محتويات المقال
صور الخطأ الجسيم في القانون المغربي
إذا كان المشرع المغربي لم يعرف الخطأ الجسيم، اهتداء منه بما سارت عليه تشريعات الشغل المقارنة، فإن ذلك لم يمنعه من سرد مجموعة من صور الخطأ الجسيم
وهكذا تنص المادة 39 م.ش على ما يلي :
” تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل، الأخطاء التالية المرتكبة من طرف الأجير :
– ارتکاب جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة صدر بشأنها حكم نهائي وسالب للحرية
– إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة،
– ارتكاب الأفعال التالية داخل المؤسسة أو أثناء الشغل :
– السرقة
– خيانة الأمانة
– السكر العلنی،
– تعاطي مادة مخدرة
– الاعتداء بالضرب،
– السب الفادح،
– رفض إنجاز شغل من اختصاصه عملنا وبدون مبرر
– التغيب بدون مبرر لأكتر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال الإثني عشر شهرا
– إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو الألات أو المواد الأولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح،
– ارتكاب خطا نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل،
– عدم مراعاة التعليمات التزم اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة ترتبت عنها خسارة جسيمة
– التحريض على الفساد،
– استعمال أي نوع من أنواع العنف و الاعتداء البدني الموجه ضد أجير أو المشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة
يقوم مفتش الشغل في هذه الحالة الأخيرة بمعاينة عرقلة سير المؤسسة وتحرير محضر بشأنها
من خلال المادة أعدد، يلاحظ أن المشرع المغربي قد أصغى نسبيا إلى ذلك الاتجاه الذي يميل إلى حصر صور الخطأ الجسيم في تلك الأفعال التي يقترفها الأجير في نطاق شغله، إلا أن ذلك لم يمنعه من اعتبار الخطأ جسيما في حالات استثنائية حتى ولو ارتكب بمعزل عن زمان و مكان الشغل
وحتى لا أستعجل بالبيان، أقسم هذا المبحت إلي مطلبين على الشكل الأتي:
المطلب الأول : الخط الجسم المرتبط بزمان و مکان الشغل
المطلب الثاني : الخطأ الجسم المرتكب داخل المؤسسة أو أثناء الشغل
المطلب الأول : صور الخطأ الجسيم الغير المرتبط بالزمان والمكان
أوردت المادة 39 م.ش حالتين للخطأ الجسيم غير المرتبط بزمان ومكان الشغل، يتعلق الأمر بما يلي :
أولا : صدور حكم نهائي وسالب للحرية عن جرائم معينة في حق الأجير
و جاء في الفصل السادس من النظام النمودجي الصادر بقرار 23 أكتوبر 1948، المتعلق بالمجال الصناعي والتجاري والحر الملغی، ما يلي: ” يمكن طرد الأجير فورا وبدون سابق إنذار في حالة ما إذا ارتكب خطأ شنيع، وتعد على الأخص المخالفات الآتية : الحكم الصادر من المحاكم العادية ………”
كما نصت مقتضيات الفصل الثاني من مرسوم 6 فبراير 1975 المحدد للكيفيات التي يبلغ بها إلى المأجور الفلاحي عزله من العمل بسبب خطأ فادح، الملغى، على ما يلي: ” تعتبر بمثابة أخطاء فادحة على الخصوص : الإدانة من أجل المخالفة الحق العام …”
فمن خلال النصين أعلاه، يتضح أن المشرع المغربي قد أعتبر صدور حكم قضائي بالإدانة في حق الأجير خطأ جسيما يخول للمشغل استعمال حقه في فصل هذا الأخير، إلا أن الصياغة التي وردت بها المقتضيات التشريعية أعلاه، جاءت في عبارات مطلقة وعامة، مما فتح الباب على مصراعيه أمام الفقه المهتم بالموضوع الذي عاب هذا الموقف التشريعي بالشكل الآتي بيانه :
– إذا كان صدور حكم بالإدانة في حق الأجير يقتضي ارتكاب هذا الأخير جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، فإن المشرع المغربي لم يبين ما إذا كانت هذه الجريمة يجب أن تكون ذات صلة بالشغل المنوط بلأجير داخل المقاولة، أم أن الأمر يمتد إلى كل فعل إجرامي يقترفه الأجير ولو كان عديم الصلة بعمله
– إن الأحذ بعمومية الصياغة التشريعية اعلاه، من شأنه أن يجعل الأجير عرضة للفصل لمجرد صدور حكم بالإدانة، حتى لو كان هذا الحكم قد صدر ابتدائيا وطعن فيه بالتعرض أو الاستئناف، بل حتی لو قضي هذا الحكم بغرامة أو بحبس موقوف التنفيذ، علما أن هاتين العقوبتين الأخيرين لا يمكن أن تقف حجر عثرة أمام قيام الأجبر بشغله
وبعد سبات عميق فاق خمسة عقود من الزمن، استشعر المشرع المغربي القصور الذي اكتنف تلك المقتضيات التي لم تعد مستساغة، فاستعاض عنها بعبارة بديلة نصت عليها المادة 39 م.م ، حيث أصبح الأمر بتعلق بارتكاب جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة، صدر بشأنها حكم نهائي وسالب للحرية
ويظهر من هذا المقتضى التشريعي الجديد، أن المشرع المغربي قد رضخ في هذا الصدد الإقتراحات الفقه وعاين ما يجري في التشريعات المقارنة كما هو الحال بالنسبة للتشريعين المصري والأردني
ثانيا : إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة
يسيطر على العقود بصفة عامة مبدأ هام، يتمثل في ضرورة تنفيذها بحسن نية، حتى لا تتضر حقوق الأفراد، ويعم الاستقرار وتنتشر الطمأنينة في نفس المتعاملين
و عقد الشغل ليس بمعزل عن هذه العقود، بل إن هذا المبدأ يكتسي أهمية خاصة بالنسبة لهذا العقد، نظرا للعلاقة التي ينشئها بين طرفيه، والتي تقوم في الغالب على ثقة المشغل في أجيره، ولا أدل على لك أن المشرع المغربي بعد أن نص في الفصل 231 ق.ل.ع على أن :”كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية “، عاد ليؤكد ذات المبدا – وإن في صياغة عامة – بالنسبة لعقود الشغل على وجه الخصوص، حيث نص في الفقرة الثانية من الفصل 21 م.ش على ضرورة امتثال الأجير للنصوص المنظمة الأخلاقيات المهنة
ويقتضي حسن النية في تنفيذ عقد الشغل – من ضمن ما يقتضيه – التزام الأجير بالمحافظة على أسرار المهنة التي اطلع عليها بحكم عمله
ورغم أهمية هذه الصورة من صور الخطأ الجسيم ، فقد أحجمت مدونة الشغل عن تعريف السر المهني، وحسنا فعلت، فما يعتبر سرا بالنسبة لبعض المشغلين ، قد لا يعتبر كذلك بالنسبة للبعض الآخر، وما يعتبر سرا في ظروف معينة، قد لا يعتبر كذلك في ظروف أخرى.
عموما، يمكن القول إن الأسرار المهنية هي تلك المعلومات التي تتعلق بالمقاولة، والتي أوجب القانون كتمانها أو جرى العرف بذلك، بحيث يترتب على إذاعتها الإضرار بالمقاولة أو زعزعة التقة فيها كما هو الحال فيما يتعلق بظروف الإنتاج و طريقة العمل و المواد المستخدمة ومقاديرها ومصادر المواد الخام ومعاملات المقاولة و عملائها، و اتصالاتها، سواء كانت سرية بطبيعتها أو وفقا لتعليمات المشغل وحقيقة سعر السلعة وحقيقة أرباح المشغل وغيرها
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن الصياغة التي وردت بها هذه الحالة التشريعية، تفيد بما لا يدع مجالا للشك، أن افشاء السر المهني يعد خطأ جسيما سواء كان هذا الإفشاء بمقابل أو بدونه، سوء نية أو بدونها
هذا وإن الأجبر يظل ملزما بالحفاظ على اسرار المشغل، مادامت لها صفة السرية، ومن ثم إذا زالت هذه الصفة، بأن أذيعت بين الناس، فإن الأجير يتحلل من هذا الالتزام
ويبدو من المادة 39 م.ش أن إنشاء السر المهني لا يعتبر خطأ جسيما، إلا إذا نتج عنه ضرر للمقاولة، أي أنه يجب أن يكون السر مهما، لدرجة أن إفشاءه يلحق الضرر بالمقاولة،
المطلب الثاني : صور الخطأ الجسيم المرتكب داخل المؤسسة أو أثناء الشغل
إضافة إلى تلك الأخطاء التي جاءت بها المادة 39 م.ش، والتي تعتبر جسيمة بصرف النظر عن زمان ومكان الشغل، عرض المشرع المغربي في ذات المادة لزمرة أخرى من الأخطاء، أضفي عليها وصف الجسامة متی ارتكبت داخل المؤسسة أو أثناء الشغل
وأعرض لهذه الأخطاء الجسيمة على التوالي كما جاءت في المادة 39 م.ش
أولا : السرقة
إضافة إلى الجوانب القانونية والاقتصادية لعلاقة الشغل، هناك جانب أخر لا يقل عنها أهمية، وهو الجانب النفسي والأخلاقي الذي يتمثل في تبادل الثقة بين الطرفين، فإذا أفقدت هذه التقة أو صارت محل شك، أصبحت علاقة الشغل مهددة بالزوال، ويقع ذلك في عدة حالات، كما لو أقدم الأجير على سرقة أموال المقاولة
فقد وضع المشرع المغربي نصب عينيه هذه الاعتبارات ،فأدرج في المادة 39 م.ش فعل ” السرقة ” ضمن حالات الخطر الجسيم التي ترتكب داخل المؤسسة أو أثناء الشغل
هذا وإن هذه الصورة من صور الخطأ الجسيم ، قد وردت في صياغة عامة، مما يفيد أن السرقة تعتبر خطأ جسيما، سواء ارتكبت في حق المشغل أو في حق أحد زملاء الأجير السارق، بل وحتى لو كان محل السرقة مالا مملوكا لأحد الزباء.
ثانيا :خيانة الأمانة
خلافا للفصل السادس من النظام النموذجي المتعلق بالمجال الصناعي والتجاري والحر، والفصل الثاني من مرسوم 6 فبراير 1975 المتعلق بالمجال الفلاحي الذين اعتبرا “خيانة الأمانة ” خطأ جسيما دون مراعاة زمان ومكان اقتراقها، فقد نصت المادة 39 م.ش على أن هذا الفعل يعتبر بمثابة خطأ جسيم، يمكن أن يؤدي إلى الفصل، متی ارتكب داخل المؤسسة أو أثناء الشغل
ويكون الأجير خائنا للأمانة عندما يختلس أو يبدد بسوء نية إضرارا بالمشغل، منقولا سلمه له على سبيل الأمانة.
ومن الأمثلة الأكثر شيوعا في الحياة العملية التي يكون فيها الأجير خائنا للأمانة، تلك الحالة التي يكلف فيها بايداع مبلغ مالي في حساب المشغل لدى أحد البنوك فيحتفظ به لنفسه، أو أن تسلم له سيارة أو شاحنة لنقل البضائع فيتملكها لنفسه أو ببندها إضرارا بصاحبها، الذي هو المشغل
وتشترك ” خيانة الأمانة” مع السرقة في أنهما خطان جسيمان وجريمتان من الجرائم التي تقع على الأموال، غير أنها تختلفان في أن الأجير السارق يقوم بالاستيلاء على المال دون موافقة المشغل، أما الأجير خائن الأمانة، فإنه يتسلم المال برضي المشغل، على اعتبار أن يكون أمينا على ما تسلمه، لكنه يحتفظ به او يبدده
ثالثا : السكر العلني
إن طبائع الأمور تقتضي أن يقوم الأجير بأداء الشغل المنوط به و هو مسيطر على وعيه وملكاته العقلية
وليس بخاف أن وجود الأجير في حالة سكر، من شانه أن يؤثر في قدرته على أداء ما التزم من أجل القيام به، ويمس سير العمل في المقاولة، خصوصا إذا كانت هذه الأخيرة تعتمد في نشاطها بشكل أساسي على الدقة و اليقظة والتركيز
لمثل هذه الاعتبارات، لم يتردد المشرع المغربي في إدراج حالة “السكر العلنی” ضمن الأخطاء الجسيمة التي نص عليها في المادة 39 م.ش , متی اقدم الأجر على ارتكاب هذا الفعل داخل المؤسسة أو أثناء الشغل
ويتضح من هذه الحالة، أن المشرع المغربي قد اشترط لاعتبار سكر الأجبر خطأ جسيما، أن يكون “علنيا “، لكنه لم يوضح المقصود بصفة العلنية، فهل يمكن الاستعانة بالمرسوم الملكي المؤرخ في 14 نونبر 1967 المتعلق بالمعاقبة على السكر العلني لتوضيح هذا المفهوم بالرجوع إلى هذا القانون، نجد لم يعرف “السكر العلني” بصفة مباشرة، لكن يستشف من التعداد التي أورده الفصل الأول من هذا القانون بخصوص الأفعال المعاقبة في ظله، أن الشخص يكون في حالة سكر علني، متى وجد في حالة سكر بين في الأزقة أو الطرق أو المقاهي أو الكباريهات، أو في أماكن أخرى عمومية أو يخشاها العموم
رابعا : تعاطي مادة مخدرة
إن الاعتبارات التي جعلت المشرع المغربي يعتبر “السكر العلني بمثابة خطأ جسیم، هی نفسها التي جعلته يضفي هذه الصفة على فعل تعاطي مادة مخدرة في المادة 39 م.ش وتعتبر هذه الحالة توجها جيدا بالنسبة لمدونة الشغل، بعد أن غاب النص عليها في تشريع الشغل الملغی
و عليه، ففي حالة تبوك تعاطي الأجير المادة مخدرة داخل المؤسسة أو أثناء الشغل، يمكن للمشغل فصله من الشغل، ويعتبر الفصل في هذه الحالة مبررا، لا يستحق معه أي تعويض
ومع وضوح هذه الحالة التشريعية، أود التعرض إلى ملاحظتين :
أولاهما : إنه لا يشترط في فعل “تعاطي مادة مخدرة” لإعتباره خطأ جسيما، الدرجة المطلوبة في “السكر العلني”. إذ يكفي أن تظهر على الأجير علامات تدل على أنه في حالة تخدير، ليكون قد ارتكب خطأ جسيما، حتى ولو يهذ في كلامه، بأن ظل متماسكا ، على ما يظهر من الصياغة أعلاه
ثانیهما : إنه وكما هو الحال بالنسبة للسكر العلني، يجب أن يكون الأجير قد تناول المادة المخدرة اختياريا، ليكون مخطئا خطأ جسيما، أما لو تناولها خطأ، أو كانت ظروفه الصحية تستدعي تناول بعض الأدوية التي تعتبر بذاتها مواد مخدرة، قد يكون قد ارتكب خطأ جسيما
خامسا : الاعتداء بالضرب
نص الفصل السادس من النظام النموذجي الصادر بقرار 23 أكتوبر 1948 الملغي على أن “المضاربة داخل المؤسسة وأوراشها” تعتبر خطأ جسيما يبرر للمشغل اتخاذ قرار الفصل في حق الأجير بدون تعويض
وترجع الحكمة من إعطاء المشغل حق الفصل في هذه الحالة إلى كون العلاقة بين الأجير ومشغله او بينه وبين زملائه يجب أن تتسم بروح التعاون والاحترام، ومثل ذلك السلوك يخل بهذه الروح ويعوق إنجاز الشغل على الوجه المطلوب
ورغم أن من إيجابيات هذا المقتضي أنه قد حصر دائرة هذا الخطر في مكان الشغل ، فإن الفقه قد انتقد – عن حق القالب اللغوي الذي صيغت فيه هذه الصورة من صور الخطأ الجسيم ، حيث وردت في صياغة غير واضحة وركيكة تختلط بعبارة ذات مغزى اقتصادي، وهي المضاربة ، كما أن ذات الصياغة لا تسمح بمعرفة ماهية التشاجر الذي قد يحدت بین اجراء داخل المؤسسة المشغلة، ويعد سببا مشروعا للفصل من العمل بدون أي تعويض، هل هو أي تشاجر داخل أماكن العمل، وبصرف النظر عن تحديد المعتدي من المعتدي عليه؟ أم هو الاعتداء بالضرب من أجير علي آخر؟
سادسا : السب الفادح
إن مكارم الأخلاق تقتضي أن يحفظ الشخص لسانه، وألا يستعمله كوسيلة للعدوان على الغير، لما يسببه ذلك من أضرار نفسية ومعنوية بالغة
ومما لا شك فيه أن مثل هذا البعد الأخرقي قد كان حاضرا في ذهن المشرع المغربي عند ما نص في الفصل السادس من النظام النموذجي الملغی علی أن ” السبب الفادح الموجه لموظفي التسيير أو الإدارة” يعتبر بمثابة خطأ جسيم يمكن أن يؤدي إلى الفصل من الشغل بدون تعويض.
ورغم أن حرفية النص أعلاه أن السبب الفادح الموجه لغير مستخدمي الإدارة أو التسيير لا يعتبر جسيما، فإن القضاء المغربي، ومراعاة منه لما يجب أن يسود المقاولة من نظام، وما يجب أن يتحلى به الأجير من سلوك قويم، قد اعتبر السب خطأ جسيما، كيفما كان الشخص المساء إليه
سابعا: رفض الأجير إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر
يعتبر عقد الشعل من العقود الملزمة لجانبين، حيت يرتب في ذمة الأجير التزاما بأداء العمل، مقابل التزام المشعل بناء الأجر
وتبعا لذلك، فإن “رفض الأجير إنجاز شغل من اختصاصه” يعتبر بمثابة خطأ جسيم يخول للمشعل فصله دون أي تعويض، وفقا للفصل السادس من النظام النموذجي و الفصل الثاني من مرسوم 6 فبراير 1975 المتعلق بالقطاع الفلاحي الملغيين.
وعلى الرغم من وضوح هذا المقتضي التشريعي، وعدم تردد القضاء المغربي في تأکيده كلما سنحت له الفرصة، فان هنالك عيبا جليا يعتريه، حيث لم يتصد للحالة التي يجبر فيها الأجير على رفض إنجاز الشغل المطلوب منه، لوجود ما يمنعه من ذلك.
لذلك، وأمام هذا القصور التشريعي، حاول المشرع المغربي تدقيق هذه الحالة، حيث أصبح الأمر يتعلق في المادة 39 م.ش برفض الأجير إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر
ثامنا : من صور الخطأ الجسيم التغيب عن الشغل بدون مبرر
من خصائص عقد الشعل، أنه عقد زمنی، حيث أن الزمن عنصر جوهري في تنفيذه، لذلك وجب على الأجير أن يؤدي عمله بانتظام وفي الفترات التي يحددها عقد الشغل و تفرضها طبيعة العمل بعيدا عن تلك التغيبات التي من شأنها أن تعيد مسيرة الإنتاج، بل وترتب أحيانا مسؤولية المقاولة عن عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه الأغيار
لذلك ووعيا من المشرع المغربي بضرورة معاقبة التغيب عندما يظهر كتعبير عن الامبالاة بالمشغل أو عن عدم الاهتمام بالشغل، فقد أجاز للمشعل في المادة 39 م.ش أن يفصل الأجير، إذا تغيب بدون مبرر اكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يتم خلال الإثني عشر شهرا، علی اعتبار أن ذلك يعتبر بمثابة خطا جسيم
ويستفاد من هذا المقتضي أن غياب الأجير عن الشغل لا يعتبر خطأ جسيما إلا إذا توافر شرطان، أولهما: أن يكون الغياب غير مبرره وثانيهما: أن تتجاوز مدة الغياب فترة معينة, غير أن الاجتهاد القضائي أضاف شرطا ثالثا، يتمثل في ضرورة توجيه إنذار للأجير من طرف المشعل
فالتغيب عن العمل بدون مبررلا يعتبر خطأ جسیما يمكن أن يؤدي إلى الفصل طبقا للمادة 39 م.ش، إلا إذا كان أكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف یوم خلال الإثني عشر شهرا، حيث إن التغيب لمدة تقل عن ذلك وإن كان مخالفة تأديبية، فإنه لا يرقى إلى المخالفة الجسمية، ولا يستحق عنه الأجير الفصل، وإنما عقوبة أخف منه
حساب مدة الغياب يقضي بضرورة الرجوع إلى الوراء إثنا عشر شهرا بالنسبة لمدة خدمة الأجير، فإذا تبين أن أيام غيابه قد زادت علی أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم، انطبقت الحالة, والظاهر أن هذا الرأي هو الذي يعول عليه المشرع المغربي في المادة 39 م.ش على ما يبدو من الصياغة أعلاه
تاسعا : الحاق ضرر جسيد يتجهزات و ادوات الشغل
لا يتطلب من الأجير القيام بالمهمة المنوطة به على أحسن وجه فحسب، ولكن يجب عليه كذالك أن يبذل العناية اللازمة من أجل المحافظة على الأشياء التي تسلم له قصد القيام بعمله، سواء كانت هذه الأشياء أدوات أو آلات أو مواد أولية مصنعة أو غير مصنعة، وقد نص المشرع المغربي على ضرورة التزام الأجير بذلك من خلال الفقرة الأولى من المادة 22 م.ش التي تقضي بما يلي: ” يجب على الأجير المحافظة على الأشياء و الوسائل المسلمة إليه للقيام بالشغل، مع ردها بعد انتهاء الشغل، الذي كلف به”.
عاشرا : ارتكاب خطا نشأت عنه خيارة مادية جسيمة للمشغل
اعتبرت المادة 39 م.ش من قبل الأخطاء الجسيمة ارتكاب الأجير خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل
يتضح من هذا المقتضي أن المشرع المغربي ينظر في هذه الحالة إلى جسامة الخسارة المترتبة عن خطأ الأجير، وليس إلى جسامة الخطأ قد يهم أن يكون هذا الأخير يسيرا أم جسيما ولا يهم أن يكون عمديا أم خطا بإهمال، أو أنه يمثل إخلالا بالتزام جوهري أو تانوية، وعليه فإن الحل السير الذي يسبب ضرر جسيما يصلح مبررا للفصل، ولكن يجب أن يتحقق الضرر فعلا، فلا يكفي مجرد الخوف من وقوعه على ما يستفاد من الصياغة التي وردت بها هذه الحالة
هذا ويلاحظ كذلك أن المشرع المغربي قد وقف عند حدود الخسارة المادية الجسيمة التي تصيب المشغل دون الخسارة المعنوية، أي أن الضرر الأدبي الذي يسببه خطأ الأجير لا يصلح كمبرر للفصل في هذه الحالة
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات