محتويات المقال
المطلب الأول : قرار التحفيظ ونتائجه
يترتب على قرار التحفيظ للمحافظ العقاري بتأسيس الرسم العقاري اكتساب هذا الرسم صفة نهائية غير قابلة للطعن، وتطهير العقار من جميع الحقوق السابقة غير المسجلة أثناء التحفيظ (الفرع الأول) كما ينتج عن هذا القرار عدة نتائج (الفرع الثاني ) ۔
الفرع الأول : قرار التحفيظ
نص المشرع في الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: «إن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة.
فالمشرع المغربي يعترف فقط بالرسم العقاري وما مسجل فيه، ولا يأخذ بعين الاعتبار غيره من الوثائق والحجج والسندات، وهو نفس المقتضي الذي كان ينص عليه المشرع في الفصلين 2 و62 من ظهير 12 غشت 1913 وقد تم إلغاء الفصل 3 والإبقاء على الفصل 62 مع تعديله، لأنهما كانا يهدفان إلى نتيجة واحدة وهي إضفاء القوة المطلقة والنهائية على الرسم العقاري
والقوة المطلقة التي يتمتع بها الرسم العقاري أقرته مختلف التشريعات المقارنة فالتشريع الجزائري اعتبر أن الدفتر العقاري هو المنطلق الوحيد الإقامة البينة على نشأة الملكية العقارية وتم منح القوة الثبوتية للدفتر العقاري الذي يشكل دليل إثبات قاطع لما هو مسجل فيه إذ أن للقيد في السجل العقاري آثارا ثابتة فالعقود الإرادية والاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تعديل حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في السجل العقاري وهو نفس المنحى الذي أتجه إليه المشرع اللبناني الذي منع بدوره السجل العقاري بمناعة مطلقة ولا يتم الاعتراف بأي حق عيني غير مسجل بالسجل العقاري
وجاءت مقتضيات الفصل 62 من ظهير 12 غشت 1913 المعدل بمقتضى القانون رقم 14.07 قواعد آمرة، وبالتالي لا يمكن الاتفاق على مخالفاتها لأنها ذات صلة بالنظام العام، وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى ما يلي : قواعد الفصول 2 و62 و64 من قانون التحفيظ العقاري… قواعد آمرة لها صلة بالنظام العام يجب أن تثيرها المحكمة تلقائيا كلما تبين لها أن الحق المدعى به قد طهر العقار بالتحفيظ” وجاء في قرار آخر صادر عن المجلس الأعلى على أن: «الانزعاج الحاصل بالنسبة للملك المحفظ لا يبيح رفع دعوى حيازته لأن النصوص القانونية التي تنظم الأملاك المحفظة تمنع اعتبار كل وضع يخالف بیانات الرسم العقاري الذي يتضمن الحجة القاطعة على حق الملكية، كما أن الاجتهاد القضائي قد استقر على أن المالك يمكنه المطالبة بطرد كل شخص يحدث انزعاجا لملكه إذا كان هذا الشخص غير مسجل بالرسم العقاري ومحتل بدون حق
فقرار تأسيس الرسم العقاري قرار يطهر العقار من الحقوق غير الظاهرة وقت تحفيظه ولو كانت مشروعة، ويعترف في نفس الوقت بالوجود القانوني للحقوق الظاهرة وقت التحفيظ ويضفي عليها صبغة المشروعية ولو كانت غير مشروعة، وهو قرار ينتج عنه تأسيس الرسم العقاري الذي يشكل دليلا قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحملات العقارية المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ والمسجلة بالرسم العقاري””. وقد اعتبر المجلس الأعلى أن إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية لا تقبل الطعن ويحسم كل نزاع يتعلق بالعقار، ولا يمكن الاحتجاج باي حق عيني سابق على التحديد لم يسجل على الرسم العقاري…. والشراء الذي أبرم قبل التحفيظ ولم يقع الإدلاء به أثناء مسطرة التحفيظ لا يمكن الاحتجاج به فيما بعد ما لم يقر به البائع
كما جاء في قرار آخر صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) بأن : “التحفيظ مطهر العقار المحفظ من جميع الشوائب التي كانت عالقة به قبل التحفيظ، ويشكل نقطة الانطلاق الوحيدة في حياة العقار حيث يقطع صلته نهائيا بالماضي… وأن هذا التطهير لا يترك مجالا لتطبيق القواعد العامة للالتزام….”
ويبدو أن المجلس الأعلى دافع عن رغبة المشرع في ربط القوة المطلقة للرسم العقاري بالنظام العام، إذ لا يمكن الالتفات إلى ماضي العقار وقطع كل صلة بما كان عليه قبل التحفيظ, فالرسم العقاري يسمو عن جميع الحجج والإدعاءات والسندات التي لم يتم الإدلاء بها أثناء مرحلة التحفيظ ولا يمتد إلا بما هو مضمن بهذا الرسم
وسارت محاكم الموضوع في نفس الاتجاه الذي سلكه المجلس الأعلى وصدرت عن القضاء عدة أحكام وقرارات تضفي على قرار المحافظ الصفة النهائية
وهكذا ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط بأن “عدم إبراز مشتري الأرض عند شرائه اثناء مسطرة التحفيظ من شأنه أن يجعل عقد الشراء لاغيا بمجرد التحفيظ، وغير قابل للإجازة، وكل ما يبقى للمشتري هو استرداد ما دفع من أصل ونفقات…”
وقضت محكمة الاستئناف بمراكش بأنه: «لما كان الشراء قد حصل خلال سريان مسطرة التحفيظ… فإن العقار أصبح مطهرا من ذلك الشراء، وأن التطهير يمنع تسجيل الحق الحاصل قبل التحفيظ وهو يطبق حتى على المتعاقدين ولم يبق للمشتري إلا المطالبة بالتعويض وجاء في حكم صادر عن إبتدائية الناظور على أنه : «طبقا للفصول 2 – 62 – 64 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، فإن الرسم العقاري يشكل نقطة الانطلاقة الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه، ويترتب عن تأسيسه تطهير الملك من جميع الحقوق السابقة غير المسجلة به، ولا يمكن إقامة دعوى في العقار يسبب حق وقع الإضرار به من جراء التحفيظ.
وجملة القول، فإن قرار المحافظ يعد قرارا إداريا نهائيا، ولا يمكن إطلاقا إلغاؤه أو تغبيره أو سحبه ولو عن طريق القضاء وهو قرار غير معلل
وتعتبر الصفة النهائية والقطعية لقرار المحافظ على الأملاك العقارية بمناسبة تأسيس الرسم العقاري محل انتقادات شديدة من قبل جانب من الفقه لأن المشرع منح الشرعية المطلقة لقرار المحافظ،
ولذلك، لابد من وضع استشاءات على الصفة النهائية لقرار التحفيظ خاصة في حالة ثبوت التدليس أو التزوير أثناء عملية التحفيظ، بحيث إنه يتبقي وضع استتناءات لمبدأ نهائية الرسم العقاري حتى لا يستفيد مستعمل التزوير أو التدليس من هذا المبدأ، وإلا اعتبر ذلك بمثابة نزع الملكية وتعدي على حقوق الغير، وفيه خروج عن مبدأ العدالة والإنصاف ومن جهة أخرى لا ينبغي أن يكون هذا المبدأ منافيا مع المبدأ المقرر في الدستور المغربي، والذي يقضي بأن حق الملكية مضمون وبالتالي فإنه لا يجب أخذ مبدأ التطهير على إطلاقه، بل لا بد من وضع استثناءات على هذا المبدأ.
وساندت المحكمة الابتدائية بوجدة في أحد أحكامها هذا التوجه الأخير الذي ينتقد القوة النهائية للرسم العقاري وقضت بأن «الرسم العقاري تم إنشاؤه بناء على حكم قضائي لم يصبح بعد نهائيا باعتبار أنه علق استحقاق المدعى عليهم للعقار المتنازع بشأنه على أدائهم جميعهم اليمين القانونية بل ومع قاعدة النكول بحيث إذا نكلوا حلف المدعون فتنقلب الكفة ويصبح الحكم لصالحهم، وحيث إنه يتضح بان الرسم العقاري إلى حين استقاء اليمين موضوع الملف التنفيذي أنشئ بصلة غير قانونية، وبأنه لا مجال لمواجهة المدعين بمقتضيات الفصل 2 و 62 من ظهير التحفيظ العقاري لأنهم سایروا مسطرة التحفيظ منذ انطلاقها ولم يتراخوا لحظة في المجاهرة بمزاعمهم، وحيث أن المحكمة بناء على المعطيات أعلاه ترى بان طلب الجهة المدعي الرامية إلى التشطيب على الرسم العقاري طلب مؤسس يتعين الاستجابة له، وتوجيه الأمر تبعا لذلك للسيد المعاهد للقيام بالتشطيب المذكور…”
ومن خلال هذا الحكم فإن المحكمة الابتدائية بوجدة قامت بفحص الوثائق والمستندات التي اعتمدها المحافظ على الأملاك العقارية ولاحظت بأنه قد ارتكز على حكم لم يكتسب بعد قوة الأمر المقضي به فقررت المحكمة تبعا لذلك أمر المحافظ بالتشطيب على الرسم العقاري وإرجاع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل إنشاء الرسم العقاري وذلك قصد استيفاء اليمين التنفيذي
الفرع الثاني : نتائج قرار التحفيظ
يترتب عن قرار التحفيظ عدة نتائج أهمها :
1- تأسيس رسم عقاري خاص بالعقار المحفظه يبقى محفوظا بأرشيف المحافظة العقارية ويمكن للمالك أن يطلب تسليم نظير الرسم العقاري، وهذا الأخير يعتبر نسخة طبق الأصل يتضمن كل ما هو مسجل بالرسم الأصلي.
2 – تقييد العقار بالسجل العقاري الذي يعتبر بمثابة سجل عام للمحافظة العقارية تقيد فيه جميع العقارات التي تم تحميلها بكيفية نهائية، وإعطائه رقما مميزا خاصا به يختلف عن رقم المطلب السابق.
3- تضمين الرسم العقاري الأصلي وكذا نظيره مجموعة من البيانات الجوهرية التي نص عليها الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقارية المعدل بمقتضى القانون رقم 14.07 وأهمها :
4 – وصف مفصل للعقار مع بيان حدوده من جهة الشمال والجنوب والشرق والغرب وذکر المجاورين والأملاك المجاورة، ونوع العقار هل هو أرض فلاحية مغروسة أو غير مغروسة، أو أرض مخصصة للبناء، أو بناء قائم وعدد طبقاته ومساحته، وينبغي أن يكون هذا الوصف مطابقا للبيانات الخريطة المرفقة بالرسم العقاري
5- بیان الحالة المدنية للمالك وجنسه هل هو ذكر أم أنثى وجنسيته وحالته المدنية هل هو متزوج أو مطلق أو أرمل واسم الزوجة أو الزوج، والنظام المالي للزواج، وكل اتفاق ثم طبقا للفصل 49 من مدونة الأسرة وفي حالة الشياع بیان حظ كل منهم، وإذا كان المالك شخصا اعتباریا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي وكذا ممثله القانوني
6 – بيان الحقوق العينية المترتبة على العقار في حالة وجودها.
وإذا كان المشرع المغربي اعتبر نهائية الرسم العقاري من أهم آثار قرار التحفيظ، فإنه سن إلى جانب ذلك مبدأ عدم سريان التقادم على العقارات المحفظة وعلى الحقوق العينية المقيدة عليها
- ملخص القانون العقاري
- تعريف الرهن الرسمي وأنواعه وشروط إنشائه
- أنواع العقارات و تحديد الأنظمة الخاصة بكل نوع
- مفهوم العقار و تحديد أنواعه
- التمييز بين رفض التحفيظ وإلغاء التحفيظ في القانون العقاري
- قرار المحافظ بشأن التعرضات ( قبول أو رفض)
- شكليات و آثار طلب التحفيظ
- تقييد الحقوق العينية و الشخصية
- الحقوق العينية الأصلية والتبعية
- حالات التحفيظ الإلزامي
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا
أحدث التعليقات