محتويات المقال
انتقال الحاضن بالمحضون إلى بلد أجنبي
ان انتقال الحاضن بالمحضون إلى بلد أجنبي أي خارج التراب الوطني يسقط الحق في الحضانة، ويعتير ذلك من أنواع التنازل الضمني، الذي نصت عليه القوانين المغاربية.
والمراد بالسفر هنا سفر نقله أي انتقال وهجرة، لا سفر تجار، وحسب ما قال به المشرعون المغاربة عموما، أن السفر بالمحضون في نفس البلد من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، لا يسقط الحق في الحضانة
أما الذي يسقطها، هو ذلك السفر الذي يقام فيه بالمحضون خارج التراب الوطني والذي يتضرر منه الصغير ، وهذا ما سوف تعالجه من خلال ما جاء به المشرعون المغاربة، في نص المادة 69 من قانون الأسرة الجزائري، والمادة 179 من المدونة المغربية وفي الفصل 61 و 62 من المجلة التونسية وهذا ما سوف نتطرق إليه، من خلال الفروع التالية:
الفرع الأول: موقف المشرع الجزائري من انتقال الحاضن بالمحضون إلى بلد أجنبي
عالج المشرع الجزائري، موضوع انتقال الحاضن بالمحضون، إلى بلد أجنبي وجعله من أسباب التنازل الضمني عن الحضانة، نظرا للضرر الذي قد يلحق بالمحضون بسبب هذا السفر الطويل، الذي يقصد منه الثقة والانقطاع
وقد عالج المشرع الجزائري، مسألة السفر والانتقال عن الوطن إلى بلد أجنبي، من خلال المادة 69 من قانون الأسرة، والتي نصت على أنه إذا أراد الشخص الموكول له حق الحضانة، أن يستوطن في بلد أجنبي، رجع الأمر القاضي في إثبات الحضانة له، أو إسقاطها عنه، مع مراعاة مصلحة المحضون
فمصلحة المحضون، تقتضي تعليق انتقال الولد إلى بلد أجنبي، على إذن القاضي ومن ثم بعدم تخويل الأب أو الولي، حق التمتع بمنح هذه الرخصة
ومن خلال التمعن في نص المادة، نجدها قد ساوت بين الرجال والنساء من أصحاب الحضانة، فكلاهما يخضع لرقابة القاضي، وهذا من أجل تحقيق مصلحة المحضون وبقائه تحت رقابة أبويه
والسفر المقصود هاهناء تلك السفر خارج الوطن، من أجل الإقامة بشكل مستمر ودائم، وبمفهوم المخالفة، أن السفر بالمحضون إلى بلد أجنبي من أجل السياحة أو العلاج أو قضاء عطلة بصفة مؤقتة، لا يخضع لحكم المادة 69 من قانون الأسرة
وما دام انتقال المحضون مع أحد أبويه، إلى بلد مسلم لا يتعارض ومصلحته، فلا إشكال في ذلك، ولكن المشكل المطروح في الليلة الأجنبي، وفي المسافة الفاصلة بين البلدين فبالرجوع إلى نص المادة 69، نجدها أعطت حكما واحدا، سواء كان الأب مسلم أو غير مسلم، مع مراعاة القاضي لمصلحة المحضون، ولم تجد جواب على المسافة المقطوعة بنص المادة، إلا أن القاضي لم يولي الاهتمام بالمسافة، وبعدها بين الوطن والبلد الأجنبي بقدر ما اهتم، بأن البلد الذي سيقيم فيه المحضون علم أو غیر مسلم، وهذا مراعاة المصلحة المحضون.
من خلال ما تقدم، تبين أن المشرع الجزائري، من خلال نص المادة 69 من قانون الأسرة، يوحي بأن البلد الأجنبي، هو ما كان خارج التراب الوطني
ولكن القضاء قد وضح ذلك، وجعل البلد الأجنبي هو البلد الذي لا يدين بدين الإسلام، حتى لا يضيع الولد ويبقی علی دین أبيه، وبالتالي في حالة لإقامة بالمحضون والسفر به من أجل الإقامة ببلد أجنبي، لا يدين بدين الإسلام، پسقط القاضي عنه الحضانة بسبب هذا السفر، الذي يتضرر منه الصغير .
الفرع الثاني: موقف المشرع المغربي من انتقال الحاضن بالمحضون إلى بلد أجنبي
عالج المشرع المغربي، موضوع انتقال الحاضن بالمحضون إلى بلد أجنبي، وجعله من أسباب سقوط الحضانة، وذلك حسب نص المادة 179 من المدونة، بأنه: يمكن للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة، أو النائب الشرعي للمحضون أن تضمن في قرار اسناد الحضانة، أو في قرار لاحق، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب، دون موافقة نائبه الشرعي
تتولى النيابة العامة، تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك
في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب، يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات، لإصدار إذن بذلك.
لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب
ولم يتأثر المشرع المغربي، بما جاء به نظيره الجزائري، حيث منحت المدونة المغربية، للنائب الشرعي حق الاعتراض المسبق أو اللاحق، على السفر بالمحضون، إذ له حق مراقبة تنقل المحضون خارج المغرب وليس القاضي يد في تلك، بل عزز المشرع رغبة النائب الشرعي في المنع في السفر بالمحضون، بضمان تنفيذ ذالك عن طريق تبليغ النيابة العامة الجهات المختصة بهذا المنع
والمشرع المغربي فقد حذا حذو المشرع الجزائري، في جوب الحصول على إذن للسفر بالمحضون
ويفهم أيضا من النص، أن السفر المسقط للحضانة، هو ذلك السفر من أجل الإقامة الدائمة بالمحضون خارج الوطن، وليس بصفة مؤقة
وهذا ما أكده القضاء المغربي، إذ قرر المجلس الأعلى المغربې، بتاریخ: 1973 / 03 / 29 ، على أن: الحكم الذي لم يبين فيه مصلحة نقل المحضون، يكون ناقص التعليل، ويوازي إنعدامه…”
وعلى عكس ما جاء به المشرع الجزائري، في المادة 70، التي لم توضح البلد الأجنبي، الذي سيقيم فيه المحضون مسلم أو غیر مسلم، ولكن القضاء فصل في أمره واستثني البلد المسلم، لكن القانون المغربي، جعل الهجرة للبلد الأجنبي سواء كان مسلم أو غیر مسلم، مسقط لهذا الحق في الحضانة بسبب السفر إليه.
الفرع الثالث : موقف المشرع التونسي من انتقال المحضون إلى بلد أجنبي
عالج المشرع التونسي، هذا النوع من التنازل الضمني، والمسقط للحضانة بسبب السفر لبلد أجنبي، من خلال الفصل 61 من المجلة التونسية، بقولها: ” إذا سافرت الحاضنة سفر نقلة، مسافة يعسر معها على الولي القيام بواجباته نحو منظوره، سقطت حضانتها”
وجاء الفصل 62 من ذات القانون، تكملة للمادة ،61 بقولها: “يمنع الأب من إخراج الولد من بلد أمه، إلا برضاها ما دامت حضانتها قائمة، وما لم تقتضي مصلحة المحضون خلاف ذلك”
والمشرع التونسي، قد خالف المشرعين العقارية حيث يفهم من النصين أنه لم يفرق بين السفر داخل التراب الوطني والسفر خارجه، وإنما اتخذ المعيار آخرا والمتمثل في عسر المراقبة تجاه المحضون، سواء كان داخل تونس أو خارجها
ومن القررت التي صدرت في مثل هذا الشان، تجد قرار المحكمة التعقيب التونسية الصادر بتاريخ: 1985 / 10 / 19 ، حيث قضت بأنه: ” لا يكتسي الحكم الأجنبي، بإسناد حضانة الطفل التونسي إلى أمه الأجنبية المستقرة بألمانيا، الصيغة التنفيذية ، إذا ما تضمن ما تخالف قواعد النظام العام التونسي، طبقا لما تقتضيه الفقرة الخاصة، من الفصل 318 م.ت “
وفي قرار أخر لمحكمة التعقيب، التي أكدت على الحفاظ على الدين الإسلامي للمحضون، في قرار صادر عنها بتاریخ: 1985 / 06 / 03 ، فقضت بأن: “حكم طلاق الأجنبية من زوجها التونسي المسلم الصادر بالخارج، وإسناده حضانة الولد لها، وهو يعيش عند والده بتونس، أين يمكن تنفيذ الحكم بالنسبة للحضانة بعد اكتسابه الصفة التنفيذية من طرف القضاء التونسي ، حسب القانون الذي أوجب عدم تعارض ذلك الحكم مع قواعد النظام العام بتونس، التي منها العروبة والإسلام اللذين هما من مقومات السيادة التونسية حسب دستورها ،ولا يمكن الحياد عنها، وبذلك فإن ما ذهب إليه الحكم التونسي من اكتساب الحكم الأجنبي الصفة التنفيذية، فيه خرق للقانون بوجوب نقضه”
وبذلك يمكننا القول ، أن ما دامت مصلحة المحضون، لا تتعارض مع انتفال الصغير إلى بلد مسلم، من حيث عدم الخشية عليه من فساد دينه وخلقه، فإن الأمر يحسم
وخلاصة القول: أن السفر بالمحضون خارج التراب الوطني، مسقط للحق في الحضانة، ويعتبر من أسباب التنازل الضمني، التي نصت عليها القوانين المغاربية ،وقد علق المشرعون المغاربة إثبات الحضانة، أو إسقاطها بمصلحة المحضون، ولم يوضح النص الجزائري مفهوم البلد الأجنبي، إلا أن القضاء جعل البلد الأجنبي، في ذلك البلد الذي لا يدين بدين الإسلام.
ولم يفرق المشرع المغربية في مفهوم البلد الأجنبية بين البلد المسلم وغير المسلم فكلاهما مسقط لهذا الحق، بينما المشرع التونسي جاء بمعيار آخر في هذا الشأن الا وهو عسر المراقبة اتجاه المحضون، سواء كان السفر داخل تراب الوطن التونسي أو خارجها.
وما قال به المشرع المغربي: أن إذن القاضي، مرتبط بموافقة النائب الشرعي للمحضون، على عكس بقية المشرعين المغاربة، الذين أعطوا السلطة الواسعة القاضي في منح الترخيص، من أجل السفر خارج الوطن، وهذا أخذا بمصلحة المحضون، ووضعها فوق کل اعتبار
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
المراجع
– حمیدو زكیة، مصلحة المحضون في القوانین المغاربیة – دراسة مقارنة 2005
– حسین عزیزة، الحضانة في قانون الاسرة، رسالة ماجستیر 2011
– بن عصمان نسرین إناس، ” مصلحة الطفل في قانون الأسرة الجزائري”، رسالة ماجستیر
– أحمد نصر الجندي، شرح قانون الأسرة الجزائري 2014
– أحمد نصر الجندي، شرح قانون مدونة الأسرة المغربیة
– بن حواء الأكحل ، نظریة الولایة في الزواج في الفقه الإسلامي والقوانین العربیة
– رشدى شحاتة ابو زید، شروط ثبوت حق الحضانة في الفقه الإسلامي وقانون الأحوال الشخصیة
أحدث التعليقات