محتويات المقال
مبدأ سمو الدستور
يعتبر الدستور أسما قانون داخل الدولة وسواء تعلق الأمر بدستور عرفي أو دستور مكتوب فإن سموه عن باقي القواعد القانونية مبدأ دستوري يتفق عليه فقهاء القانون, وهذا المبدأ يقتضي بالضرورة اتخاذ إجراءات للحفاظ على سمو القواعد القانونية الدستورية وذلك بعدم السماح للقواعد القانونية الأخرى بمخالفتها, فإلى أي مدى يمكن الحفاظ على مبدأ سمو الدستور؟
السمو الشكلي
إن السمو الشكلي يقضي بان لا يتم تعديل الدستور بنفس الإجراءات التي يتم بها تعديل القوانين العادية أو تغيير بعض بنوده باستخدام قوانين تشريعية عادية, ذلك أن الدستور يعتبر أسما القوانين وإجراءات وضعه تختلف عن إجراءات وضع القوانين العادية وبالتالي كذلك الشأن بالنسبة لتعديله, وبالنظر إلى ما تم التطرق إليه سابقا في شان أنواع الدساتير فإن احترام مبدأ السمو الشكلي لا يمكن توفره إلا في ظل الدساتير الجامدة التي تحدد شروطا خاصة في شان التعديل, ولا يتأتي بالتالي احترام هذا المبدأ في ظل الدساتير المرنة التي يمنك تعديلها عن طريق القوانين التشريعية العادية.
السمو الموضوعي أو المادي
يتعلق السمو الموضوعي يسمو مضامين القواعد القانونية العامة المكونة للسياسة العامة للدولة والمتضمنة في الدستور عن باقي القرارات الحكومية والتشريعات الصادرة عن هيئات الدولة وسموها بالتالي عن كافة الأنشطة والقرارات والسياسات الحكومية, وسواء تعلق الأمر بالدساتير الجامدة أو الدساتير المرنة يبقى مبدأ السمو الموضوعي للدستور ساريا, ذلك إن المشرع وغن كان يملك حق تعديل الدستور المرن بإجراءات القانون العادي, فإنه ملزم مع ذلك باحترام الأسس النظرية والفلسفية التي يقوم عليها الدستور.
الرقابة على دستورية القوانين
إن مبدأ سمو الدستور يقضي بسمو مقتضياته عن باقي القوانين الصادرة في الدولة, كما أن مبدا التدرج في القواعد القانونية يقضي بعدم تعارض القواعد الأدنى مع القواعد الأسمى, فالقواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية وكذا الأعمال والنشاط الصادر عن كافة الهيئات الإدارية والسياسية للدولة ينبغي أن تكون منسجمة مع القواعد الدستورية ولا تتعارض معها,
ولضمان هذا السمو للدستور لابد من مراقبة كافة القوانين الصادرة عن هيئات الدولة, وهذه العملية هي ما يطلق عليها الفقه الدستوري اسم “الرقابة على دستورية القوانين” فما هي الهيئة المكلفة بمراقبة دستورية القوانين؟ فقد اختلف الفقهاء في طبيعة الهيئة التي تتكلف بمراقبة دستورية القوانين هل هي هيئة سياسية وتكون الرقابة إذن رقابة سياسية أم هيأة قضائية فتكون الرقابة بالتالي رقابة قضائية.
تطبيقات الرقابة السياسية على دستورية القوانين:
إن الرقابة السياسية على دستورية القوانين تكون من طرف هيئة سياسية تكون مكونة من أفراد معينين من طرف السلطة التنفيذية أو من طرف السلطة التشريعية او منهما معا, وهذه الرقابة تكون عموما قبلية وسابقة عن صدور القوانين وغالبا ما يتم التنصيص عليها في الوثيقة الدستورية ويكون الهدف منها الحيلولة دون صدور قوانين مخالفة لأحكام الدستور, ويختلف تشكيل الهيئة المكلفة بمراقبة دستورية القوانين حسب ما ينص عليه دستور كل دولة:
تنص بعض الدساتير على أن السلطة التشريعية نفسها هي التي تتكلف بمراقبة دستورية القوانين على اعتبار أن السلطة التشريعية هي ممثلة لإرادة الشعب وسيادته ومن بين الدساتير التي نصت على ذلك دستور الاتحاد السوفياتي لسنة 1936 الذي اسند لمجلس السوفيت العلى مهمة تنفيذ الدستور و اتخاذ الإجراءات التي توافق دساتير الجمهوريات.
كما تنص بعض الدساتير على أن السلطة التشريعية هي التي يوكل عليها انتخاب اللجنة المكلفة بمراقبة دستورية القوانين كما هو الحال بالنسبة لدستور ألمانيا الشرقية الصادر لسنة 1949 الذي تنص المادة 66 منه على انه :
“ينشئ مجلس الشعب لمدة انتخابه لجنة دستورية تمثل فيها جميع الفرق البرلمانية حسب حجم كل منها وبالإضافة غلى ذلك تضم اللجنة ثلاثة أعضاء من المحكمة العليا للجمهورية وثلاثة خبراء ألمان في القانون السياسي على ألا يكون هؤلاء أعضاء في مجلس الشعب, وينتخب الشعب أعضاء اللجنة الدستورية”.
وفي بعض الدساتير تسند مهمة الرقابة على دستورية القوانين لهيئة مكونة من أعضاء منتمون للسلطة التنفيذية وأعضاء منتمون للسلطة التشريعية كما جاء في دستور فرنسا لسنة 1946 الذي نص في المادة 91 منه على إنشاء لجنة دستورية مكونة من 13 عضو وهم رئيس الجمهورية و رئيس الجمعية الوطنية و رئيس مجلس الجمهورية وعشرة أعضاء يختارهم البرلمان.
الرقابة السياسية على دستورية القوانين في المغرب:
لقد حذا المغرب حذو فرنسا في دستور سنة 1996 حيث اخذ بخيار الرقابة السياسية على دستورية القوانين حيث ينص الفصل 79 من هذا الدستور على ما يلي :
“يتألف المجلس الدستوري من ستة أعضاء يعينهم الملك لمدة تسعة سنوات, وستة أعضاء يعين ثلاثة منهم رئيس مجلس النواب وثلاثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق, ويتم كل ثلاثة سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري, يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين الأعضاء الذين يعينهم”
الانتقادات الموجهة للرقابة الدستورية:
أولا الهيئة السياسية يغلب عليها الطابع السياسي ولا تتمتع بالحياد والاستقلال التام من التيارات السياسية و الحزبية الممثلة فيها ذلك أن أعضاء الهيئة السياسية يتم تعيينهم غالبا من السلطتين التشريعية و التنفيذية,
ثانيا تكوين الهيئة السياسية من أعضاء ينتمون إلى السلطتين التشريعية و التنفيذية يجعلها لا تتوفر على أعضاء ذوي كفاءة قانونية للقيام بالرقابة على أكمل وجه,
ثالثا المطالبة بالرقابة على دستورية القوانين أمام الهيئة السياسية يكون فقط من طرف السلطات العمومية “الحكومة او البرلمان” ولا يسمح للمواطنين العاديين إثارة مسالة دستورية القوانين.
المصادر والمراجع:
القادري عبد الرحمان, القانون الدستوري والمؤسسات السياسية
قلوض مصطفى, النظام الدستوري المغربي
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
تحميل المقال: