fbpx

القائمة الرئيسية

ماهية جريمة التجارة بالبشر

تعريف جريمة الإتجار بالبشر

ماهية جريمة الإتجار بالبشر

جريمة الإتجار بالبشر حظيت أكثر من غيرها من الجرائم، باهتمام الباحثين والدارسين في مجال القانون، كما تصدت البروتوكولات والمواثيق الدولية، والقوانين الوطنية لتعريفها، وتحديد ماهيتها، ويعد هذا الموقف طبيعياً  نظرا لخطورة هذه الجريمة، واتساع نطاقها كونها من الجرائم المنظَّمة العابرة للحدود الوطنية.

سيحاول الباحث في هذا المبحث تسليط الضوء على مفهوم جريمة للإتجار بالبشر، من خلال دراسة التعريفات المختلفة لهذه الجريمة، سواء من الناحية الفقهية، أو القانونية على ضوء المواثيق الدولية، والتشريعات الوطنية في عدد من الدول العربية، ولا سيما في دولة الكويت والمملكة الأردنية ، ومن ثم بعد أن يتضح مفهوم هذه الجريمة، سينطلق الباحث إلى دراسة الصفة عبر الوطنية لهذه الجريمة، وذلك من خلال المطلبين التاليين:

المطلب الأول: مفهوم جريمة الإتجار بالبشر.

المطلب الثاني: جريمة الإتجار بالبشر كجريمة منظَّمة عابرة للحدود الوطنية.

المطلب الأول : مفهوم جريمة الإتجار بالبشر

لقد بذل فقهاء القانون جهوداً لوضع تعريف لجريمة الإتجار بالبشر، يغطي كافة الأنشطة التي تتضمنها هذه الجريمة، والوسائل التي يستعملها مرتكبوها، والصور التي تنبنى من خلالها هذه الجريمة، وذلك حتى يتكون لدى الدارسين لها، والعاملين على مكافحتها، صورة واضحة عنها، كما تضمّنتَ المواثيق والبروتوكولات الدولية والقوانين الوطنية المتعلقة بالتصدي لهذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها تعاريف لهذه الجريمة.

ويقتضي إيضاح مفهوم جريمة الإتجار بالبشر، تسليط الضوء على تعريف هذه الجريمة الفقهي والقانوني، والتمييز بينها وبين جريمة تشابهها وهي جريمة تهريب المهاجرين، وذلك من خلال ما يلي:

الفرع الأول: التعريف الفقهي لجريمة الإتجار بالبشر.

الفرع الثاني: التعريف القانوني لجريمة الإتجار بالبشر

الفرع الأول: التعريف الفقهي جريمة التجارة بالبشر:

عرَّف الدكتور حامد سيد محمد الإتجار بالبشر بأنه:” كافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة، التي تحيل الإنسان إلى مجرد سلعة، أو ضحية، يتم التصرف فيه بواسطة وسطاء محترفين عبر الحدود الوطنية، بقصد استغلاله في أعمال ذات أجرٍ متدنٍ ، أو في أعمال جنسية، أو ما شابه ذلك

وقد عرَّفها الدكتور محمد مهدي الشمري بأنها:” التسخير وتوفير المواصلات وتوفير المكان، واستقبال الأشخاص بواسطة التهجير أو استعمال القوة أو أي وسيلة أخرى للضغط، أو الاحتيال أو استغلال الحقوق أو استغلال الضعف لدى الطفل أو الم أ رة، أو تسليم أموال أو فوائد للحصول على موافقة سيطرة شخص على آخر، لغرض الاستغلال

ويعرف محمد علي العريان التجار بالبشر بأنه:” تجنيد أشخاص، أو نقلهم بالقوة، أو الإكراه أو الخداع لغرض الاستغلال بشتى صوره، ومن ذلك الاستغلال الجنسي، العمل الجبري، الخدمة القسرية، التسول، الاسترقاق، تجارة الأعضاء البشرية وغير ذلك”

ونلاحظ من خلال التعاريف السابقة أن جريمة الإتجار  بالبشر تتكون من النشاط المكون لجريمة الإتجار  بالبشر، والمتمثِّ لكافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة التي تحيل الإنسان إلى مجرد سلعة، أو ضحية يتم التصرف فيه بواسطة وسطاء محترفين عبر الحدود الوطنية، ومن هذه التصرفات الاستخدام أو النقل والإخفاء والتسليم للأشخاص، والتسخير وتوفير المواصلات وتوفير المكان، واستقبال الأشخاص،

 كما أن هذا النشاط لا بد له من استخدام بعض وسائل ممارسة جريمة الإتجار  بالبشر والمتمثِّ لة في: التهديد، أو الاختطاف، واستخدام القوة، والتحايل أو الإجبار، أو من خلال إعطاء أو أخذ فوائد لاكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص آخر، أو استغلال الضعف لدى الطفل أو الم أ ر ة أو تسليم أموال، ويجب أن يوجَّه النشاط المكوِن لجريمة الإتجار  بالبشر لتحقيق الغاية أو الغرض من هذه الجريمة وهي استغلال الضحية في أعمال ذات أجر متدن أو في أعمال جنسية أو ما شابه ذلك، و تعتبر الجريمة قائمة حتى لو كانت الضحية موافقة عليها.

الفرع الثاني: التعريف القانوني لجريمة الإتجار بالبشر

لا يختلف التعريف القانوني لجريمة الاتجار بالبشر عن التعريف الفقهي فقد عرَّفت الفقرة )أ( من المادة الثالثة من بروتوكول الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الإتجار  بالبشر، الذي اعتُمد وعُرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم  25 في الدورة الخامسة والخمسون المؤرخ في 15 تشرين الثاني )نوفمبر( عام 2000 ، جريمة الإتجار  بالبشر بأنها:

استعمالها، أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قس ا رً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء

وكانت الاتفاقية الخاصة بالرق )اتفاقية إبطال الرق( لعام 1926 ، والمعدَّلة في عام 1953 قد عرفت تجارة الرقيق بأنها:” تشمل جميع الأفعال التي ينطوي عليها أسر شخص ما، أو احتيازه، أو التخلي عنه للغير على قصد تحويله إلي رقيق، وجميع الأفعال التي ينطوي عليها احتياز رقيق ما بغية بيعه، أو مبادلته وجميع أفعال التخلي، بيعاً أو مبادلة عن رقيق تم احتيازه على قصد بيعه أو مبادلته، وكذلك، عموماً، أي الالتجاربالأرقاء أو نقل لهم .

عرفت المادة الثالثة من القانون الأردني رقم / 9 / لعام 2009 المتعلق بمنع الإتجار  بالبشر، جريمة الإتجار  بالبشر بأنها: “استقطاب أشخاص، أو نقلهم، أو إيواؤهم، أو استقبالهم، بغرض استغلالهم عن طريق التهديد -بالقوة أو استعمالها، أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة ضعف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية، أو استقطاب، أو نقل، أو إيواء، أو استقبال من هم دون الثامنة عشرة، متى كان ذلك بغرض – استغلالهم، ولو لم يقترن هذا الاستغلال بالتهديد بالقوة، أو استعمالها، أو غير ذلك من الطرق الواردة في البند 1 من هذه الفقرة”

أما المادة الأولى من القانون رقم ) 91 لسنة 2013 ( الكويتي المتعلق بمكافحة الإتجار  بالأشخاص وتهريب المهاجرين وقد عبَّرت عن جريمة الإتجار  بالبشر بعبارة )الإتجار  بالأشخاص( فقد عرَّفت جريمة الإتجار  بالبشر بأنها:” تجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بالإكراه، سواء باستعمال القوة أو بالتهديد أو باستعمالها أو بغير ذلك من أشكال الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو القسر أو استغلال السلطة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية، وذلك بغرض الاستغلال الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع أعضاء من الجسد”

يتضح لنا من خلال استعراض نصوص القانونيين الكويتي والأردني التي تناولت تعريف جريمة الإتجار  بالبشر عدد من الحقائق نذكر منها:

1 – يكاد النصان يتطابقان مع بعضها بعض اً من حيث المضمون، ولا نجد إلا اختلاف بسيط في الصياغة؛ والسبب الكامن وراء ذلك هو ما ذكرناه من أن هذه النصوص مستوحاة من التعريف الذي أورده بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالبشر.

2 – يتفق التعريفان في أنها يصنفان جريمة الإتجار بالبشر بأنها من الجرائم التي تتطلب قصداً جرمياً خاصاً والمتمثل في الاستغلال، أو الاستخدام في أعمال غير مشروعة أو لتحقيق غايات غير مشروعة.

3 – لقد تضمن النصان عبارات مرنة في تصديها لتعريف الإتجار بالبشر، وذلك لتجنب مخاطر وجود تغرات يستفيد منها من يمارسون تلك الجريمة، وللإحاطة ما أمكن بكل ما يتصل باستغلال الإنسان في سبيل تحقيق غايات غير مشروعة من شأنها المساس بشخصه وكرامته.

المطلب الثاني : جريمة الإتجار بالبشر كجريمة منظَّمة عابرة للحدود الوطنية

إن جريمة الإتجار بالبشر، يمكن أن ترتكب ضمن الحدود الإقليمية للدولة، وعندها لا تختلف عن الجرائم الداخلية الأخرى التي تعاقب عليها القوانين الجزائية الوطنية، كما أنها من الممكن أن تتجاوز الحدود الإقليمية للدولة إلى دول أخرى، فتكون عندها جريمة عبر وطنية، أو جريمة عابرة للحدود الوطنية، وهو الغالب في هذه الجريمة

 ويستتبع ذلك ضرورة أن تكون تلك الجريمة منظمَّةً، لأنها تحتاج إلى تنسيق الجهود الإجرامية بين من يمارسونها، فيؤلف المجرمون عصابات منظَّمة تحترف الإتجار  بالبشر على نحوٍ ممنهج، وهذه العصابات من الممكن أن تكون بسيطة تتألف من ثلاثة أشخاص أو أكثر، كما يمكن تكون منظمة على نحوٍ في غاية التعقيد والتطور، ولذلك فغالباً ما تصنَّف جريمة الإتجار  بالبشر على أنها من الجرائم المنظَّمة العابرة للحدود الوطنية، حيث تتضمن هذه الفئة عدة أنواع من الجرائم أهمها : ” غسيل الأموال ذات المصدر غير المشروع، وجرائم الحاسوب من قرصنةٍ واخت ا رقٍ غير مشروعٍ لأنظمة الغير وبرامجهم، من خلال تقليد البرامج أو نسخها أو تدميرها

وقد عرَّف الدكتور محمد محي الدين عوض الجريمة المنظَّمة بأنها:” فعل أو أفعال تتم ضمن تنظيم هيكلي متدرج، وتمتع بصفة الاستمرارية، يعمل أعضاؤها وفق نظام داخلي يحدد دور كل منهم ويكفل ولاءهم وإطاعتهم لأوامر رؤسائهم، ويكون الغرض لهذا الفعل أو تلك الأفعال غالباً الحصول على الربح، وتستخدم الجماعة الإجرامية التهديد أو العنف أو الرشوة لتحقيق أهدافها، ويمكن أن يمتد نشاطها الإجرامي عبر عدة دول

أما المؤتمر الدولي للشرطة الجنائية الدولية )الإنتربول( فقد عرَّف الجريمة المن ظمة بأنها:” أي مشروع أو تجمع من الأشخاص يقوم على نشاط غير مشروع بصفة مستمرة، ويقوم بصفة أساسية على تحقيق الربح، دون النظر للحدود الوظيفية، وأنها على نطاق واسع تختلف من بلد إلى آخر، وتشارك عادة الجماعات المنظَّمة في العديد من الأنشطة الإجرامية الذي يمتد إلى عدة بلدان، وقد تتضمن هذه الأنشطة الإتجار بالأسلحة، والإتجار  بالبشر، والمخد ا رت والسطو المسلح والتزوير وغسل الأموال.

وكما هو واضح من التعاريف السالفة الذكر أن الجريمة المنظَّمة ترتكب من عصابة منظَّمة، وقد عرَّفتها الفقرة )أ( من المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظَّمة عبر الوطنية لعام 2000 على النحو التالي:” جماعة ذات هيكل تنظيمي، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، موجودة لفترة من الزمن وتعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية، من أجل الحصول، بشكل مباشر أو غير مباشر، على منفعة مالية أو مادية أخرى

وقد أورد المشرع الكويتي في المادة الأولى من القانون رقم رقم 91 لسنة 2013  الكويتي المتعلق بمكافحة الإتجار  بالأشخاص وتهريب المهاجرين، تعريفاً للجماعة الإجرامية المنظمة، يكاد يكون متطابقاً مع تعريف اتفاقية الأمم المتحدة المذكور أعلاه حيث عرَّفها بأنها:” جماعة منظمة مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، وتقوم بفعل مدبر لارتكاب أي من جرائم الإتجار  بالأشخاص بقصد الحصول بطريق مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا

 


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!