محتويات المقال
تدخل القضاء في مسطرة التحكيم قبل صدور الحكم التحكيمي
تدخل القضاء في مسطرة التحكيم : إذا كان اتفاق التحكيم يعتبر أساس مشروعية لجوء الأطراف إلى التحكيم وأيضا الأساس الذي يتم بناء عليه جميع الإجراءات للفصل في النزاع، فإن رغم ما يتميز به من طابع اتفاقي وخاص يظل قضاء عارضا لا يقوم إلا بمناسبة النزاع المحكم فيه لينتهي بمجرد الانتهاء من هذه المهمة، وهو ما يترك لقضاء الدولة مجالا فسيحا للعمل في دائرة التحكيم وفق شروط وحدود معينة، وتأدية أدوار تختلف آلياتها حسب زمان ومكان تدخله، وإن كانت هذه الأدوار يغلب عليها طابع المساعدة في أغلب الإجراءات المتعلقة بالعملية التحكيمية منذ بداية الاتفاق على التحكيم إلى حين صدور المقرر التحكيمي.
ومن بين هذه الأدوار: المساعدة على تشكيل الهيئة التحكيمية، حيث تدخل القضاء في مسطرة التحكيم من أجل تذليل الصعوبات التي تثار في هذه المرحلة الحاسمة من الاتفاق على التحكيم (الفقرة الأول) هذا بالإضافة إلى أنه قد تعرض أثناء التحكيم عدة مسائل على الهيئة التحكيمية مما لا يدخل في مفهوم الفصل في موضوع النزاع التحكيمي وتتطلب سلطة أخرى لا يتمتع بها المحكم،
وقد تعرض مسائل أخرى مما لا يمس موضوع الدعوى، وإنما تتعلق باتخاذ بعض الإجراءات الوقتية أو التحفظية التي تستدعيها الظروف والتي تلزم للمحافظة على الحق موضوع الدعوى مما لا يحتمل أي تأخير. وفي جميع هذه الحالات لا بد من مرجعية دائمة لمجابهتها ومواجهتها، وليس من مرجعية يمكن أن تضطلع بهذه المهمة سوى القضاء، ومن ثم كان لهذا الأخير ولاية الفصل في مثل هذه المسائل، والقيام بدور مكمل لدور المحكم من أجل مساعدته على الفصل في النزاع المعروض عليه بطريقة عادلة وفي أقل وقت ممكن (الفقرة الثانية) إلى غير ذلك من مظاهر وحالات تدخل القضاء في مسطرة التحكيم و التي تستدعيها طبيعة هذه المسطرة وهذه المؤسسة من جهة، وطبيعة الأشخاص الذين يتولون مهمة الفصل في النزاع التحكيمي من جهة ثانية.
الفقرة الأولى: تدخل القضاء في مسطرة التحكيم لتذليل صعوبات تشكيل الهئية التحكيمية
قد يذكر المحتكمون في اتفاقهم التحكيمي بيان بأسماء هيئة التحكيم التي ستتولى الفصل في النزاع، وقد يكتفون ببيان الطريقة التي سيتم بها اختيار هؤلاء الأعضاء وسواء كانت هذه الطريقة مباشرة، أي عن طريق أطراف التحكيم أنفسهم أو غير مباشرة عن طريق اللجوء إلى مراكز وهيئات التحكيم، فإن هيئة التحكيم قد يتم تشكيلها وتكوينها بصورة طبيعية، وهذا ما يتوافق مع خصوصية وطبيعة التحكيم التي تستند إلى إدارة الخصوم وحسن نواياهم
بيد أن الأمور لا تسير دائما على هذا النحو، فقد لا يتفق الأطراف فيما بينهم على اختيار أعضاء هيئة التحكيم، أو على تحديد طريقة تعيينهم لاحقا، سواء بحسن نية أحد الأطراف أو كلهم أو بسوء النية، وهو ما قد يعطل الآلية التحكيمية منذ البداية.
لكن ولتفادي ذلك، ومن أجل الحفاظ على فاعلية اتفاق التحكيم ينبغي اتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز العراقيل والحواجز التي تقف أمام تكوين هيئة التحكيم، ومن بين تلك التدابير اللجوء إلى القضاء لتعيين أعضاء هيئة التحكيم. فماهي إذن حالات التدخل القضائي لتشكيل هيئة التحكيم وشروطه؟ (أولا) ثم ماهي القواعد التي تحكم هذا التدخل ؟ (ثانيا) وأي أثر لهذا التدخل على حرية الأطراف و على فعالية نظام التحكيم؟
أولا : حالات تدخل القضاء في مسطرة التحكيم لتشكيل الهيئة التحكيمية وشروطه
لقد سمحت معظم التشريعات الداخلية، للقضاء الرسمي بالتدخل لتذليل صعوبات تشكيل الهيئة التحكيمية، وذلك في حالات معنية، وأحاطت ذلك بمجموعة من الشروط ينبغي توافرها في كل حالة، هذه الشروط تهدف بالأساس إلى إعطاء الفرصة والأولوية والسيادة لاتفاق وحرية الأطراف لاختيار محكميهم أو محكمهم، ثم في حالة عدم حصول هذا الاتفاق،
تعطى الفرصة للمحكمين أنفسهم للاتفاق على استكمال تشكيل الهيئة التحكيمية، وعند غياب أي اتفاق من هذا الجانب أو ذاك، يمكن للقضاء أن يتدخل لمساعدة الأطراف على تشكيل الهيئة بناء على طلب أي منهم، وسنحاول تبيان هذه الشروط عند الحديث عن كل حالة على حدة.
و هكذا فحالات التدخل القضائي تتوزع في التشريع المغربي بين عدة فصول في القانون 05-08 المنظم للتحكيم بالمغرب، سواء في شقه المتعلق بالتحكيم الداخلي، أو في شقة المتعلق بالتحكيم الدولي:
1 – بالنسبة للتحكيم الداخلي
فحالات التدخل القضائي لتشكيل الهيئة التحكيمية تضمنها الفصل 327 وأيضا الفصول من 3-327 إلى 5-327 وهي كالتالي :
أ : الحالة الأولى
: الحالة المنصوص عليها في الفصل 3-327 من قانون 05-08 والمتمثلة في عدم استجماع المحكم أو المحكمين المعنيين في اتفاق التحكيم للشروط القانونية اللازمة للقيام بمهمة التحكيم، أو لأي سبب آخر يحول دون تشكيل الهيئة التحكيمية، ففي هذه الحالة يمكن الاستعانة بالقضاء ممثلا في رئيس المحكمة لتشكيل الهيئة التحكيمية وذلك بعد انعدام اتفاق الأطراف في هذا الصدد.
ب : الحالة الثانية
حالة تعيين أطراف التحكيم لعدد زوجي من المحكمين، ولم يحصل أي اتفاق سواء ما بين الأطراف أولا أو ما بين المحكمين المعنيين ثانيا على استكمال تشكيل الهيئة التحكيمية بمحكم آخر حتى يكون العدد وترا، ففي هذه الحالة كذلك يتم استكمال تكوين الهيئة بمساعدة رئيس المحكمة، حيث يتولى تعيين المحكم الذي ينقص التشكيل الوتري لهيئة التحكيم
ت: الحالة الثالثة
حالة عدم تعيين الأطراف للهيئة التحكيمية مسبقا، وعدم تحديدهم لكيفية وتاريخ اختيار هذه الهيئة، أو عدم حصول اتفاقهم على ذلك. فهنا أيضا يقدم القضاء يد المعونة ويساعد الطرفين على تشكيل الهيئة التحكيمية، وإن كانت هذه المساعدة تختلف حسب ما إذا كانت الهيئة مشكلة من محكم واحد، حيث هنا يتولى رئيس المحكمة المختصة لتعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين، أو كانت الهيئة مشكلة من ثلاثة محكمين، حيث هنا يعين كل طرف محكما، ويتفق المحكمان المعنيان على تعيين المحكم الثالث، وفي حالة عدم حصول الاتفاق سواء بين الأطراف على تعيين محكميهما ومرور 15 يوما، أو لم يتفق المحكمان المعينان على اختبار المحكم الثالث في أجل 15 يوما،
فإن الفيصل يكون هو رئيس المحكمة، حيث يتولى تعيين ذلك المحكم بناء على طلب أي من الطرفين، وتكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعنيان أو الذي عينه رئيس المحكمة. وهي نفس الإجراءات التي يتم اتباعها إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من ثلاث محكمين كما ينص على ذلك – الفصل 5-327 والذي يضيف في فقرته الأخيرة ما يلي : “تطبق نفس المقتضيات كلما اعترض تشكيل الهيئة التحكيمية صعوبة بسبب أحد الأطراف أو صعوبة في تطبيق إجراءات التعيين”
وهي فقرة في غاية الأهمية لأنها تؤكد بوضوح أن الحالات المذكورة أعلاه حددها المشرع المغربي على سبيل المثال فقط وليس على سبيل الحصر، مما يجعل باب اللجوء إلى القضاء مفتوحا في كل حالة قد يعترض فيها عائق أو صعوبة تشكيل أو استكمال الهيئة التحكيمية وهو موقف جدير بالتأييد لما فيه من حماية قانونية للتحكيم ولأطرافها من أي تعسف أو تقاعس قد يصدر من أحد الأطراف أو من المحكمين المعنيين ويحول دون تشكيل الهيئة التحكيمية، ويعيق بالتالي مسار العملية التحكيمية
ث : الحالة الرابعة
وهي حالة في الحقيقية تهم الصعوبات والعوارض التي قد تثار بعد تشكيل الهيئة التحكيمية وتكوينها نهائيا، وقد نص عليها المشرع المغربي في الفصل 325 من قانون 05-08 وتهم حالتين، الأولى تكمن في حالة انتهاء مهمة المحكم لأي سبب من الأسباب، فهنا يتم تعيين محكم آخر لتعويضه، ويتم ذلك وفقا لنفس القواعد المطبقة على تعيين المحكم الذي تم تعويضه. وهي القواعد المشار إليها في الفصول من 3-327 الى 5-327 والمذكورة أعلاه،
أما الثانية فتتمثل في الحالة التي يتعذر فيها على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدي إلى تأخير غير مبرر لإجراءات التحكيم، ولم يبادر هذا المحكم إلى التنحي ولم يتفق الأطراف على عزله. فإن رئيس المحكمة يتدخل في هذه الحالة ويأمر بإنهاء مهمة المحكم بناء على طلب أي من الطرفين.
2 – بالنسبة للتحكيم الدولي
فإن حالات التدخل القضائي لتذليل صعوبات تشكيل الهيئة التحكيمية، جمعها المشرع المغربي في الفصل 41-327 ، ونص عليها بشكل عام دون تحديد دقيق لها، وترك بالتالي الحرية للأطراف في اللجوء إلى رئيس المحكمة متى اعترضت أي صعوبة تشكيل الهيئة التحكيمية، وهذا ما يتضح من خلال صياغة هذا الفصل، الذي ينص:
“إذا اعترضت صعوبة تشكيل الهيئة التحكيمية، يجوز للطرف الأكثر استعجالا، ما لم ينص على شرط مخالف 1- أن يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة… ” وعلى غرار التشريع المغربي، نجد أن أغلب التشريعات المقارنة نظمت التدخل القضائي لتشكيل وتكوين الهيئة التحكيمية، وتطرقت معظمها – من ذلك مثلا التشريع المصري والفرنسي – لبعض الحالات التي تستوجب هذا التدخل دون تحديد حصري لها.
ثانيا : قواعد التدخل القضائي في تشكيل الهيئة التحكيمية
إذا كان المشرع المغربي – وعلى غراره معظم التشريعات المقارنة – قد حدد بعض الحالات الأساسية للتدخل القضائي لتشكيل الهيئة التحكيمية وبين مجموعة من الشروط الواجب توافرها في هذا الصدد، وحاول- قدر الإمكان – الإحاطة بكل الجوانب الموضوعية للتعيين القضائي المحكمين، فإن التساؤل يطرح عن كيفية تعامل التشريع المغربي والمقارن مع القواعد والإجراءات المسطرية التي تحكم هذا التدخل؟ ومدى استجابتها لمتطلبات ومبادئ التحكيم لا سيما عنصري السرعة والمرونة؟.
يتضح أن تنظيم المشرع المغربي للقواعد – بالرجوع إلى القانون رقم 05-08 والضوابط التي تحكم التدخل القضائي في تشكيل الهيئة التحكيمية يشوبه بعض القصور في العديد من الجوانب سواء فيما يتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها أو بالقضاء المختص والسلطات الممنوحة له في هذا الصدد.
1 – الإجراءات المسطرية
ففيما يخص المسطرة نجد أن المشرع المغربي اكتفى فقط بالإشارة إلى تقديم الطلب من أحد الأطراف إلى رئيس المحكمة المختصة وذلك في الفصل 05-327 و 41-327 من قانون 05-08 دون تبيان شكليات هذا الطلب وكيفية تقديمه؟ يكفي مجرد تقديم طلب بذلك إلى رئيس المحكمة المختصة؟ أو ينبغي رفع دعوى وفق الإجراءات المعتادة؟
في البداية نشير إلى أن المشرع المغربي جعل تقديم الطلب إلى القضاء للتدخل لتشكيل هيئة التحكيم خاصا فقط بأطراف التحكيم، ولا يجوز ذلك للمحكمين أنفسهم حتى ولو فشلا في اختيار المحكم الثالث الذي من الممكن أن يرأس الهيئة، وهذا ما يستخلص من نص الفصل 5-327 الذي جاء فيه 1- إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين 2 – إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاث محكمين… تولى رئيس المحكمة المختصة تعيين، بناء على طلب أي من الطرفين…”
أما بالنسبة للإجراءات فإنها تبدأ عموما، وعمليا بتقديم الطلب كتابيا من صاحب المصلحة إلى الجهة القضائية المختصة يوضح في رغبته في تعيين المحكم في حالة كون الهيئة مكونة من محكم واحد، أو تعيين محكم أحد الطرفين، أو المحكم الوتر، أو تشكيل كامل هيئة التحكيم، ويتضمن هذا مجموعة من البيانات تسهل مهمة الرئيس في الاستجابة للطلب، ويرفقه بما يعزز موضوع طلبه من وثائق مفيدة، كأن يدلي مثلا بنسخة من العقد الأصلي المتضمن شرط التحكيم أو غيرها من المستندات التي قد تساعد القضاء على إصدار قرار التشكيل في أسرع وقت ممكن
وبطبيعة الحال فإنه يشترط في مقدم الطلب أن تتوافر فيه شروط التقاضي من صفة وأهلية ومصلحة كما حددها ق م م، وإلا تعرض طلبه لعدم القبول ، ويستحسن في المقال أن يكون مستوفيا للشروط القانونية المتطلبة تفاديا لعدم قبوله ، وإهدار الجهد والوقت.
من كل هذا إذن يتضح أنه يكفي تقديم الطلب من أحد الأطراف إلى السيد رئيس المحكمة المختصة ولا داعي لللجوء إلى دعوى قضائية ووفق الإجراءات العادية، لأن ذلك لا يتناسب مع خصوصية مسطرة التحكيم الذي تتطلب السرعة والمرونة، كما لا يتوافق مع الغرض من التدخل القضائي المتمثل في ضمان التشكيل السريع لهيئة التحكيم.
2 – الجهة القضائية المختصة
على غرار الإجراءات المسطرية لم يبين المشرع المغربي بشكل واضح الجهة القضائية المختصة بالنظر في طلب تعيين الهيئة التحكيمية خصوصا في التحكيم الداخلي و لا طبيعة الأمر الصادر عنها، كما لم يبين كذلك السلطات الممنوحة للقضاء في هذا الصدد، على عكس الفصل 309 من ق م م القديم الذي وضح فيه ذلك حيث أناط هذا الاختصاص آنذاك لرئيس المحكمة الابتدائية المختص بمنح المقرر التحكيمي القوة التنفيذية.
لكن بالرغم من عدم التحديد الدقيق للجهة القضائية المختصة بالنظر في طلب التشكيل خصوصا في التحكيم الداخلي، فإنه يمكن استنباط هذا الأمر من العديد من فصول القانون رقم 05-08 أهمها الفصل 41-327 المتعلق بالتحكيم الدولي والذي حدد فيه المشرع الجهة المختصة في فقرته الثانية التي تنص: ” إذا اعترضت صعوبة تشكيل الهيئة التحكيمية، يجوز للطرف الأكثر استعجالا، ما لم ينص على شرط مخالف:
1 – أن يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة التي ستتولى فيما بعد تخويل الصيغة التنفيذية الحكم التحكيمي إذا كان التحكيم جاريا بالمملكة.
2 – أن يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة التجارية بالرباط إذا كان التحكيم جاريا بالخارج واتفق الأطراف على تطبيق قانون المسطرة المدنية المغربي”.
وبقراءة هذا الفصل مع الفصلان 310 خصوصا الفقرة الأخيرة منه التي تنص على أنه: “يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة الإدارية الذي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها، أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني
من خلال قراءة هذه النصوص يتضح إذن أن الجهة القضائية المختصة بتذليل صعوبات تشكيل الهيئة التحكيمية في قضايا التحكيم الداخلي تختلف حسب نوعية النزاع، فإذا كان إداريا يرجع الاختصاص إلى رئيس المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى رئيس المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني
أما إذا كان النزاع التحكيمي تجاريا فإن الاختصاص يرجع إلى رئيس المحكمة التجارية الذي سيتولى فيما بعد إعطاء الصيغة التنفيذية للمقرر التحكيمي، ونفس الشيء للنزاع المدني حيث يرفع الطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة بتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية.
الفقرة الثانية: دور القضاء في اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية
في البداية نشير إلى أن هناك اختلافا فقهيا حول تعريف الإجراءات الوقتية والتحفظية، حيث ذهب بعض الفقه إلى أن المصطلحات والألفاظ المستعملة عموما في هذا الموضوع لا تسهل على الفهم، فمصطلحي الإجراءات الوقتية والتحفظية يستخدمان دون تمييز بينهما باعتبارهما مترادفين وذلك بالرغم من أنهما يشيران إلى أمور مختلفة.
وهكذا تم تعريف الإجراءات الوقتية بأنها إجراءات تحقيق تهدف إلى حفظ الأدلة اللازمة بين الخصوم أثناء الخصومة، ويكون القرار الصادر بشأنها وقتي، لا يكون الغرض من ورائه الحصول على حكم في موضوع النزاع، وإنما كسب حماية بديلة تحل مؤقتا محل الحماية القضائية والتنفيذية العادية، ومن ذلك مثلا النفقة الوقتية التي يحكم واقعية أو قانونية لضمان تنفيذ الحكم الذي سيصدر في النزاع، وبعبارة أخرى هي إجراءات تحافظ على إمكانية العملية لتنفيذ الحكم الذي سيصدر في النزاع، وبعبارة أخرى هي إجراءات تحافظ على الإمكانية العملية لتنفيذ الحق وتحقيقه في المستقبل،
ومن ذلك مثلا القرارات الخاصة بفرض الحراسة القضائية على الأموال المتنازع عليها، والأحكام الخاصة بالحجوزات التحفظية وغيرها من التدابير.
وعموما فسواء تعلق الأمر بالإجراء التحفظي أو الوقتي فإن الغاية والهدف هو إسعاف المتقاضي في كلتا الحالتين وإشباع حاجته الملحة في وقت لا يجدي فيه اللجوء إلى إجراءات التقاضي العادية.
وكما هو الشأن بالنسبة للمنازعات الرائجة أمام القضاء الرسمي، حيث تلعب فيها الإجراءات الوقتية والتحفظية دورا بارزا في الحفاظ على العديد من الحقوق والمراكز القانونية والأدلة، نجد أن هذه الإجراءات تزداد أهميتها بخصوص المنازعات التحكيمية التي تتطلب في أصلها و موضوعها السرعة، وبالتالي فما بالك بأي إجراء آخر تحفظي أو وقتي يرى فيه المحكم أو الأطراف أو أحدهم فائدة وصيانة لحق من حقوقه، حيث يتطلب اتخاذ سرعة أكبر من تلك المتطلبة في موضوع النزاع حتى تتم المسطرة التحكيمية في الوقت المناسب وبالسرعة اللازمة ودون أي عائق وصعوبة
وهكذا فقد تتطلب طبيعة وظروف النزاع التحكيمي اتخاذ بعض التدابير المؤقتة والتحفظية، وقد تظهر الحاجة إلى هذه الإجراءات قبل انعقاد هيئة التحكيم، أو بعد انعقادها وأثناء سير الدعوى التحكيمية. فرغم أن إجراءات التحكيم تتسم بالسرعة والمرونة إلا أن ملابسات الدعوى المعروضة على الهيئة التحكيمية تقتضي اتخاذ بعض التدابير المستعجلة تجنبا لأضرار بالغة قد تلحق بأحد الخصوم نتيجة الانتظار حتى صدور الحكم التحكيمي المنهي للخصومة أو التي تجعل الحكم بعد صدوره عديم الجدوى
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات