محتويات المقال
مصادر حقوق الإنسان
ما من شك أن مسألة المصادر تعد من المسائل الهامة، نظرا لدورها المتميز في إطار النظرية العامة للقانون الدولي، وبصفة عامة فإن تطور الاهتمام الوطني والدولي بالفرد وحقوقه وحرياته الأساسية، إنما يرتد من حيث الأصل إلى ثلاثة أنواع من المصادر، هي: المصدر الدولي، ويشمل (العالمي، والإقليمي)، والمصدر الوطني، والمصدر الديني، وفيما يلي عرض تفصيلية لمصادر حقوق الإنسان:
أولا: المصدر الدولي
وهو يشمل المصادر العالمية لحقوق الإنسان، وجميع المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الإقليمية التي تضمنت حقوق الإنسان
وهذه المواثيق عالمية المنشأ والتطبيق وتنقسم بدورها إلى مواثيق عامة ومواثيق خاصة، والمواثيق العامة تكفل كل أو معظم حقوق الإنسان مثل ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدان الدوليان لحقوق الإنسان، أما المواثيق الخاصة فهي تختص بإنسان معين كالمرأة أو الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة .. الخ.
أو تختص بحق معين، مثل اتفاقيات العمل، ومنع الرق، ومنع التعذيب، أو تسري في حالات محددة كاتفاقيات الحقوق الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة دولية كانت أو أهلية، وفيما يلي سنستعرض المصادر العالمية بشكل موجز:
– ميثاق الأمم المتحدة
جاء ميثاق الأمم المتحدة ليمثل حجر الزاوية في التنظيم القانوني الخاص بكفالة حقوق الإنسان وضمان مراعاتها في المجتمع الدولي المعاصر، وهو أول وثيقة دولية ذات طابع عالمي أو شبه عالمي تضمنت النص على مبدأ حقوق الإنسان، وصدر الميثاق في مدينة فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية في 1945م، والذي يعد في نظر أهل القانون معاهدة حماية توافقت فيها إرادة أعضاء المجتمع الدولي ودخل حيز التنفيذ في 14 أكتوبر 1945م، وسرعان ما انضمت الدول للمنظمة الدولية الوليدة
وعلى الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة لم يعرف حقوق الإنسان إلا أنه أولاها عناية خاصة ظهرت واضحة منذ البداية في النص على حماية حقوق الإنسان في ديباجة الميثاق التي جاء فيها: “نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا: أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزان يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية.
كما أن الميثاق لم يتضمن مبادئ حقوق الإنسان، ويعود ذلك إلى أن الميثاق جاء على أنقاض الحرب العالمية الثانية وكان الهم الوحيد هو تجنب الحروب التي تؤدي إلى حرب عالمية
– الشرعة الدولية لحقوق الإنسان
يقصد باصطلاح الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والذي أطلقته لجنة حقوق الإنسان في دورتها الثانية المعقودة في جنيف 1947 / 12 / 17 على مجموعة الصكوك الجاري إعدادها في ذلك الوقت، وتشمل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، حيث تشكل تلك الوثائق ما يسمى بالميثاق الدولي لحقوق الإنسان، وتعد هي الأساس الذي اشتقت منه مختلف الأعمال والوثائق القانونية الدولية الأخرى الصادرة عن الأمم المتحدة، كما أنها تتضمن مبادئ وقواعد عامة تتعلق بأغلب، إن لم يكن بكل حقوق الإنسان. ولها صفة الإلزامية للدولة التي هي طرف فيها.
ثانيا: المصادر الإقليمية
لقد أبرمت عدة مواثيق إقليمية لحماية حقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا وأفريقيا والوطن العربي، وتعد هذه المواثيق مصدرا هاما لحقوق الإنسان إلى جانب المصادر العالمية سابقة الذكر، وهي:
– الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان
وقعت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في نوفمبر (1950م)، ودخلت حيز التنفيذ في 3 سبتمبر (1953م)، إذ أقرتها الدول الأعضاء الإحدى وعشرون حينذاك في المجلس الأوروبي.
وتعتبر الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أول اتفاقية إقليمية عامة لحقوق الإنسان، ولهذا فقد تأثرت بها الاتفاقيات الإقليمية الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان، وتتكون الاتفاقية من مقدمة و (59) مادة وتوجد عدة بروتوكولات مضافة للاتفاقية . ونصت الاتفاقية في ديباجتها أنها صدرت عن “حكومات لدول أوروبية تسودها وحدة فكرية ذات تراث مشترك من الحرية والمثل والتقاليد السياسية واحترام القانون.
ووضعت الاتفاقية آليات تنفيذية فعالة لوضع النصوص موضع التطبيق العملي الفعال، والتي تمثلت في اللجنة والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. حيث يستطيع المواطن الأوروبي أن يرفع شكواه ضد حكومته أمام هيئات أوروبية مباشرة، وهذا يتيح له حماية كبيرة لحقوقه وحرياته.
– الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان
أصدرت منظمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان في سان خوسيه 22 نوفمبر (1969م)، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان والتي دخلت حيز التنفيذ في 18 يوليو 1978، وتتضمن الاتفاقية (82) مادة، يتصدرها تعهد الدول الأعضاء باحترام الحقوق والحريات المنصوص عليها، وأن تتخذ كافة الإجراءات بين التشريعات وغيرها من التدابير الكفيلة بتنفيذ نصوص الاتفاقية.
وتتضمن الاتفاقية في أغلبها حقوق مدنية وسياسية، وذلك يتضح من خلال المواد من المادة 3 وحتى المادة 25، من أهمها: حق كل فرد في الاعتراف بشخصيته أمام القانون، والحق في الحياة والمعاملة الكريمة، وحظر الرق، والحق في احترام الخصوصية والحياة الخاصة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية عقد الاجتماعات وتكوين الجمعيات، وحرية كل إنسان في التنقل والإقامة، والحق في المشاركة في الحياة السياسية، بالإضافة إلى حقوق الأسرة والطفل وغير ذلك من الحقوق
وتتميز الاتفاقية بأنها تتضمن تفاصيل أكثر فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير من أية اتفاقية دولية أو إقليمية أخرى، حيث تتجلى حرية التفكير، وحرية الإعلام، ونشاطات الإذاعة والتلفزيون والسينما، وحرية تلقي المعلومات والأفكار ونقلها وإذاعتها دون التقيد بالحدود، كما أقرت الاتفاقية لكل من يمكن أن يتعذر عليه ممارسة حرية التعبير والرأي، لأي سبب من الأسباب “حق الرد لكل من تأذي من جزاء أقوال أو أفكار غير دقيقة أو جارحة نشرتها على الجمهور وسيلة من وسائل الإعلام
– الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان
أقرت منظمة الوحدة الإفريقية بتاريخ 1981م، الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، ودخل حيز التنفيذ يوم 21/ تشرين الأول، أكتوبر 1986م. وتتمثل آلية التنفيذ في وجود اللجنة الأفريقية الحقوق الإنسان (۱۱۷). وجاء الميثاق خالية من إنشاء محكمة افريقية لحقوق الإنسان، كما جاءت صياغته القانونية ضعيفة في وضوح الالتزامات الملقاة على الحكومات الأفريقية، ما يجعله في موضع أقل في الدرجة من نظام الحماية في أوروبا وأمريكا.
ويبدأ الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان بديباجة تشير إلى ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية ومنظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ثم وزعت مواد الميثاق على ثلاثة أجزاء، يتضمن الجزء الأول الحقوق والواجبات في (26) مادة، أما الجزء الثاني فقد اشتمل على تدابير الحماية، أما الجزء الثالث من الميثاق فقد تضمن النصوص من (64-65 ) وهي مسائل إجرائية يتولاها أمين عام منظمة الوحدة الأفريقية.
ومن أهم ميزات الميثاق الأفريقي ومن أبرز خصائصه، التوفيق بين حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، حيث خصص الميثاق عددا من المواد التدوين حقوق الشعوب أو ما يسمى بحقوق الجيل الثالث. ومن جملة هذه الحقوق الحق في الوجود، وفي تقرير المصير، وفي السلام، وفي التصرف بحرية في الثروات الوطنية والموارد الطبيعية، والحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي سلامة البيئة.
– الميثاق العربي لحقوق الإنسان
صدر الميثاق العربي لحقوق الإنسان واعتملت نسخته الأولى بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية المؤرخ في 10 سبتمبر 1997م، ثم صارت النسخة الثانية من هذا الميثاق واعتمدت من قبل القمة العربية السادسة عشر التي استضافتها تونس في 23) مايو 2004م.
ويتألف الميثاق من ديباجة و(53) مادة، تتناول الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في الإطار العام للشرعة الدولية ، ونص الميثاق على أن التمتع بهذه الحقوق يكون لكل فرد، ولا تقتصر على من يحمل جنسية الدولة الطرف في المعاهدة، بل يمكن أن يتمتع بها حتى رعايا الدول غير العربية.
وبينما أجاز الميثاق للدول الأطراف في أوقات الطوارئ التي تهدد حياة الأمة أن تتخذ من الإجراءات ما يحلها من التزامات لهذا الميثاق إلى المدى الضروري الذي تقتضيه بدقة متطلبات الوضع، واستثنى منها خمس مجالات لا يجوز فيها التحلل من أحكام الميثاق أولها “التعذيب والإهانة. كما تجاهل الميثاق إيجاد آلية لتنفيذ أحكامه، واقتصر على إنشاء لجنة خبراء حقوق الإنسان تكاد تكون معلومة الاختصاص الفعلي
ثالثا: المصادر الوطنية
وتشمل هذه المصادر الدساتير والتشريعات الوطنية التي تتضمن نصوصا تكفل حقوق الإنسان ، فعلى سبيل المثال في فلسطين، يعتبر القانون الأساسي الفلسطيني من التشريعات الوطنية التي تضمنت بين نصوصها مواد تكفلت بحماية حقوق الإنسان.
رابعا: المصادر الدينية
ينظر إلى المصادر الدينية بوصفها هي التي وضعت الأساس الفكري أو النظري لحقوق الإنسان ولسنا بحاجة إلى التأكيد على حقيقة أن من بين القيم العليا أو المبادي الحاكمة في الأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلامية المبدأ القاضي بوجوب احترام حقوق الأفراد جميعا دون أية تفرقة بينهم لأي اعتبار كان.
ولا شك أن حقوق الإنسان ليست نتاج الحضارة الغربية، بل إن جذورها تمتد إلى جوهر الرسالة الإسلامية”، ويعتبر الإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صوره وأوسع نطاق , وأرسى أسس القانون الدولي لحقوق الإنسان، وغيره من القوانين، وسبق الغرب في حماية وصون حقوق الإنسان ,فلقد أشار القرآن الكريم إلى تكريم الإنسان في آيات كثيرة، فقال الله تعالى: ( ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).
المصادر والمراجع:
فيصل شطناوي، حقوق الإنسان والحريات الأساسية
الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان، مصادره وتطبيقاته الوطنية والدولية
عبد الكريم خليفة، القانون الدولي لحقوق الإنسان
نبيل قرقور، حقوق الإنسان بين المفهوم الغربي والإسلامي
هاني الطعيمات، حقوق الإنسان والحريات الأساسية
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
تحميل المقال: