محتويات المقال
تعريف جريمة الرشوة :
جرمت التشريعات السماوية والوضعية جريمة الرشوة وقد ورد في سورة البقرة قوله تعالى: “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون “
وقال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله:” لعن الله الراشي والمرتشي”
وتعتبر الرشوة من جرائم الإخلال بالثقة العامة لما فيها من إخلال الموظف بواجباته وخروجه عن السلوك القويم وتحيز في أدائه لعمله، وهذا من شأنه القضاء على ثقة المواطنين بالمرافق العمومية.
ويتميز التشريع المغربي عن العديد من التشريعات في اعتبار كل من عمل المرتشي والراشي جريمة مستقلة، وبالتالي فإذا تلقى موظف- المرتشي – رشوة من مواطن – الراشي – مقابل قيامه بعمل فإن كلا من المرتشي والراشي يعتبران مرتكبين لجريمة مستقلة, ويختلف في هذا عن بعض التشريعات، كالتشریع اللبناني، التی تعتبر الرشوة جريمة مركبة تستلزم وجود شخصين تتحدد مسؤوليتهما وعقابهما على قدم المساواة كون الراشي فاعلا أصليا مع المرتشي أو شریکا له في جريمة واحدة.
تعريف الفصل 248 من القانون الجنائي للجريمة الرشوة :
وقد نص الفصل 248 من م. ق. ج. على ما يلي: “ يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل :
1 – القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا أو متولیا مركزا نيابيا أو الامتناع عن هذا العمل، سواء كان عملا مشروعا أو غير مشروع، طالما أنه غير مشروط بأجر. وكذلك القيام أو الامتناع عن أي عمل ولو أنه خارج عن اختصاصاته الشخصية إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله..
2 – إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده، وذلك بصفته حكما أو خبيرا عينته السلطة الإدارية أو القضائية أو اختاره الأطراف.
3 – الانحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده. وذلك بصفته أحد رجال القضاء أو المحلفين أو أحد أعضاء هيئة المحكمة.
4- إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرض أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة عن أصل مرض أو عاهة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيبا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة.
إذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة ألف درهم تكون العقوبة السجن من سنوات إلى عشر سنوات والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم، دون أن قيمتها عن قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة.“
وسندرس جريمة الرشوة متطرقين إلى أركانها وحكم الوسيط في الرشوة وحكم المكافأة اللاحقة وعقوبة الرشوة:
أولا: المعنيين بجريمة الرشوة :
لتحقق جريمة الرشوة يجب أن يرتكب هذا الفعل المادي من طرف موظف عمومي حسب التعريف الوارد في المادة 224 من القانون الجنائي أو أحد الأشخاص التاليين:
– أحد أعضاء المجالس الحضرية أو القروية أو أحد أعضاء مجلس النواب.
– المحامون والخبراء ولو تم تعيينهم من الأطراف.
– الأطباء والجراحون أو أطباء الأسنان والمولدات.
– العمال أو المستخدمون والوكلاء بمقابل في القطاع الخاص.
ويعتبر موظفا عموميا ، طبقا للفصل 224 من م. ق. ج. ما يلي: “يعد موظفا عموميا، في تطبيق التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفته ، غليه، في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو الموسا العمومية أو مصلحة ذات نفع عام وتراعي صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها”
وتعريف الموظف حسب القانون الجنائي هو أوسع من تعريفه في قانون الوظيفة العمومية، ذلك أن الفصل 2 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ل 24 فبراير 1958 عرفه كالتالي:
“يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”
ويشترط لتحقق جريمة رشوة العمال والمستخدمين قيام علاقة التبعية ولو كانت غير دائمة . ونمثل لهؤلاء بمدير الفندق الذي يمكن أحد الزبناء من الإقامة في الفندق مقابل مبلغ من النقود، والمهندس الذي يقدم معلومات تتعلق بطريقة صنع مادة معينة مقابل هبة أو أي منفعة من المنافع، أو المستخدم الذي يدلي لمؤسسة منافسة بأسماء وعناوین زبناء مخدومه مقابل مكافأة.
ثانيا: حكم الوسيط في الرشوة:
لم يتعرض القانون الجنائي لعقوبة الوسيط بين الراشي والمرتشي وهو ما يسمى بالرائش – بنص خاص – وبالتالي فإن مقتضيات الفصل 129 من م.ق.ج. المتعلق بالاشتراك في الجريمة هي التي تطبق عليه باعتباره يساعد مرتكب الجريمة على الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها.
ثالثا: حكم المكافأة اللاحقة:
إن القانون سكت من المكافأة اللاحقة ولم يتعرض لها بنص، ويرى بعض الفقه أن هذه المكافأة لا عقاب عليها، إذا لم يكن هنالك اتفاق سابق”، أما البعض الآخر فله رأي مخالف، إذ يرى أن تقديم المكافأة اللاحقة وقبولها من طرف الموظف ولو لم يكن هناك اتفاق سابق يخضعان للنصوص الجنائية المعاقبة للرشوة ما دامت نية الطرفين قد اتجهت إلى أن المكافأة قدمت مقابل العمل أو الامتناع الذي قام به الموظف المصلحة صاحب المكافأة لأن هذه النية هي التي تمثل الخطورة الإجرامية والانحراف بالخدمات العامة وليس التقديم أو التأخير للخدمة أو المكافأة.
رابعا: عقوبة الرشوة:
يعاقب مرتكب الرشوة إذا كان قاضيا أو موظفا عموميا أو متولیا مركزا نيابيا أو شخصا من الأشخاص المنصوص عليهم في هذا الفصل وكان المبلغ المحصل عليه لا يقل عن مائة ألف درهما بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم، دون أن تقل قيمتها عن قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة. وإذا كان المبلغ يقل عن مائة ألف درهم فإن العقوبة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة ألف درهم، وذلك عملا بالفصل 248 من م.ق. ج..
وإذا كان مرتكب الرشوة عاملا أو مستخدما أو موکلا بأجر أو بمقابل عوقب بالحبس سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة ألف درهم ، واذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة ألف درهم تكون العقوبة في السجن من خمس إلى عشر سنوات، والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم، دون أن تقل قيمتها عن قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة طبقا للفصل 249 من م. ق. ج..
وطبقا للفصل 256- 1 من م. ق. ج. يتمتع بالعذر المعفي من العقوبة الراشي بالمعنى الوارد في الفصل 251 من م.ق.ج. الذي يبلغ السلطات القضائية عن جريمة الرشوة، إذا قام بذلك قبل تنفيذ الطلب المقدم إليه إذا كان الموظف هو الذي طلبها. وكذلك الراشي، الذي يبلغ السلطات القضائية عن جريمة الرشوة إذا أثبت أن الموظف هو الذي طلبها وأنه كان مضطرا لدفعها.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات