المطلب الأول : علاقة المحكمة الجنائية الدولية بالأمم المتحدة
علاقة المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة تنظم طبقا لنص المادة 2 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بموجب اتفاق تعتمده جمعية الدول الأطراف في اتفاقية روما، أي الدول التي أتمت إجراءات المصادقة على الاتفاقية طبقا لقوانينها الداخلية، وقامت بإيداع صك التصديق أو الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، وفق نص المادة 125 من الاتفاقية ، على أن يتولى رئيس المحكمة توقيعه لاحقا نيابة عنها.
ومما يتضح من وجوب عقد اتفاق ينظم العلقات بين هيئة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، أن هذه الأخيرة تنشأ كمؤسسة دولية دائمة ومستقلة، ذات علقة بمنظمة الأمم المتحدة، ولا تعد فرعا من فروعها أو جهاز من أجهزتها الرئيسية كما هو الشأن بالنسبة لمحكمة العدل الدولية
استنادا إلى تقرير الفريق المكلف بوضع اتفاق بشأن العلقة بين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، ينبغي أن يؤسس هذا الاتفاق على احترام مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة والاعتراف المتبادل بين المؤسستين تعترف الأمم المتحدة باستقلالية المحكمة الجنائية الدولية وشخصيتها القانونية الدولية اللزمة لممارسة وظائفها وتحقيق أهدافها
وتعترف المحكمة في المقابل بمسؤوليات الأمم المتحدة وفقا للميثاق . كما ينبغي أن ينظم – الاتفاق مسائل مختلفة كالعلقة بين المؤسستين من حيث التمثيل المتبادل، و تقديم تقارير للأمم المتحدة، و تبادل المعلومات، و الترتيبات الخاصة للموظفين وكذلك المسائل المتعلقة بالمساعدة القضائية والتعاون مع مجلس الأمن وتسوية المنازعات وغيرها.
رغم استقللية الهيئتين، يجمع بينهما هدف مشترك ألا و هو المشاركة الفعالة في إحياء الأمن والسلم الدوليين، فعند تأسيس مجلس الأمن محكمتي يوغسلفيا السابقة ورواندا، دخل مجلس الأمن مجال ملحقة الجرائم الدولية، كجزء من مهامه في حفظ على الأمن والسلم الدوليين،وفي محاذاته، تقلدت المحكمة الجنائية الدولية منصبا رادعا في صيانة السلم الدولي، الذي يكمن في ملحقة مرتكبي الجرائم التي تهدد سلمة العالم، وإنزال العقوبات بهم، وبالتالي منع ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل.
من هنا، برزت بعض المواد في نظام روما الأساسي في محاولة لتنسيق مساعي الهيئتين من اجل بلوغ الهدف المنشود، ولكن يبدو أن الاعتبارات السياسية تغلبت على المعطيات القانونية، لتخلق إشكالية خطيرة تهدد استقللية المحكمة، وشرعيتها، وسلطتها، ومصداقيتها
المطلب الثاني : علاقة المحكمة الجنائية الدولية بمجلس الأمن
إن العلاقة بين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية لها أهمية خاصة وذلك لاختلف طبيعة كل منهما، فمجلس الأمن هو جهاز سياسي تابع لهيئة الأمم المتحدة، بخلاف المحكمة الجنائية الدولية فهي جهاز قضائي مستقل، التي اقر استقلليتها نظام روما الأساسي للمحكمة، وذلك من اجل تحقيق العدالة الدولية والحفاظ على الشفافية والحياد والمساواة
فمن خلل المناقشات التي جرت في مؤتمر روما، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تطالب بان يكون لمجلس الأمن وحده سلطة الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولكن الدول الأخرى صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن ارتأت أن يشترك المجلس في ذلك مع الدول الأطراف في النظام الأساس ي والمدعي العام للمحكمة، والواقع أن أغلبية الدول المشاركة في مؤتمر روما لم يؤيدوا تخويل مجلس الأمن سلطة واسعة تجاه المحكمة، وسبب ذلك هو الرغبة في تأكيد استقللية المحكمة، و تفادي أن تتحول هذه الأخير إلى مجرد جهاز سياس ي تابع لمجلس الأمن، و كذلك خشية من أن يؤدي تمتع الدول ذات العضوية الدائمة بمجلس الأمن بحق الاعتراض إلى تعطيل مهمة المحكمة في تحقيق العدالة في حالات أو قضايا بذاتها.
ومن خلل استقرائنا الفقرة ب من المادة 13 من نظام روما الأساسي، فإن منح صلحية الإحالة لمجلس الأمن له ما يبرره انطلقا من مسؤولية مجلس الأمن الأساسية في المحافظة على السلم والأمن الدوليين استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة، الذي يبدو انه يخول لمجلس الأمن صلحية إنشاء محاكم مخصصة لهذه الغاية، وحيث الأمر كذلك فمن المنطق أن يكون لمجلس الأمن الحق في تحريك الإجراءات الجنائية عندما يتعلق الآمر بأحد الجرائم المحددة وفقا للمهام والسلطات التي يخولها ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الامن.
ويتعين على مجلس الأمن أن يتأكد في البداية أن الحالة المعروضة عليه تشكل إما تهديدا للسلم أو إخللا به أو عدوانا، قبل أن يتخذ قرارا بشأن إحالتها على المحكمة بغرض الشروع في إجراءات التحقيق والمتابعة، و هذا الإجراء يكون في شكل قرار طبقا للمادة 27 من الميثاق ، التي تحدد كيفية التصويت على قرار مجلس الأمن، ويكون ذلك بموافقة تسعة من أعضاء المجلس من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، دون اعتراض أي منها ” دون حق الفيتو”.
وبالنظر إلى المادة 17 من مشروع الاتفاق بشأن العلقة بين المحكمة والامم المتحدة المعد من قبل اللجنة التحضيرية التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، فان التعاون بين المحكمة ومجلس الأمن يتخذ إحدى الصور الثلث:
– إحالة مجلس الأمن إلى المدعي العام إحالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم المشار إليها في المادة 5 قد ارتكبت
– إذا اتخذ مجلس الأمن قرارا بموجب الفصل السابع من الميثاق، يطلب فيه من المحكمة عدم البدء أو المض ي في أي تحقيق أو مقاضاة لمدة 12 شهر عمل” بالمادة 16 فقرة 2″
إذا قررت المحكمة عمل بالمادة 87 من النظام الأساس ي تبليغ مجلس الأمن بعدم التعاون مع طلباتها أو إحالة المسالة إلى مجلس الأمن لاتخاذ القرارات اللزمة في ظل تلك الظروف إذا كانت المسألة قد أحيلت على المحكمة من قبل مجلس الأمن” فقرة 3″
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات