محتويات المقال
فصل الأجراء – الفصل التأديبي و التعسفي
فصل الأجراء نوعان إما بسبب خطأ جسيم اقترفه، فنكون أمام ما يسمى بالفصل التأديبي (المبحث الأول)، وقد يكون الفصل بدون مبرر قانوني و بطريقة تعسفية، فنكون أمام ما يعرف بالفصل التعسفي (المبحث الثاني)، وقد يتم تسريح الأجراء العوامل تفسر انطلاقا من معطيات اقتصادية، أو تكنولوجية أو هيكلية (المبحث الثالث)
المبحث الأول: الفصل التأديبي عن العمل
الفصل التأديبي عن العمل مرتبط بعنصر الخطأ الجسيم (المطلب الأول)، وهو يقوم على اتباع إجراءات قانونية حددها المشرع الحماية الأجراء بشأن الفصل التأديبي (المطلب الثاني)،. علاوة على إجراءات إضافية لتعزيز الحماية بخصوص فئات خاصة من الأجراء (المطلب الثالث).
المطلب الأول: الخطأ الجسيم كأساس للفصل التأديبي
إذا ما ارتكب الأجير خطأ جسيما، فإن المشغل يكون بإمكانه فصله عن العمل، ويسمى الفصل في هذه الحالة بالفصل التأديبي.
والمشرع المغربي لم يعط تعريفا للخطأ الجسيم، وإنما اكتفي بإعطاء بعض الأمثلة بخصوص هذا النوع من الخطا، وذلك من خلال المادة 39 من مدونة الشغل.
حيث عدد المشرع بواسطة المادة المذكورة، مجموعة من الممارسات والأفعال التي اعتبرها بمثابة أخطاء جسيمة تبرر طرد الأجير من الشغل، كما هو الشأن بالنسبة للسرقة، وخيانة الأمانة، والسكر العلني، وتعاطي مادة مخدرة، والاعتداء بالضرب، وإلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات والآلات أو المواد الأولية، والتغيب بدون سبب مشروع لأكثر من أربعة أيام، والتحريض على الفساد، وارتكاب خطا نجمت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل، وغيرها من الأفعال.
أما إذا تعلق الأمر بارتكاب الأجير خطا لا يعد جسيما، فإن ذلك لا يعتبر مبررا لفصله. حيث أنه في حالة الخطا غير الجسيم يمكن للمشغل اتخاذ عقوبات حددها المشرع باعتماد اسلوب التدرج، وتتمثل في الإنذار، والتوبيخ، والتوبيخ الثاني، والتوقيف عن الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام، والتوبيخ الثالث، والنقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند الاقتضاء، مع الأخذ بعين الاعتبار سكنى الأجير
وإذا ما استنفذ المشغل كل هذه العقوبات داخل سنة دون جدوى، أمكنه فصل الأجير، حيث يعتبر الفصل في هذه الحالة مبررا
وبما أن التشريع المغربي المتعلق بالشغل لا يتضمن تعريفا للخطا الجسيم، باستثناء الإشارة إلى بعض الأمثلة كما سبق الذكر، فإنه يبقى للقضاء السلطة التقديرية بشأن تكييف طبيعة الأخطاء التي قد تصدر عن الأجير، والبحث في مدى إمكانية اعتبارها أخطاء جسيمة أم فقط أخطاء عادية غير جسيمة.
ونعتقد أن القاضي وهو يعمل سلطته التقديرية بهذا الخصوص، مطالب بأن يأخذ في الحسبان خطورة النتائج التي قد تتمخض عن تكييف الفعل كونه خطأ جسيما، ولاسيما الحكم بفصل الأجير عن العمل، وما يعني ذلك من وضع حد لاستمراره في الشغل، وفقدانه الأجر، الذي قد يكون هو مصدر رزقه الوحيد ورزق عائلتها .
المطلب الثاني: إجراءات الفصل التأديبي
قبل أن يمارس المشغل حقه في الفصل التأديبي، عليه أن يعطى للأجير فرصة الدفاع عن نفسه، عن طريق الاستماع إلى حججه، وموقفه من السلوك الذي اعتبر بمثابة خطأ جسيم صادر عنه
وتتم جلسة الاستماع هذه، بحضور مندوب الأجراء أو العمل النقابي الذي يختاره الأجير. كما يجب أن تعقد داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ ارتكاب الفعل سبب الفصل. وإذا ما رفض أحد طرفي النزاع إجراء جلسة الاستماع يجب على الطرف الثاني الجهه الى مفتش الشغل
وتحرر إدارة المقاولة محضرا على إثر جلسة الاستماع يوقع من طرف الأجير والمشغل، وتسلم نسخة من المحضر إلى الأجير.
ويجب على المشغل أن يسلم الأجير مقرر العقوبات التأديبية يدا بيد مقابل وصل، أو بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، وذلك داخل أجل 48 ساعة من تاريخ اتخاذ الإجرای التأديبي
كما يجب توجيه نسخة من مقرر الفصل إلى مفتشي الشعل متضمنا الأسباب المبررة له، حيث لا يمكن للمحكمة النظر الا في تلك الأسباب المذكورة في هذا المقرر
وترفع دعوي فصل الأجراء داخل أجل شعب يوما من تاريع توصل الأجير برسالة الفصل، ونتك تحت طائلة سقوط الحق
وسلطة فصل الأجراء التي يملكها المشغل، تبقى دوما خاضعة لرقابة القضاء، وفق ما تنص على ذلك الفقرة الأخيرة من المادة 42 من مدونة الشغل. وتمارس تلك الرقابة على الخصوص، بالنسبة السبب الفصل، ومدى احترام الضمانات المخولة للأجير للدفاع عن نفسه، ومدى احترام شكليات مسطرة فصل الأجراء
وتجدر الإشارة، إلى أن إنهاء علاقة الشغل في إطار الفصل التأديبي، لا يترتب عنه أي تعويض لفائدة الأجير، طالما أن الفصل يعتبر مبررا بقوة القانون، بمجرد ثبوت عنصر الخطا الجسيم.
وفي هذا السياق تنص المادة 61 من مدونة الشغل أنه ” يمكن فصل الأجير من الشغل، دون مراعاة أجل الإخطار، ودون تعويض عن الفصل، ولا تعويض عن الضرر، عند ارتكابه خطأ جسيما”.
المطلب الثالث: إجراءات إضافية لحماية بعض الفئات من الأجراء بخصوص الفصل التأديبي
يتعلق الأمر هنا بالفنات التالية:
– مندوبو الأجراء: إذ بموجب المادتين 457 و459 من مدونة الشغل، يلزم موافقة مفتش الشغل بشأن عقوبة الفصل التاديبي.
– الممثلون النقابيون للأجراء: وفقا لأحكام المادتين 471 و 472 من المدونة، والفقرة الثانية من المادة 472، فإن الممثلين النقابيين يتمتعون بنفس الحماية التي يتمتع بها مندوبو الأجراء
– طبيب الشغل: طبقا لمقتضيات المادة 313 من نفس القانون، يتعين موافقة مفتش الشغل على قرار الفصل التأديبي حينما يتعلق الأمر بفصل تأديبي يتخذ في حق طبيب أجير، وذلك نظرا لنوعية المهام التي يقوم بها طبيب الشغل.
– الأجيرة الحامل: بموجب أحكام المادة 159 من نفس القانون، فإنه في حالة ارتكاب الخطأ الجسيم من طرف أجيرة حامل، يمنع اتخاذ قرار الفصل في حقها، أثناء المدة المنصوص عليها في المادتين 154 و 156، أي خلال 14 أسبوعا، سبع أسابيع قبل الوضع وسبع بعد الوضع.
وبخصوص جزاءات عدم احترام إجراءات مسطرة الفصل التأديبي، فإنه في حالة عدم احترام المشغل إجراء من إجراءات فصل الأجراء المشار إليها، يؤدي إلى جعل مسطرة الفصل معيبة ومن ثم وجوب اعتبار قرار الفصل قرارا تعسفيا في حق الأجير.
وفي هذا السياق، جاء في قرار المجلس الأعلى المؤرخ في 2004 / 12 / 5 ما يلي:
” يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل القانوني الذي اختاره، وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام من التاريخ الذي ثبت فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه، إلا أنه بالرجوع إلى الوثائق المضمنة بالملف، فإنه لا دليل على سلوك تلك الإجراءات الشكلية المنصوص عليها، مما يجعل الطرد الذي تعرض له الأجير طردا غير مبرر”
المبحث الثاني: الفصل التعسفي عن العمل
إذا قام المشغل بفصل الأجير عن العمل دون أن يكون لذلك سببا قانونيا، فإن ذلك يعد بمثابة فصل تعسفي عن العمل.
ووفقا للفقرة الأخيرة من المادة 40 من مدونة الشغل، فإنه إذا ما غادر الأجير عمله بسبب خطأ جسيم ارتكب في حقه من طرف المشغل، فإن ذلك يعتبر بمثابة فصل تعسفي له عن العمل.
والأجير الذي يتعرض للفصل التعسفي عن العمل، يستفيد جراء ذلك من التعويض عن الضرر، والتعويض عن أجل الإخطار، والتعويض عن فقدان الشغل.
واستنادا للفقرة الثانية من المادة 41 من المدونة، فإنه لا يمكن للأجير التنازل مسبقا عن حقه في التعويض بخصوص فصله تعسفيا عن العمل، حيث أنه في حالة الاتفاق المسبق على التنازل، فإن الاتفاق يقع باطلا
والأجير الذي تم فصله عن العمل تعسفيا، يكون عليه اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي قبل إقامة أية دعوی. حيث تتم عملية التصالح تحت إشراف عون مكلف بتفتيش الشغل.
فإن وقع الصلح، حرر العون المكلف بتفتيش الشغل محضرا يوقعه طرفي النزاع، كما يوقع من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل. ويعتبر الاتفاق الذي يتم التوصل إليه في إطار الصلح نهائيا، حيث يكون غير قابل للطعن فيه أمام المحاكم
وفي حالة عدم التوصل لأي اتفاق بشأن الصلح، يحق للأجير اللجوء إلى القضاء، وإقامة دعوى أمام المحكمة المختصة
وقد تطرق المشرع المغربي إلى المسطرة المتبعة في القضايا الاجتماعية، بواسطة الفصول من 269 إلى 294 من قانون المسطرة المدنية. حيث وفقا للفصل 269 فإن المحكمة الابتدائية هي المختصة للنظر في قضايا الشغل.
ويستفيد الأجير من المساعدة القضائية سواء كان مدعي أو مدعي عليه، ويسري نفس الأمر على ذوي حقوقها
وبعد إحالة الملف على القاضي المختص، يقوم هذا الأخير بإجراء محاولة الصلح خلال الجلسة الأولى، فإن وقع الصلح ثبت بواسطة أمر. أما إذا لم يتم الاتفاق على الصلح، فإنه على القاضي أن يبت في النزاع.
ووفقا للفصل 285 من قانون المسطرة المدنية، فإن الحكم الذي يصدر في قضايا الشغل، يكون مشمولا بالتنفيذ المعجل بحكم القانون، بالرغم من كل تعرض أو استئناف.
والحكم إذا صدر قابلا للاستئناف، أمكن استئنافه داخل أجل 30 يوما من يوم تبليغه، وذلك عن طريق تصریح يقدمه الشخص المستانف أو وكيله لدى كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم، أو عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل توجه إلى كتابة ضبط المحكمة
وإذا صدر الحكم غيابيا، وكان غير قابل للاستئناف، فإنه يكون للطرف الذي له مصلحة الطعن فيه بالتعرض داخل أجل 10 أيام من تاريخ تبليغه بالحكم.
وتجدر الإشارة، إلى أن المشرع يقر للمحكمة في حالة ثبوت الطرد التعسفي، الحق في الخيار بين أن تحكم إما بإرجاع الأجير إلى عمله، أو الحكم له بالتعويض المنصوص عليه قانونا.
وهذا ما يتضح من خلال الفترة الأخيرة من المادة 41 من مدونة الشغل، التي جاء فيها أنه في حالة تعذر أي اتفاق بواسطة الصلح التمهيدي، يحق للأجير رفع دعوى أمام المحكمة المختصة التي لها أن تحكم، في حالة ثبوت فصل الأجير تعسفيا، إما بإرجاع الأجير إلى شغله أو حصوله على تعويض عن الضرر يحدد مبلغه على أساس أجر شهر ونصف عن كل سنة عمل أو جزء من السنة على أن لا يتعدی سقف 36 شهرا
ويمكن للمحكمة ممارسة ذلك الخيار، إذا كان الأجير قد ضمن مقاله الافتتاحي ما يفيد هذا الطلب، باعتبار أن القاضي ملزم استنادا لمقتضيات الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية، بالفصل في القضايا في حدود طلبات الأطراف، وبدون تغيير في موضوع أو سبب تلك الطلبات.
حيث جاء في هذا الفصل أنه ” يتعين على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات، ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة، ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة
المبحث الثالث: الفصل عن العمل لأسباب اقتصادية أوهيكلية أو تكنولوجية
إذا كانت المقاولة تضم عشر أجراء فما فوق، وإذا ارتأی المشغل فصل الأجراء كلهم أو بعضهم لأسباب تعود إلى مشاكل اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية، وجب عليه أن يشعر بذلك مندوبي الأجراء وممثليهم النقابيين قبل شهر على الأقل من تاريخ البدء في مسطرة الفصل.
كما يجب على المشغل إمداد مندوبي الأجراء وممثليهم النقابيين بجميع المعلومات التي تخص الموضوع، مع استشارتهم بشأن إيجاد حل آخر بديل عن الفصل.
وإذا كان عدد الأجراء يزيد عن 50 أجيرا فإنه تحل محل مندوبي الأجراء، لجنة تسمى بلجنة المقاولة
وتحرر إدارة المقاولة محضرا تثبت فيه النتائج المتوصل إليها على إثر المشاورات والمفاوضات، حيث تسلم نسخة من ذلك المحضر إلى مندوبي الأجراء، وتسلم نسخة أخرى إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل.
ويتوقف تسريح الأجراء لأسباب تكنولوجية أو اقتصادية أو هيكلية، على إذن يصدر عن عامل العمالة أو الإقليم الذي توجد المقاولة داخل نطاقه الترابي، وذلك خلال اجل أقصاه شهران من تاريخ تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل.
ويجب أن يكون طلب الإذن مرفقا بجميع الإثباتات الضرورية وبمحضر المشاورات والتفاوض. وزيادة على ذلك، فإنه في حالة الفصل لأسباب اقتصادية يجب أن يكون الطلب مرفقا بتقرير يتضمن الأسباب الاقتصادية التي تبرر الفصل مع بيان عن الوضعية المالية والاقتصادية للمقاولة، ثم تقرير يضعه خبير في المحاسبة بشأن الوضع المالي والاقتصادي للمقاولة
وعلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل، القيام بكافة الأبحاث التي يراها ضرورية قبل توجيه الملف إلى لجنة إقليمية يراسها عامل العمالة أوالإقليم لدراستها.
وقرار العامل بخصوص فصل الأجراء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، يجب أن يكون معللا ومؤسسا، ومبنيا على الخلاصات والاقتراحات التي توصلت إليها اللجنة الإقليمية
- ملخص القانون العقاري
- ملخص علم الإجرام
- ملخص قانون التأمين
- ملخص صعوبات المقاولة
- ملخص القانون الدولي الخاص
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا
أحدث التعليقات