محتويات المقال
مكافحة جريمة التجارة بالبشر
المطلب الأول : دور منظمة الأمم المتحدة في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر
مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر لعبت منظمة الأمم المتحدة دورا بارزا فيه ، فإلى جانب الاتفاقيات والبروتوكولات التي سبقت الإشارة إليها والتي تم إصدارها في إطار هذه المنظمة، فقد أسهمت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس حقوق الإنسان في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، وذلك من خلال ما يلي:
الفرع الأول: دور الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الفرع الثاني: دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس حقوق الإنسان.
الفرع الأول: دور الجمعية العامة للأمم المتحدة
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدداً من القرارات والتوصيات المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر، نذكر منها: القرار رقم ) 58 / 137 الصادر بتاريخ 22 / 12 / 2003 والذي يحمل عنوان تعزيز التعاون الدولي في منع الاتجار بالبشر ومكافحته وحماية ضحاياه،
وقد طالبت فيه الدول الأعضاء بإيجاد تعاون دولي لمكافحة هذه الجريمة وتيسير إجراءات التعامل وقد تم التأكيد في مؤتمرها الحادي عشر المتعلق بمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي تم عقده في بانكوك في الفترة الواقعة بين 18 – 28 نيسان في عام 2005 ، وكذلك في القرار رقم 61 – 144 الصادر بتاريخ 19 / 12 / 2006 بأن الاتِّجار بالنساء والفتيات أصبح يشكِّل هاجساً كبيرا، وعلى الدول أن تبذل العناية المطلوبة للقضاء عليه،
وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثين من تموز من كل عام يوماً عالمياً لمناهضة جريمة الاتِّ جار بالبشر ابتداءً من عام 2013 . كما ساهمت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عقد الكثير من المنتديات وورشات العمل بهدف تطوير استراتيجية مكافحة جريمة الاتجار بالبشر،
الفرع الثاني: دور المجلس القتصادي والجتماعي ومجلس حقوق الإنسان
يعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي أداة الأمم المتحدة لتحقيق أهدافها في مجال التعاون الاقتصادي والاجتماعي، وهو يعمل تحت إشراف الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحقيق مستوى أعلى للمعيشة وتوفير وسائل العمل الدائم والنهوض بعوامل التطور والتقدم الاقتصادي، ويسعى لتيسير الحلول للمشكلات الدولية الاقتصادية والاجتماعية والصحية وما يتصل بها وتعزيز التعاون الدولي في أمور الثقافة والتعليم، وهو يعمل على أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ودون تفرقة بين الرجال والنساء ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلا
وتنبثق عنه عدة لجان فنية حتى يتمكن من تحقيق أهدافه منها لجنة حقوق الإنسان التي خلفها وحل محلها مجلس حقوق الإنسان، وانطلاقاً من الوظيفة المنوطة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس حقوق الإنسان، فقد لعبا دورا بارزا في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر بوصفها من الجرائم التي تشكِّل انتهاكاً لحقوق الإنسان واعتداءً على حريته وكرامته.
ومن الجهود التي بذلها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في مكافحة جريمة الإتجار بالبشر، تبنيه في دورته العادية لعام ) 2002 – 2003 ( تسليط الضوء على موضوع مكافحة جريمة الاتجار بالبشر من خلال مناقشته المسائل الاجتماعية والمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان، واعتبر موضوع الاتِّجار بالبشر هو الموضوع المحوري للجنة )منع الجريمة والعدالة( في دورتها الثانية عشرة كما قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضاً بإصدار القرار رقم ) 27 ( لعام 2006 والذي يحمل عنوان )تعزيزالتعاون الدولي على منع الاتِّجار بالأشخاص ومكافحته وحماية ضحاياه(،
وقد دعا المجلس الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية ومنظمات المجتمع المدني إلى معالجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تنمي الاتجار بالبشر وتشجع عليه كما دعا إلى إعادة تأهيل ضحايا الاتِّجار بالبشر من الناحية النفسية والاجتماعية
كما لعب مجلس حقوق الإنسان الذي خلف لجنة حقوق الإنسان منذ السادس عشر من آذار من عام 2006 ، دوراً كبير في مكافحة جريمة الاتِّجار بالبشر حيث قدَّم في دوراته من الثالثة إلى الثامنة التي عقدت بين كانون الأول 2008 و أيار 2010 عدة توصيات تتعلق بمنع الاتِّجار بالبشر ولاسيما والأطفال، فشدد على ضرورة مواصلة تكثيف الجهود من قبل الدول لمنع الاتّجار بالبشر وحماية ضحاياه، وقد اعتمد المجلس في دورته السابعة القرار رقم ) 7 / 29 ( بشأن حقوق الطفل الذي دعا فيه جميع الدول إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة للقضاء على الاتِّجار بالأطفال وتجريمه، وإلى تعزيز التعاون الدولي لمنع إنشاء شبكات الاتِّ جار بالأطفال وتفكيكها وحماية الضحايا
المطلب الثاني : دور المنظمات التابعة للأمم المتحدة في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر
لم تقتصر الجهود الدولية المبذولة في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر على الجهود التي بذلتها منظمة الأمم المتحدة، فهناك الكثير من الجهود التي بذلتها المنظمات والهيئات التابعة للأمم المتحدة في هذا المجال، وسيتناولها الباحث من خلال ما يلي:
الفرع الأول: دور منظمة العمل الدولية في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر
الفرع الثاني: دور منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) في مكافحة جريمة الاتِّجار بالبشر.
الفرع الأول: دور منظمة العمل الدولية في مكافحة التجار بالبشر
تمت الموافقة في معاهدة فرساي للسلام عام 1919 على النظام الأساسي لمنظَّمة العمل الدولية، التي تعد منظَّمة متخصصة في مجال العمل، ومن أقدم المنظَّمات الدولية المتخصصة، ومركزها في مدينة جنيف، وبعد نشأة الأمم المتحدة تم إبرام اتفاقية وصل بين منظمة العمل الدولية والأمم المتحدة في العام 1946 ، وبذلك أصبحت أول منظَّمة متخصصة تدخل في أسرة الأمم المتحدة
وتنهض منظَّمة العمل الدولية بمهمة مراقبة الدول لالتزاماتها في مجال العمل، ووضع النصوص المتعلقة بقضايا العمل لحماية العمال، وانطلاقاً من دورها في حماية العمال فقد تصدت لمواجهة عمالة الأطفال التي تعد من أخطر أشكال الاتِّجار بالبشر، فعملت على إبرام اتفاقيات الحد الأدنى لسن العمل، حيث حددت اتفاقية العمل الدولية رقم 138 الحد الأدنى لسن عمل الأطفال وهو إتمام التعليم الإلزامي الذي يجب ألا يقل عن 15 عاماً،
أما اتفاقية العمل الدولية رقم 182 فقد أكَّدت على أن الفقر هو السبب الرئيسي لعمل الأطفال وأن تعزيز النمو الاقتصادي للدول هو الكفيل بالقضاء على عمالة الأطفال، وحددت عدداً من الأعمال التي اعتبرتها أسوء الأعمال التي يؤديها الطفل وهي: الرق بكافة أشكاله، والعمل القسري، واستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة، واستخدامهم لأغراض الدعارة، أو لإنتاج الأعمال الإباحية، أو تجارة المخدرات،
ودعت الدول إلى النص على عقوبات جزائية بحق المخالفين لأحكام الاتفاقية، كما سعت منظمة العمل الدولية إلى توفير الإعانة للدول للقضاء على عمالة الأطفال، وإلى حث الدول على ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية للقضاء على استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة التي تؤدي إلى إصابتهم بأمراض مزمنة تنتهي بوفاتهم خصوصاً أعمال الزراعة.
الفرع الثاني: دور منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر
تم في فيينا في عام ) 1923 ( إنشاء )اللجنة الدولية للشرطة الجنائية(، ولكن في عام 1956 أصبح اسمها )منظَّمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) ومقرها في مدينة (ليون) في فرنسا، وعدد الدول الأعضاء فيها هي 190 دولة، حيث يوجد في كل دولة من الدول الأعضاء مكاتباً لهذه المنظَّمة
وقد حددت المادة الثانية من دستور المنظَّمة الهدف الأساسي من إنشائها، والمتمثل في تأكيد وتشجيع المساعدات المتبادلة على أوسع نطاق ممكن بين سلطات الشرطة الجنائية في حدود القوانين السائدة في الدول المختلفة، وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤ كِّد على الاعتراف بحقوق الإنسان وكرامته وحريته وسلامته وعدم استرقاقه أو استعباده وكفالة حقه في الحياة، وإنشاء وتطوير النظم التي من شأنها أن تسهم على نحو فعَّال في منع ومكافحة ظاهرة الإجرامية ومنع الجرائم الدولية وكشفها ومكافحتها، ودعم جهود الشرطة في مكافحة الإجرام العابر للحدود
وتلعب منظَّمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) دورا كبيرا في مكافحة جريمة الاتِّجار بالبشر بوصفها من الجرائم المنظَّمة العابرة للحدود الوطنية، حيث تعد المنظَّمة أهم وأكبر شبكة اتصالات لتبادل المعلومات الشرطية على مستوى العالم بين رجال الشرطة في الدول الأعضاء ولا سيما فيما يتعلق بجريمة الاتِّجار بالبشر،
وقد عقدت المنظمة في عام 1988 ، الندوة الدولية الأولى حول جريمة الاتِّجار بالبشر، لإعطاء تعريف موحَّد مشترك لها يصلح كأساس للتعاون الدولي الشرطي في مكافحتها، وفي شهر كانون الثاني من عام 1990 تم إنشاء مجموعة متخصصة في السكرتاريا العامة
لمنظَّمة الشرطة الجنائية الدولية )الإنتربول( سميت بمجموعة الإجرام المنظَّم، وتضطلع هذه المجموعة بمهمة تزويد الدول الأعضاء بالمعلومات الضرورية بشأن التنظيمات الإج ا رمية، وفي عام 1996 تم إنشاء قسم خاص بالاتِّجار بالبشر، وشاركت الإنتربول في إعداد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، وذلك لتعزيز التعاون الدولي ولفت اهتمام الدول إلى ضرورة التعاون فيما
بينها في مكافحة هذا النوع من الإجرام، وفي تشرين الثاني من عام 2000 صدر قرار رسمي عن منظمة الشرطة الجنائية الدولية )الإنتربول( ينص على إنشاء فرقة عمل تتكون من ضباط متخصصين في الاتِّجار بالبشر مهمتها تحديد استراتيجية عالمية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، وتطوير التعاون الشرطي والتوعية حول هذه المشكلة، وتحديد الوسائل والأساليب الفعَّالة في مجال مكافحة الجرائم المتعلقة بالاتِّجار بالنساء لغرض الاستغلال الجنسي
كما نظَّمت )الإنتربول( مؤتمرا دولياً لمكافحة جرائم الاتّجار بالبشر، تم عقده في دمشق في الفترة من 7 إلى 9 يونيو عام 2010 لمناقشة جهود مكافحة جرائم الاتِّجار بالبشر على الصعيد الدولي، وتعزيز التعاون الفعال بين الأجهزة الأمنية والعمل على زيادة الوعي وتطوير الممارسات الأفضل لمواجهة جرائم الاتِّجار بالبشر وتعمل منظمة الشرطة الجنائية الدولية )الإنتربول( بالاشتراك مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على القيام بخطة عمل عالمية لمكافحة ظاهرة الاتِّجار بالبشر
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا
أحدث التعليقات