fbpx

القائمة الرئيسية

الأوامر الإستعجالية

يختلف مجال الأوامر الإستعجالية عن ذلك الذي يهم الأوامر الصادرة بناء على طلب، غير أنه تجدر الإشارة إلى أن المسطرتين معا قد تتقاطعان في بعض الأحيان عندما تشكل المساطر الإستعجالية إستمرارية للأوامر الصادرة بناء على طلب، ويرجع هذا التقاطع إلى الإحالة التي يقوم بها الفصل 148 في فقرته الأولى على الفصل 149 في الحالة التي تثار فيها إشكالية من إشكالات التنفيذ المتعلقة بالأمر الصادر بناء على طلب.

وإلى جانب الحالات التي تثار فيها إشكالية من إشكالات التنفيذ بخصوص الأمر بناء على طلب، فإن قاضي المستعجلات يختص أيضا بالبت في الإشكالات الناتجة عن تنفيذ الأحكام وباقي السندات التنفيذية، كما يمكنه إصدار أمر بالوضع تحت الحراسة أو أي تدبير تحفظي آخر.

و تتطلب دراسة الأوامر الإستعجالية في البداية أن يتم تحديد الشروط التي يلزم توفرها قصد انعقاد إختصاص قاضي المستعجلات، وبعد ذلك سنقوم بتحديد مجال هذه الأوامر لننهي هذا الفصل بتحليل القواعد المسطرية والطعون التي من الممكن أن تمارس في مواجهة الأوامر الصادرة في هذا الإطار.

المبحث الأول: إختصاص قاضي المستعجلات:

يتوقف إختصاص قاضى المستعجلات للبت في الطلبات المعروضة عليه على توفر شرطين وهما عنصر الإستعجال وعدم المساس بالجوهر، وينتج عن هذا أن قاضي المستعجلات يتعين عليه في حالة تخلف أحد الشرطين أو كلاهما معا التصريح بعدم إختصاصه، إذ على عكس قضاء الموضوع فإن قاضي المستعجلات لا يمكنه التصريح برفض الطلب، فهو إما أن يكون مختصا ویبت طبقا له أو يستنتج تخلف الشروط الضرورية لإنعقاد إختصاصه ويصرح في هذه الحالة الثانية بعدم الإختصاص

المطلب الأول: ركن الإستعجال:

ولم يعطي المشرع المغربي أي تعريف لعنصر الإستعجال وقد حاول فقهاء القانون المسطري سد هذا الفراغ من خلال إقتراح مجموعة من التعاريف، وعرفه الفقيه الفرنسي بیرو Perrot بكونه: “الحالة التي يمكن أن تتضرر فيها مصالح الطالب إذا لم يتم إصدار أمر بإجراء تدبير تحفظي في أقرب وقت ،

ومن جهته عرف الفقيه الفرنسی کارسوني Garsonnet الإستعجال بأنه :”حالة الضرورة التي لا تحتمل أي تأخير في التصدي لها”، والملاحظ هو أن كلا التعريفين السابقين وغيرهما من التعاريف الفقهية بل وحتى تلك التي تبنتها مختلف المحاكم تصب في إتجاه تعريف عنصر الإستعجال بكونه ينطبق على الحالة التي يكون فيها الطالب أمام خطر حقيقي ويترتب عن هذا الوضع كون أن أي تأخر في البت في الطلب من الممكن أن يتسبب للطالب في ضرر يصعب تداركه أو رفعه فيما بعد.

وتعتبر مسألة تحقق الضرر من عدمه مسألة واقع تدخل في نطاق السلطة التقديرية المطلقة لرؤساء محاكم الموضوع، ولا تمارس محكمة النقض أي رقابة عليها، فإذا رأى رئيس المحكمة بأن هذا العنصر يتوفر في النازلة المعروضة عليه تعين عليه الإستجابة للطلب، أما إذا استخلص عكس ذلك فيتعين عليه التصريح بعدم إختصاصه.

وتتوفر الأوامر الإستعجالية شأنها شأن الأحكام الصادرة في الموضوع على حجية الأمر المقضي به، غير أن هذه الحجية تتميز بطابعها المؤقت، ويعني ذلك بأن آثارها تبقى محصورة على العناصر التي تم عرضها على قاضي المستعجلات، إذ بحق النفس المتقاضي أن يسلك نفس المسطرة في حالة ظهور عناصر جديدة

المطلب الثاني: عدم المساس بالجوهر:

لا ينعقد إختصاص رئيس المحكمة الإبتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف للبت بصفته قاضيا للمستعجلات إذا كان من شأن ذلك المساس بجوهر النزاع، إذ يتعين أن يكون للتدبير المطالب بتحقيقه طابعا تحفظيا ووقتيا فقط،

فقاضي المستعجلات عليه أن يصرح بعدم إختصاصه كلما كانت المسألة المعروضة عليه تهم جوهر النزاع أو بإمكانها التأثير عليه باعتبار أن الإختصاص للبت فيها برجع لمحاكم الموضوع، وعلى المتقاضي الذي تقدم بطلبه أمام قاضي المستعجلات أن يعرض الأمر في هذه الحالة على محكمة الموضوع المختصة

غير أن المبدأ الذي يمنع قاضي المستعجلات من المساس بالجوهر لا يمنعه من الإطلاع على المستندات والوثائق المعروضة عليه التي يقوم الأطراف بالإدلاء بها، غير أنه لا يمكنه أن يقيم تلك الوثائق أو يصرح عند الإقتضاء ببطلانها، وفي نفس السياق لا يمكن لقاضي المستعجلات وعلاقة بالمسألة المعروضة عليه أن يأمر بإنجاز أي إجراء من إجراءات التحقيق التي من شأنها التأثير على المقرر الذي قد تصدره محكمة الموضوع التي تنظر أو ستنظر في جوهر النزاع .

وبخلاف عنصر الإستعجال فإن هذا الشرط الذي يهم عدم المساس بالجوهر يعتبر بمثابة مسألة قانون، ويترتب عن ذلك خضوع الموقف الذي تبنته المحكمة إزاءه لرقابة محكمة النقض.

المبحث الثاني: مجال الأوامر الإستعجالية:

حدد المشرع المغربي إختصاص قاضي المستعجلات من خلال مقتضيات الفصل 149 من ق.م. م. في أربع مواد، إذ يرجع له البت في صعوبات تنفيذ الأوامر الصادرة بناء على طلب، کیا يختص بالبت في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية ، كما يختص أيضا بالبت في الطلبات الرامية إلى الوضع تحت الحراسة القضائية وتلك التي تهم كافة التدابير التحفظية التي يتعين إتخاذها صيانة الحقوق المتقاضين، ويترتب عن إختصاص قاضي المستعجلات بخصوص المادة الأخيرة إمكانية نشوء تداخل ما بينه وبين إختصاصات رئيس المحكمة وهو يبت بناء على طلب في إطار الفصل 148 من ق م م.

المطلب الأول: صعوبات تنفيذ الأوامر بناء على طلب:

يمكن في حالة ما إذا اعترض تنفيذ أمر صادر بناء على طلب صعوبة من أي نوع كان سواء للمتقاضي الذي تقدم بالطلب أو ذلك الذي قدم الطلب في مواجهته أن يتقدم بطلب في هذا الشأن إلى قاضي المستعجلات، ويعتبر بمثابة صعوبة في التنفيذ كافة العراقيل التي من شأنها الحيلولة دون تنفيذ الأمر الصادر ؟، وقد تكون إثارة هذه الصعوبة تصب في مصلحة طالب الأمر أو الذي صدر الأمر في مواجهته.

كما يمكن أيضا أن يتم عرض الصعوية على قاضي المستعجلات من طرف العون المكلف بالتنفيذ، وتكتسي مسطرة الإستعجال في الحالة التي يتم فيها عرض الصعوبة على قاضي المستعجلات بناء على طلب من المتقاضي الذي صدر الأمر بناء على طلب في مواجهته صبغة تقربه من حيث الآثار التي تنتج عنها من تلك التي تنتجها مختلف طرق الطعن.

وتدخل في هذا الإطار أيضا الطلبات الرامية إلى رفع الحجز التحفظي أو الحجز لدى الغير التي من الممكن أن يأمر بإجرائها رئيس المحكمة وهو يبت بناء على طلب في غيبة الأطراف، ويمكن ذلك المدين المفترض الذي تم إيقاع حجز على أمواله المنقولة أو العقارية أو النقدية المتواجدة بين يدي الغير بناء على أمر صادر في غيبته أن يلجأ لقاضي المستعجلات قصد الحصول على رفع تلك الحجوزات في الحالة التي لا تستند فيها هذه الأخيرة على أي سند قانوني ويكون لها بالتالي طابعا تعسفيا.

المطلب الثاني: صعوبات تنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية:

يمكن تعريف السندات التنفيذية بأنها تلك السندات الرسمية المذيلة بالصيغة التنفيدية والتي تصبح بالتالي قابلة للتنفيذ، وتدخل ضمن السندات التنفيذية على سبيل المثال بناء على هذا التعريف المقررات التحكيمية، ومحاضر الصلح التي يتم تحريرها في مادة حوادث الشغل والقرارات الصادرة عن نقیب هيئة المحامين بخصوص تحديد الأتعاب في حالة تحصنها من كل طعن بعد إنقضاء الأجل المحدد لذلك ، كما تشمل السندات التنفيذية أيضا الأحكام الإنتهائية التي لا تقبل أي طريق من طرق الطعن العادية.

أما صعوبات التنفيذ فهي تشمل كافة العوارض التي بإمكانها أن تحول دون تنفيذ حكم أو سند تنفيذي، ولا يمكن إثارة هذه الصعوبات إلا من لدن الأطراف أو من قبل العون المكلف بالتنفيذها، وقد تتعلق تلك الصعوبات بالقانون کا يمكن أن ترتبط بالواقع، ويمكنها أن تهم الموضوع نفسه أو يكون لها فقط طابعا وقتيا وتكون بالتالي مرتبطة وجودا وعدما بظروف معينة.

I– الصعوبات الواقعية:

يمكن تعريف الصعوبات الواقعية التي يصطلح عليها الفقه أيضا الصعوبات المادية بكافة الأفعال الصادرة عن المنفذ عليه أو عن الغير والتي تعترض تنفيذ الحكم أو السند التنفيذي، كما يمكن أن ترتبط هذه الصعوبات أيضا بالظروف التي يتعين أن يتم فيها التنفيذ، ويمكن لرئيس محكمة التنفيذ عند الإقتضاء أن يأذن من أجل تجاوز هذه الصعوبات للعون المكلف به الإستعانة بالقوة العمومية.

II– الصعوبات القانونية:

ترتبط هذه الصعوبات إرتباطا وثيقا بالقواعد القانونية المنظمة للتنفيذ القضائي الجبري، ولا تمت بأية صلة للظروف التي يتم فيها التنفيذ كما لا يمكن نسبتها الإرادة الطرف المنفذ عليه، ويمكن أن تكون الصعوبات القانونية مرتبطة إما بجوهر النزاع أو ذات طبيعة وقتية فقط، ولا يمكن لقاضي المستعجلات البت إلا في النوع الثاني من الصعوبات، أما الصنف الأول فيدخل ضمن إختصاصات رئيس المحكمة المشرفة على التنفيذ بصفته هذه.

III– الصعوبات القانونية الجوهرية:

يمكن أن يترتب عن البت في هذه الصعوبات إلى وضع حد بشكل نهائي للتنفيذ أو على الأقل إلى إدخال تعديل جوهري على الحكم أو السند التنفيذي الذي يباشر التنفيذ على أساسه،

ولا يدخل البت في هذه الصعوبات ضمن إختصاص قاضي المستعجلات، فهي تدخل أيضا ضمن إختصاصات رئيس المحكمة المكلفة بالتنفيذ بصفته هذه،

ويمكن إثارة هذه الصعوبات أيضا في إطار المسطرة المنصوص عليها في الفصل 26 من ق.م.م المتعلقة بتأويل الأحكام، ويرجع الإختصاص بالبت فيها للمحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه التي تصدر حكم أو قرارا تفسر فيه المقتضيات الغامضة التي تسببت في الصعوبة، ولا تقبل الأحكام الصادرة في هذا الإطار الطعن إلا إذا كانت الأحكام الأصلية التي تم تفسيرها قابلة له.

IV– الصعوبات الوقتية:

لا يهدف المتقاضي الذي يثير هذه الصعوبات إلا لتأخير تنفيذ الحكم أو السند التنفيذي، ويرجع الإختصاص للبت في هذه الصعوبات لرئيس المحكمة المختصة وهو يبت بصفته قاضيا للمستعجلات في إطار الفصل 149 من ق.م.م أو النفس الجهة القضائية وهي تبت ولائيا في إطار الفصل 436 من ق.م.م ،

وإذا تبين لقاضي المستعجلات أو رئيس محكمة التنفيذ بأن الصعوبة المثارة جدية فإن بإمكانه أن يأمر بإيقاف التنفيذ مؤقتا إلى غاية البت في جوهر المنازعة، وبالمقابل إذا تبين له بأن الصعوبة غير جدية فإنه يتغاضى عنها ويأمر بمواصلة إجراءات التنفيذ

أ- الصعوبات المثارة قبل البدء في التنفيذ:

وحدها الصعوبات التي تتم إثارتها قبل مباشرة التنفيذ تدخل ضمن الإختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، كما يمكن أن تثار هذه الصعوبات أيضا أمام الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف المعروض أمامها النزاع على إثر الطعن المقدم في مواجهة الحكم المراد تنفيذها، ويمكن إثارة هذه الصعوبات من قبل كافة الأطراف بمن فيهم المتدخلين في الدعوى.

ب- الصعوبات المثارة خلال مسطرة التنفيذ:

كل صعوبات التنفيذ التي تتم إثارتها بعد مباشرة التنفيذ وقبل الإنتهاء منه يرجع الإختصاص في البت فيها لرئيس محكمة التنفيذ وهو يبت في إطار الإختصاصات المخولة له من خلال مقتضيات الفصل 436 من قمم، ولا يمكن القاضي المستعجلات البت في هذه الصعوبات في حالة ما إذا تم عرضها عليه، ولا يمكن إثارة هذا النوع من الصعوبات إلا في مواجهة الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به

لا يمكن إثارة هذه الصعوبات إلا من قبل الأطراف المعنيين بتنفيذ الحكم، ووحدهما طالب التنفيذ والمنفذ عليه يتوفران على الصفة الضرورية لإثارتها، يضاف إليها طبعا العون المكلف بالتنفيذ

ويتعين أن تتم إثارة هذه الصعوبات في البداية أمام العون المكلف بالتنفيذ، ويقوم هذا الأخير بعرض المسألة على رئيس محكمة التنفيذ قصد البت فيها، ويبت الرئيس في الصعوبة بمقتضى أمر قضائي، ويمكنه من خلال الأمر المذكور إما أن يأمر بوقف التنفيذ إلى حين البت في جوهر النزاع أو يأمر بمواصلته إذا ما تبين له بأن السبب غير جذي، ويفقد الطرف الذي أثار الصعوبة الحق في إثارتها من جديد ولو كانت تستند على سبب آخر مختلف

د- الصعوبات المثارة بعد إنتهاء التنفيذ:

من الممكن أن يتم تنفيذ حكم قضائي على الرغم من عدم إستنفاد كافة طرق الطعن في مواجهته، ففي حالة تأييد الحكم الذي تم تنفيذه فإن الإشكال لا يطرح، أما في الحالة التي يتم فيها إلغاؤه أو تعديله فإننا سنكون أمام إشكالية حقيقية تتمثل في حق الطرف الذي سبق الحكم عليه في المطالبة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ.

ويتعين على المنفذ عليه في هذه الحالة أن يمارس دعوى أمام قاضي المستعجلات من خلال مقال مستقل، ويصدر قاضي المستعجلات أمرا بإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه سواء من خلال الحكم على طالب التنفيذ بإرجاع الأموال التي إستخلصها أو وضع حد لما نتج عن الحكم إذا كان الإلتزام موضوع الحكم من نوع آخر غير أداء مبلغ معين، ولا يعتبر اللجوء لقاضي المستعجلات في هذه الحالة على الرغم من إيجابياته إجباريا، إذ يمكن للمنفذ عليه أن يعرض الطلب نفسه على محكمة الموضوع المختصة.

V– الطلب الرامي لإيقاف النفاذ المعجل:

تختلف صعوبة التنفيذ من حيث مجاها عن طلب إيقاف النفاذ المعجل إذ لا تهم هذه الأخيرة إلا الأحكام الإبتدائية التي لا تزال قابلة للإستئناف والتي تكون مشمولة بالنفاذ المعجل ، ويهدف هذا الطلب إلى إيقاف تنفيذ الحكم المذكور إلى غاية صدور حکم انتهائي في جوهر النزاع، وتخضع إثارة هذا الطلب المقتضيات الفصل 147 من ق م م. ويرجع الإختصاص في البت فيها للمحكمة التي تنظر في الإستئناف أو في التعرض الذي تمت ممارسته.

ولا يمكن ضم الطلب الرامي لإيقاف النفاذ المعجل لموضوع الدعوية، إذ أن هذا الطلب يتعين التقدم به في إطار مقال مستقل يخضع لنفس الشكليات التي تحددها القواعد العامة، ويتم البت في هذا الطلب في إطار مسطرة تواجهية يستدعي لها أطراف النزاع طبقا للقانون في غرفة المشورة، ويمكن لأطراف النزاع التقدم بإستنتاجاتهم ودفوعاتهم سواء كتابة من خلال مذكرات أو شفويا، ويتعين على غرفة  المشورة البت في الطلب داخل أجل أقصاه شهر واحد من تاريخ إيداع المقالة

المطلب الثالث: الوضع تحت الحراسة القضائية:

يدخل الوضع تحت الحراسة القضائية ضمن زمرة التدابير التحفظية التي من الممكن أن يأمر بها القضاء، ويمكن هذا التدبير الذي يتميز بطابعه الوقتي فقط من وضع الأموال المنقولة أو العقارية التي يملكها شخص ذاتي أو معنوي بين يدي شخص من الغير يعينه القضاء، ويسمى الشخص الذي يتولى تدبير تلك الأموال حارسا، ولا يؤثر إيقاع هذا التدبير بأي شكل من الأشكال على جوهر النزاع ويدخل الأمر بالوضع تحت الحراسة القضائية بشكل حصري ضمن إختصاصات قاضي المستعجلات طبقا لمقتضيات الفصل 49 من ق م م.

ويشترط للأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية وجود نزاع جدي بخصوص الأموال التي يتم إيقاعه عليها، كما لا يمكن لقاضي المستعجلات وبغض النظر عن الشرط السابق ذكره الموافقة على إيقاعه إلا إذا توفرت الأركان الضرورية الإنعقاد إختصاصه والمتمثلة في عنصر الإستعجال وعدم المساس بالجوهر.

المطلب الرابع: باقي التدابير التحفظية:

يمكن لقاضي المستعجلات طبقا لمقتضيات الفصل 49 من ق م م، أن يأمر إلى جانب الوضع تحت المراقبة القضائية بكل تدبير تحفظي آخر يعد ضروريا للحفاظ على حقوق المتقاضين، وكما سبق ورأينا ذلك، فإن هذا الإختصاص نفسه منحه المشرع المغربي من خلال مقتضيات الفصل 148 لرئيس المحكمة وهو يبت بناء على طلب،

وأمام هذا الوضع يجدر بنا التساؤل حول مدى إمكانية حدوث تداخل ما بين الإختصاصات الممنوحة لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وتلك التي يتوفر عليها قصد البت بناء على طلب في إطار مسطرة غير تواجهية.

على الرغم من أن مقتضيات الفصلين 148 و149 تبدو متشابهة في جزء منها إلا أنه من غير المنطقي أن يكون المشرع منح الإختصاص نفسه لرئيس المحكمة وهو پیث بصفتين مختلفتين وفي إطار مسطرتين إحداهما غير تواجهية والأخرى حضورية تتميز بالسرعة التي يتم البت فيها، وحتى إن كان ذلك فإن إختيار المتقاضين سيرجح حتما مسطرة الأمر بناء على طلب بالنظر لغياب التواجهية فيها وهو ما يترتب عنه تجاوز مسألة إستدعاء الطرف الذي وجه الطلب في مواجهته.

والحقيقة هي أن التدابير التحفظية التي يمكن أن يأمر بها قاضي المستعجلات تختلف عن تلك التي يمكن أن يأمر بها رئيس المحكمة وهو يبت بناء على طلب. فعلى الرغم من الغموض الذي تكرسه مقتضيات الفصلين 148 و149 من ق.م.م الذين يتميزان بعموميتها هناك واقع آخر، ويكمن في كون أن الصفة التي يبث بها رئيس المحكمة تحددها مقتضیات قانونية خاصة منصوص عليها في باقي فصول قانون المسطرة المدنية، وهو ما يعني أن الرجوع إلى القواعد العامة التي تحدد إختصاصات رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات وبصفته الولائية أي وهو يبت بناء على مطلب نادر جدا بالنظر لتوفر النصوص الخاصة التي سبقة الإشارة إليها والتي تهم بشكل مستقل كافة التدابير التحفظية، ويترتب عن هذا كونه من الخطأ اعتبار أن المسطرتین تهمان نفس المجال وبأن الإختيار موضوع بين يدي المتقاضين.

المبحث الثالث: القواعد المسطرية:

يرجع الإختصاص للبت في القضايا المستعجلة لرئيس محكمة الدرجة الأولى المختصة نوعيا وترابيا، ويحدد الإختصاص الترابي بالنظر للمكان الذي سيتم فيه تنفيذ الأمر الإستعجالي الصادر، غير أنه إذا كان النزاع في الجوهر معروض على أنظار محكمة من الدرجة الثانية فإن البت في الأمور المستعجلة يصبح من اختصاص رئيسها الأول طبقا لمقتضات الفصل 149 من ق م م.

ويتم عرض الطلب على قاضي الأمور المستعجلة بناء على مقال، ويمكن في حالة الإستعجال القصوى التقدم بهذا المقال في أية ساعة وحتى خلال أيام العطل والسبت والأحد ولو في مقر سكنى القاضي المختص

و يصدر الأمر الإستعجالي في إطار مسطرة تواجهية يستدعي لها الأطراف طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في الفصول من 36 فيا بعد، غير أنه لا يتم إعمال الآجال التي من الضروري أن تفصل بين التبليغ والجلسة الأولى التي تهم قضايا الموضوع في هذا الصدد 21، كما يمكن القاضي الأمور المستعجلة أن يعمل مقتضيات الفصل 151 من ق م م ويستعيض عن إستدعاء المدعى عليه، ولا يتم إعمال هذه المقتضيات إلا في حالة الإستعجال القصوى، ولا تحضر النيابة العامة للجلسات التي يعقدها قاضي الأمور المستعجلة أيا كان موضوع الطلب.

وتكون الأوامر الإستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، غير أنه يمكن القاضي المستعجلات عند إصدارها أن يرهن تنفيذها على شرط إيداع ضمانة يتم تحديد قيمتها في نفس الأمر.

ولا تتوفر الأوامر الإستعجالية إلا على حجية نسبية، كما أنه لا يمكن مواجهة محكمة الموضوع التي تنظر في جوهر النزاع بها، وتبقى إمكانية تعديلها أو إلغائها من طرف نفس القاضي الذي أصدرها رهينة بظهور عناصر جديدة لم تكن متوفرة أو لم تتم إثارتها من قبل الأطراف في البداية.

المبحث الرابع: طرق الطعن في الأوامر الإستعجالية :

لا يقبل الأمر الإستعجالي الطعن بالتعرض، فهذا الأمر يعتبر في كافة الأحوال حضوريا حتى ولو صدر في غيبة الأطراف إعمالا لمقتضيات الفصل 151 من ق م م.

وعلى العكس من ذلك يقبل الأمر الإستعجالي الطعن بالإستئناف، ويتعين على الطرف الراغب في الإستفادة من هذه الطريق من طرق الطعن إيداع مقال إستئنافه داخل أجل 15 يوما، وتحدد محكمة الإستئناف المختصة للبت في هذا الطعن طبقا للقواعد العامة للإختصاص النوعي والمكاني، غير أن محكمة الإستئناف لا تنظر في الدعوى المرفوعة أمامها باعتبارها محكمة موضوع ولكن في إطار نفس القواعد التي تنظم سلطات قاضي المستعجلات.

وعلى عكس الأمر الصادر بناء على طلب يمكن الطعن بالإستئناف في مواجهة كافة الأوامر الإستعجالية بما فيها تلك التي يصرح فيها قاضي المستعجلات بعدم إختصاصه، ولا يمكن لقاضي المستعجلات کا سبقت الإشارة لذلك أن يصرح برفض الطلب نظرا لكونه لا ينظر في جوهر النزاع.

ويبدأ سريان أجل الطعن بالإستئناف في مواجهة الأمر الإستعجالي من تاریخ تبليغه طبقا لمقتضيات المواد من 36 وما بعد من ق م م، غير أن ذلك الأجل من الممكن أن يبدأ في السريان من تاريخ النطق بالأمر إذا ما تم ذلك في جلسة حضرها کلا الطرفين.

ويقبل القرار الصادر عن محكمة الإستئناف عقب الطعن في الأمر الإستعجالي الطعن بالنقض، ويتعين ممارسة هذا الطعن داخل الآجال وطبقا للشكليات التي تهم كافة طرق الطعن

 

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك







 


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!