محتويات المقال
علاقة النيابة العامة بهيئة المحامين
علاقة النيابة العامة بهيئة المحامين مهمة جدا وإن كانت مهنة المحاماة لا تمارس إلا في إطار هيئة منظمة منحها القانون صلاحيات واسعة من حيث تنظيم شؤون منخرطيها وتتبع أمورهم ، فإن المتتبع لأحكام الظهير الشريف المؤرخ 10/09/1993 يتضح له بجلاء مدى الدور الذي أسنده المشرع للنيابة العامة في هذا الإطار إن على المستوى القضائي أو على المستوى الإداري
كما سأحاول إيضاح ذلك في هذا المبحث من خلال الفقرات بعده:
أولا : إجراء بحث حول حالة المرشح للتقيد في جدول الهيئة أو في قائمة المحامين المتمرنين بها
بعد نجاح المرشح في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة وتقديم طلبه إلى الهيئة التي يريد الانخراط فيها، يقوم نقيب هيئة المحامين المعني بتوجيه نسخة من ملف الترشيح بكامله إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التي يوجد مقر الهيئة في دائرة اختصاصها، ملتمسا منه إجراء بحث اجتماعي حول أوضاع المرشح بجميع الوسائل التي يراها مناسبة. ليشكل ذلك أولى وثائق الملف الممسوك لدى النيابة العامة الخاصة بالمحامي.
حيث يتولى الوكيل العام للملك إذ ذاك إحالة الملف على كل من الضابطة القضائية والسلطة المحلية قصد إجراء بحث اجتماعي حول المرشح. وبعد توصله بنتيجة البحث يقوم بإرسال نسخة منها إلى نقيب هيئة المحامين، هذا الأخير يدرج ملف المرشح في اجتماع مجلس الهيئة العادي ليقرر قبول أو عدم قبول تسجيل المرشح بناء على نتيجة البحث.
غير أن المحامي المتمرن المقبول تبعا لذلك بمقتضى قرار مجلس الهيئة لا يمكن تقييده في جدول المتمرنين ولا يمكنه مباشرة مهامه إلا بعد أداء اليمين القانونية. فيكون بذلك نقيب الهيئة ملزم بإحالة قرار قبول المرشح في التمرين رفقة ملتمس إلى الوكيل العام للملك يلتمس فيه تعيين تاريخ أداء المرشح اليمين القانونية وإخباره بذلك.
وبناء على هذا الطلب وبعد دراسة قرار القبول المرفق به يتولى الوكيل العام للملك رفع ملتمس بأداء اليمين القانونية إلى محكمة الاستئناف بناء على الظهير الشريف رقم 1.93.162 الصادر بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 الموافق 20 شتنبر 1993 المعتبر بمثابة قانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، وبعد هذه الإجراءات، وتوصل النيابة العامة بمحضر أداء اليمين تقوم بإرسال نسخة منه إلى مجلس الهيئة.
وبعد انتهاء فترة التمرين تحاط النيابة العامة علما ويرسل إليها قرار التقييد النهائي في الجدول . فإن تعلق الأمر بأحد الأشخاص المعفون من الحصول على شهادة الأهلية لممارسة المهنة ومن التمرين طبقا لمقتضيات المادة 18 من القانون المنظم لمهنة المحاماة طبقت نفس الإجراءات مع الاستغناء عن كل ما يتعلق بإجراءات طلب التقييد في جدول المتمرنين.
ومن هذه الوثائق، والملتمسات، والكتب، يتكون ملف كل محام ممسوك لدى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، تضاف إليه المتابعات التأديبية، ومتابعات الحق العام إن اقتضى الأمر ذلك، التي يمكن أن تصادف المحامي خلال مساره المهني.
وفي إطار التتبع والمراقبة تتولى النيابة العامة إشعار ، وزارة العدل (مديرية الشؤون المدنية) بكل التقييدات التي تتم بجدول الهيئة في حينها، سواء تعلق الأمر بقرار القبول في جدول المتمرنين أو قرار التقييد النهائي في الجدول. هذا فضلا عن مكاتبة وزارة العدل (مديرية الشؤون الجنائية) بكل متابعة فتحت في حق أي محامو إرسال نسخة من جدول الهيئة السنوي إليها حتى يتسنى لها ممارسة حق الإشراف والتتبع ضمانا لحسن سير العدالة واستقامة الساهرين عليها.
ثانيا : طلب إجراء تحقيق حسابات المحامون والودائع الممسوكة لديهم
نظرا لخطورة الدور الذي يضطلع به المحامي في علاقة النيابة العامة بهيئة المحامين من خلال عمله اليومي خاصة في ميدان المعاملات المالية وما قد ينتج عنه من شوائب قد تسيء إلى قدسية رسالة المحامي من جهة، وفقدان الثقة في هيئة اعتبرها القانون جزءا من أسرة القضاء تساعده على تحقيق العدالة ، أوجب عليه المشرع أن يقيد ويضبط حسابات النقود والسندات والقيم التي يتسلمها من موكليه وكذا العمليات المنجزة عليها في دفتر حسابات يومية ممسوك بصفة صحيحة تحت طائلة عدم اعتبارها، معد من طرف مجلس الهيئة أو موافق على نموذجه من قبل هذا المجلس ومؤشر عليه من لدن النقيب.
ويجب أن يتضمن هذا الدفتر جميع العمليات الحسابية المتعلقة بالودائع وبمداخيل المكتب ومصاريفه حسب تسلسلها الزمني دون بياض أو تشطيب أو زيادة بالطرة. موضحا فيه وبصفة خاصة موضوع كل عملية بإيجاز ووضوح ومبلغها واسم الطرف الذي تمت في اسمه وتاريخ وكيفية أدائها.
وبالإضافة إلى ذلك يتعين على كل محامي أن يمسك حسابا خاصا بملف كل موكل ويضمنه جميع العمليات المتعلقة به وفي الأحوال كافة لا يحق للمحامي أن يحتفظ بأي مبلغ يتجاوز 5000 درهم ما لم يكن تسلمه على وجه التسبيق عن المصروفات أو على أساس وديعة اختيارية لمدة تفوق الشهرين. فإن استحال عليه احترام هذا الأجل تعين عليه إيداعها باسم أصحابها في صندوق كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يوجد مكتبه بدائرتها.
وقد أوجب المشرع على نقيب هيئة المحامين أن يقوم بنفسه أو بواسطة من ينتدبه لذلك من أعضاء مجلس الهيئة، بتحقيق حسابات المحامين وبالتحقق من وضعية الودائع لديهم في كل وقت ومرة واحدة في السنة على الأقل وعندما يطلب منه الوكيل العام للملك ذلك.
فالوكيل العام للملك يحق له في كل وقت وحين أن يطلب من نقيب هيئة المحامين التابعة لدائرة اختصاص محكمة الاستئناف التي يزاول مهامه بها، إجراء تحقيق حسابات المحامين والودائع الممسوكة لديهم إما بمناسبة المراقبة العامة التي تقتضي حسن سير الهيئة أو بمناسبة شكاية أو وشاية قدمت في مواجهة أحد المحامين.
كما يحق له أن يطلب من أي محام دفاتره ونظائر وصولاته على أن يرد هذه المستندات إلى المحامي المعني في ظرف أسبوعين من يوم تقديمها
وإذا كان القانون لا يلزم النقيب بإشعار الوكيل العام للملك بناتج تحقيق الحسابات التي يقوم بها من تلقاء نفسه فإنه ملزم بإشعار الوكيل العام للملك إذا تم التحقيق بناء على طلبه
ثالثا: طلب وضع حد للنيابة في حالة التوقف بناء على مانع مؤقت
يوجب القانون على المحامي الذي حدث له مانع يحول بينه وبين قيامه بممارسة مهامه لمدة مؤقتة تعيين زميل أو عدة زملاء يختارهم من نفس الهيئة للقيام بتسيير مكتبه مؤقتا، بعد أن يشعر النقيب بذلك في حينه ويبلغه باسم المحامي أو المحامين الذين تم اختيارهم. وتبقى موافقة النقيب على هذا الاختيار ضرورية متى كان التوقف المؤقت ناتجا عن عقوبة تأديبية بالإيقاف وإلا تولى النقيب القيام بذلك بنفسه.
ولما كان التوقف ذو طبيعة مؤقتة، فقد خول المشرع لنقيب هيئة المحامين صلاحية وضع حد لهذه النيابة إما بطلب من المنوب عنه أو بطلب من المحامي النائب أو تلقائيا عند ارتفاع المانع أو بطلب من الوكيل العام للملك
. فالوكيل العام للملك كلما تبدى له عدم جدوى استمرار هذه النيابة لأي سبب كعدم صلاحية المنوب للقيام بها ذا الدور أو صدور عقوبة تأديبية في حقه بالإيقاف المؤقت مثلا، وجه طلب بذلك إلى نقيب الهيئة موضحا فيه موضوع الطلب ومراجعه وعلله وأسبابه.
رابعا : طلب اتخاذ قرار المنع من ممارسة المهنة المؤقت
لقد خول القانون أيضا لمجلس الهيئة في حالة إجراء متابعة جنائية ضد أي محام بسبب إخلالات مهنية أن يصدر بالأغلبية المطلقة لأعضائه إما تلقائيا أو بطلب من النقيب في حالة الضرورة القصوى مقررا معللا بمنع هذا المحامي من مزاولة المهنة مؤقتا، كما خول القانون للوكيل العام للملك تقديم طلب في هذا الشأن إلى الهيئة.
فللوكيل العام للملك كلما تبدى له أن من شأن المتابعة الجنائية السارية ضد أي محام ينتمي لهيئة تابعة لدائرة اختصاص المحكمة التي يزاول بها مهامه، من شأنها أن تؤثر على سلوكه المهني أو تمس بمبادئ الاستقلال والتجرد والتراهة والكرامة والشرف التي ينبغي أن يتقيد بها المحامي، أن يقدم طلبا إلى الهيئة بقصد اتخاذ قرار بمنعه من ممارسة المهنة مؤقتا لمدة لا تتجاوز في كل الأحوال المدة اللازمة للبت في الدعوى العمومية لفائدة المحامي المتابع. وواضح من نص المادة 64 من قانون المحاماة أن هذا الطلب غير ملزم للهيئة، فقد تقرر خلاف ما رآه رئيس النيابة العامة بناءا على تقديرها للأمر، غير أنه يبقى في جميع الأحوال للوكيل العام حق استئناف قرارها ذاك أمام الغرفة المدنية
هذا باختصار شديد ما يمكن أن يقال عن العلاقة الإدارية التي تجمع النيابة العامة بهيئة المحامين.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات