محتويات المقال
المفهوم القانوني للدعوى
الدعوی کما سبق تعريفها هي ذلك الإجراء الذي يباشره المدعي والذي يتقدم من خلاله بطلب يستند على إدعاء بالتوفر على حق معين ويطلب من المحكمة البت فيه، فإما أن تحكم هذه الأخيرة وفقا للطلب إذا تبين لها بأنه يستند على أساس أو ترفضه إذا تبين لها عكس ذلك، كما يمكنها أن تصرح بعدم قبوله إذا ما ثبت لها عدم توفر شرط من الشروط الشكلية التي يتعين على المدعي التقيد بها عند رفعه للدعوى.
وتختلف الدعوى عن المقال، فهذا الأخير يجسد الإجراء المكتوب الذي يتقدم به حامل الإدعاء والذي يقوم من خلاله بعرض النزاع على المحكمة التي يرى بأنها هي المختصة بالنظر فيه، ولا يشكل المقال الإجراء الوحيد الذي يمكن من عرض النزاعات على المحاكم، إذ يمكن في بعض الحالات أن يكتفي المدعي بالقيام بتصريح شفوي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة.
وتختلف الدعوي أيضا عن الطلب، فهذا الأخير لا يشكل إلا جزء من المقال. ويمثل ما طالب به المدعي المحكمة التي عرض عليها النزاع.
وتشكل الدعوى حق من الحقوق التي يخولها القانون للمتقاضين. بل وإن بعض الفقهاء قاموا بإدخال الحق في رفع الدعوى ضمن زمرة الحقوق الذاتية، كالحق في الملكية والحق في السلامة البدنية، ويمكن هذا الحق كل متقاض من الولوج إلى القضاء وعرض النزاع الذي يجمعه بغيره عليه، ويدعم هذا الحق الالتزام الذي يقع على كافة المحاكم والذي يجبرها على الفصل في كل الدعاوى التي تعرض عليها.
وتتطلب ممارسة الحق في الدعوى توفر مجموعة من الشروط، ويترتب على غياب أحدها الحكم بعدم قبول الدعوى من حيث الشكل دون حاجة إلى النظر في موضوعها، وعلى الرغم من أن الدعوى حق، فإن ممارسة هذا الأخير يجب أن تتم بحسن نية، ويعني هذا أن كل تعسف في ممارستها يمكن أن يؤسس لمسؤولية المدعي، ويمكن للمدعى عليه الذي تكبد ضررا بفعل ذلك مطالبته بالتعويض على هذا الأساس.
المطلب الأول: مباشرة الدعوى والحق
أعتاد فقهاء القانون التابعين للمذهب الكلاسيكي على الخلط ما بين الدعوى والحق، فقد كانوا يعتبرون أن الدعوى لا تمثل إلا حقا في حالة حركة، غير أن الفقه المعاصر قام باستبعاد هذه النظرية، فالدعوى في نظر أتباع الاتجاه الثاني تختلف عن الحق الذي تسعى إلى ضمان حمايته، ولعل ما يدعم هذا التوجه هو وجود حقوق لا تحميها أية دعوی، والعكس أيضا صحيح، إذ هناك دعاوی لا تستند على أي حق.
وعلى الرغم من اختلافهما، عنه فإن الدعوى غالبا ما تستند على الحق الذي تستمد منه سندها القانوني، ولا يتعين بالضرورة أن يكون هذا الحق محققا عند مباشرة الدعوى، إذ لا يمكن الحديث في هذه المرحلة من الدعوى إلا عن شبهة حق، أو حق مفترض، فوجود الحق من عدمه مسألة يرجع الفصل فيها إلى محاكم الموضوع المعروض عليها النزاع، وهو ما يفند الطرح الذي تبناه الاتجاه الفقهي الذي يربط ما بين الحق والدعوی.
المطلب الثاني: التعسف في حق الولوج إلى القضاء
تعتبر مباشرة الدعوى أمام محاكم الموضوع نتيجة حتمية للحق الشخصي الذي يضمن لكل المناقضين اللجوء إلى القضاء، غير أن استعمال هذا الحق، على غرار كل الحقوق الشخصية الأخرى، يجب أن لا يتم بشكل تعسفي، ويعتبر تعسفيا كل استعمال لا يهدف إلا الإضرار بالخصم، ومن أجل التصدي لهذا الأمر حول المشرع المغربي للمدعى عليه الذي تضرر من دعوى تعسفية إمكانية رفع دعوى أخرى قصد المطالبة بالتعويض، وتجد دعوى التعويض سندها القانوني في مقتضيات الفصل 5 من قانون المسطرة المدنية التي تلزم أطراف الدعوى بالتقاضي بحسن نية.
وتهم نظرية التعسف في استعمال الحق في الولوج إلى القضاء أيضا على مختلف طرق الطعن التي وضعها القانون رهن إشارة المتقاضين، بل أكثر من ذلك فقد خول المشرع المغربي إمكانية الحكم على الطاعن الذي تبث أنه مارس إحدى طرق الطعن بشكل تعسفي بأداء غرامة مالية، ويصدر هذا الحكم عن نفس المحكمة التي تبث في الطعن
وهكذا ففي حالة رفض تعرض الغير الخارج عن الخصومة، فإنه يمكن الحكم على المتعرض بغرامة تتراوح قيمتها ما بين مائة وخمس مائة درهم حسب المحكمة التي تم التقدم بالتعرض أمامها، كما يحكم على طالب إعادة النظر في حالة رفضه بالغرامة المحددة في الفصل 407 من قانون المسطرة المدنية والتي تتراوح ما بين ألف وخمسة آلاف درهم، بالنظر أيضا للمحكمة التي تم عرضه عليها، وطبقا لمقتضيات الفصل 376 من قانون المسطرة المدنية، فإن طالب النقض الذي تبت التعسف في طعنه يمكن أن يحكم عليه بأداء تعویض لفائدة المدعى عليه، غير أن الحكم بهذا التعويض لا يتم بشكل تلقائي، إذ يتعين أن يطالب به المطلوب في النقض وتتمتع محكمة النقض بالسلطة التقديرية المطلقة في تحديد قيمته.
المطلب الثالث: مباشرة الدعوى
يتم عرض النزاع على محكمة الدرجة الأولى المختصة إما عن طريق إيداع مقال إفتتاحي للدعوى أو عن طريق تصریح شفوي، وفي هذه الحالة الثانية فإن التصريح المذكور يتعين أن يدلي به المدعي شخصيا لدي كتابة ضبط المحكمة التي پری أنها مختصة للبت في النزاع، ويتم تضمين هذا التصريح في محضر يحرره أحد أعوان كتابة الضبط ويوقع عليه المدعي.
ويعتبر إيداع مقال إفتتاحي للدعوى بمثابة القاعدة، بالنظر للطبيعة الكتابية للمسطرة أمام المحاكم المدنية، أما التصريح الشفوي فإن قبوله يبقى محصورا على الحالات الاستثنائية التي تكون فيها المسطرة الشفوية والتي حددها المشرع على سبيل الحصر، بل وحتى في هذه الحالات، فإن الممارسة أفرزت الاستعاضة عن التصريح الشفوي بتصريح مكتوب لا يخضع لنفس الشروط الشكلية التي يخضع لها المقال الإفتتاحي للدعوى
ويخضع قبول المقال الإفتتاحي للدعوى للعديد من الشروط الشكلية، إذ يتعين على المدعي الإشارة إلى مجموعة من البيانات كأسماء الأطراف وعناوينهم ومحل إقامتهم، وإذا كان أحد الأطراف شخصا معنويا يتعين الإشارة أيضا لنوعه وإسمه التجاري ومقره الإجتماعي.
كما يتعين على المدعي أن يحدد بشكل واضح في مقاله موضوع الدعوى ويستعرض موجزا لوقائع النزاع الذي يجمعه بالمدعى عليه، ويجب إرفاق المقال المدلى به بكافة الوثائق التي يعتزم المدعي الاستناد عليها في النزاع.
وإذا تمت مباشرة الدعوى في مواجهة أكثر من مدعي عليه، فإنه يتعين على المدعي إيداع نسخ من المقال تساوي عدد المدعى عليهم، وإذا تم إغفال ذلك فإنه يتعين على القاضي المقرر أن يثير إنتباهه لذلك ويدعوه إلى تصحيح المسطرة، ويمكن في حالة عده استجابة المدعي للإشعار الذي وجه له داخل الأجل الذي تم تحديده التصريح بعدم قبول الدعوى، كما يمكن إتباع المسطرة ذاتها في حالة إغفال بيان من البيانات الإلزامية السابقة الذكر.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات