محتويات المقال
تعريف عقد التأمين وتحديد عناصره
لقد عرف المغرب خلال تسعينات القرن الماضي إصدار مجموعة من القوانين ضمن حزمة آليات استهدفت في مجملها الحفاظ على الكيانات الاقتصادية والمنشآت المالية ومنها عقد التأمين في شركات التأمين خاصة مع تعرض خمسة شركات للإفلاس وما تلاه من تبعات اجتماعية واقتصادية ، ومن بين هذه الإصلاحات مدونة التأمينات 99.17 لسنة 2002 والتي جاءت بمجموعة من القوانين الحديثة من خلال جمع شتات القوانين التي كانت تنظم ميدان التأمين من قبيل التأمين عن الأضرار وتأمينات الأشخاص والتأمين على القنصال, تأمين على العربات ذات محرك.
وأيضا أحكام صندوق ضمان حوادث السير، ثم بعده قرار وزير المالية و الخوصصة رقم 06-1053 الذي حدد الشروط النموذجية العامة للعقود المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن العربات ذات محرك كما أن المشرع وفي في إطار إعادة النظر في الإجراءات الرقابية على شركات التأمين فرض عليها هامش ملاءة مالية واحتياطات قانونية ومالية وفنية ساهمت في نمو صناعة التأمين في المغرب بحيث أصبح يشكل من أهم الركائز الاقتصادية ومن أكثر العقود انتشارا و أصبحت شركات التأمين تساهم بشكل كبير في دورة الإنتاج من خلال تشجيع الاستثمار والمساهمة في الناتج الداخلي الخام.
الإطار العام للتأمين
لكي يعيش الإنسان في الحياة في هدوء و سعادة لابد من إشباع حاجاته وهذه الأخيرة كما أجمع عليها علمه الاجتماع و الاقتصاد تتمثل في نوعين:
النوع الأول: الحاجات الجسمية (الفسيولوجية) وتتعلق بكل ما يحافظ وینمی جسم الإنسان من مأكل ومشرب وملبس ومسکن .
النوع الثاني: الحاجات النفسية (السيكولوجية) وتتعلق بكل ما يحافظ على الجوانب الروحية للإنسان وتتمثل في الأمن والطمأنينة ، ولا يمكن لأي إنسان أن يعيش بدون إشباع هذين النوعين من الحاجات وصولا إلى الأمن و الاستقرار والصحة ، ونتيجة لهذا الإحساس و الشعور بالأمن و الطمأنينة أصبح التأمين من أهم الأنشطة الاقتصادية بالقطاع الثالث “الخدمات”، كما ساهم الإسلام في ترسيخ مفهوم التأمين والتكافل بين أفراد المجتمع قصد حثهم على التعاون والتضامن.
المطلب الأول: نشأة التأمين
يرجع ظهور التأمين إلى أواخر العصور الوسطى، بحيث ظهر في صيغته الأولى على شكل (القرض البحري)، الذي وجد مع نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، ودلك بأن يقوم أحد التجار بإقراض صاحب سفينة ما يعزم الإبحار بها، بما يقابل قیمتها وشحنتها، وذلك نظير فوائد عالية جدا، فإن وصلت السفينة سالمة رد القرض مع الفوائد إلى التاجر وإن هلكت دون ذلك ضاع القرض على التاجر
ولم يظهر التأمين البري، إلا في القرن السابع عشر، وذلك في صورة التأمين من الحريق، نتيجة حريق لندن المهول 1666، الذي أدى إلى نشوء شركات تأمين ضد المرق، أولها شركة “fire office” وذلك إثر الحادثة التي وقعت في لندن بحرق 13000 منزل و حوالي 100 كنيسة, وتطور نشاط التأمين بعد ذلك خصوصا مع بداية الثورة الصناعية و انتشار الآلات في القرن 19, فظهر التأمين على المسؤولية و التأمين على حوادث المرور.
أما التأمين من الحياة فلم تقم له قائمة إلا مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي بسبب ما لاقاه من معارضة و هجوم عنيف، باعتباره مقامرة ومضاربة بحياة الإنسان، لا يليق بالخلق وبالكرامة الإنسانية والآداب العامة
أما في المغرب فان أول قانون طبق على عمليات التأمين هو قانون التجارة البحرية الصادر بمقتضى ظهير 31 مارس 1919، بعده القرار الوزاري المتعلق بالضمانات البرية بصفة عامة، وذلك بمقتضى ظهير 28 نونبر 1934 للصدر الأعظم بأن يتولى تنظيم القواعد المتعلقة بالتأمين.
بعد ذلك صدرت مجموعة من الظهائر الشريفة والقرارات المنظمة لها تباعا، ومنها على سبيل المثال قانون مراقبة الدولة لأعمال التأمين الصادر بموجب قرار 6 دجنبر 1941 والظهير المتعلق بصندوق مال الضمان والقرار المنظم له سنة 1955، و قرار وزير المالية المتعلق بالشروط النموذجية لعقد تأمين السيارات لسنة 1965،
وظهير 20 أكتوبر 1969 المتعلق بالتأمين الإجباري للسيارات عبر الطرق، وصدور ظهير شريف 2 أكتوبر 1984 يتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسبب فيها عربات برية ذات محرك
ولم يعرف المغرب مدونة تجمع كل المقتضيات المتعلقة بالتأمين البري، إلا في 3 أكتوبر 2002، وقد جاءت متضمنة ل 338 مادة مقسمة على خمسة كتب.
وأخيرا في 18 مارس 2015 صدر مشروع يتعلق بتغيير مقتضيات الكتاب الرابع من مدونة التأمينات المتعلق بعرض عمليات التأمين
المطلب الثاني : تعريف عقد التأمين
أولا : تعريفه لغويا :
التأمين في اللغة مصدر أمن يؤمن مأخوذة من الاطمئنان الذي هو ضد الخوف ومن الأمانة التي هي ضد الخيانة. يقال أنه تأمین، وائتمنه واستأمنه. فالتأمين في اللغة إعطاء الطمأنينة وسكون القلب, وإزالة الخوف.
ثانيا : تعريفه اصطلاحا :
أصبح يستخدم للدلالة على عقد خاص تقوم به شركات التأمين تدفع بموجبه مبلغا في حال وقوع حادث معين لشخص يدفع لها قسطا من المال والواقعان هنا كفرق بين تناول التأمين كفكرة ونظرية وبين تنظيمه في عقد .
فالتأمين كنظرية ونظام مقبول إذ انه تعاون بين مجموعة بين الناس لدفع أخطار تحدق بهم بحيث إذا أصابت بعضهم تعاونوا على جبر الضرر مقابل مبلغ ضئيل يقدمونه ولا شك أن هذه الفكرة فكرة مقبولة تقوم عليها كثير من أحكام الشريعة مثل الزكاة والنفقة على الأقارب , كلها أمور تدعو إلى التعاون على البر والإحسان والتقوى والتكافل والتضامن .
ثالثا : التعريف القانوني
تنوعت تعريفات هذا العقد في التشريعات فقد عرف المشرع المغربي عقد التأمين في مدونة التأمينات الجديدة في المادة الأولى بأنه ” اتفاق بين المؤمن والمكتب من أجل تغطية خطر ما ويحدد هذا الاتفاق التزاماتهما المتبادلة .” وهذا تعريف أخذ به كثير من القوانين العربية. ومنه القانون المدني المصري في المادة 747حيث عرفه بأنه “عقد يلزم شركة التأمين بمقتضاه أن تؤدي إلى المؤمن عليه أو المستفيد الذي عقد التأمين لصالحه مبلغا من المال أو أي عوض مالي آخر. في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد . وذلك نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن عليه لشركة التأمين” .
و على خلاف التشريع المغربي و المصري نلاحظ أن المشرع الفرنسي أتفادى الخوض في مسألة التعريف المتعلقة بالتأمين وذلك تفاديا للتطورات التي تعرفها هذه المؤسسة مما يجعل منه تعريفا متجاوزا مع الوقت.
رابعا : التعريف الفقهي
ومن التعريفات الفقهية التي قيلت بشان التأمين بأنه ” عقد وعملية فنية في آن واحد، ذلك أنه يحتوي على جانبين احدهما قانوني، والأخر فني؛ فهو لا يقتصر على العلاقة التعاقدية بين طرفيه وإلا تحول إلى رهان، وكان بالتالي غير مشروع، ولكنه عملية فنية تقوم أساسا على التعاون بين عدد من الأشخاص والاشتراك في تحمل ما يصيبهم من الكوارث “
ومن التعريفات ما جاء به الفقيه الفرنسي ” هیمار ” بان ” التامين هو عملية بموجبها يحصل احد الطرفين وهو المؤمن له، نظير مقابل دفعه هو القسط، على تعهد بمبلغ يدفعه له أو للغير إذا تحقق خطر معين، والطرف الأخر وهو المؤمن، الذي يأخذ على عاتقه مجموعة من المخاطر ويجري المقاصة فيها وفقا لقوانين من الإحصاء.
أما الفقيه ” سومیان ” فقد عرفه بأنه ” عقد يلتزم بمقتضاه شخص ويسمى المؤمن، بالتبادل مع شخص أخر ويسمى المؤمن له، بان يقدم لهذا الأخير الخسارة المحتملة نتيجة حدوث خطر معين، مقابل مبلغ معين من المال، يدفعه المستأمن إلى المؤمن فيضيفه إلى رصيد الاشتراك المخصص لتعويض الأخطار”.
وحسب الفقيه جيرار ” التأمين عملية تستند إلى عقد احتمالي من عقود الضرر ملزم للجانبين يتضمن الشخص معين مهدد بوقوع خطر معين المقابل الكامل للضرر الفعلي الذي يسبب هذا الخطر له”.
كما عرفه د سليمان بن ثنيان بأنه: التزام طرف الآخر بتعويض نقدي يدفعه له، أو لمن يعينه, عند تحقق حادث احتمالي مبين في العقد مقابل ما يدفعه له هذا الآخر من مبلغ نقدي في قسط أو نحوه.
ومن خلال كل ما تقدم ذكره, نستنتج بأن التأمين هو عبارة عن عقد يبرم بين المؤمن و المؤمن له. فيلتزم الأول بدفع مبلغ التأمين في حالة وقوع الخطر في حين يلتزم الثاني بدفع قسط التأمين, و يعتبر هذا الضمان جوهر العملية التأمينية و تحقيقه يبقى محتملا غیر مؤکد و غیر مستبعد في آن واحد.
المطلب الثالث : عناصر التأمين
عقد التأمين له ثلاثة عناصر أساسية لا يقوم بدونها هي:
الخطر المؤمن منه, مبلغ التأمين و قسط التأمين.
أولا : الخطر المؤمن منه
يقصد بالخطر في عقد التأمين الحادث الاحتمالي الذي قد يحدث في المستقبل ، ومعنى هذا الكلام أن هذا الخطر قد يقع وقد لا يقع، دون أن يكون وقوعه أو علم وقوعه متوقفا علي إرادة أحد العاقدين ، بل أن ذلك موکول إلي القدر وحده ، وذلك کنشوب الحريق المؤمن عليه أو إصابة المؤمن عليه بكسر في الرجل فمثل هذه الوقائع هي أمور احتمالية ، قد تحدث وقد لا تحدث .
ثانيا : مبلغ التأمين
هو محل التزام شركة التأمين ، فتتعهد بمقتضاه بأن تدفع للمؤمن عليه ، أو للمستفيد الذي يعينه ، مبلغ التأمين ، عند وقوع الخطر أو الحادث المؤمن منه ، في مقابل الأقساط التي يدفعها المؤمن عليه لشركة التأمين ، ومن هنا يمكن اعتبار عقد التأمين عقدا ملزما لشركة التأمين و المؤمن له .
ثالثا : قسط التأمين
هو محل التزام المؤمن عليه ، وهو المبلغ المالي الذي يدفعه لشركة التأمين في مقابل تعهدها بدفع مبلغ التأمين ، عند وقوع الخطر .
المصادر والمراجع:
أحمد شرف الدين، أحكام عقد التأمين
مختار محمود الهانسي، مقدمة في مبادئ التأمين
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
تحميل المقال:
شكراً جزيلاً
شكرا