محتويات المقال
تعريف جريمة السرقة
ينص الفصل 505 من م. ق ج على ما يلي: “من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم”
وإذا كان التعريف والأركان الواردة في هذا الفصل تتعلق بالسرقة البسيطة إلا أنها تهم كافة أنواع السرقات المنصوص عليها في الفصول من 505 إلى 534، والمشرع كيف كل سرقة حسب ظروف ارتكابها، وخصها بالعقوبة التي تلائمها بحسب هذه الظروف. وسندرس هذه الجريمة متطرقين إلى أركانها وظروفها المشددة ثم الأعذار القانونية.
أركان جريمة السرقة
اعتمادا على الفصل 505 السالف الذكر يتضح أن أركان جريمة السرقة هي: ارتكاب فعل الاختلاس ووقوع الاختلاس على مال منقول مملوك للغير, ثم القصد الجنائي.
1- ارتكاب فعل الاختلاس
إن السرقة عند فقهاء القانون الجنائي هي سلب واختلاس مال الغير بدون رضا أما إذا رضي المجني عليه فلا نكون أمام جريمة السرقة. وقد ربط الفقه الجنائي الاختلاس في السرقة بالحيازة المادية، ذلك أن للحيازة عنصرين: عنصر مادي وعنصر معنوي.
فالعنصر المادي يشتمل على كافة الأفعال التي تدل على الحيازة كاستعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه. ويعني العنصر المعنوي أن الحائز يحوز الشيء بصفته مالكا له, وصور الحيازة هي: الحيازة التامة والحيازة المادية والحيازة العارضة.
فالحيازة التامة:هي حيازة يتوفر فيها العنصران المادي والمعنوي.
والحيازة الناقصة:هي التي يتوفر فيها العنصر المادي دون العنصر المعنوي، وتكون هذه الحيازة لغير المالك بمقتضى اتفاق بين المالك والحائز، كحيازة المكتري لشيء بمقتضى عقد كراء، وحيازة الدائن المرتهن للشيء المرهون بمقتضی رهن حيازي.
والحيازة المادية: هي أن يضع الحائز يده على المال بطريقة عارضة دون أن تكون له أية سلطة عليه
– إذا نقل التسليم الحيازة التامة فإن ذلك يمنع من قيام الاختلاس
– إذا نقل التسليم الحيازة الناقصة فإنه كذلك يمنع من قيام الاختلاس
– إذا نقل التسليم الحيازة المادية فإنه لا يمنع من قيام الاختلاس وبالتالي السرقة.
ويجب أن لا يكون التسليم نتيجة إرادة واختيار المجني عليه، ويشترط في الرضا النافي للسرقة أن يكون قبل السرقة أو أثناءها، أما الرضا اللاحق للسرقة فإنه لا يعتبر مانعا من قيامها.
2- وقوع الاختلاس على مال منقول مملوك للغير
أي أن يكون محل الاختلاس منقولا .ولم يشترط الفصل 505 صراحة أن يكون الشيء المختلس منقولا، إلا أن العقار لا يحتاج إلى حماية جنائية كما يحتاجها المنقول ، ذلك أن المنقول المسروق يصعب استرداده ، خلافا للعقار الذي يخول مالکه حق تتعبه وإمكانية استرداده، فالأحكام المدنية كفيلة بحمايته . وقد قضت محكمة النقض الفرنسية – في مسألة تتعلق بخيانة الأمانة – أن الشخص الذي استغل شقة بعد المدة المتفق عليها لم يرتكب خيانة الأمانة.
فإذا تعلق الأمر بالعقار فإن المشرع المغربي وضع نصا خاصا لمعاقبة الاعتداء عليه بانتزاع الحيازة من صاحبه خلسة أو باستعمال التدليس، والذي عاقب عليه الفصل 570 من م.ق. ج بالحبس من شهر إلى 6 أشهر وغرامة من 200 إلى 500، وإذا وقعت الحيازة بالليل أو باستعمال العنف والتهديد أو التسلق أو الكسر أو بواسطة أشخاص متعددين أو كان الجاني أو أحد الجناة يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ فإن العقوبة ه الحبس من 3 أشهر إلى سنتين وغرامة من 200 إلى 750 درهم.
والمنقول هو كل مال يمكن نقله من حيزه دون تلف كالسلع والبضائع، كما يدخل في عداد المنقولات التطبيق هذا النص، الأشياء المنزوعة من عقار كقطع شجرة واختلاسها أو اختلاس أجزاء من بنايات.
ولا يمكن أن يكون شخص الإنسان محل سرقة منذ منع العبودية ، كما أن أجزاء من جسم الإنسان لا تقبل الاختلاس، فالذي يعتدي عليها يتابع بجرائم الإيذاء والعنف إلا أن هذه الأجزاء إن انتقلت إلى الغير برضا صاحبها، وتم اختلاسها فإننا نكون بصدد السرقة، كسرقة الشعر من صانع الباروكات أو الشعر المستعار، أو سرقة أكياس من الدم البشري من مركز لتحاقن الدم ، أو سرقة عضو من مستشفى.
ويشترط أن يكون للمال کیان مادي، فالسرقة لا تقع على الأفكار والابتكارات التي خصها المشرع بنصوص خاصة في الفصول من 575 إلى 579 من م. ق. ج المتعلقة بالاعتداءات على الملكية الأدبية والفنية.
ويجب أن يكون الشيء المختلس في جريمة السرقة غير مملوك للفاعل، فالشخص الذي استولى على مال اتضح أنه مملوك له لا يعتبر سارقا، ولو اعتقد أنه مملوك للغير، فالفصل 505 من م. ق. ج ينص على “من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير”
كما أن المنقولات التي ضاعت من مالكها كحقيبة نقود مثلا ضاعت من صاحبها نتيجة نسيان فإنه عملا بالفصل 456 مکرر من ق.ل.ع. فإنه يمكن لصاحبها الأصلي أن يستردها داخل أجل 3 سنوات من الضياع، والاستيلاء عليها من طرف الغير بقصد إضافتها إلى ملکه يعتبر اختلاسا، إلا أن المشرع المغربي لم يعتبره سرقة معاقبة بالفصل 505 من م.ق.ج. وإنما بنص الفصل 527 من م. ق. ج. الذي يعاقب كل من يعثر على شيء منقول ويمتلکه بدون أن يخطر به مالكه أو الشرطة المحلية بالحبس من شهر إلى سنة.
3- القصد الجنائي
يتضح هذا الشرط من الفصل 505 الذي ينص على: “من اختلس عمدا ..
ومن هنا يتضح أن السرقة جريمة عمدية يتعين توفر القصد فيها ، ويتوفر هذا القصد بتوجيه الجاني إرادته إلى تحقيق وقائع الجريمة مع العلم بحقيقة هذه الوقائع من الناحية الواقعية، فلا يعتبر سارقا من استولى على منقول اعتقد أنه ملکه.
ویری جانب من الفقه أنه لا مجال لاشتراط القصد الخاص وهو نية التملك لأن نية التملك حالة نفسية يصعب على القاضي الاقتناع بوجودها أو انتفانها، و لأن الهدف من تجريم السرقة هو حماية حق الملكية واختلاس الشيء سواء بقصد التملك أو بقصد الانتقام من الضحية يشكل اعتداء على ذلك الحق وتتعذر إقامة مبرر للتمييز بين الحالتين.
واشترط جانب أخر من الفقه ضرورة توفر القصد الخاص إلى جانب القصد العام، والقصد الخاص هو نية تملك المنقول المختلس، وهو أيضا “نية الظهور بمظهر المالك إزاء الشيء المختلس”. واعتمادا على ذلك فإن البعض لا يعتبر سارقا من يستولي على منقول بقصد استعماله مؤقتا ثم إرجاعه إلى صاحبه، ويسمى ذلك سرقة الاستعمال كمن يستولي على كتاب من مكتبة بقصد قراءته وإرجاعه .
والمثال الأكثر شيوعا هو أخذ عربة ذات محرك مملوكة للغير واستعمالها بدون إذنه وردها أو التخلي عنها في مكان ما ، الذي لا يعتبره جانب من القضاء سرقه لغياب نية تملك الشيء. ويميل البعض الآخر إلى اعتبار ذلك سرقة إذا تبث أن الفاعل استعمل الشيء استعمال المالك ولو مؤقتا.
وبالرجوع إلى الفصل 505 فإننا نجده لا يشترط توافر نية التملك، لذا يكفي أن يوجه الفاعل إرادته إلى واقعة الاختلاس بصرف النظر عن الهدف أو الغاية من هذا الاختلاس هل نية التملك أو الإتلاف أو الاستعمال المؤقت مثلا.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات