عن اللجان المحلية

وتبقى المحكمة الإدارية بالرباط هي المختصة في النزاعات التي تنشأ خارج دوائر اختصاص جميع المحاكم الإدارية الأخرى ، أما بالنسبة للقرارات الضريبية التي يتعدى نطاق تنفيدها دائرة الإختصاص المحلي لمحكمة واحدة فإن محكمة النقض هي التي تظل مختصة بها

وإذا كان الإختصاص القضائي في المنازعات الضريبية يرجع إلى المحاكم الإدارية وهو أمر مسلم به فإن تحديد الطبيعة القانونية لهذه المنازعات لازال يطرح بعض الإشكالات ، حيث أن المنازعة الضريبية قد تدخل في إطار القضاء الشامل وقد تدخل في حيز منها أمام قضاء الإلغاء، وهذا ما سنتطرق إليه في الفقرة الثانية .

الفقرة الثانية : الطبيعة القانونية لدعوى المنازعة الضريبية

إن الملزم بالضريبة خلال المرحلة القضائية يجد نفسه مجبرا على عرض نزاعه على القضاء بعد أن يستنفد جهوده أمام الإدارة من أجل الحصول على الحقوق التي يدعيها ، لكن هذا اللجوء إلى القضاء ينبني على بعض القواعد التي تحدد كيفية التدخل القضائي حسب طبيعة القضايا المعروضة عليه ،

وإذا كانت المنازعات الضريبية تعتبرمن إختصاص القضاء الإداري وهو ما سبق أن رأيناه ، فإن السلطات التي يملكها القاضي الإداري بدوره تختلف حسب طبيعة القضية أو الدعوى التي ينظر فيها ، حيث تختلف هذه الدعاوى بحسب ما إذا كانت تندرج في إطار القضاء الشامل أي أن الملزم يوجه دعواه في شكل طعن ينصب على جوهر النزاع الضريبي أو أنها تدخل تحت ولاية قضاء الإلغاء ذلك أن الملزم يوجه دعواه في صيغة إلغاء تثير فقط مشروعية القرار الضريبي ، ولبيان ذلك سنعالج المنازعة الضريبية كدعوى إلغاء )أولا( ثم المنازعة الضريبية تحت ولاية القضاء الشامل )ثانيا(

أولا : المنازعة الضريبية كدعوى إلغاء

وقبل ذلك ينبغي أن نعرف دعوى الإلغاء على أنها دعوى قضائية ترفع للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري لكونه معيبا أو مشوبا بعيب من عيوب الشرعية المعروفة ، وقد وصفت دعوى الإلغاء بأنها دعوى موضوعية يرمي رافعها إلى مخاصمة قرار إداري وليست شخصية يستند صاحبها إلى حق حق شخصي له ،

 وعليه فقد اعتبر قضاء الإلغاء هو القضاء الذي بموجبه يكون للقاضي أن يفحص مشروعية القرار الإداري، فإذا تبين له مجانبة القرار للقانون حكم بإلغائه ، ولكن دون أن يمتد حكمه إلى أكثر من ذلك ، فليس له تعديل القرار المطعون فيه أو استبدال غيره به

إلا أنه قد يثور نزاع حول مدى شرعية بعض القرارات الإدارية التي تتصل اتصالا وثيقا بالمادة الضريبية كالقرارات الإدارية المتصلة بفرض الضريبة وتحصيلها ، وقد وجه السؤال إلى مجلس الدولة الفرنسي حول ما إذا كان لصاحب الشأن أن يلجأ إلى الطعن بالإلغاء بكيفية مستقلة عن موضوع النزاع ، فأجاب المجلس المذكور بالنفي ما دام بإمكان الطاعن اللجوء إلى دعوى موازية

 ومع ذلك فقد أقر مجلس الدولة الفرنسي بأن القرارات الإدارية المنفصلة عن عمليات تأسيس وتحصيل الضريبة تكون قابلة للطعن بالإلغاء في بعض الحالات المعينة. أما في المغرب فيرى بعض الفقه  أن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قد اتجهت إلى قبول الطعن بالإلغاء في المجال الضريبي في حالتين فقط وهما :

– الأولى كلما تعلق النزاع بمبدا فرض الضريبة نفسه.

– والثانية إذا تعلق الأمر بقرار السلطة الإدارية الرامي إلى استخلاص رسم لإحدى الجماعات الترابية.

وقد أضاف الإجتهاد القضائي إلى هاتين الحالتين حالات أخرى تم على إثرها تقديم دعوى تجاوز السلطة مباشرة دون عرض النزاع على اللجان الضريبية المحلية والوطنية ، حتى ولو تعلق الأمر بطعن في عملية تحديد أساس الضريبة وهكذا فدعوى الإلغاء حاضرة في المنازعات الضريبية حيث نجدها في القرارات المنفصلة لاعن عملية فرض الضريبة في حالات معينة أبرزها القرار الرافض لطلب الملزم بتأجيل الأداء ، رفض طلب الإعفاء ، وكذلك القرار المحدد لمبدأ فرض الضريبة ، وكذا عملية تحديد أساس الضريبة كما قلنا سابقا .

ومن هنا نخلص إلى القول أنه إذا كان الأصل أن المنازعات الضريبية تستهدف نشاط الإدارة الضريبية ، وأن إجراءات فرض الضريبة تعتبر أعمال مستمدة من القانون ، ولا تستهدف مقررات إدارية ، على غرار منازعات الشطط في استعمال السلطة ، فإنه استثناء من ذلك تبقى دعوى الإلغاء قائمة في المنازعات الضريبية في بعض الحالات كما رأينا أعلاه . إذن فما هو وضع المنازعات الضريبية أمام القضاء الشامل ؟

ثانيا : المنازعة الضريبية كدعوى قضاء شامل

بداية لابد من تعريف دعوى القضاء الشامل ، وهي المنازعة التي يفصل فيها القاضي الإداري بين طرفين غير متساويين ، يكون أحدهما شخصا عاما أو ذا نفع عام يساهم في سير مرفق عام أو سلطة إدارية مستقلة ، سواء كانت الدعوى ترمي إلى حماية حق شخصي أو إلى إقرار الشرعية أو إلى الأمرين معا ، أو إلى أي هدف آخر من المصلحة العامة ، بشكل يتطلب قيام القاضي بعمليتين على الأقل أو عملية واحدة تقتضي سلطات أوسع ، ودورا إيجابيا في توجيه إجراءات الدعوى

وبعدما تم إحداث المحاكم الإدارية ، وهي تنظر في دعوى الإلغاء أو دعوى القضاء الشامل ، فقد تواترت أغلب أحكامها على تصنيف المنازعات الضريبية ضمن دعوى القضاء الشامل ، وقد زكى الفقه القانوني في معظمه هذا التأويل وراى فيه اتجاها إيجابيا للقضاء المغربي يخرج به عن دور التقليد لما هو متعارف عليه

حيث يتمتع القاضي في إطار منازعات القضاء الشامل بسلطات تقدرية واسعة في مجال الوقائع كما في مجال القانون ، إذ ينظر في مشروعية القرار الإداري المؤسس عليه الضريبة لا إلغاءه فقط ، ولكن لترتيب الآثار القاونية الناتجة عن عدم مشروعية القرار ، فالقاضي الإداري هنا يتجاوز مسألة إلغاء القرار الذي فرض الضريبة لكونه غير مشروع ، وإحلال قرار أخر محله يتضمن المبلغ الضريب المعدل ، أو إعطاء أمر للإدارة بإرجاع المبلغ الذي تم تحصيله بغير حق من طرف الطاعن وذلك بعد إلغائه .

فالقاضي الضريبي انطلاقا من هذه السلطات الواسعة التي يتمتع بها أثناء فحصه للنزاع الضريبي في إطار القضاء الشامل ، يحل فعلا محل الإدارة الضريبية بعد أن عجزت هذه الأخيرة عن فرض الضريبة وتحصيلها ، وبذلك يمكن القول أن القاضي الإداري هنا يكون قد وضع استثناء لقاعدة قانونية تنص عليها المادة 25 من قانون المسطرة المدنية والتي بموجبها يمنع على القاضي عرقلة عمل الإدارة أو إلغاء أحد قراراتها ،

وفي هذا خروج عن مبدأ أصيل في القضاء الإداري وهو مبدأ فصل الهيئات والوظائف أي أن الوظيفة الإدارية تبقى مستقلة عن الوظيفة القضائية ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تمس سير عمل الإدارة

وعموما تجب الإشارة على أنه وإن كانت دعوى القضاء الشامل لها مميزاتها عن دعوى الإلغاء على المستوى النظري ، وبالرغم كذلك من اختصاص المحاكم الإدارية في المادة الضريبية يوحي نوعا ما بانسجام ذلك ، إلا أن الإطار القانوني الذي ينظم مجال الضرائب بالنظر لكثرة النصوص الضريبية و تعقد إشكالاتها إضافة إلى طابعها التقني و الإجرائي ، كل ذلك يبرر الصعوبة التي تطرحها مسألة تحديد الطبيعة القانونية للمنازعة الضريبية بين قضاء الشامل و قضاء الإلغاء وذلك سواء تعلق الأمر بالنسبة للملزم بالضريبة أو حتى القاضي الإداري بنفسه خاصة على المستوى العملي .

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!