محتويات المقال
مفاهيم أساسية في دراسة علم السياسة
إن دراسة علم السياسة تتطلب الإلمام ببعض المفاهيم الأساسية التي تعتبر بمثابة مفاتيح لفهم هذا العلم الحديث النشأة و الذي يتطور باستمرار بتطور هذه المفاهيم, حيث شهد هذا العلم تطورا هاما من الأسطورة السياسية إلى الفكرة السياسية ثم النظرية السياسية وتستدعي دراسة علم السياسة الاطلاع على مجموعة من المصطلحات و المفاهيم التي ارتبطت بالسياسة.
مفهوم العلم
العلم هو كل ما توصل إليه العقل البشري من حقائق أثبتت التجربة صحتها وثباتها, وهو ما يمكن تسميته بالحقائق العلمية أي الحقيقة التي لا يختلف عليها شخصان مثل قانون الجاذبية الذي يقضي بسقوط كل جسم له وزن وكتلة على سطح الأرض, وهذا ما يطلق عليه العلوم التجريبية كعلم الفيزياء وعلم الكيمياء, كما يطلق العلم أيضا على النظريات و الأفكار التي توصل إليها العقل البشري واستفادت منها المجتمعات في تنظيم شؤونها كالعلوم القانونية و العلوم الاقتصادية و العلوم السياسية.
الفرق بين العلم و المعرفة, العلم مصطلح يطلق على كافة القوانين والمبادئ والنواميس التي تسير عليها الحياة والتي تكون فيها الأسباب تؤدي إلى نتائج معينة, أما المعرفة فهي كل ما توصل إليه العقل البشري من إدراك لمعلومات تتعلق بمختلف الأشياء ” معرفة الأسماء و الألوان والظواهر المختلفة في الحياة”.
من هنا يمكن القول بأن العلم هو إدراك العقل للمبادئ و القوانين المسيرة للكون أو اكتشافها, أما المعرفة فهي عملية جمع المعلومات بمختلف أصنافها و أنواعها.”
مفهوم السياسية
السياسية لغة هي كلمة على وزن فعالة مشتقة من ساس يسوس سوسا والسوس بضم الواو هو الطبع والسجية, ويقال عند العرب الصدق من سوس فلان, أي أن الصدق من طبعه من سجيته, والسوس أيضا دود يصيب الطعام والصوف وفي اللهجة المغربية ساس الشيء يسوسه أي أنهاه وأتى على آخره وسوس الإناء إفراغه من محتواه كما عبارة” سايس الشخص” في اللهجة المغربية تعني سايره واستدرجه, وعند العرب أيضا السياسة فعل السائس ويقال فلان يسوس الدواب إذا قام عليها ورضها.
مفهوم السياسة اصطلاحا : السياسة هي القيام على الشيء بما يصلحه, كما يقال فلان ساس وسس عليه أي أمر وأمر عليه, وفي الحديث : “كان بنو إسرائيل يسوسهم أنبياؤهم” أي يقودونهم ويولون أمورهم كما يفعل الأمراء و الولاة بالرعية, والسياسة بهذا المعنى هي الرياسة وتقلد زمام الحكمة.
علم السياسة
تدخل العلوم السياسية ضمن تخصصات العلوم القانونية و الاجتماعية التي تدرس نظرية السياسة وتطبيقاتها من خلال وصف وتحليل النظم السياسية وسلوكها السياسي, ويعتبر علم السياسة حقلا معرفيا يهتم بدراسة الظاهرة السياسية,
وتجدر الإشارة إلى أن علم السياسة من أصعب المجالات العلمية وذلك لكونه يهتم بدراسة ظاهرة صعبة ومتغيرة باستمرار وهي الظاهرة السياسية ذلك أن هذه الأخيرة تندرج ضمن الظواهر الإنسانية التي تتغير بتطور العصور والأزمان وتختلف باختلاف المجتمعات و الأجناس البشرية.
وتندرج العلوم السياسية ضمن فروع القانون العام ومن بين فروع علم السياسة نجد دراسة النظم السياسية ودراسة النظريات السياسية و التنمية السياسية والتنشئة السياسية و السياسات العمومية والسياسة الدولية و القانون الدولي العام.
لقد ظهر علم السياسة كفرع من العلوم الاجتماعية و الإنسانية مع نهاية القرن التاسع عشر, وتطور بظهور معاهد متخصصة في هذا المجال كالمدرسة الحرة للعلوم السياسية التي أنشأت في باريس عام 1872, ومدرسة لندن لعلم الاقتصاد والسياسية, وقد تم اعتماد علم السياسة كمادة تدرس في الجماعات الأوروبية وكذا الجماعات الأمريكية ثم بعدها في باقي الجامعات في العالم.
الأسطورة السياسية
لقد بدأ الإدراك الإنسي للأمور السياسية بالاعتقاد في القوى الخارقة للطبيعة ووجود آلهة متحكمة في حياة الناس وأقدارهم فعرفت الحضارات الإنسانية على مر العصور أساطير عديدة تتعلق بالقوى الخفية لمجموعة من الآلهة كأوزوريس و إيزيس اللذان انبثقا عن أسطورة فرعونية جعلت الملوك الفراعنة يعتقدون في وجود حياة أبدية للملوك حفدة الآلهة بعد موتهم فيتم تحنيطهم للحفاظ على الجسد إلى حين عودة الروح من جديد, وهذه الأساطير رسخت لذا الناس مجموعة من المعتقدات جعلتهم يعتقدون أن الملوك هم حفدة الآلهة وأن السلطة تتمركز في يد الحكام بأمر الآلهة أو باسم الآلهة.
وقد نشأت الأفكار السياسية المبكرة أسطورية ثم تطورت بتطور الإنسان لتنتقل من المعرفة الأسطورية إلى المعرفة العقلانية وبعدها إلى المعرفة العلمية.
الفكرة السياسية
الأفكار السياسية هي كل ما توصل إليه الفكر البشري من أفكار فلسفية في مجال السياسة, كما تضم أيضا كافة الأحداث السياسية ذات الدلالة المعرفية و العلمية, ويعبر الفكر السياسي عن كافة الأفكار السياسية ابتداء من أبسط ما يخطر للمفكر السياسي من أفكار تسعى إلى وضع تصور لتنظيم الحياة السياسية وانتهاء إلى الأفكار المنظمة ضمن منهجية علمية ونسق تفكير عقلاني, فكل ما يخطر للإنسان من أفكار تهدف إلى تنظيم الحياة السياسية يعتبر فكرا سياسيا مهما كانت بساطته ومهما كانت طبيعته من حيث الحديث عن ما ينبغي أن يكون أو معالجة ما هو كائن.
النظرية السياسية
وهي القاعدة العامة التي يتوصل إليها العالم السياسي و التي تثبت صحتها من خلال التجارب الإنسانية المطبقة في مختلف المجتمعات, بمعنى أن صحة هذه الفكرة أو المبدأ أو القاعدة تستمر وتؤدي إلى نفس النتائج حيثما طبقت ومتى كان ذلك على اختلاف العصور و الأزمان واختلاف الأجناس و المجتمعات.
فالفرق بين النظرية السياسية و الفكرة السياسية هو أن هذه الأخيرة يمكن أن تقوم على الفكر المجرد و الفلسفي بينما تعتمد النظرية السياسية على منهجية في التفكير تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الواقعية وأثرها في النتائج المتوقعة على ساحة الواقع.
فالتنظير السياسي أو النظريات السياسية هي أرقى ما توصل إليه الفكر الإنساني من مبادئ وقوانين أثبتت التجربة من الأسطورة إلى العلم, ويمكن القول عموما بأن النظرية السياسية هي نتاج ما وصل غليه الفكر الإنساني في رحلة الانتقال من الأسطورة إلى العلم.
المذهب السياسي
يظهر المذهب السياسي في بداية تكوينه كمجموعة من النظريات السياسية و الفكرية التي تتطرق لمختلف القضايا السياسية وتضع لها قوانين وشرائع وممارسات, فإذا تم التسليم بصحة هذه المبادئ والأفكار من طرف مؤيديها أصبحت مذهبا وصار لها أنصار يدافعون عنها وأصبحت بالتالي مسلمات تشكل بالنسبة للمعتقدين فيها يقينا راسخا لا يجوز النقاش فيه, وإذا صارت معتقدات راسخة أصبح من الصعب على أصحابها تقبل فكرة إخضاعها للنقاش و التفكير المنطقي المنهجي المبني على النقد العلمي, وهي بهذا المعنى تنتقل من صفة النظرية إلى صفة المذهب.
الإيديولوجية السياسية
الإيديولوجية هي نسق مترابط من الأفكار المفسرة للواقع من منظور فكري عقدي معين وقد ظهرت كلمة إيديولوجيا لأول مرة في كتاب لدستوت دوتراسي تحت عنوان “بحث حول قدرة التركيز” وقد عرف الإديولوجيا على أنها ” العلم الذي يرمي إلى دراسة الأفكار على أنها وقائع الوعي, ويكتشف خصائصها وقوانينها وعلاقاتها بالإشارات التي تعبر عنها” .
وقد تواتر استعمال هذه الكلمة وتطور مفهومها ومعناها خاصة مع بروز الفكر الماركسي, وقد استعملها الماركسيون في البداية لنقد المذاهب العقائدية و الدينية التي اعتبروها تجريدية ومثالية وغير واقعية وميزوا بينها وبين فكرهم الاشتراكي القائم على أساس الواقع المادي, فالمذاهب الدينية في نظر ماركسيين تستخدم الإيديولوجية كمبرر فكري أو عقدي لتحقيق مصالح الطبقات العليا على حساب الطبقات السفلى من المجتمع.
وعموما تعتبر الإيديولوجية السياسية نسقا ونمطا من التفكير يمكن من إعطاء تفسير لظاهرة سياسية معينة.
المنتظم السياسي
يعتبر المنتظم لسياسي من بين المفاهيم الأساسية في علم السياسة , والمنتظم هو مجموعة من العناصر المادية وغير المادية التي تترابط فيما بينها بشكل يجعلها تؤلف كلا منسجما و منظما”, فهو بهذا المعنى نسق متماسك ومترابط بشكل يجعله مميزا عن باقي الأنساق و المنتظمات ويمكن تفسير هذا النسق بمجموعة من الأمثلة كالمنظومة الشمسية و النظام العصبي ,وفي الفلسفة يعتبر المنتظم أو النسق السياسي هو مجموعة من الأفكار المترابطة منطقيا و التي تصبح موضوع نظر من حيث علاقتها الترابطية وليس من حيث صحتها.
النظام السياسي
هو مجموعة من القواعد و المبادئ التي يتم على أساسها توزيع السلطة السياسية وتحديد اختصاصات أجهزة الدولة, إلا أنه كثيرا ما يقع العديد من علماء السياسة في الخلط بين النظام السياسي و المنتظم السياسي ذلك أن النظام السياسي مثله مثل المنتظم السياسي يعتبر نسقا معينا من الأفكار و المبادئ السياسية التي تميزه عن غيره من التنظيمات السياسية.
غير أنه نجد بأننا حينما نتحدث عن النظم أو الأنظمة السياسية نتجه إلى تفسير شكل توزيع السلطة وانتقالها داخل هذه الأنظمة ذلك أن النظام السياسي ينحصر في تفسير ظاهرة السلطة وتدفقها أو أشكال توزيعها وتمريرها داخل مجال الدولة, أما المنتظم السياسي فيتسع إلى ما وراء أجهزة الدولة ومؤسساتها ” الأحزاب, الجماعات الدينية, الجمعيات….”
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
تحميل المقال
أحدث التعليقات