fbpx

القائمة الرئيسية

طرق الطعن غير العادية

طرق الطعن غير العادية – النقض و إعادة النظر و التعرض الخارج عن الخصومة

محتويات المقال

طرق الطعن غير العادية

طرق الطعن غير العادية لا يمكن ممارستها إلا إذا توفرت إحدى الأسباب المبررة لذلك والمنصوص عليها على سبيل الحصري من طرف المشرع، كما أنه لا يمكن لأي متقاض أن يمارس إحدى هذه الطرق إذا كان مكانه ممارسة طريق من طرق الطعن العادية

وتتميز طرق الطعن غير العادية أيضا عن سابقتها بكون الإستفادة منها متاحة أيضا إلى جانب أطراف النزاع للغير الذي لم يكن طرفا فيه، ويسمى الطعن الذي پمارسه الغير “تعرض الغير الخارج عن الخصومة”، أما الطرق التي يمكن أن يمارسها  أطراف النزاع فهي الطعن بإعادة النظر والطعن بالنقض.

المبحث الأول: تعرض الغير الخارج عن الخصومة:

تعرض الغير الخارج عن الخصومة طريق من طرق الطعن غير العادية التي لا يمكن أن يمارسها إلا المتقاضي الذي لم يكن طرفا في النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه، كما يشترط لقبولها أن يكون هذا الغير قد تكبد ضررا بفعل صدور الحكم المذكور دون أن يكون ممثلا فيه أو تم إستدعاؤه، وتمكن ممارسة هذا  الطعن الغير من الدفاع عن مصالحه والمطالبة بتعديل الحكم الصادر في شقه الذي يمس بمصالحهم.

المطلب الأول: المقررات القابلة لتعرض الغير:

 تعرض الغير الخارج عن الخصومة باعتباره طريقا من طرق الطعن غير العادية لا يمكن أن يمارسه إلا المتقاضي الذي لا يتوفر على إمكانية ممارسة إحدى طرق الطعن العادية، وبناء عليه فإن القرارات القابلة لتعرض الغير الخارج عن الخصومة هي القرارات الصادرة على حد سواء عن محاكم الدرجة الثانية ومحكمة النقض.

المطلب الثاني: القواعد المسطرية:

تتم ممارسة تعرض الغير الخارج عن الخصومة عن طريق مقال مكتوب يودع لدى كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه 29، فهذه الأخيرة هي المحكمة التي يعود لها الإختصاص للنظر في هذا التعرض، ويتعين إرفاق المقال بنسخة من المقرر القضائي الذي يدعي الغير المتعرض بأنه ألحق به ضررا، وقد إشترط المشرع القبول هذا الطعن أن يقوم الغير المتعرض بإيداع مبلغ من المال يساوي قيمة الغرامة التي يمكن أن يحكم بها عليه في حالة ما إذا خسر دعواه.

ولم يحدد المشرع المغربي أي أجل لممارسة تعرض الغير الخارج عن الخصومة، ويعتبر هذا الأمر طبيعيا بالنظر لكون هذه الطريق من طرق الطعن غير العادية لا يمكن بالنظر لخصوصيتها أن يتم ربطها بأي أجل، فالمتعرض باعتباره غيرا، لا يدخل ضمن زمرة من يتعين تبليغ المقرر إليهم لبدء سريان أجل الطعن أو مباشرة التنفيذ.

المطلب الثالث: آثار تعرض الغير الخارج عن الخصومة:

لا ينتج تعرض الغير الخارج عن الخصومة أي أثر واقف أو ناشر للدعوى، ويترتب عن غياب الأثر الأول إمكانية مباشرة تنفيذ المقرر القضائي الحامل القوة الشيء المقضي به على الرغم من الطعن فيه، أما غياب الأثر الثاني فيترتب عنه

حصر مجال الرقابة التي تمارسها المحكمة التي تنظر في تعرض الغير الخارج عن الخصومة على الجزء من المقرر الذي يهم الغير المتعرض والمسائل التي تضرر منها دون غيرها

يترتب عن قبول تعرض الغير الخارج عن الخصومة تصحيح الحكم المطعون فيه. غير أن آثار هذا التصحيح لا تمتد إلا إلى ما يضر مصلحة الغير المتعرض ويبقى بالتالي الحكم المطعون فيه منتجا كافة آثاره في غير ذلك من النقط التي تم الفصل فيها.

المبحث الثاني: إعادة النظر:

يدخل الطعن بإعادة النظر ضمن زمرة الطعون التصحيحية، إذ ينتج عن ممارسته عرض النزاع على نفس المحكمة التي سبق لها البت فيه بمقتضی مقرر لا يقبل أي طريق من طرق الطعن العادية قصد تصحيحه .

وتتطلب دراسة هذا الطريق من طرق الطعن غير العادية تحديد المقررات القضائية التي تقبله، بعد ذلك سنقوم بدراسة أسبابه والقواعد القانونية التي تحكم ممارسته.

المطلب الأول: المقررات القابلة للطعن بإعادة النظر:

تقبل الطعن بإعادة النظر المقررات القضائية التي لا تقبل أية طريق من طرق الطعن العادية، ويجد هذا التوجه تبريره في كون أن طرق الطعن العادية تمكن من بلوغ نفس الهدف.

وبالمقابل فإن كون مقرر قضائي لا زال يقبل الطعن بالنقض لا يترتب عنه إغلاق باب إعادة النظر، إذ يمكن إستعمال كلا الطعنين، بل أكثر من ذلك فلا يوجد ما يمنع من ممارستها في نفس الوقت.

المطلب الثاني: أسباب إعادة النظر:

حدد المشرع المغربي أسباب الطعن بإعادة النظر في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية، وتجتمع كل هذه الأسباب في كونها تتعلق إما بأخطاء مادية شابت المقرر القضائي المطعون فيه والتي تهم إما النقط القانونية أو المتعلقة بالواقع.

I– البت في أكثر مما طلب أو في أقل مما طلب:

 يتعين على محاكم الموضوع أن تلتزم بالطلبات التي تقدم إليها من طرف خصوم الدعوى وأن لا تبت إلا في حدودها، ويعتبر كل خرق لهذه القاعدة المنصوص عليها في الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية سببا من الأسباب التي تسمح بممارسة الطعن بإعادة النظر.

ويحق للطرف الذي يدعي بأن محكمة الموضوع بتت في أكثر مما طلب منها أو لم تبت في كل ما طلب منها، إذا تضررت مصالحه بفعل ذلك، أن يتقدم في مواجهة المقرر الصادر بطعن بإعادة النظر، ويترتب عن هذا الطعن عرض النزاع من جديد على نفس المحكمة التي سبق لها النظر فيه من أجل البت في الطلب الذي أهملت البت فيه أو من أجل تصحيح المقرر الذي أصدرته تماشيا مع الطلبات التي تقدم بها أطراف الدعوى.

II– حصول تدلیس خلال تحقيق الدعوى:

 يمكن كذلك الطعن بإعادة النظر في المقرر القضائي إذا ادعى أحد أطراف النزاع بأنه وقع تدلیس خلال تحقيق الدعوى، ويتعين لقبول هذا الطعن أن يكون للتدليس طابع حاسم في النزاع، وتبعا لذلك فإن الأفعال التي تشكل تدلیسا و التي تهم وقائع غير مؤثرة في النزاع لا يمكن أن تعلل سلوك هذا الطريق من طرق الطعن.

 ولا يكتسي مصدر التدليس أية أهمية، فسواء كان هذا الأخير يعزي للأطراف أو للمحكمة التي كانت تنظر في النزاع فإن ذلك يفتح باب الطعن بإعادة النظر 29، والشرط الوحيد الذي يتعين تحققه هو أن يتم إكتشافه من قبل الطرف الذي يمارس الطعن بعد صدور المقرر القضائي المطعون فيه، أما التدليس الذي تم إكتشافه أثناء سريان الدعوى وقبل فصل محكمة الموضوع فيه فيتعين على مكتشفه أن يثيره على الفور کدفع، ولا يشكل هذا التدليس سببا من أسباب الطعن بإعادة النظر.

III– المقرر الذي يستند على وثائق مزورة:

 يجد هذا السبب من أسباب الطعن بإعادة النظر أساسه في إكتشاف زورية الوثائق التي استند عليها المقرر القضائي المطعون فيه، ولا يمكن ممارسة الطعن بإعادة النظر الذي يستند عليه إلا بعد أن يحوز المقرر الصادر عن المحكمة الزجرية بالإدانة من أجل جنحة التزوير لقوة الشيء المقضي به، ولا يتعين أن يكون الشخص الذي تمت إدانته من أجل الجنحة السابقة بالضرورة أحد أطراف الدعوى، إذ يكفي لقبول الطعن بإعادة النظر أن تثبت إستفادة الطرف الآخر من الوثائق المزورة حتى ولو لم يكن له علم بطابعها.

VI– اكتشاف وثائق حاسمة:

يرتبط هذا السبب الرابع من أسباب الطعن بإعادة النظر بالحالة التي يكون فيها أحد أطراف الدعوى عاجزا عن الإدلاء بوثيقة حاسمة تهم النزاع خلال سريان الدعوى، فإذا ثبت بأن ذلك العجز راجع إلى كون أن تلك الوثائق كانت ممسوكة من قبل الطرف الآخر فإن باب الطعن بإعادة النظر يفتح في وجه المتضرر، غير أنه يشترط لقبول هذا الطعن أن لا تتم حيازة تلك الوثائق من طرف طالب إعادة النظر إلا بعد صدور المقرر المطعون فيه.

V– تناقض فقرات الحكم أو تناقض حكمين :

من الممكن أن يشوب فقرات مقرر قضائي معين على الرغم من كونه معللا، تناقض واضح، ويمكن للطرف الذي له مصلحة في ذلك أن يثير هذا التناقض کسبب من أسباب الطعن بإعادة النظر، إذا هم كذلك منطوق المقرر المطعون فيه، وبالمقابل فإن التناقض الذي لا يهم سوى التعليل لا يشكل سببا من أسباب الطعن بإعادة النظر وأن كان يدخل ضمن أسباب الطعن بالنقض.

ويهدف الطعن الذي يتم التقدم به في هذه الحالة إلى وضع حد للتناقض المذكور وتحقيق الإنسجام بين مختلف فقرات المنطوق، وتتمثل أهمية التصحيح الذي يطال المقرر المطعون فيه في كونه يعد ضروريا لمباشرة التنفيذ دون صعوبة.

من جهة أخرى يهدف المشرع من خلال التنصيص على مبدأ حجية الأمر المقضي به إلى تجنب صدور أكثر من مقرر قضائي إنتهائي في نفس النزاع، وتتمثل أهمية ذلك في تجنب مباشرة التنفيذ أكثر من مرة في مواجهة المحكوم عليه أو في تجنب تناقض

المقررات القضائية الجائزة لقوة الشيء المقضي به، مما سيطرح لا محالة مجموعة من الإشكالات في مرحلة التنفيذ، لكن وبالنظر لكون الدفع بحجية الأمر المقضي به لیست من النظام العام وهو ما يترتب عنه ضرورة إثارته من طرف أطراف الدعوى فإن محاكم الموضوع يمكن أن تبت في النزاع على الرغم من علمها بسبقية البت فيه من طرفه

VII– المس بحقوق الإدارة وعديمي الأهلية:

بهدف آخر سبب من أسباب الطعن بإعادة النظر إلى ضمان حماية حقوق الدفاع المخولة للإدارات العمومية والمتقاضين الناقصي الأهلية، ويمكن هذا السبب الأشخاص الذين يحق لهم تمثيلهم أمام القضاء التقدم بطلب رام إلى تصحيح المقررات القضائية الصادرة دون تمتيع الفئة السابقة الذكر من المتقاضين بالحماية التي يخولها لها القانون. .

وقد لخص الفقه الحالات التي يتم فيها المساس بحقوق الدفاع المخولة للجهات والأشخاص السابقي الذكر في إثنتين، الحالة الأولى هي التي تتعلق بتمثيلهم أمام القضاء والتي يتبين فيها أنهم لم يكونوا ممثلين من طرف الشخص المخول له ذلك قانونا، والحالة الثانية والتي يلفها الكثير من اللبس هي التي يثبت فيها بأن الممثل القانوني للجهات والأشخاص السابقين أخل بالإلتزامات المنوطة به.

المطلب الثالث: القواعد المسطرية:

يجب ممارسة الطعن بإعادة النظر داخل أجل ثلاثين يوما، ويبدأ إحتساب هذا الأجل من تاريخ تبليغ المقرر القضائي المراد الطعن فيه، ويضاعف هذا الأجل ثلاث مرات بالنسبة للأطراف الذين لا يتوفرون على محل إقامة بالمغرب، غير أن الطعن بإعادة النظر الذي يستند على التدليس أو التزوير لا يبدأ أجله في السريان إلا من التاريخ الذي يتم فيه إكتشاف الواقعتين السابقتي الذكر.

 ويتم الطعن بإعادة النظر عن طريق مقال مكتوب، ويتعين إيداع ذلك المقال لدى كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت المقرر المطعون فيه، ومن حيث الشكل يبقى قبول الطعن بإعادة النظر رهينا بإثبات إيداع طالبه لمبلغ يساوي قيمة الغرامة التي يمكن أن يحكم عليه بأدائها إذا ما ثبت أن ممارسة هذا الطعن تكتسي طابعا تعسفيا

في حالة قبول الطعن بإعادة النظر فإنه تتم إعادة الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور المقرر المطعون فيه، ويترتب عن قبول الطعن بإعادة النظر نشر الدعوى من جديد أمام المحكمة التي تنظر فيه، ويمكنها هذا الأثر من البت في موضوع النزاع، وإذا كان السبب الذي تم الإستناد عليه في الطعن بإعادة النظر هو تناقض مقربين قضائيين إنتهائيين فإن النتيجة التي تترتب عن قبول هذا الطعن هي إلغاء آخر مقرر تم إصداره بالنظر لخرقه لمبدأ سبقية البت.

 ولا ينتج الطعن بإعادة النظر أي أثر واقف، وهو ما يترتب عنه إمكانية تنفيذ المقررات المعنية به، ما لم تحل دون ذلك إثارة صعوبة في التنفيذ من طرف من له مصلحة في تعطيله.

 المبحث الثالث: الطعن بالنقض:

 النقض طريق من طرق الطعن غير العادية التي تمكن أطراف النزاع من عرض الحكم الإنتهائي الصادر فيه والذي يدعون أنه أضر بمصالحهم على محكمة النقض، والتي هي أعلى جهة قضائية بهدف التصريح بإلغائه، ويمكن ممارسة هذا الطعن سواء من طرف المدعي الذي رفض طلبه أو المدعى عليه الذي صدر الحكم في مواجهته.

 وباعتباره طريق من طرق الطعن غير العادية فإن الطعن بالنقض لا يمكن ممارسته إلا في الحالات التي حددها القانون على سبيل الحصر، کا يشترط لقبول هذا الطعن عدم توفر الطرف الذي مارسه على إمكانية ممارسة طريق من طرق الطعن العادية.

ويتمثل الدور الأساسي الذي تضطلع به محكمة النقض في توحيد الإجتهاد القضائي الصادر عن مختلف محاكم الموضوع ومراقبة مدى إحترام تلك المحاكم للقانون، وعلى هذا الأساس فإن محكمة النقض تتعث بأنها محكمة قانون لا محكمة واقع، ويعني ذلك بأن الرقابة التي تمارسها في إطار الطعون التي تنظر فيها تمتد فقط للمسائل القانونية المحضة، أما المسائل المرتبطة بالواقع فإنها تخرج من مجال الرقابة التي تمارسها محكمة النقض وتخضع بالتالي للسلطة التقديرية المطلقة المحاكم الموضوع.

 المطلب الأول: المقررات القابلة للطعن بالنقض:

يمكن ممارسة الطعن بالنقض طبقا لمقتضيات الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية في مواجهة كافة المقررات القضائية الإنتهائية الصادرة عن محاكم الموضوع ، إلا أن المشرع المغربي استثنی من مجال الطعن بالنقض المقررات الانتهائية التي تهم نزاعات تقل قيمتها عن عشرون ألف درهم وتلك التي تهم مراجعة الوجيبة الكرائية أو أدائها أو أداء كافة المصاريف المتعلقة بها.

وتبعا لذلك فإن مجال الطعن بالنقض هم كافة القرارات الصادرة عن مختلف محاكم الدرجة الثانية، أما الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى فهي لم تعد قابلة للطعن بالنقض بعد التعديل الذي تم إدخاله مؤخرا على قانون المسطرة المدنية، وذلك بالنظر لكون أن هذه الأحكام أصبحت قابلة للإستئناف بغض النظر عن قيمة النزاع، وهو ما يعني أن الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم لا يمكن أن توصف في أي حال من الأحوال بأنها انتهائية،

ويشترط كذلك في القرارات الصادرة عن محاكم الإستئناف لتكون قابلة للطعن بالنقض أن تكون حضورية، أما القرارات الصادرة غيابيا فإنها لا تقبل الطعن بالنقض مادامت تقبل التعرض، غير أنها تصبح قابلة للطعن بالنقض بعد إنصرام أجل التعرض

وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للقرارات القابلة للتعرض فإن الأمر يختلف بالنسبة للأحكام القابلة للإستئناف، إذ أن هذه الأخيرة لا تصبح قابلة للنقض بعد إنصرام أجل الاستئناف، وهو ما يعني أنها تتحصن بصفة نهائية.

 وتقبل الأحكام التمهيدية بدورها الطعن بالنقض، إلا أن هذا الطعن لا يمكن ممارسته إلا في نفس الوقت الذي يتم فيه الطعن في الأحكام الباتة في الموضوع، ويتعين في هذه الحالة على طالب النقض الذي يرغب في تحديد مجال الطعن بالنقض حكم تمهيدي أن يشير إلى ذلك صراحة في مقال النقض، أما إذا لم يفعل ذلك فإن مجال الطعن لا يمتد إلا للحكم البات في الجوهر.

المطلب الثاني: أسباب النقض:

  کسائر طرق الطعن غير العادية فإن الطعن بالنقض لا يمكن ممارسته إلا في الحالات التي حددها القانون على سبيل الحصر، ويتعين على طالب النقض أن يقوم في مقاله بتحديد الأسباب التي يستند عليها في طعنه بشكل واضح، ويترتب على عدم تحديد تلك الأسباب عدم قبول الطعن بالنقض.

وقد حدد الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية خمسة أسباب يمكن الإستناد عليها في الطعن بالنقض، وتتمثل هذه الأسباب في خرق القانون الداخلي، خرق القانون المسطري، عدم الإختصاص، الشطط في إستعمال السلطة ونقص التعليل أو انعدام الأساس القانوني

وعلى الرغم من أن هذه الأسباب تبدو مختلفة من حيث ظاهرها إلا أن هناك قاسم مشترك يجمع بينها وهو خرق القانون، وبالنظر لطبيعة محكمة النقض كمحكمة قانون فإن الأسباب المرتبطة بالواقع لا يمكن إثارتها أمامها.

I– خرق القانوني الداخلي:

 بهم هذا السبب من أسباب النقض على الرغم من تسميته التي من الممكن أن تثير بعض التساؤلات، كل خرق يهم القواعد القانونية الموضوعية، وتتمتع هذه الفئة من القواعد بحماية خاصة، إذ يتم نقض كل المقررات التي يشوبها هذا العيب دون  أي تمييز مبني على أساس أهمية القاعدة القانونية الموضوعية التي تم خرقها، على عكس القواعد الشكلية التي خصها المشرع المغربي بحماية أضعف.

ويمكن تعريف القواعد القانونية الموضوعية بأنها تلك القواعد التي تحكم العلاقات بين الأطراف، وتقوم هذه القواعد بتحديد الحقوق والإلتزامات التي تقع على عاتقهم، ومن الخطأ الاستناد على التدوين الذي اتبعه المشرع للتمييز بين القواعد القانونية الموضوعية والقواعد القانونية الشكلية، لأن هناك الكثير من القواعد القانونية الشكلية التي تم إدماجها ضمن المدونات القانونية التي تهم الموضوع، فقانون الإلتزامات والعقود مثلا يحتوي العديد من القواعد الشكلية التي تهم ممارسة بعض الدعاوى بل وحتى شروطها والدفوع التي يمكن إثارتها

ويمكن أن يأخذ خرق القانون الموضوعي أشكال عدة. الشكل الأول هو الذي يتمثل في رفض تطبيق قاعدة قانونية على واقعة معينة، الشكل الثاني هو الذي يتم فيه تطبيق قاعدة قانونية على واقعة لا تدخل ضمن مجال تطبيقها، والشكل الثالث هو الذي يتم فيه تأويل قاعدة قانونية تأويلا خاطئا، وأيا كان الشكل الذي اتخذه فإن خرق القانون الموضوعي لا يمكن إثارته إلا من قبل الطرف الذي تضررت مصالحه من جراء ذلك

ويشبه التطبيق الخاطئ للقانون الخطأ في التكييف، إذ يتمثل هذا الخرق في قیام محكمة الموضوع بتطبيق قاعدة قانونية على وقائع لا تدخل في مجال تطبيقها بسبب التكييف الخاطئ الذي أعطته لها.  أما التأويل الخاطئ للقانون فإنه يتمثل في إعطاء نص قانوني معين معنی مختلف عن ذلك الذي أراده المشرع له، فالفرق بين هذه الحالة وسابقتها هو أن محكمة الموضوع تستند في الحالة الثانية على النص القانوني السليم الذي يهم النازلة، إلا أنها تخطى بخصوص مفهوم النص المذكور وتعتمد في المقرر الذي تصدره تأویلا خاطئا.

II– خرق قاعدة مسطرية:

على العكس من القواعد القانونية الموضوعية، فإن خرق القواعد القانونية الشكلية لا يكون دائما سببا من أسباب النقض، ويكمن أساس هذا الإختلاف في كون أن المشرع المغربي إشترط من أجل نقض المقرر المطعون فيه أن يترتب عن الخرق الذي تمت إثارته من طرف طالب النقض إضرار بمصالحه،

ويتحمل طالب النقض عبء تحقق هذا الشرط المتمثل في تحقيق الضرر إلا أن المبادئ التي كرستها محكمة النقض من خلال الإجتهادات القضائية الصادرة عنها تصب في إتجاه ربط شرط الضرر بمعيار أكثر وضوحا وهو المساس بحقوق الدفاع، وبالإعتماد على هذا المعيار الشبيه بذلك الذي تم إعتماده في المسطرة الجنائية، فإن الضرر يعتبر متحققا كليا أدي خرق قاعدة مسطرية إلى حرمان طالب النقض من حق من حقوق الدفاع.

كما أن شرط الضرر يتحقق بالرجوع دائما إلى الإجتهاد القضائي كلما ترتب عن خرق القاعدة المسطرية التي أسس طلب النقض عليها بطلان المقرر الصادر، ويفترض الضرر كلما كانت القاعدة الشكلية التي تم خرقها من النظام العام، ويمكن في هذه الحالة الأخيرة أن يثار سبب النقض المبني على خرق قاعدة مسطرية تلقائيا من طرف محكمة النقض

III– عدم الإختصاص:

حدد المشرع المغربي، من خلال نصوص قانونية مختلفة إختصاص كل محكمة من المحاكم، ويتمثل عيب عدم الاختصاص في خرق القواعد المنظمة للإختصاص وبت محكمة من محاكم الموضوع في نزاع لا يدخل ضمن إختصاصاتها وتشكل هذه الحالة سببا من أسباب النقض.

ويجدد إختصاص كل محكمة من محاكم الموضوع على أساس ترابي وآخر نوعي، فالإختصاص النوعي هو الذي يتم اعتماده في الأنظمة القضائية المزدوجة التي تتعايش فيها محاکم تنتمي إلى نظامين مختلفين أو أكثر، ويتحقق عدم الاختصاص في هذه الحالة عندما تقوم محكمة بالبت في نزاع يدخل من حيث نوعه ضمن إختصاصات محكمة أخرى تنتمي إلى نظام آخر، أما عدم الاختصاص الترابي فهو يتحقق عندما تنظر محكمة في نزاع لا يدخل ضمن دائرتها الترابية على الرغم من أحقيتها في البت فيه بالنظر لنوعه، ولا يمكن إثارة عدم الإختصاص ضمن أسباب النقض إلا إذا سبقت إثارته أمام محاكم الموضوع،

إلا أن هذه القاعدة لا تطبق في كل الأحوال على عدم الإختصاص النوعي، ويكمن السبب في ذلك إلى كون أن مقتضيات الفصل 12 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية تعتبر بأن الدفع المذكور من النظام العام، وهو ما يسمح بإثارته ولو لأول مرة أمام محكمة النقض،

وفي غير هذا فإن القواعد التي تحكم إختصاص قاضي المستعجلات تطابق تلك التي تحكم إختصاص قاضي الموضوع، فهي تحدد على أساس المعيارين السابقي الذكر وهما المعيار الترابي والنوعي، كما أن طبيعتها من حيث إعتبارها من النظام العام من عدم تخضع لنفس القواعد السابقة الذكر.

VI– الشطط في استعمال السلطة:

 يتعلق هذا السبب من أسباب النقض بالحالة التي تقوم فيها محكمة من محاكم الموضوع بالإعتداء على الإختصاصات التي يمنحها القانون لسلطة أخرى، غير السلطة القضائية، ونظرا لطبيعته هذه، فإن عيب الشطط في إستعمال السلطة يقترب كثيرا من عيب عدم الاختصاص، فكلا السببين معا يتعلق بعدم أهلية محكمة الموضوع التي أصدرت الحكم المطعون فيه للبت في النزاع .

غير أن ما يفرق بينهما هو طبيعة الجهة التي وقع إعتداء على السلطات الممنوحة لها، إذ أن السبب المرتبط بعدم الاختصاص بهم الحالة التي تبت فيها محكمة موضوع في نزاع يدخل ضمن إختصاصات محكمة أخرى، أما الشطط في إستعمال السلطة فهو يهم الحالة التي تعتدي فيها محكمة موضوع على الإختصاصات الممنوحة لجهة غير قضائية کالسلطة التشريعية أو التنفيذية

V– نقصان التعليل وإنعدام الأساس القانوني:

لا يدخل نقصان التعليل وإنعدام الأساس القانوني في تكوين سبب واحد من أسباب الطعن بالنقض، فكلاهما يشكل سببا مستقلا بذاته من حيث جوهره ومفهومه، ويرجع ربط المشرع المغربي بينها إسوة بالتشريع الفرنسي إلى المعطيات التاريخية التي أدت إلى تبني كلا السببين معا الذين يحيلان على حالتين مختلفتين، على الرغم من إرتباطها الوثيق بالمقرر القضائي التي تم إصداره.

أ- انعدام الأساس القانونية:

 يشكل إنعدام الأساس القانوني عيب من العيوب التي يمكن أن تشوب المقررات القضائية الصادرة عن محاكم الموضوع، ومن الشائع ربط هذا السبب من أسباب النقض عن خطأ بالحالة التي لا يستند فيها المقرر المطعون فيه على أية مقتضيات قانونية بإمكانها أن تبرر التوجه الذي تبنته المحكمة والجواب الذي أعطته للمسألة أو المسائل القانونية التي يطرحها النزاع. وفي الحقيقة، فإن إنعدام الأساس القانوني بعيد كل البعد عن ذلك، فلا علاقة له بالقاعدة أو القواعد القانونية التي يتعين تطبيقها على النزاع، كما أن الحالة التي سبقت الإشارة إليها والمتعلقة بعدم تطبيق القاعدة القانونية الصحيحة تشكل خرقا للقانون الداخلي وتدخل بالتالي ضمن أول أسباب الطعن بالنقض،

وعلى الرغم من تسميته فإن انعدام الأساس القانوني يرتبط بالحالة التي لا تقوم فيها محكمة الموضوع بتبیان وقائع النزاع وعناصره في المقرر الذي أصدرته . ويترتب عن ذلك أنها تعفي نفسها من تعليل إستبعادها لبعض تلك الوقائع وعدم أخذها بعين الإعتبار عند البت في النزاع.

ب- إنعدام التعليل:

يكتسي تعليل المقررات القضائية أهمية كبيرة بالنظر لمساهمته في ترسيخ مصداقية المقررات القضائية التي تصدرها محاكم الموضوع، ناهيك عن أن سرد التعليل يمكن محكمة النقض من ممارسة رقابتها بسهولة على المقررات التي يطعن فيها أمامها

 ويعتبر عيب عدم التعليل من العيوب التي يمكن أن تشوب المقررات القضائية، وهم هذا العيب غياب التطابق ما بين النتيجة التي تم استخلاصها والمعطيات الأولية التي تهم النزاع، ويتخذ هذا العيب صورتين، الصورة الأولى هي التي ينعدم فيها التعليل بشكل مطلق ، إذ لا تكلف محكمة الموضوع نفسها في هذه الحالة تفسير المنطق الذي اعتمدته قصد الوصول إلى الإستنتاجات التي خلصت إليها، وهي حالة نادرة في الواقع، والحالة الثانية هي التي يكون فيها التعليل ناقصا، وهو ما يعني أن إستقراء ما أوردته المحكمة بصدده لا يمكن من الوصول إلى النتيجة ذاتها، وهذه هي الحالة الأكثر شيوعا.

المطلب الثالث: الطعن بالنقض من طرف الوكيل العام:

 إلى جانب الطعن بالنقض الذي يمكن أن يتقدم به الأطراف، فإن قانون المسطرة المدنية يسمح كذلك للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بالطعن بالنقض في المقررات الإنتهائية الصادرة عن محاكم الموضوع، ويخضع هذا الطعن الخاص للمقتضيات والقواعد المنصوص عليها في الفصلين 381 و382 من قانون المسطرة المدنية، ويمكن ممارسته إما لمصلحة القانون أو بسبب الشطط في إستعمال السلطة .

I – الطعن بالنقض لمصلحة القانون:

يتم التقدم بهذا الطعن تلقائيا من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ولم يربط المشرع المغربي ممارسته بضرورة إحترام أي أجل قانوني، غير أن قبوله يبقى رهينا بإنصرام الأجل الذي يحق فيه للأطراف الطعن بالنقض

II– الطعن من أجل الشطط في استعمال السلطة:

 تتم ممارسة هذا الطعن بالنقض من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأمر من وزير العدل، وهم هذا الطعن الحالة التي يتبين فيها بأن محكمة من المحاكم الموضوع قد ارتكبت شططا في إستعمال السلطة، وعلى غرار سابقه فإن الطعن بالنقض بسبب الشطط في إستعمال السلطة غير مقيد بأي أجل قانوني.

المطلب الرابع: مسطرة الطعن بالنقض:

تتم ممارسة الطعن بالنقض عن طريق إيداع مقال مكتوب لدى كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت القرار المطعون فيها، ويتعين على طالب النقض أن يشير في مقاله الأسماء الأطراف وعناوينهم، كما يتعين عليه أن يقوم بسرد موجز للوقائع وتحديد الأسباب الذي يستند عليها في طعنه والتي تمثل ما يعيبه على القرار المطعون فيه.

ويمكن لطالب النقض أن يتقدم عند الإقتضاء بمذكرة تفصيلية من أجل تكملة النواقص التي اعترت المقال الذي تقدم به، غير أن ما جاء في تلك المذكرة لا أخذ بعين الإعتبار إذا تم تقديمها بعد إنصرام أجل الطعن بالنقض المحدد قانونا.

 ويتعين ممارسة الطعن بالنقض داخل أجل ثلاثين يوما، ويحتسب هذا الأجل من التاريخ الذي تم فيه تبليغ القرار المطعون فيها، ويتوفر المطلوب في النقض على أجل مماثل قصد الجواب، يحتسب من تاريخ تبليغه بمقال الطعن بالنقض، ولا يمكن أن يمثل الأطراف داخل هذه المسطرة الكتابية إلا المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض

 وتتشابه المسطرة المتبعة أمام محكمة النقض مع تلك التي يتم إعمالها أمام محاكم الموضوع، إذ يقوم الرئيس الأول بتعيين مستشار مقرر، ويضطلع هذا الأخير بدور شبيه بذلك الذي يلعبه القاضي المقرر والمتمثل في توضيح النقط الجوهرية للنزاع التي يتعين على هيئة الحكم الفصل فيها، كما يقوم بعد أن تصبح القضية جاهزة بتحرير تقرير وإصدار الأمر بالتخلي.

وتتم إحالة التقرير الذي يعده المستشار المقرر على النيابة العامة من خلال إصدار أمر بخصوص ذلك، ويتعين على ممثل الحق العام الإدلاء بمستنتجاته داخل أجل ثلاثين يوما يبدأ إحتسابه من تاريخ التبليغ، ويقوم بعد إنصرام هذا الأجل رئيس الهيئة بتعيين القضية في جلسة سواء أدلت النيابة العامة بمستنتجاتها أو تقاعست عن ذلك، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المسطرة التي تهم تحقيق الدعوى ليست إجبارية، إذ يمكن تجاوزها إذا ما رأى رئيس الغرفة التي تمت إحالة القضية عليها أنه لا حاجة لذلك

 ويمكن لمحكمة النقض في حالة الإستعجال القصوى أن تطبق المسطرة السريعة بالإستناد على مقتضيات الفصل 367 من قانون المسطرة المدنية، ويمكن أعمال هذه المسطرة من تقليص الآجال المنصوص عليها إلى النصف.

 المطلب الخامس: آثار الطعن بالنقض:

بخلاف طرق الطعن العادية فإن الطعن بالنقض لا ينتج عنه أي أثر واقف أو ناشر للدعوى، كما أن محكمة النقض لا تتوفر على الحق في التصدي إلا استثناءا في الحالات التي حددها القانون على سبيل الحصر، إلا أنها تتوفر على إمكانية نقض القرار المطعون فيه دون إحالته إذا رأت أنه لم يعد هناك ما يمكن البت فيه.

وعلى شاكلة جميع المساطر القضائية، يتعين ممارسة الطعن النقض بحسن نية ويترتب عن هذه القاعدة إمكانية الحكم على المتقاضي الذي تبين أنه مارس الطعن بالنقض بشكل تعسفي بالعقوبات المقررة قانونا، إذ يحق للمطلوب في النقض في هذه الحالة أن يتقدم بطلب رام إلى التعويض في مواجهته، ويتعين على محكمة النقض أن تبت في هذا الطلب في نفس القرار الذي تصدره في الدعوى.

I– غياب الأثر الواقف:

  بخلاف طرق الطعن العادية لا ينتج عن الطعن بالنقض أي أثر واقف، وتبعا لذلك فإن القرار المطعون فيه بالنقض يمكن مباشرة تنفيذه خلال سريان أجل الطعن بالنقض أو حتى بعد ممارسته، وقد كانت مقتضيات المسطرة المدنية تسمح المحكمة النقض بإمكانية وقف تنفيذ المقررات المطعون فيها أمامها، إلا أن هذا الأمر تغير بعد التعديلات التي أدخلها المشرع المغربي سنة 1993، وذلك من خلال إلغاء الفقرة الثانية من الفصل 361.

 ولا تستثنى من هذه القاعدة إلا المواد التي قام المشرع بتحديدها على سبيل الحصر، وتتمثل هذه المواد في القضايا المتعلقة بالحالة المدنية والتحفيظ العقاري وكذا الحالات التي تتم فيها إثارة الزور الفرعي، ولا تتوفر محكمة النقض على أية سلطة تقديرية في هذا الصدد، إذ يتعين الأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه تلقائيا إذا كان النزاع المعروض يدخل ضمن تلك التي يحددها القانون.

II– غياب الأثر الناشر للدعوى:

تعتبر محكمة النقض بمثابة محكمة قانون لا محكمة واقع، وتكمن المهمة المسندة إليها في مراقبة مدى تطبيق محاكم الموضوع للقانون، فمحكمة النقض ليست محكمة درجة ثالثة، وكنتيجة طبيعة لذلك فإن الطعن بالنقض لا يترتب عنه إعادة نشر النزاع من جديد.

فالغرض من إعادة النشر هذه كما سبق أن وضحنا ذلك بخصوص الإستئناف يتمثل في تمكين المحكمة التي تنظر في الطعن من إعادة النظر في كل المسائل المرتبطة بالنزاع، بما فيها تلك التي لا ترتبط إلا بالواقع، ومحكمة النقض بإعتبارها محكمة قانون فقط لا تبسط رقابتها على وقائع النزاع، وبالتالي فلا حاجة لإعادة نشر هذا الأخير أمامها وإلا تحولت لمحكمة درجة ثالثة وهو ما يخالف جوهر هذا الطعن.

III– الحق في التصدي:

 منذ أن تم إلغاء مقتضيات الفصل 368 من قانون المسطرة المدنية لم يعد بإمكان محكمة النقض أن تتصدى للنزاع، وتبعا لذلك فإن هذه المحكمة يتعين عليها في حالة نقض القرار المطعون فيه وإلغاؤه إحالته على نفس المحكمة التي سبق لها البت أو محكمة أخرى من نفس الدرجة لتقوم بالبت فيه من جديد، وإذا لم تمتثل محكمة الإحالة للمبدأ الذي تم التنصيص عليه في قرار النقض، وفي حالة الطعن من جديد بالنقض في القرار الصادر عن محكمة الإحالة فإن محكمة النقض يمكنها أن تبت بغرفتين أو بكل الغرف مجتمعة، ويهدف هذا الإجراء إلى منح القرار الثاني الصادر عن محكمة النقض سلطة معنوية تفوق القرار الأول.

ويسمح الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية لمحكمة النقض بإمكانية نقض القرار المطعون فيه دون إحالة، ولا يمكن اللجوء لذلك إلا في الحالة التي لا يبقى فيها بعد التصريح بالنقض ما يتعين الفصل فيه من جديد، وكمثال على ذلك القرار الذي تصرح فيه محكمة النقض بعدم إختصاص المحكمة التي سبق لها البت في النزاع.

 VI– جزاء الطعون التعسفية:

يتم الحكم على طالب النقض الذي تم رفض طعنه أو التصريح بعدم قبوله بأداء المصاريف، كما يمكن لمحكمة النقض عند الإقتضاء الحكم عليه في الحالة ذاتها بأداء غرامة لصالح الخزينة، ولا يمكن أن تتعدى الغرامة المحكوم بها في هذه الحالية مبلغ ثلاث آلاف درهم، ويمكن للمطلوب في النقض أن يرفع دعوى مدنية في مواجهة طالب النقض للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تكبده.

V – الطعن في قرارات محكمة النقض:

 لا تقبل القرارات الصادرة عن محكمة النقض الطعن بالتعرض، ولا يمكن أن يطعن فيها إلا من خلال طرق الطعن المحددة في الفصلين 378 و379 من قانون المسطرة المدنية، وتتمثل هذه الطرق في إعادة النظر، تصحيح الأخطاء المادية وتعرض الغير الخارج عن الخصومة.

 ويمكن ممارسة إعادة النظر في الحالات التي يحددها القانون، ولا يمكن ممارسة هذا الطعن إلا مرة واحدة، ولا ينتج عنه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه

ويتوقف قبول هذا الطعن من حيث الشكل على إيداع المتقاضي الذي يمارسه لمبلغ يساوي قيمة الغرامة التي من الممكن أن يتم الحكم عليه بأدائها.

ويجب أن تتم ممارسة الطعن بإعادة النظر في مواجهة القرارات الصادرة عن محكمة النقض داخل أجل ثلاثين يوما يبدأ إحتسابها من تاريخ التبليغ، إلا أن هذا الأجل لا يتم تطبيقه في الحالات التي تتم ممارسة الطعن بإعادة النظر فيها بالاستناد على السبب الأول الذي تم تحديده في الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية

 أما طلب التصحيح فيهم الحالة التي يكون فيها القرار الصادرة عن محكمة النقض مشوبا بخطأ ماديا، ولا يتم قبوله إلا إذا كان من شأن الخطأ المذكور التأثير على القرار الصادر في موضوع النزاع

وتخضع القرارات الصادرة عن محكمة النقض أيضا لتعرض الغير الخارج عن الخصومة، ولا يهم هذا الطعن إلا القرارات الصادرة بناء على الطعون بالإلغاء التي تم التقدم بها في مواجهة القرارات الإدارية

المراجع

– أحمد مليجي، أوجه الطعن بواقع الدعوى ( أورده محمد الحضري في كتابه ” المختصر المفيد في المسطرة المدنية ص 98 )
– لمعكشاوي محمد، “الوجيز في الأحكام القضائية وطرق الطعن فيها في ضوء قانون المسطرة المدنية” مطبعة النجاح الجديدة، 2011

 

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك







 



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!