محتويات المقال
تقسيم العقود من حيث آثارها:
المطلب الأول : العقود التبادلية و العقود الغير التبادلية :
العقد التبادلي أو العقد الملزم لجانبين هو الذي ينشأ التزامات متقابلة في ذمة كل من طرفيه, بحيث يصبح كل واحد منهم دائنا من ناحية ومدينا من ناحية أخرى, ففي البيع مثلا نجد البائع مدينا بنقل ملكية المبيع وتسليمه للمشتري ودائنا بقبض الثمن بينما نجد المشتري مدينا بالثمن ودائنا بتسليم المبيع,
أما العقد الغير تبادلي أو العقد الملزم لجانب واحد فهو الذي ينشئ التزامات في ذمة أحد المتعاقدين دون الآخر, بحيث يكون احدهما مدينا غير دائن والآخر دائنا غير مدين مثال ذلك الوديعة بغير اجر يلتزم المودع لديه بالمحافظة على الوديعة وردها ولا يلتزم المودع بشيء.
ويجب عدم الخلط بين العقد الملزم لجانب واحد والإرادة المنفردة فالأول يستلزم توافق إرادتين أو أكثر, فهو متعدد الأطراف أثناء نشوئه وأحادي الطرف حين تنفيذه, خلافا للإدارة المنفردة التي تنشأ بإرادة واحدة دون حاجة للطرف الثاني,
فالمستفيد من هذا الالتزام ليس له أي تأثير على قيام التصرف, إنما تظهر أهميته بخصوص الآثار المترتبة على الالتزام الأحادي الطرف لا غير, ويترتب على هذه التفرقة بين العقد الملزم لجانبين والعقد الملزم لجانب واحد مجموعة من الآثار القانونية التي تخص العقد الأول دون الثاني من ذلك مثالا:
الفقرة الأولى : إمكانية الدفع بعدم التنفيذ :
وفي العقود الملزمة للجانبين يجوز لكل من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إلى أن ينفذ الطرف الآخر التزامه المقابل, وتحديد البادئ بالتنفيذ يتعلق بطبيعة المعاملة أو العرف الجري به العمل أو الاتفاق,
ففي عقد البيع معجل الثمن مثلا إذا طالب المشتري البائع بتسليم المبيع جاز للبائع أن يمتنع عن ذلك ما لم يقم المشتري بأداء الثمن فهذا الدفع المعروف بدفع بعدم التنفيذ لا يمكن تصوره في العقد غير التبادلي لأن طالب التنفيذ فيه ليس في ذمته أي التزام حتى يطلب منه تنفيذه.
الفقرة الثانية : إمكانية المطالبة بالفسخ :
دعوى المطالبة بفسخ العقد لا يكون للمدعي الحق في ممارستها إلا إذا ثبت مطل المدين عن التنفيذ لسبب من الأسباب الاختيارية أو الاضطرارية إذ ينص الفصل 259 قانون الالتزامات والعقود على أنه” إذا كان المدين في حالة مطل, ثبت للدائن الحق في إجباره على أداء الالتزام ما دام تنفيذه ممكنا, فإن لم يكن تنفيذ الالتزام ممكنا حق للدائن أن يطلب فسخ العقد .. وإذا كان تنفيذ الالتزام غير ممكن إلا في جزء منه حق للدائن أن يطلب إما تنفيذ العقد بالنسبة إلى الجزء الذي لا زال ممكنا وإما فسخه.
فقاعدة الفسخ لعدم التنفيذ لا محل لها في العقود الغير تبادلية لأن الغاية من لفسخ هي أن يتحلل طالب الفسخ من التزامه, وفي هذا النوع من العقود ليس على الملتزم به “كالمودع في عقد الوديعة بدون أجر مثلا” التزام مقابل حتى يطلب التحلل منه, فليس أمامه إلا مطالبة الملتزم “وهو المودع لديه” بتنفيذ التزامه.
الفقرة الثالثة : تحمل تبعة الهلاك والمخاطر :
في العقد التبادلي إذا استحال على احد المتعاقدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي لا دخل له فيه, فهذا الالتزام ينقضي ويسقط بسبب انقضائه الالتزام المقابل له عن المتعاقد الآخر ومن تم فتبعية الاستحالة في هذه العقود تقع على المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه, ذلك أن المدين يملك حينئذ محل التزامه دون أن يستطيع مطالبة الطرف الآخر بشيء فيكون هو الذي تحمل الخسارة .
وهذا ما أشار إليه الفصل 338 من قانون الالتزامات و العقود, الذي جاء فيه ما يلي : “إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجعا لسبب خارج عن إرادة المتعاقدين وبدون أن يكون المدين في حالة مطل , برئت ذمة هذا الأخير ولكن لا يكون له الحق في أن يطلب أداء ما كان مستحقا على الطرف الآخر.
أما في العقد الغير تبادلي فإن الذي يتحمل تبعة الاستحالة ليس هو المتعاقد الذي استحال تنفيذه التزامه بل المتعاقد الآخر صاحب الحق الذي يضيع عليه حقه, ففي الوديعة بدون أجر مثلا, إذا هلك الشيء المودع بسبب أجنبي لا يد للمودع لديه فيه برئت ذمة هذا الأخير وتحمل المودع تبعة هذا الهلاك.
المطلب الثاني : عقود المعاوضة وعقود التبرع :
عقد المعاوضة هو الذي يأخذ فيه المتعاقد مقابلا لما يعطيه الطرف الآخر ففي عقد البيع يقبض البائع الثمن مقابل إعطاء المبيع والمشتري يأخذ المبيع مقابل أداء الثمن أما عقد التبرع فهو الذي لا يأخذ فيه أحد المتعاقدين مقابلا لما يعطي ففي الهبة يعطي الواهب الشيء الموهوب دون أخذ مقابل ويأخذ الموهوب له هذا الشيء دون مقابل يعطيه.
وتظهر أهمية التمييز بن هاذين النوعين في أن الأصل أن الغلط الواقع في شخصية أحد المتعاقدين يعيب الإرادة في عقود التبرع دوما, فيجعل هذه العقود قابلة للإبطال, فإذا وهبت مثلا مبلغا من المال لشخص معين وتبين لك فيما بعد أن الهبة آلت إلى غير الشخص الموهوب له الذي كنت تقصد أن تخصه بالهبة, يجوز المطالبة بإبطال الهبة للغلط في شخصية المتعاقد أما في عقود المعاوضة فإن الغلط في شخصية أحد المتعاقدين لا يعيب الإرادة إلا إذا كانت هذه الشخصية مجل اعتبار كالتعاقد مع ممثل مشهور.
أما من حيث المسؤولية عند الإخلال بالالتزام نجد مسؤولية المتبرع أخف من مسؤولية المعاوض ففي عقد الوديعة مثلا إذا كانت بغير اجر لا يضمن المودع لديه مبدئيا هلاك الشيء أو تلفه إلا إذا حصل الهلاك أو التلف بفعله أو بإهماله, أما إذا كانت بأجر فيضمن المودع لديه الهلاك أو التلف الناتج عن أي سبب كان يمكنه التحرز منه حتى ولو لم يصل ذلك إلى حد الإهمال.
تقسيم العقود من حيث طبيعتها
المطلب الأول : العقود المحددة و العقود الاحتمالية :
العقد المحدد هو الذي يستطيع فيه كل من العاقدين أن يعين ما يحصل عليه وما يعطيه وقت انعقاد العقد, فعقد البيع عقد محدد لأن المبيع والثمن يتحددان وقت انعقاد العقد, أما العقد الاحتمالي أو عقد الغرر فهو الذي لا يستطيع فيه أحد المتعاقدين أو كلاهما أن يحدد مقدار ما يأخذ وما يعطي, ومثاله عقد التامين على الحياة فالطرفان يجهلان وقت إبرام العقد مقدار ما سيؤدي من أقساط ففي هذه العقود يتبين أن احتمالية الكسب والخسارة هو عنصر أساسي لقيام هذه العقود
المطلب الثاني : العقود الفورية و العقود الزمنية :
العقد الفوري هو العقد الذي يتم تنفيذه فورا في الوقت الذي يتفق المتعاقدان على إبرامه, كعقد البيع حتى ولو كان أداء الثمن أو تسليم المبيع مؤجلا, أما العقد الزمني أو المستمر فهو عقد يستغرق تنفيذه مدة من الزمن فلا يمكن أن ينفذ فورا كعقد الإيجار فالزمن عنصر جوهري فيه, وهو المقياس الذي يقدر به محل العقد, ويترتب على التفرقة بين العقد الفوري و العقد الزمني مجموعة من الآثار القانونية يمكن إجمالها فيما يلي :
اختلاف العقدين من حيث الآثار المترتبة عن الفسخ, بحيث يلاحظ في الواقع العملي بأن آثار العقدين ليست واحدة من حيث الفسخ فإذا تعلق الأمر بالمطالبة بفسخ العقود الفورية , فهذا يعني إرجاع الأطراف المتعاقدة إلى الوضعية السابقة على عملية التعاقد ما دام ذلك ممكنا,
أما في العقود المستمرة فإن إقرار الفسخ قد يحصل أثناء تنفيذ العقد الأمر الذي يصعب مأمورية إرجاع الأطراف للوضع السابق, ونتيجة للأمر الواقع فإن آثار الفسخ تقتصر على المستقبل دون الماضي ,
إمكانية مراجعة العقد الزمني لتغير الأوضاع الاقتصادية , لئن كان المشرع المغربي لا يأخذ بنظرية الظروف الطارئة, فإن ذلك لا يحول مطلقا دون مراجعة بعض العقود نتيجة لتغير الوضع الاقتصادي كما هو الشأن بالنسبة لمراجعة السومة الكرائية أو المطالبة بالزيادة في أجور العمال.
المطلب الثالث : العقود الفردية و العقود الجماعية :
العقد الفردي هو الذي تقتصر آثاره القانونية على الأطراف الذين وافقوا عليه سواء أكانوا أشخاص طبيعيين أو اعتباريين بشرط أن يكون الجميع قد وافق عليه لا فرق في ذلك بين أن يكون الطرف الموجب أو القابل واحدا أو متعددين,
أما العقد الجماعي فهو الذي قد تمتد آثاره إلى أشخاص آخرين لم يوافقوا عليه نتيجة لتحكم الجماعة في مصدر القرار, وهذا ما لا يلاحظ في عقد العمل الجماعي الذي تبرمه النقابة بالنيابة عن العمال, فبنود هذا العقد تعد ملزمة للجميع بما في ذلك الأقلية التي عارضته.
المصادر والمراجع:
عبد الحق صافي، القانون المدني، الجزء الأول: المصدر الإرادي للإلتزامات، الكتاب الأول: تكوين العقد، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء
عصمت عبد المجيد بكر، نظرية العقد في القوانين المدنية العربية دراسة مقارنة
عبد الرزاق احمد السنهوري، اصول علم القانون
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
تحميل المقال: