محتويات المقال
الفرع الأول: تعريف الضريبة
يواجه الفقه المالي الكثير من الصعوبات لتحديد تعريف الضريبة جراء تطور المفهوم الذي اختلف من زمن لأخر
فمنهم من اعتمد تعريفا يحدد طبيعة الضريبة من خلال علاقتها بالميزانية واعتبارها وسيلة التوزيع أعباء الميزانية بين الأفراد وفقا لطاقاتهم أو قدراتهم التكليفية
وحتى وإن اعتمد جانب كبير منهم على أشهر تعريفات الضريبة الذي قدمه الفقيه جاستون جیز إذ قام بتعريف الضريبة على أنها ” أداء نقدي تقرضه السلطة على الأفراد بصفة نهائية وبدون مقابل وذلك بغية أو قصد تغطية التكاليف العامة”
لكن تعريف جيز عرف بعض التغييرات ليتناسب مع دور الضريبة المعاصر والحديث, نتيجة تطور دور الدولة والوظائف المنوطة بالضريبة وكذلك تطور مفهوم تدخل الدولة
كما اهتم الفقه العربي بدوره بالظاهرة الضريبية حيث اعتبرها البعض على أنها اقتطاع مالي تقوم به الدولة عن طريق الجبر من ثروة الأشخاص الآخرين، ودون مقابل خاص لدافعها وذلك بغرض تحقيق نفع عام
وإن كان الإختلاف في التوجهات بشأن تحديد تعريف دقيق موحد للضريبة، فإنه يمكن تعريف الضريبة بصفة عامة على أنها “فريضة نقدية تفرضها الدولة أو إحدى الهيئات العامة المحلية، يتحملها الملزم بصيغة إجبارية ونهائية ودون مقابل وذلك قصد لتغطية النفقات العمومية للدولة والمساهمة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية والمالية لها”
الفرع الثاني: خصائص الضريبة
يمكن أن نستخلص من خلال تعريف الضريبة سابقا خمسة خصائص أساسية وهي :
1- الضريبة فريضة نقدية
يعني أن مبلغ الضريبة يؤدي نقدا خاصة في العصر الحديث خلافا لما كان ساندا قديما حيث كانت تجلی بناء إذ يلتزم الأفراد بتقديم نصيب من السلع أو يؤدون بعض الخدمات في شكل سخرة لمدة محددة وهو ما كان يوافق الأنظمة الإقتصادية القديمة التي كانت تعتمد أساسا على المقايضة، ومع تقدم المجتمعات وتطور أنظمتها الاقتصادية أصبحت الضريبة العينية لا تطبق إلا في حالات استثنائية كالضريبة على التركات مثلا، وهكذا نجد أن الضرائب النقدية في القاعدة العامة للضريبة نظرا لملائمتها مع الإقتصاد المالي والنظام المالي الحديث.
2- الضريبة فريضة إجبارية
يعتبر فرض الضريبة وجنایتها ترجمة لأحد تجليات واضحة لسيادة الدولة وعمل من أعمال السلطة السياسية ، وبالتالي فإن الدولة تتفرد بفرض الضرائب وتحديد وعائها وكيفية تحصيلها، كما تتمتع الدولة في سبيل إقصائها بامتياز على أموال الملزم(المدني) لاستيفاء قيمة الضريبية، حيث يمنح لها حق استعمال عنصر الجبر( الإكراه القانوني لا المعنوي وفق ضوابط قانونية محددة .
ولذلك تحرص دساتير الدول على النص أن إلقاء الضرائب وتعديلها وإلغائها لا يكون إلا بقانون، تأكيدا لرقابة السلطة التشريعية، كما أن أحكام هذه القوانين تكون ملزمة للدولة وللمكلفين بالضريبة ، كما أن السلطة القضائية تتدخل للبت في المنازعات التي تنشأ بين الدائن والمدين أي بين الدولة والملزم، احتراما لتطبيق القانون.
وتشير إلى أن عنصر الجبر الذي يستند إليه الضريبة هو الذي يميزها عن بعض الموارد الاختيارية كالقروض الاختيارية، والثمن العام الذي يدفعه الأشخاص مقابل حصولهم على شراء الخدمات التي تتولى الدولة بيعها
3- الضريبة اقتطاع نهائي
يعني أن الشخص المكلف بدفع الضريبة بصفة نهائية إذ لا تلتزم الدولة يرد قيمتها أو مبالغها إليه بعد ذلك ، عكس ذلك بالنسبة للضريبة التي تؤدي عن القروض العامة التي تلتزم الدولة بردها إلى المكتتبين في سنداتها وبدفع فوائد عن المبالغ المكتتب بها، أي رد أصل الدين والفوائد.
4 – الضريبة تدفع دون مقابل
يقصد بهذه الخاصية الأساس القانوني لفرض الضريبة، وستعود إلى مناقشة هذه الفكرة بتفصيل لاحقا، أي أن المكلف دافع الضريبة لا يحصل على مقابل أو منفعة خاصة من الدولة حين أدائه للضريبة، وبذلك يتم دحض التوجه القائل بأن أساس فرض الضريبة هو العقد عقد بيع أو تأمين ، وإنما هي قائمة على أساس التضامن الإجتماعي في توزيع عبء الضريبة حسب المقدرة التكليفية للملزم باعتباره عضوا في مجتمع منظم هو الدولة
ومن هنا فإن المقابل لم يكن سندا وأساسا للضريبة وإنما يمكن اعتباره أساسا الأنواع أخرى من الاقتطاعات الإجبارية التي يدفعها المكلف كما هو الشأن بالنسبة الرسوم.
5 – هدف الضريبة هو تحقيق المصلحة العامة
أشرنا سابقا إلى أن الدولة لا تفرض الضريبة على الملزم مقابل تقديم نفع خاص له، بل الغرض من فرضها هو تحقيق المصلحة العامة،
حيت يتم استعمال حصيلة و مردودية الضرائب التي تم جبايتها إضافة إلى غيرها من الموارد العامة في النفقات العامة التي يترتب على القيام بها أهداف ومنافع عامة للمجتمع،
بل الأكثر من ذلك أصبحت الضريبة في الوقت الحاضر أحد وسائل التدخل الإقتصادي والإجتماعي للدولة، وذلك قصد تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية متنوعة لا تحيد عن عرض مبدأ المنفعة العامة، كحماية المنتجات الوطنية بفرض أنواع معينة من الضرائب ( الضرائب الجمركية) والتشجيع على الادخار والحد من الاستهلاك لتعبئة الفائض في أهداف التنمية الاقتصادية، وتقليص الفوارق في الدخل بين الطبقات المختلفة للمجتمع (الضرائب التصاعدية)
وتعتبر هذه الخاصية مبدأ دستوریا قررته مختلف الدساتير والقوانين الأساسية ونص عليه إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي أصدرته الثورة الفرنسية سنة 1789، بل أن المبدأ أصبح في العصر الحاضر أحد المبادي الدستورية العامة، حتى وإن لم يتم النص عليه داخل الوثيقة الدستورية
الفرع الثالث : الضريبة والمفاهيم المشابهة لها
يعتقد الكثير أن الضريبة هي الإقطاع النقدي الوحيد الذي يتم فرضه على المكلفين أو الملزمين بالضريبة ويلم بصفة نهائية للدولة، وبالتالي فإن الضريبة قد تحمل مسميات أخرى كالرسم والأمن العام، وذلك نتيجة التداخل الذي قد يحصل بين مفهوم الضريبة والمفاهيم المشابهة لها في بعض الخصائص التي قد تشترك فيها مختلف هذه المفاهيم، مما يستوجب الوقوف عند هذه المصطلحات ومحاولة رفع اللبس والغموض الذي قد يكتف استعمالها لتفادي الخلط بينها.
1 – الضريبة والرسم
الرسم هو اقتطاع نقدي تقرضه أحد الأشخاص العامة على المكلفين بدفعه جبرا لقاء نفع خاص تقدمه لهم، فرغم أن كلا من الضريبة والرسم يلتقيان في كونهما فريضة نقدية تدفع بصفة نهائية للدولة، والتي تتولى تحديد النظام القانوني ، فإن طبيعة الضريبة تختلف عن الرسم من حيث ما يلي:
– من ناحية مصدر القوة الملزمة فالضريبة تقرض بقانون السلطة التشريعية، أما الرسم فلا يلزم في فرضه أن يصدر بقانون بل يتم فرض الرسوم أحيانا بقرارات إدارية كالقرارات الجبائية التي تصدرها الجماعات المحلية
– أما من حيث مدى تحقق النفع للملزم فإن الضريبة تفرض على الشخص بدون مقابل أو نفع خاص يعود عليه، أما الرسم فإنه يدفع مقابل الحصول على خدمة أو نفع خاص۔
– من حيث الهدف: تفرض الضريبة لتحقيق أغراض مالية واقتصادية واجتماعية أما الرسم فإن الغرض من فرضه هو تحقيق الإيراد المالي للدولة بمناسبة الخدمة العامة الذي تؤديه الدولة أو مؤسساتها، بحيث تفرض على هذه الخدمات كلها أو بعضها رسوم
– من حيث الأهمية في مالية الدولة تزداد أهمية الضرائب في مالية الدولة الحديثة إذ تعتبر من الموارد الأساسية في تمويل التكاليف العامة لها، أما بالنسبة للرسوم فإن أهميتها تبقى ثانوية وتكميلية بالنسبة للموارد المالية للدولة لكنها مهمة بالنسبة الميزانيات الجماعات المحلية
2 – الضريبة والأمن العام
الأمن العام هو مقابل خدمة تؤديها أحد الهيئات العامة ، نظرا لأهميتها وقيمتها، إذ تتاح فرصة الإنتفاع بها لجميع الأشخاص أو لأنها عرضة للاحتكار وللبيع بأثمان مرتفعة إذا تركتها الهيئات العامة للمنشآت الخاصة
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات