محتويات المقال
بطلان الشركات التجارية خصائصه و آثاره
لجأ المشرع المغربي من خلال قانوني الشركات التجارية رقم 17.95 و 5.96 إلى إدخال تغييرات جذرية على النظام القانوني الذي يحكم بطلان الشركات التجارية هدفا من وراء ذلك إلى التقليص من أسباب و حالات البطلان، و توحيد نظرية البطلان،
وجعل مقتضياتها تشمل سائر أشكال الشركات التجارية، و إقرار مسطرة و إجراءات جديدة و دقيقة لتسوية إجراءات التأسيس و البطلان معا، و ذلك أملا في الإبقاء على الشركة قائمة ما أمكن لتحقيق الأهداف التي تأسست من اجلها و التي تصب في مصلحة الشركاء و المساهمين و في المصلحة العامة
أسباب بطلان الشركات التجارية
الملاحظ أن المشرع حاول التقليص ما أمكن من أسباب بطلان الشركات التجارية حماية المصالح الشركاء و المساهمين و حفاظا على الشركة باعتبارها شخصا معنويا يساهم في تحقيق التنمية و خلق مناصب الشغل و توفير موارد مالية للدولة.
كما عمد المشرع إلى توحيد أسباب البطلان بالنسبة لسائر الشركات بصرف النظر عن شكلها، بحيث تم حصر هذه الأسباب في نص المادة 337 من القانون رقم 17.95 و التي تحيل عليها المادة الأولى من 5 . 96. و هذه الأسباب هي التالية :
– وجود نص صريح بالبطلان في القانونيين رقم 17.95 و 5.96
– إذا كان غرض الشركة غير مشروع
– إذا كان غرض الشركة مخالفا للنظام العام.
– انعدام أهلية جميع المؤسسين
و من ثم فإن اشتراط وجود نص صريح يقضي بالبطلان في قانوني الشركات التجارية يشكل التقليص الحقيقي من حالات و أسباب البطلان. و بمعنى آخر، لا يترتب على خرق باقي القواعد في هذين القانونين و لو كانت قواعد آمرة الحكم بالبطلان، إن لم ينص على هذا البطلان صراحة. لأن المشرع حدد لهذا النوع من الخرق أو الإخلال جزاءا آخر في الفقرة الثانية من المادة 337 من القانون رقم 17.95 يتمثل في اعتبار كل شرط نظامي يبطل وحده دون أن يؤدي وجوده إلى بطلان الشركة.
فبعض حالات البطلان بالنص الصريح في القانون رقم 5 . 96 سواء ما تعلق منها بطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها أو مقرراتها جاءت مذكورة في المواد التالية. 5- 16 – 98 – 66 – 56 – 54 – 50 – 38 – 33 و غيرها.
أما بعض حالات و أسباب البطلان بنص صريح و الواردة في قانون 17.95 سواء ما تعلق منها ببطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها المواد التالية: 139-178-188 -192 – 201- 325- 329
خصائص بطلان الشركات التجارية
وتجدر الإشارة إلى أن خصائص البطلان بالنسبة للشركات التجارية تتمثل فيما يلي:
– يعتبر هذا البطلان من النظام العام، بمعنى انه يحق لكل ذي مصلحة أن يثيره و يتمسك به.
– يكون لتدارك و تصحیح سبب البطلان أثر رجعي.
– يكون للبطلان في حالة التصريح به قضائيا أثر نسبي، بمعنى أن أثره لا يسري إلا في مواجهة المعنيين بالأمر و لا يمتد إلى الغير.
– لا يجوز للشركاء أن يتمسكوا بهذا البطلان في مواجهة الغير
– لا يسري أثر البطلان بين الشركاء إلا من تاريخ تقريره بواسطة حكم قضائي
– توحيد التقادم المتعلق بدعاوي البطلان بحيث تتقادم هذه الدعاوى في جميع الحالات بمضي ثلاث سنوات ابتداء من يوم سريان البطلان.
آثار بطلان الشركات التجارية
تعتبر مسطرة أو إجراءات تدارك أسباب البطلان و تسويتها من مستجدات قانوني الشركات التجارية الهادفة إلى تقليص حالات البطلان ما أمكن حماية لوجود الشركة و بقائها قائمة
و تسري إجراءات تدارك أسباب البطلان على سائر الشركات التجارية أيا كان شكلها القانوني.
الفقرة الأولى: إمكانية تدارك سبب البطلان و إصلاحه
على خلاف نظام البطلان الذي تقرره القواعد العامة للالتزامات و العقود الفصل 316 من قانون الالتزامات و العقود و التي تقضي بإزالة كل أثر للعقد الباطل حتى في الماضي لأن العقد الباطل عدم و العدم لا ينتج أثر، نجد أنه في مجال الشركات التجارية فتح المشرع المغربي المجال لتدارك سبب بطلان الشركة، إذ نص على حالتين يتم فيهما إجراء التسوية عن طريق تصحيح العيب الذي لحق الشركة و المسبب لحالة البطلان و ذلك بناء على طلب صاحب المصلحة
الحالة الأولى: نصت عليه المادة 339 من القانون رقم 17.95 و مؤداها سقوط دعوی البطلان إذا زال سببه و لغاية يوم البث ابتدائيا في الموضع.
الحالة الثانية: نصت عليها المادة 340 من نفس القانون ومؤداها أن المحكمة المعروضة عليها دعوى البطلان أن تحدد ولو تلقائيا أجلا للتمكن من تدارك أسبابه ما لم يكن البطلان راجعا لعدم مشروعية غرض الشرك أو لإنشاء شركة بين قاصر و ولی الشرعي (المادة 341 من القانون رقم 17. 95 )
كما لا يمكن للمحكمة أن تصدر حكما بالبطلان إلا بعد مرور شهرين على الأقل من تاريخ تقديم المقال الافتتاحي للدعوى.
الفقرة الثانية : آثار الحكم المقرر للبطلان
حل الشركة بالنسبة للمستقبل:
إذا لم يتم تدارك سبب البطلان إلى حين البث ابتدائيا في الموضع و أصدرت المحكمة حكما بالبطلان، فإن الشركة تحل بقوة القانون و يسري هذا البطلان بأثر فوری أي بالنسبة للمستقبل فقط لا بأثر رجعي، و تتم تصفيتها حسب ما تنص عليه المادة 346 من القانون رقم 17 . 95 ، كما يكون للحكم بالبطلان تجاه الشركة نفس آثار الحل المنطوق به قضاء و بمعنى آخر، ينتج هذا الحكم بالبطلان تجاه الشركة نفس آثار الحكم بحلها قضائيا.
ويقصد بالأثر الفوري للبطلان هنا في مجال الشركات التجارية حصر آثار البطلان في المستقبل فقط و عدم مده إلى الماضي خلافا للقاعدة العامة في التعاقد التي تقرر الأثر الرجعي للبطلان أي وجوب إعادة المتعاقدين إلى نفس و مثل الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.
تصفية الوضع الناشئ عن قيام الشركة في الماضي :
حيث يترتب على التصريح ببطلان الشركة قضائيا وجوب تصفية الأوضاع القانونية التي نشأت في الفترة ما بين تأسيسها إلى حين الحكم ببطلانها، وذلك من ناحيتين:
من ناحية العلاقات بين الشركاء أنفسهم: حيث يتعين تحديد نصيب كل واحد منهم في الأرباح و في الخسائر وفي إيرادات التصفية.
من ناحية علاقات الشركة بالغير: إذ تنص المادة 347 من القانون رقم 17, 05 على عدم إمكانية احتجاج الشركة أو الشركاء أو المساهمين بالبطلان تجاه الغير حسن النية، مما يعني أن الشركة تظل ملزمة بتنفيذ تعهداتها و التزاماتها تجاه الغير حسن النية كما لو كانت صحيحة. أما الغير حسن النية، فله حق الخيار بين اعتبار الشركة موجودة في الفترة السابقة للحكم بالبطلان و مطالبتها بتنفيذ التزاماتها اتجاهه، و بین اعتبارها باطلة حسب ما تقتضيه مصلحته
المسؤولية المدنية الناشئة عن البطلان:
في مقابل التخفيف من نظام البطلان المترتبة على عدم احترام شروط و إجراءات تأسيس الشركات التجارية، لجأ المشرع إلى التنصيص على قيام المسؤولية المدنية و الجنائية للمسؤولين عن ذلك. إذ قرر أن المسيرين الأوائل و الشركاء و أعضاء مجلس الإدارة المنسوب إليهم بطلان الشركة أو بطلان أحد مقرراتها يعتبرون مسئولين على وجه التضامن تجاه الشركاء الآخرين و الغير عن الضرر الناتج عن البطلان. و تتقادم هذه الدعوى بمرور خمس سنوات من تاريخ اكتساب قرار البطلان قوة الشيء المقضي به ( المادة 92 من القانون رقم 5 . 96 و المادة 350 من القانون رقم 17. 95 ).
و الملاحظ أن هذه المقتضيات لا يتم إعمالها إلا في الحالات التي تصرح فيها المحكمة بالبطلان. أما في الحالات التي يتم فيها تدارك سبب البطلان أو تتقادم دعواه فإن المسؤولية المدنية الناتجة عن الأضرار اللاحقة سواء بالشركة أو الشركاء أو الغير تظل محكومة بالقواعد العامة للتعويض المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود باعتباره مصدرا احتياطيا للشركات التجارية.
المراجع و المصادر المعتمدة:
عز الدين بنستي : “حالات بطلان الشركات ونظرية الشركات الفعلية”، أطروحة لنيل الدكتوراه
عز الدين بنستي : “الشركات في التشريع المغربي والمقارن”
شكري السباعي : “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي”،
د. فتيحة يوسف المولودة عماري : “أحكام الشركات التجارية”، وفقا للنصوص التشريعية والمراسيم التنفيذية الحديثة
فؤاد معلال : “شرح القانون التجاري الجديد”، الجزء الثاني، الشركات التجارية
عزيز العكيلي، الشركات التجارية، دراسة فقهية قضائية مقارنة في الأحكام العامة و الخاصة
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات