محتويات المقال
رفع دعوى التحفيظ أمام القضاء وكيفية تحضيرها
رفع دعوى التحفيظ له عدة خصوصيات وذلك نظرا للاختلاف بين قواعد التحفيظ العقاري وقواعد قانون المسطرة المدنية من حيث نوعها وطبيعتها و الصيانة التشريعية التي جاءت بها، فإن القضاء كثيرا ما رتب اثرا على ذلك، و استنتج قواعد خاصة على هذا الاختلاف وجب اعمالها وهو ما سوف نتعرض له من خلال تتبع القواعد المنظمة المسألة رفع دعوى التحفيظ أمام القضاء (الفقرة الأولى)، وخصوصیات تحضير القضية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأول: خصوصیات رفع دعوى التحفيظ أمام القضاء
سنحاول من خلال هذه الفقرة الوقوف على كل من:
أولا : تحديد نطاق الخصومة من قبل المحافظ
ثانيا: أداء الرسوم القضائية لدى المحافظة العقارية
ثالثا: مدى إلزامية الاستعانة بمحام
أولا: تحديد نطاق الخصومة من قبل المحافظ
إذا كان الأصل في الدعاوى انها ترفع امام المحكمة الابتدائية بمقال مکتوب و موقع من قبل المدعي او وكيله ، او بتصريح شفوي يدلي به المدعي شخصيا امام احد اعوان کتابة الضبط المحلفين ليعمد هذا الأخير إلى تحرير محضر يوقعه المدعي او بشار فيه على أنه لا يستطيع التوقيع فيكون بذلك الطرف المدعي هو المحدد لنطاق الخصومة ، فإن دعوى التحفيظ تخرج عن هذا الأصل ذلك أن نطاق الخصومة يحدد من قبل المحافظ على الأملاك العقارية.
فالمحافظ كما هو معلوم، وبمجرد توصله بالتعرض يعمد إلى تبليغ طالب التحفيظ بنسخة منه، حتى يتمكن طالب التحفيظ قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض بالإدلاء بما يثبت، رفعها أو يصرح بقبولها.
كما يمكن للمحافظ نظرا لتجربته و إلمامه الكبير بالقوانين العقارية إلى درجة انه احيانا يكون عالما بمآل الدعوى ، أن يقوم بعقد جلسة صلح يقوم من خلالها على المستوى العملي إما بتنبيه احد الأطراف إلى أن لجوؤه إلى القضاء لن يكون سوى من باب عرقلة مسطرة التحفيظ و پنبهه بالتالي إلى الغرامات التي فرضها المشرع في حالة التقدم بتعرضات كيدية, او يقوم بمحاولة إيجاد حل وسط بين طالب التحفيظ و المتعرض .
فإن نجح في ذلك يكون المشكل قد حل إذ يدون ذلك في محضر و تستمر مسطرة التحفيظ دونما إحالة ملف التحفيظ على القضاء
أما آن هو فشل في ذلك أو لم يسلك مسطرة الصلح بالأساس، فلا يكون من حل سوى إحالة ملف التحفيظ برمته إلى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية المختصة للبت في هذه التعرضات وفق الشكل الذي أحيل عليها به من قبل المحافظ.
والقول أن تحديد نطاق الخصومة في دعوى التحفيظ يتم من قبل المحافظ على الأملاك العقارية يجعل المحكمة وهي ثبت في هذه الدعوى محكومة بمجموعة من القيود التي سوف نقاشها عند معرض حديثنا عن قواعد البت في دعوى التحفيظ
ثانيا : أداء الرسوم القضائية لدى الحافظة العقارية
كما هو معلوم فإن الدعاوى المرفوعة للقضاء بوجه عام تستوجب أداء وجيبة فضائية تحت طائلة الحكم بعدم القبول شکلا ما لم يتعلق الأمر بدعاوی مستثناة من الأداء بنص صريح
ولئن كانت دعوى التحفيظ غير مستثناة من أداء الرسوم القضائية فإن ما يميزها هو انما تؤدی أمام المحافظة العقارية و ذلك من التعديل الذي تم بمقتضى ظهير 25 غشت 1954
لكن ومع ذلك فحتى و إن كانت هذه الرسوم تؤدى أمام المحافظة العقارية فإنها تبقى لفائدة كتابة الضبط وهي بذلك تختلف عن الرسوم المستحقة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية كالرسوم التي تنتج عن تقويم البناء و التي يرجع الاختصاص بشأن المنازعات الناشئة بخصوصها إلى المحكمة الادارية
و حسب الفصل 32 من ق ت ع فإنه يتعين أداء الرسوم القضائية قبل انتهاء الشهر الموالي الانصرام اجل التعرض تحت طائلة الغاء هذا الاخير و اعتباره وكأنه لم يكن
هذا و تقدر قيمة الرسوم القضائية بمائة و خمسون درهما في حين يتم استخلاص عشر دراهم عن حقوق المرافعة في الأحوال العادية
و إذا كان التعرض جزئيا يتطلب خروج المهندس المساح الطبوغرافي إلى عين المكان قصد تحديد وعاء التعرض فإنه يتم استخلاص مبلغ ثلات مائة درهم عن ذلك إذا كان العقار في المدار الحضري أما إن كان في المدار القروي فيستخلص مبلغ اربع مائة و خمسون درهما
وحسب الفصل 32 من ق ت ع تؤدي نفس الرسوم القضائية و حقوق المرافعة عن كل تعرض في الحالة التي يقدم فيها عدة تعرضات علی مطلب واحد للتحفيظ
غير أنه لا بد من الإشارة إلى أنه يعفى من أن هذه الرسوم – اقصد كل من الرسوم القضائية وحقوق المرافعة في حالتين :
الحالة الأولى: هي حالة التعرضات المتبادلة بين مطليين للتحفيط الناتجة عن تداخل بينها، وهي مسألة منطقية طالما أن كل من طالبي التحفيط قد سبق له أن ادي الرسوم المتعلقة بطلب التحفيظ
الحالة الثانية : هي حالة الاستفادة من المساعدة القضائية المنظمة بموجب المرسوم الملكي المؤرخ في 17 رجب 1385 الموافق ل 11 نونبر 1966 غير أنه في هذه الحالة لابد من أن يشير الحافظ إلى ذلك عند إحالته لملف التحفيظ على الحكمة الابتدائية و إلا حكم بعدم القبول
و على كل فإن أداء الرسوم القضائية هو تحمل مؤقت و لا يصير نهائيا إلا بعد صدور حکم المحكمة التي تنظر في من يتحمل أداء هذه المصاريف ، حيث قد تبقيها على عاتق المتعرض ، او تلزم طالب التحفيظ بأدائها او تقضي بتوزيعها عليهما معا
ثالثا: مدى إلزامية الاستعانة بمحام
نصت المادة الأولى من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أنه “المحاماة مهنة حرة ، مستقلة ، تساعد القضاء ، وتساهم في تحقيق العدالة والمحامون بهذا الاعتبار جزء من اسرة القضاء”
ونظرا للدور الذي يلعبه المحامي في الدفاع على حقوق الأفراد باعتباره جزء من أسرة القضاء ، فقد وسع المشرع من الحالات التي يلزم فيها أطراف الدعوى بالاستعانة به
وهو ما يؤكده الفصل 32 من قانون 08 . 28 الذي جاء فيه : “المحامون المسجلون بجداول هيئات المحامين بالمملكة هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل الأطراف و مؤازرهم لتقديم المقالات و المستنتجات و المذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية و قضايا النفقة أمام المحكمة الابتدائية و الاستئنافية و القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا و انتهائيا و كذا المؤازرة في قضايا الجنح و المخالفات
و الملاحظ في هذا الفصل أن المشرع لم يقحم دعوى التحفيظ العقاري ضمن الاستثناءات من الزامية تنصيب محام
غير أنه و بالرجوع إلى قانون التحفيظ العقاري ولا سيما الفصل 35 الذي ينص على أنه ” عندما يرى القاضي المقرر أن القضية قد أصبحت جاهزة يخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها وذلك قبل موعدها ثمانية أيام على الأقل بعد التوصل بالاستدعاء. ” و الفصل 37 منه الذي جاء فيه مايلي : ” عند افتتاح المناقشات يعرض القاضي المقرر القضية ويعين المسائل التي تتطلب حلا دون أن يبدي أي رأي ثم يقع الاستماع إلى الأطراف ويقدم ممثل النيابة العامة إن اقتضى الحال مستنتجاته، ثم يفصل في القضية إما في الحين واما بعد المداولة”
تنصيب محام في دعوى التحفيظ يبقي اختياري و هي مسألة طبيعية ما دام أن دوره في هذا النوع من الدعاوی بیقی جد محدود على اعتبار أن المحكمة تبت في الملف وفق الشكل الذي أحيل عليها به من قبل المحافظ على الأملاك العقارية
وهو ما يعني أن الاختيارية في تنصيب محام في دعوى التحفيظ العقاري لا تقف عند حدود المرحلة الابتدائية إنما تتصرف كذلك إلى المرحلة الاستئنافية .
الفقرة الثانية: خصوصیات تحضير القضية
بعد إحالة المحافظ الملف التحفيظ و الوثائق المتعلقة به إلى كتابة صبط المحكمة المختصة ، فإن هذه الأخيرة تحيله مباشرة إلى رئيس المحكمة ليقوم بدوره بتعيين قاضی مقرر يكلف بتحضير الملف و التحقيق في النزاع –
ويبتدئ التحقيق في الدعوى حسب الفصل 34 من قانون التحفيظ العقاري بإجراء القاضي المقرر الدراسة أولية لملف التحفيظ ( اولا ) ، ثم استدعاء أطراف النزاع ( ثانيا ) ليقوم بعد ذلك أن اقتضى الحال بإجراء معاينة مع إمكانية الاستعانة بعد الاشخاص ( ثالثا ) ، ثم يقوم في الأخير بإعداد تقرير يشمل فيه كل ما توصل إليه بمناسبة تحقيقه في الدعوى و يعرضه على المحكمة ( رابعا ) ، ليتم بعد ذلك عقد جلسة علنية يستدعی إليها الاطراف من جديد للإدلاء بمستنتجاتهم ( خامسا ) .
اولا : إجراء دراسة أولية لملف دعوى التحفيظ
يقصد بدراسة ملف التحفيظ فحص مدى استجماعه للوثائق الضرورية للفصل في النزاع سواء تلك المدلى بها من قبل طالب التحفيظ او من لدن المتعرض ، ولا لتحديد طبيعة النزاع اهو منصب على حق الملكية ، أو مدى هذا الحق أو باقي الحقوق العينية الاخرى …
و إذا تبين للقاضي المقرر أن الملف يفتقر لبعض الوثائق فهنا يتعين التمييز بين :
– غياب أحد أو بعض الوثائق التي كان يجب على المحافظ طلبها من الأطراف إذ في هذه الحالة يراجع القاضي المقرر المحافظ بشأنها
– إن لم تكن كذلك لكن طهر للقاضي المقرر انها ضرورية للبت في النزاع ، يمكن في هذه الحالة هذا الأخير أن يقوم بتسجيلها كملاحظة في مذكرته ليعمل في الجلسة الأولى على إنذار الأطراف بالإدلاء بها داخل اجل يحدده، وهو نفس الاجراء المطبق في حالات عدم وضوح بعض النسخ المقدمة
ثانيا : استدعاء الاطراف لعقد جلسة اولى بمكتب القاسي المقرر
بعدما يقوم القاضي المقرر بإجراء الدراسة اولية لملف النزاع و يقف على اطراف النزاع المتعرض بصفته مدعيا من جهة و طالب التحفيظ بصفته مدعى عليه من جهة أخرى, يمكن ان يكون اطراف النزاع هم المودع طبقا للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري و المتعرض عن الايداع طبقا للفصل 24 من نفس القانون، فإنه يعمل على استدعاء الخصوم شخصيا إلى مكتبه لأجل الاستماع إليهم و مطالبتهم بإعطاء توضيحات حول المسائل العامة التي يكون القاضي المقرر قد دونها في مذكرته
و عليه فأهمية عقد جلسة أولى بمكتب القاضي المقرر تكمن في فهم ما قد يكون غامضا في موضوع النزاع ، و ما إذا كان الأطراف متفقون على أن كل الحجج تصب على موضوع النزاع او انهم غير متفقين على ذلك ، و من هو وضع اليد على العقار اي في يد من توجد الحيازة و منذ متى إلى غير ذلك من النقط التي إذا توفرت بمجرد اتفاق الأطراف عليها من شأنها أن تغني عن الوقوف على محل النزاع و توفر بالتالي أعباء و عناء التنقل على القاضي و على الأطراف على حد سواء . هذا إلى جانب أن بعض النزاعات الناتجة عن التعرض لا يتوقف حلها دائما على الوقوف على المدعي فيه ، إذ لا تغدو أن تكون مجرد نزاع في نقطة قانونية كالتعرض المؤسس على المطالبة بالشفعة أو المنازعة في مقدار حظوظ الشركاء أو صحة تفويت
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا
أحدث التعليقات