محتويات المقال
النظام الحزبي والنظام الانتخابي
تعتبر الكيفية التي تكون بها الدولة النظام الحزبي أمرا معقدا وله جذور عريقة في التطور التاريخي، متى وتحت أي ظروف يمكن للنظام الانتخابي أن يتوسع؟
العديد من الدول شديدة الاختلاف لها النظام الحزبي متماثل؛ فالهند المتشرذمة أفرزت نظاما حزبیا مهیمنا (بقيادة حزب المؤتمر) وكذلك فعلت اليابان التي تتسم بالتجانس (وذلك بقيادة الحزب الديمقراطي الليبرالي)
ومع ذلك، فكل من الهند واليابان شهدنا مؤخرا تشرذما في أنظمتهم الحزبية وكما أن التفسيرات المتعلقة بعامل واحد لا تفي بهذا الغرض، لكن علماء السياسة عموما يتفقون على أهمية النظام الانتخابي
أحد أهم الاختيارات المؤسساتية التي يمكن أن تقوم بها الدولة هو الخيار بين النظام الانتخابي القائم على الأحياء ذات العضو الواحد، أو التمثيل النسبي، إذ إن نظام الأحياء الانتخابية الأحادية العضو مثل الذي يحدث في الكونجرس الأمريكي، حيث تفوز التعددية البسيطة، يميل إلى إفراز أنظمة ثنائية الأحزاب أو أنظمة تضم أكثر من حزبين، والسبب وراء ذلك واضح: أن الأحزاب الصغيرة التي تأتي في المرتبة الثالثة لا يتم تمثيلها كما ينبغي في هذه الأنظمة وغالبا ما تعدل عن المحاولة.
وهذه هي الحالة في الولايات المتحدة وبريطانيا والتي تعتمد على النموذج الانجليزي الأصلي والذي يطلق البريطانيون عليه ” الفوز لمن يظهر أولا أمام السارية” (FPTP) وكأن الأمر يماثل سباق الخيل.
هناك قيمة كبيرة للأحياء ذات العضو الواحد في جمع القوة السياسية من أجل تشكيل الحزب بأغلبية أو على الأقل تعددية.
إذا انقسم أحد الأحزاب، فإنه يمنح الفوز بالانتخابات للحزب المتماسك حيث فاز ويلسون عام 1912 فقط لأن تيدي روزفيلت حل الحزب الجمهوري.
قد لا تكون الفصائل داخل الحزب على وفاق مع بعضها البعض، لكنه تعلم أنهما يجب أن تستمر معا من أجل أن يكون لها مستقبل سياسي.
هذا العامل يساعد في تفسير لماذا يبقى الحزبان الأمريكيان الرئيسيان دون مساس على الرغم من الاختلافات الداخلية الجلية بينهما.
إن التمثيل النسبي (PR) يسمح ويشجع الأحزاب على الانقسام حيث تستخدم أنظمة التمثيل النسبي أحياء متعددة الأعضاء وتحدد مقاعد برلمانية طبقا لنسبة الناخبين في هذه المنطقة
وطبقا لذلك، ليس هناك أهمية كبرى لتماسك الأحزاب، حيث يمكن لمجموعة منفصلة أن تقرر أنها ستنتخب واحدا أو اثنين دون الاتفاق مع وجهات النظر الأخرى،
فمثلا أفضى نظام التمثيل النسبي في إسرائيل إلى اختيار اثني عشر حزبا في الكنيست. أما نظام التمثيل النسبي في السويد فقد رشح ثمانية أحزاب لتمثيله في ركسفاج، إن التعديل في القوانين الانتخابية يمكن أن يغير النظام الحزبي للدولة، حيث يحول الدولة من كونها نظاما متعدد الأحزاب لتصبح دولة ذات نظام أكثر من اثنين كما هو الحال في ألمانيا.
يمكن أن تتحول الدولة من نظام تعدد الأحزاب إلى نظام “التكتل الثنائي”، كما هو الحال في فرنسا، أو من نظام الأحزاب المتعددة المنقسمة بدرجة كبيرة إلى نظام الحزب الواحد المعتدل کما هو الحال في بولندا
– هل الأحزاب في طريقها إلى التلاشي؟
لم تعد الأحزاب كما كانت من قبل, في معظم الدول الديمقراطية تتضاءل أعداد أعضاء الأحزاب وأصبح الناخبون أقل ولاة للأحزابهم وقد وصلت الخلافات الأيديولوجية مداها في القرن العشرين،
كما أن معظم الأحزاب الرئيسية تتسم بالمركزية والتشابه، بحيث تولت وسائل الإعلام وجماعات المصالح القيام ببعض وظائف هذه الأحزاب، بحيث تأتي الأفكار الخاصة بالسياسة الجديدة غالبا من متخصصین في بنك الأفكار، لكن ما الذي سوف يحل محل الأحزاب؟ هل هذه اللجان الانتخابية السياسية (PAC) أم الثلفاز؟ كلاهما لا يصلح
تخضع الأموال لتأثير ذوي المصالح الخاصة، ولأن الأحزاب الأمريكية تتسم بضعف التنظيم واللامركزية، فإن كل منطقة انتخابية وكل ولاية لها أحزابها الخاصة بها، البعض له صلة بالآخر – فالأحزاب لا ترتبط مع بعضها البعض على المستوى القومي.
قال أحد السياسيين في القرن التاسع عشر: ” أنا لا انتمى إلى حزب منظم، سيدي أنا انتمى إلى حزب الديمقراطيين ” نفس الكلام يمكن قوله في الوقت الحالي، لأن هناك حزبين رئيسيين فقط كلاهما يطمح إلى التمركز السياسي، وهما لا يوفران الكثير للناخبين كي يختاروا من بينهم. حتى الجمهوريين في عام 2012، كانوا أكثر مرکزية مع قرب يوم الانتخابات, فمثل تلك الصفات لم تعد قاصرة على الأمريكيين لكنها امتدت إلى الأوروبيين واليابانيين
هل هناك ما يمكن اتخاذه بهذا الشأن ؟ إن الأحزاب وكذلك الأنظمة الحزبية تتسم بجذورها الضاربة في أعماق تاريخ الدولة ومجتمعها ومؤسساتها.
فالدستور الأمريكي لم يعرف الأحزاب مطلقا كما أن الآباء المؤسسين قد حذروا من ذلك. وقد لا يحتاج الأمريكيون الذين يتشاركون أغلب الآراء والقيم الأساسية إلى أكثر من حزبين للتعبير عنهم وعن ميولهم الرئيسة.
إن المقاطعات ذات العضو الواحد ومع تعددية بسيطة من أجل الفوز، تميل إلى إنتاج أنظمة ثنائية الأحزاب وفي الواقع، ليس بوسعنا أن نتوقع أي تغيير كبير في النظام الثنائي الأمريكي فقد أصبحت الأحزاب الأمريكية أكثر مرکزية بعض الشيء،
حيث جعل رونالد ريجان الجمهوريين حزبا محافظا أكثر تماسكا مع برنامج واضح، مما دفع بالديمقراطيين إلى العمل معا بشكل أفضل.
تساعد تكنولوجيا المعلومات في مركزية الأحزاب. فالقوائم البريدية المنظمة بالحاسب الآلي تدفع الولاية ومنظمات الأحزاب المحلية إلى التعاون مع السلطات القومية ويمكن للجان الأحزاب القومية أن تدفع بأموال المجتمع الانتخابي لأجل دعم المرشحين، وبالتدريج من شأن هذا أن يجعل الحزبين أكثر تماسكا وأكثر اتساقا من الناحية الأيديولوجية، لكنه كما اكتشف الجمهوريون عام 2012، قد يضر بالفرص الانتخابية.
قد تكون هناك ميزة في عدم وجود أحزاب مرکزية قوية، الأمر الذي قد يقع في أيدي الأيديولوجيين الذين يجعلون الحزب متمركزا في مواقع جامدة تخسر الانتخابات دائمة.
إن النظام الأمريكي الكلاسيكي للأحزاب المائعة والأحزاب المرنة ذات المظلة الكبرى ربما تكون الأفضل من ناحية التعامل مع مطالب نطاق أكبر من المواطنين كما أن غياب التماسك البرنامجي يعمل على جذب تشكيلة واسعة وناجحة من الناخبين.
الحزب الديمقراطي يبدو أنه فهم هذا الأمر بشكل أفضل من الجمهوريين في انتخابات 2012
تحميل المقال
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
أحدث التعليقات