محتويات المقال
علاقة الموثق بوزارة العدل
يرتبط الموثق بوزاة العدل ارتباطا وثيقا باعتبارها الإدارة الوصية على التوثيق، ويمكن إجمال علاقة وزارة العدل بالموثق ورقابتها على عقوده في المظاهر التالية:
– حيث وبهذا الخصوص نجد المشرع المغربي أناط بوزارة العدل مهمة مراقبة المهن القانونية والقضائية وحسن مزاولتها، وفي هذا السياق تتضمن هيكلة هذه الوزارة مديرية الشؤون المدنية التي تتكون من عدة أقسام من بينها قسم مساعدي القضاء والمهن القانونية والقضائية الذي يتفرع إلى عدة مصالح، خص فيها المرسوم المنظم لاختصاصات الوزارة مهنة الموثقين العصريين والعدول بمصلحة خاصة لكل منهما.
وهكذا فإن الموثق يخضع للمراقبة الصارمة من قبل الدولة قبل تسلمه مهامه الرسمية، فليس للموثق إمكانية التنصيب دون موافقة السلطات العليا التي لها وخدها سلطة تعيين الموثق وتحديد مقر عمله من خلال قرار لرئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل، ملزمة اياه قبل البدء في وظيفته بأداء اليمين القانونية أمام القضاء كما تقدم، ووضع الشكل والتوقيع ونسخة من محضر اليمين لدى كتابة الضبط المحكمة المنتمي لها. وبعد انطلاق الموثق في مهامه يخضع لقانون مهني ملزم وصارم يوجب عليه ممارسة مأموريته في إطار ترابي محدد بدقة متناهية من قبل الدولة وفي اختصاص نوعي مضبوط.
ومن جهة أخرى خول القانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة لوزارة العدل بمقتضى المادة 40 منه صلاحية مراقبة العدول في مزاولة مهامهم، وقد عكست نصوص أخرى من هذا القانون ومن مرسومه التطبيقي وكذا القوانين المنظمة لباقي أنظمة التوثيق والتنظيم القضائي والنظام الأساسي لرجال القضاء، المراقبة المنوطة بوزير العدل من خلال تخويله عدة مهام تهم مهنة التوثيق منها:
أولا : مهام الوزير فيما يتعلق بعلاقة الموثق بوزارة العدل
– تحديد عدد المكاتب العدلية ومقارها وعدد العدول بها استشارة اللجنة المختصة على أن هذه المهمة تقتصر على العدول ولا تشمل التوثيق العصري والعبري.
– تنظيم المباريات وتعيين اللجان المشرفة عليها لانتقاء المترشحين للعدالة، وتعيين الناجحين فيها بقرارات وزيرية كمتمرنين ووضع حد لتمرين من لم ينجح منهم في الامتحان المهني، ولا يخضع لهذا الإجراء متمرنوا التوثيق العصري والعبري.
– تنظيم الامتحان المهني قصد الترسيم ، وتعيين الناجحين فيه في مقر عملهم، مع إسقاط الناجح في المباراة الذي لم يلتحق بعمله أو لم يدل بعذر مقبول خلال أجل ستة أشهر إبتداء من توصله بقرار تعيينه وكذا إسقاط العدل الذي أصبح يمارس أعمالا أخرى تتنافى مع مهنة التوثيق، بما في ذلك قبول استقالة العدل أو عدم قبولها، ورئاسة اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثق ونقله وقبول استقالته وتحديد مقر عمله
-كما وتسهر على تعيين القضاة المكلفين بالتوثيق، والقضاة من محاكم الاستئناف أو ممن يزاولون عملهم بالإدارة المركزية بالوزارة للقيام بتفتيش المحاكم وأقسام التوثيق التابعة لها، والمكاتب العدلية تفتيشا عاما أو خاصا .
– البحث في وقائع محددة مع إرسال تقارير حول نتائج التفتيش حالا إلى وزير العدل وتضمينها مستنتجات المفتشين واقتراحاتهم
– تحديد شكل اللوحة التي تتعلق بالبناية التي يوجد بها مكتب العدول ، هذا بالإضافة الى تحديد شكل المذكرة الممسوكة من طرف العدول، وشكل كناش التصاريح بقرار مشترك مع وزير المالية، وكذا نماذج السجلات المستعملة لتضمين الشهادات العدلية
– هذا وتبقى من أهم الاجراءت المتخذة وكرقابة للموثق والعدل الإذن للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بإيقاف العدل مؤقتا عند فتح متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية ضده، سواء التمس ذلك الوكيل العام للملك أو كان التوقيف بناء على تعليمات من وزير العدل بصفته الرئيس المباشر للنيابة العامة، مع إعفاء كل عدل أصابته عاهة مرضية تمنعه كليا من مزاولة المهنة.
– هذا ومن اهم الصلاحيات المخولة ايضا لوزارة العدل والمتمثلة في مراقبة ممارسة الموثق لمهنته، بما في ذلك القيام باختصاصات أخرى تهم الموثقين و تتعلق بعمليات إيداع وسحب المبالغ التي يباشرونها لدى صندوق الإيداع والتدبير.
– أما فيما يخص علاقة الموثق بوزارة المالية فان حسابات الموثق في المغرب تخضع للتفتيش من طرف مصلحة التسجيل والمالية والنيابة العامة حسب مقتضيات الفصل 69 من القانون 32.09، أما في الدول الأجنبية فالمنظمات المهنية هي التي تضطلع بالرقابة على عقود التوثيق وحسابات الموثقين، وارتباطا بذلك فقد نص على اختصاص وزارة المالية في الرقابة على حسابات الموثقين الفصل 65 من قانون رقم 09-32 والذي جاء فيه على أنه يخضع الموثقون سواء فيما يخص عملياتهم الحسابية أو الأموال والقيم المودعة لديهم أو التي يتولون حساباتها أو فيما يخص حقوقهم وعملياتهم واحترامهم للقانون المنظم للمهنة لمراقبة مزدوجة يتولاها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أو من ينوب عنه التي يوجد بدائرة نفوذها مكتب الموثق والوزارة المكلفة بالمالية طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
ثانيا: النصوص المنظمة لعلاقة الموثق بوزارة العدل
هذا وقد نص المرسوم المنظم لاختصاصات وزارة المالية على علاقة الموثق بوزارة العدل وفي نصوص جبائية ونصوص منظمة للتوثيق.
فبالنسبة للنصوص الجبائية، يتولى الموثق وجوبا، تضمين البيانات والتصاريح التقديرية اللازمة لتصفية واجبات التسجيل بالعقود المحررة من طرفه، وكذا تقديمه سجلات التحصين إلى مفتش الضرائب قصد التأشير، عليها واستيفاء إجراء تسجيل العقود وأداء الواجبات في الأجل المحدد قانونا، او بإيداعه نسخة من العقد العرفي المحرر من طرفه لدى مكتب التسجيل المختص، مع تقديم العقود العرفية غير المسجلة والتي تبنى عليها العقود الرسمية لإجراء التسجيل مع أداء الواجبات المستحقة عنها.
هذا بالنسبة للموثق أما العدول فيتولون وجوبا، إخبار الأطراف المتعاقدة بإجبارية التسجيل، وحثهم على أداء الواجبات المستحقة داخل الأجل القانوني.
وبذلك يلاحظ أنه على خلاف قانون التوثيق 32.09 لم يجعل المشرع أداء الواجبات المستحقة إجباريا من طرف العدل، وإنما أعطى الأطراف حرية اختيارا دائما بأنفسهم أو بواسطة العدل أو الموظف المكلف بذلك وهو ما يتعارض مع مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية التي تجعل العدل مسئولا تضامنا مع أطراف العقد في حالة عدم أداء الضرائب والرسوم المثقل بها العقار موضوع العقد الذي يحررونه.
– هذا ويبقى للعدل تحرير العقد بمجرد تلقي الإشهاد وتوجيهه إلى مكتب التسجيل المختص مرفقا به، وفي حالة قبضه لواجبات التسجيل عليه إيداع هذه المستحقات والعقود المتعلقة بها لدى مفتش التسجيل بعد تضمينها، او بتضمين العقد المحرر من طرف مراجع تسجيل العقد المبني عليه وفي حالة عدم وجودها إيداع نسخة منه لدى المكتب المذكور
أما بخصوص النصوص المنظمة للتوثيق، فإنه يمكن تصنيف علاقات وزارة المالية بالموثق حسب قانون رقم 09-32 والقانون رقم 03-16 والمرسوم التطبيقي الصادر في أكتوبر 2008 إلى مستويين الأول مالي والثاني مهني، وبذلك فان وزير المالية يتولى رقابته على الموثق وذلك بمراقبة حساباته والأموال المودعة لديه أثناء تفتيش دواوينهم بواسطة مفتشين تابعين لإدارة الضرائب أو المفتشية العامة، وكذا التأشير على دفاتر الفهرسة الممسوكة من طرفهم وتضمينها عدد العقود المسجلة بواسطة المفتشين المكلفين بالتسجيل
كما ويبقى لوزير المالية تعيين العدل أو الموظف التابع لوزارة العدل المكلف باستخلاص واجبات التسجيل بالمدن والمراكز والمناطق التي لا تتوفر على مكاتب التسجيل ومراقبتها طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل، مع توصل المصالح التابعة له بنسخ من الرسوم الخاضعة للتسجيل الموجهة إليه من طرف العدل والقاضي المكلف بالتوثيق قصد مراقبتها.
أما على المستوى المهني فإن وزير المالية يتولى مهمة إبداء الرأي في تعيين الموثقين وانتقالهم وتحديد مقرات عملهم بواسطة ممثله في اللجنة المختصة بذلك، او من خلال منحه صفة عدل بقرار مشترك مع وزير العدل بالنسبة للعاملين بالبعثات الدبلوماسية والقنصلية.
ويتضح من المقتضيات السابقة أنه إذا كان لوزارة المالية ارتباط كبير بالعدل أكثر من الموثق، فإنه على العكس من ذلك تضطلع وزارة المالية باختصاصات هامة في شؤون التوثيق بالنظر إلى أن مهمتها لا تنحصر في مراقبة أداء الضرائب، بل إنها تستخلص بعضها لفائدة الخزينة العامة، بينما يقتصر دورها على مراقبة المحررات المنجزة في إطار الأنظمة التوثيقية الأخرى ومستحقاتها الجبائية.
ثالثا : علاقة الموتق ببعض الإدارات الأخرى
يمكن القول بهذا الخصوص أن الموثق تربطه عدة علاقات وشراكات بإدارات أخرى إثر مزاولته لعمله التوثيقي والتي من بينها:
– الأمانة العامة للحكومة التي تدلي برأيها في كل ما يتعلق بالموثقين العصريين وانتقالهم واستقالتهم وتحديد مقرات عملهم بواسطة ممثلها في اللجنة المختصة بذلك، هذا بالإضافة إلى علاقته بمكتب الصرف حيث وفي هذه الحالة فان الضرورة تقتضي إخبار الموثق مكتب الصرف بكل عملية شراء أو بيع تتعلق بأجنبي، وبالدرهم شريطة أن يكون مقيما بالمغرب وإثبات ذلك بشهادة السكنى أو بطاقة الإقامة، ما لم يكن هذا الأخير قد فتح حسابا بنكيا بالدرهم القابل للتحويل
أما عن علاقة الموثق بالمحافظة على الأملاك العقارية فانه إذا كان المشرع لم يخول مصلحة المحافظة غلى الأملاك العقارية حق مراقبة الموثق في ممارسته لمهامه، فان علاقة هذا الأخير بهذه المصلحة، علاقة وطيدة وخطيرة باعتبار أن الشهر العقاري يعطي الحرية المطلقة للتصرفات التي تنصب على العقارات أو الحقوق العقارية الصادرة عن الموثق. لذلك فإن مهام المحافظ العقاري لا تنصب على مراقبة أعمال الموثق،
وإنما على مراقبة العقود من حيث الشكل والمضمون وحفظهما لديه يعد شهرها. ومن ضمنها العقود التي يحررها الموثق حيث ألزمت النصوص الجاري بها العمل في هذا المجال المحافظ على الأملاك العقارية، تحت طائلة مسؤوليته الشخصية، بالتأكد من هوية المفوت وصحة الوثائق المدلى بها، لذلك فهو ملزم بالتأكد من شكل ومضمون المحررات والاتفاقات وعدم تنافي المعاملات مع القوانين والنظم المعمول بها.
إذن فمؤسسة المحافظة على الأملاك العقارية تتولى مراقبة عقود الموثق في الحالات التي تعرض فيها عقوده على مصلحة المحافظة العقارية قصد تقييدها وتسجيلها، وهو الأمر الذي يعطي للمحافظ إمكانية رفض إجراءات تسجيل وتقييد عقود الموثق لبطلانها، او لمخالفتها لبعض الاجراءات القانونية عند تحرير الموثق لعقد من عقوده، ذلك أن أهمية هذا العقد الموثق تكمن في منحه الشرعية القانونية من طرف المحافظة العقارية، والتي يصبح بمقتضاها عقدا رسميا حافظا لحقوق زبنائه المتعاقدين.
وتأكيدا لذلك فانه وللمكانة التي يحتلها الموثق وكشخص خوله المشرع اظفاء الرسمية على العقود وفي عديد قوانينه، لتبقى من هذه القوانين الفصل 789 من ق ل ع التي نصت على ضرورة كتابة البيوع العقارية من طرف الموثق وغيره من المؤهلين لكتابة هذه العقود وكشرط لصحة واثبات هذه البيوع، لتبقى أهم هذه القوانين ما يتعلق بمدونة الحقوق العينية في مادتها 4 والتي اعتبرت الموثق الشخص الاول والمؤهل لمنح الرسمية لجميع التعاملات العقارية تحت طائلة بطلانها، هذا بالاضافة الى القانون18.00، والقانون 44.00 المعدل، والقانون 51.00، والتي اناطت بالموثق مهمة اظفاء الرسمية على هذه العقود وتحت طائلة بطلانها، وهو الامر الذي يقتضي موافاتها برقابة على اعمال الموثق وخدماته المقدمة لزبنائه.
ولأهمية هذه البيوع العقارية وكثرتها في وقتنا الحالي وفي ظل تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير بهذه البيوع او غيرها، والتي اعتبر فيها الموثق الشخص الضامن برسميته لحقوق المتعاقدين والاغيار، وهو الأمر الذي ما جعل وضرورة رقابة عقوده تحقيقا لأمن قانوني توثيقي وتعاقدي لهذه البيوع العقارية وغيرها من التعاملات التي تعرض على مكتبه.
هذا وتجدر إشارتنا إلى أن الموثق ما يخضع لرقابة إدارة الضرائب والتسجيل، ذلك أن الموثق وقبل تحريره للعقد عليه التأكد من خلوه من أي تحملات او ديون، وفي ذلك ألزمه القانون 32.09 بالتحري من قانونية العقد محل المعاملة، وضرورة حصول الأطراف فيه على ما يعرف بالإبراء الضريبي الذي تمنحه ادارة الضرائب قبل تحريره للعقد، الأمر الذي يوحي برقابة هذه الإدارة على عقود الموثق.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات