محتويات المقال
تعريف العرف :
العرف هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنشأ من اطراد سلوك الناس عليها زمنا طويلا مع اعتقادهم بقوتها الملزمة وبأن مخالفتها يترتب عنها جزاء مادي وبهذا المعنى يعتبر العرف مصدرا رسميا للقاعدة القانونية بالمعنى الدقيق لتوفر عنصر الإلزام الذي يميزها عن باقي القواعد الاجتماعية الأخرى كالعادات و التقاليد
والعرف باعتباره نشا نتيجة اعتياد الناس على نوع معين من السلوك مع الاعتقاد بلزوم وضرورة إتباع هذا السلوك, يعتبر معبرا عن إرادة الجماعة وذلك لأن الناس يسيرون وفقا لعادات وتقاليد يتوارثونها جيلا بعد آخر, ويحافظون عليها لأنهم يشعرون بضرورة إتباعها ويعتبرونها ملزمة لهم حتى تستقر المعاملات فيما بينهم .
مزايا العرف :
ينشأ العرف في الجماعة نتيجة لما جرى الناس على إتباعه من قواعد السلوك في تنظيم علاقاتهم, فمن هذه الحقيقة تتولد جملة من المزايا للعرف أبرزها ما يأتي :
يعد العرف تعبيرا صادقا عما ترتضيه إرادة المجتمع في تنظيم الروابط لأنه لما كانت الجماعة هي التي تخلق العرف بمثابرتها على السير مدة من الزمن بموجب سلوك معين فإنه يتفق مع رغباتها وظروفها وحاجاتها العملية لاستناده إلى ما جرى الناس عليه في أحوالهم الاقتصادية و الاجتماعية.
وعلى ذلك فهو ينشأ من تلقاء نفسه ولا ينبثق عن إرادة سلطة حاكمة مستبدة وإنما ينبعث من حاجات الجماعة مباشرة فيعتبر صورة صادقة لما يرضاه ضميرها ومن هنا لا يمكن أن نتصور قيام عرف يخالف إرادة الجماعة ورغبتها , لأنه يلقى القبول و الاستحسان في التطبيق وتقل حالات مخالفة أحكامه عكس التشريع الذي قد تفرضه سلطة حاكمة مستبدة رغم معارضة الجماعة وعدم رضاها عنه, فلا يكون حينذاك ملائما لظروف المجتمع وحاجاته فتكثر حالات مخالفة أحكامه, لأن تطبيقه يجابه بمقاومة عنيفة في المجتمع,
- يساير العرف ظروف الجماعة ورغبتها في نشأته وحياته وزواله فهو يتابع المجتمع في تطوره ويبدو أكثر مرونة في مسايرة الأوضاع الاجتماعية من القانون المكتوب ويتكون مع ظروف الحياة ويتغير بتغيرها ويزول بزوالها , فإذا تغيرت ظروف الجماعة نجده يتطور ولو ببطء ليساير الظروف الجديدة .
- يسد العرف نقص في التشريع فيكون مصدرا مكملا له : فالعرف يعاون التشريع في تنظيم وحكم ما يحيله إليه من الأمور لأن التشريع بدوره من وضع البشر وبالتالي فلابد أن يعتريه النقص والنسيان والإغفال كما أنه ومهما بلغت قدرته ودقته قد لا يستطيع الإحاطة بالحلول اللازمة لمواجهة أمور الجماعة كافة, خاصة المسائل التي يستعصى على التشريع تنظيمها لتشعبها وتعقدها ودقتها واختلاف مفهومها من مكان لآخر في الدولة ,
ويظهر ذلك بصورة ذلك بصورة خاصة في القانون التجاري الذي تتشعب مسائله في التفاصيل وتختلف إلى درجة يستعصى على المشرع استيعاب تنظيمها فيتركها للعرف لأن هذا الأخير وسيلة فطرية لتنظيم المعاملات التي يعجز التشريع عن تنظيمها لتشعبها أو لاستعصائه على المشرع.
عيوب العرف :
إذا كانت للقاعدة العرفية هذه المزايا فإن لها بعض العيوب نذكر منها :
- العرف بطيء النشأة ذلك أن ظهور القاعدة العرفية وتعديلها يحتاج إلى الوقت طويل كي يعتاد الناس على حل معين ويصبح ملزما لهم ومن ثم فهو لا يلبي حاجات الجماعة المتطورة التي تحتاج إلى تنظيم سريع, فالعرف مثلا لا يصلح لتنظيم المشاكل المترتبة على وقوع خطر الفيضانات و الأوبئة و حالات الطوارئ الأخرى كنشوب حرب مثلا .
- صعوبة الاهتداء إلى العرف ويرجع سبب ذلك إلى اختلاف القواعد القانونية المنظمة لذات الموضوع في إقليم الدولة الواحدة فتعدد الأعراف وتنوعها من إقليم لآخر , يجعل من الصعب على القاضي وعلى الباحث عموما أن يهتدي إليها , كما أن اختلاف القاعدة التي تحكم المسألة الواحدة في البلد الواحد , يتعارض مع مصلحة الدولة التي تقضي وحدة القانون فوق ترابها.
- لا تكون القاعدة العرفية دائما واضحة الحدود والمضمون على وجه الدقة فليس من السهل تحديد هذه القاعدة والتثبت من وجودها ومضمونها ووقت ظهورها مما قد يثير الاختلاف في الرأي بين القضاة عند تطبيقها تبعا لوجهة نظر كل واحد منهم.
تحميل المقال
Thanks
Merci ❤
شكرا