محتويات المقال
القيود على حق الملكية
الأصل في الملكية أنها حق محمي لا تنزع إلا للمنفعة العامة، أو لمصلحة أعلى من مصلحة المالك. وعن هذين الاستثناءين تتفرع القيود على حق الملكية
فهي إما قيود بمقتضى التشريع أو بمقتضى الاتفاق أي قيود تكون باختيار المالك أو يجبر عليها
وقبل الإشارة إلى أنواع القيود نذكر أن القيد قد يرد على المالك نفسه
ومن ذلك أن تضع بعض التشريعات قيودا على تملك الأجانب للعقارات على أراضيها أو تفرض شروطا خاصة لتفويت بعض العقارات كاشتراط الخبرة في عمليات الخصصة مثلا .
أ – القيود على الملكية بمقتضى التشريع
القيود التشريعية قد تكون مقررة لمصلحة عامة أو مقررة لمصلحة خاصة جديرة بالاعتبار وهى دائم اما تكون بين العقارات المتجاورة منعا للضرر أو على الأقل التقليل من المضايقات الناشئة بين الملاك بسبب الجوار
– القيود التشريعية المقررة للمصلحة العامة
قد تتقرر هذه القيود على مبدأ الحق في التملك من أساسه، لكن الغالب عليها أن تتقرر القيود على حق الملكية بعد توافره ، كنزع الملكية للمنفعة العامة أو الحرمان من الاستغلال للاحتلال المؤقت .
– نزع الملكية للمنفعة العامة
القاعدة الفقهية المعتمدة في هذا التقييد هو تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة إذا تعارضتا وهو مبدأ كوني في جميع التشريعات
لكن الشرط في هذا القيد أن يمارس بلا شطط، لذلك تقرر جميع التشريعات من حيث المبدأ أن نزع الملكية للمصلحة العامة يستوجب التعويض العادل لملاءة ذمة النازع
و لم يحذ المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية عن هذا الاتجاه لما قرر في المادة 33 :
” لا يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون. و لا تنزع ملكية أحد إلا لأجل المنفعة العامة ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون، ومقابل تعويض مناسب”.
لكن مما يعاب على هذا التقرير الذي يحيل على قانون آخر، هو عدم التعبير بصدد التعويض بما توافقت عليه التشريعات من عبارة ” تعويض عادل “،
فاختيار عبارة التعويض المناسب يبقي أفضلية أشخاص القانون العام، و هو أمر تخلت عنه كثير من الدول المتقدمة باعتبار الدولة مليئة ذمتُها غير مفتقرة فلا تحتاج إلى حماية أو ميز قانوني.
– الاحتلال المؤقت و الحرمان من الاستغلال
قد تعمد الدولة إلى حرمان المالك من استغلال ملكه دون نية نزعه على الأقل في مرحلة أولى ، ويكون ذلك لطبيعة النشاط الذي تزمع القيام به في أحوال طارئة أو مستعجلة؛ كأن يأمر بالاحتلال المؤقت على العقارات اللازمة لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها لقطع جسر أو تفشى وباء
و قد تلجأ الجهات للحرمان لعدم توافر الموارد المالية الكافية لنزع الملكية أو لتعقيدات قد تطول فيضيع بطولها العقار من يدها بتفويت أو تغيير أو تشييد
ويشترط في الاحتلال أن يكون مؤقتا بأن ينتهي في أجل محدد غالبا ما تجعله التشريعات ثلاث سنوات أو بانتهاء الغرض، فإذا دعت الضرورة مد المدة المحددة وتعذر الاتفاق مع ذوى الحقوق حينها يلزم الجهةَ المانعة مباشرةُ إجراءات نزع الملكية
وتجدر الإشارة أن تقدير التعويض عن الحرمان يتم وفقا للقانون 7.81 الآنف الذكر، ولمقتضيات المادة الثامنة من قانون 90/40 المحددة لاختصاص المحاكم في البت في النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية و التعويض عن الأضرار الناشئة عن أعمال وأنشطة أشخاص القانون العام.
– القيود المقررة للمصلحة الخاصة
تجتمع هذه القيود في التزامات الجوار؛ فهي من الحقوق المشددة في الفقه الإسلامي، لشدة الوصية بها في الأصلين
ففي الحديث الصحيح المشهور عن عائش رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )
و يحرص التقنين المعاصر بدوره على حفظ هذه الحقوق بالعمل على إنهاء أو تقليل أسباب النزاع بين الحقوق المتجاورة
فنص على مجموعة من القيود القانونية المحمل بها حق الملكية لصالح الملكيات الأخرى المتجاورة ، وذلك بشكل عام وعلى جميع الملكيات.
وفي هذا وردت المادة 21 من م ح ع منبهة أنه :
” لا يسوغ لمالك العقار أن يستعمله استعمالا مضرا بجاره ضررا بليغا، والضرر البليغ يزال”.
ويلاحظ أن التقنين يؤخذ بنظرية مخصوصة في حقوق الجوار وهي ” نظرية الضرر البليغ” ويسمى عند البعض بالضرر غير المألوف تمييزا من الضرر المعتاد الذي لا يمكن تلافيه. وسنشير مرة أخرى إلى هذه القضايا إشارة عجلى.
– أضرار الجوار غير المألوفة
لما كانت طبيعة الضرر من أصعب شيء يحدد لاختلاف الناس في تصوره، فإن القاعدة ألا يغلو المالك في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار.
وبالمقابل ليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة التى لا يمكن تلافيها إلا إذا تجاوزت الحد المألوف، فيراعى في ذلك العرف وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة للآخر والغرض الذي خصصت له، فإذا ما احتفت كل هذه الق ا رئن منع المالك من الإضرار ولو حصل على ترخيص مسبق صادر عن السلطات المختصة.
– قيود المطلات
هي من الأحكام المعلومة في الفقه الاسلامي وقد كان يقع التمييز بين المطلات والمناور. و أشارت إليها مدونة الحقوق العينية في النص العام للمادة 21 في إزالة كل أنواع الضرر، و في حقوق الجوار الخاصة بالحائط المشترك في المادة 30 و كذا في حقوق الارتفاق الخاصة بحق المطل
ومع ذلك فلا بأس من إشارة مقتضبة إلى الفرق و بعض الأحكام في الفرق بين المناور والمطلات . فالمناور هي” ما يقصد بها نفاذ الهواء والنور بعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة دون السماح بالإطلال منها على العقار المجاور”. و بمفهوم المخالفة فإن المطل ” ما يقصد بفتحه وانشائه نفاذ الهواء والنور والإطلال على العقار المجاور و تكون قاعدته فى مستوى قامة الإنسان المعتادة”.
وفائدة التمييز أن ما بالدار من فتحات يسمى مطلا وتخضع لحكمه من عدم جواز الفتح إلا إن ثبت أنها تعلو معتاد القامة فتعتبر منورا . كما أن المطل تحكمه أحكام المسافة المقررة بخلاف المنور الذي لا يشترط فيه هذا الشرط .
ب- القيود الاتفاقية على حق الملكية
قد تدعو الحاجةُ المتعاقدين أثناء ممارسة حقوق التصرف من نقل ملكية أو تفويت منفعة إلى الاتفاق على تضمين العقود بمقتضيات تقضي بمنع الحائز الجديد من التصرف لفترة قد تطول أو تقصر.
و قد يثار بهذا الصدد اعتراض بكون غَلّ سلطة الأفراد في التصرف فى ملكياتهم يناقض خصائص حق الملكية من كونه حقا جامع مانعا مؤبدا بسلطاته الثلاث : الاستعمال والاستغلال والتصرف.
لذلك فإن الفقه و التقنين فتحا باب الاستثناء بقَدَر، وفي حدود ضيقة وبشروط معينة خاصة من جهة التوقيت وتحقيق المصالح المشروعة .
وهكذا، فعدا الشرط البدهي المعروف من عدم مساس الاتفاق بجوهر حق الملكية، فإن صحة تلك الاتفاقات مشروط بشرطين أساسين:
– أن تكون الاتفاقات مؤقتة ومشروعة
– أن لا تشمل كل سلطات المالك.
فيحق مثلا بيع عقار مع اشتراط شرط في العقد يقضي بعدم تمكين المالك الجديد من الانتفاع بملكه إلا بعدم مرور أجل سنة، فإذا كان الشرط غير محدد بطل الشرط بطلان مطلقا
المراجع
حسن القصاب : الحقوق العينية
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك