محتويات المقال
أولا : تعريف القانون الجنائي
اعتاد الفقهاء تعريف القانون الجنائي بأنه ذلك الفرع من القانون الذي تحدد قواعده الأحكام العامة للتجريم والعقوبة المتعلقة بكل الأفعال المجرمة، وأنواع السلوك الذي صنف على أنه جريمة، والعقاب الذي حدده المشرع لها، وكذلك المساطر الواجب إتباعها في البحث والتحقيق عند ارتكاب الجريمة، وإجراءات المحاكمة، وطرق الطعن وتنفيذ العقوبة. ويلاحظ أن هذا التعريف يطال كافة أقسام القانون الجنائي، الذي هو القانون الجنائي العام والخاص والمسطرة الجنائية.
القسم العام من القانون الجنائي
أو القانون الجنائي العام هو ذلك القسم الذي يهتم بدراسة الأحكام العامة الجريمة والمسؤولية والعقوبة، فهو يتعلق بالأركان العامة للجريمة من ركن مادي، ورکن معنوي، و رکن قانوني، وكذلك ما يتعلق بالنظرية العامة لرد فعل المجتمع تجاه الفعل الإجرامي أي العقوبة والتدابير الوقائية. وهي القواعد المنصوص عليها في الفصول من 1 إلى 162 من مجموعة القانون الجنائي المحددة بالظهير الشريف رقم 1. 59 . 413 الصادر في 28 جمادی الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على الجنائي.
القانون الجنائي الخاص
وفيه حصر للأفعال التي يعتبرها المشرع جرائم سواء كانت على شكل عمل إيجابي أو سلبي، والعقوبات والتدابير التي خصها بها. نجد هذه الأحكام في الفصول من 163 إلى 612 من م.ق.ج، وكذلك الواردة في مدونة السير وقانون الصحافة، ومدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
ومن الناحية التاريخية، نجد جذور القانون الجنائي الخاص في القوانين القديمة كقانون حمو رابي عند البابليين وفي قانون مانو عند الهنود وفي قانون بوخوريس عند الفراعنة وفي قانون دركون وصولون عند الإغريق . وفي قانون الإثني عشر عند الرومان.
وأحكام القانون الجنائي الخاص هي الأحكام الأقل ثباتا واستقرارا من قواعد وأحكام القانون الجنائي العام، فما كان يعتبر جريمة في السابق لا يعتبر كذلك الآن، وما كان مباحا في السابق أصبح جريمة في الوقت الراهن، فالإجهاض كان مجرما في فرنسا ولم يعد كذلك الآن إذا كان طبيا وأجري في الأجل القانوني، والسرقة والقتل لم يكونا مجرمين في السابق خلافا للوقت الراهن.
المسطرة الجنائية
في مقابل القواعد الموضوعية التي نجدها في القانون الجنائي بشقيه العام والخاص هناك قواعد إجرائية أو شكلية، نص عليها قانون المسطرة الجنائية، وهي تتعلق بالتنظيم القضائي، وقواعد الاختصاص، وتحريك الدعوى العمومية، والبحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي، وإجراءات متابعة الظنيين، والطعن في الأحكام، وتنفيذ العقوبة وقد تمت معالجة كل هذه المواد في قانون مستقل وهو قانون المسطرة الجنائية التي حددت بالظهير الشريف رقم 1 . 02 . 255 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية
ثانيا : تعريف القانون الجنائي الخاص
ويميز القانون الجنائي الخاص، حسب خطورة الفعل المرتکب، بين المخالفات والجنح والجنايات، فالجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد، أو السجن المؤقت من 5 إلى 30 سنة أو الإقامة الإجبارية أو التجريد من الحقوق الوطنية.
أما الجنح فهي التي يعاقب عليها بالحبس ما بين شهر و5 سنوات أو الغرامة التي تفوق 1200.
أما المخالفات فعقوبتها هي الاعتقال لمدة تقل عن شهر أو الغرامة من 30 درهم إلى 1200 درهم.
وبالمقارنة مع بعض التشريعات نلاحظ أن التشريع المصري يطلق على هذا القانون تسمية قانون العقوبات. أما بعض التشريعات الأخرى، فقد اتجه إلى استعمال مصطلح “القانون الجزائي” كالتشريع الكويتي والسوري واللبناني.
ويرى الفقهاء أن كل هذه المصطلحات غير سليمة، فالمصطلح المستعمل مثلا في القانون المغربي يعتمد الجناية أساسا ناسيا أنواع الجرائم الأخرى كالجنح والمخالفات، وغافلا لعنصر العقوبة التي هي جزء من هذا القانون.
ومصطلح “قانون العقوبات” اعتمد عنصر العقوبة ناسيا الجريمة. ويؤاخذ على مصطلح “القانون الجزائي” أن الجزاء ليس مصطلحا خاصا بالقانون الجنائي إذ نجده في القانون المدني، (كجزاء الإخلال بالالتزام، وجزاء عدم تنفيذ العقود) وفي القانون الإداري (الجزاء التأديبي….).
أهمية القانون الجنائي
إذا كان القانون بصفة عامة هو ذلك العلم الذي ينظم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع، فإن القانون الجنائي ينفرد بأهميته داخل المنظومة القانونية، سواء بالنسبة للدولة أو المجتمع. أو الأفراد. وتتجلى أهميته بالنسبة للدولة في كونه وسيلة لحمايتها من المجرمين بالداخل (تجريم المؤامرة والاعتداء، والمس بسلامة الدولة الداخلية) أو من الخارج (تجريم التجسس، والمس بسلامة الدولة الخارجية)
أما أهمية هذا الفرع من القانون بالنسبة للمجتمع، فإنها تتجلى في تجریمه وعقابه للعديد من الأفعال التي من شأنها أن تهدم دعائم المجتمع كالأسرة (مثلا جرائم إهمال الأسرة والأخلاق (جرائم انتهاك الآداب، وجرائم إفساد الشباب والبغاء)، والملكية السرقة والنصب وخيانة الأمانة).
وغير خاف على أحد أهمية هذا القانون بالنسبة للفرد، إذ يحمي حقه الطبيعي في الحياة بتجريمه لفعل القتل، والسلامة الجسدية لعقابه على الإيذاء بنوعيه العمد وغيرالعمد … الخ
طبيعة القانون الجنائي
السؤال الذي يطرح هو: ما موقع القانون الجنائي من بين القوانين الأخرى؟ هل يمكن تصنيفه ضمن فروع القانون الخاص، أم ضمن فروع القانون العام؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أن القانون يمكن تقسيمه إلى فرعين أساسين هما: القانون العام والقانون الخاص. ويعتبر القانون الخاص ذلك القانون الذي ينظم العلاقات بين الأفراد كالقانون المدني والقانون التجاري، وأن القانون العام هو الفرع من القانون الذي ينظم العلاقات التي تكون فيها الدولة طرفا وهي ذات سيادة وسلطان القانون الإداري، والقانون الدستوري.
لقد انقسم الفقه في شأن تحديد موقع القانون الجنائي، فهناك من يرى أنه يدخل ضمن فروع القانون العام لوجود الدولة دائما كطرف، وأن إتيان أحد الأفعال المجرمة ما هو إلا اعتداء على المجتمع الذي تمثله الدولة.
وهناك من يرى أن هذا القانون يتعين تصنيفه في إطار فروع القانون الخاص، باعتبار أن الجرائم في أغلب الأحيان لا تعدو أن تكون اعتداء على حقوق أفراد، وأن القضاء العادي لا القضاء الإداري هو المختص بالنظر في منازعاته، ويدرسه أساتذة القانون الخاص.
وهناك أخيرا من يرى أن هذا القانون ذو طبيعة خاصة، فهو ينفرد، دون غيره من فروع القانون الأخرى، بموضوعي: التجريم والعقاب.
مكانة القانون الجنائي بالنسبة للفروع القانونية الأخرى
تتجلى أهمية ومكانة القانون الجنائي بين الفروع القانونية الأخرى فيما يلي:
1-تعتبر المواضيع التي تدرس في إطار هذا القانون من الأهمية بمكان بالمقارنة مع المواضيع التي تهتم بها القوانين الأخرى، ذلك أن القانون الجنائي يستقل عن غيره من القوانين في إقرار جزاءات خطيرة لا نجدها في غيره من القوانين ، وهي عقوبات سالبة للحرية .
2-تعتبر العقوبات المقررة في القانون الجنائي أكثر ردعا من الجزاءات المنصوص عليها في القوانين الأخرى، وأن القوانين الأخرى غالبا ما تلتجئ لحماية مصلحة من المصالح إلى اعتماد العقوبات الجنائية، فالمطل في أداء الديون غير مقبول من الناحية المدنية، ولا من الناحية التجارية، ونظرا لخطورته فقد تقرر معاقبة صاحبه جنائيا سواء تعلق الأمر بمعاملة مدنية أو معاملة تجارية.
3- تتجلى أهمية هذا القانون ومكانته في تطوره ومسايرته للتطورات، ويتجلى هذا في تجريمه لأفعال مستجدة كتحويل الطائرات وإتلاف منشآت الملاحة الجوية، وأعمال الإرهاب وغسيل الأموال، وكذلك أفعال ذات الصلة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
المراجع والمصادر:
أحسن بوسقيعة: الوجيز في القانون الجنائي الخاص، الجزء الأول
عبد الواحد العلمي: شرح القانون الجنائي المغربي
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
تحميل المقال:
أحدث التعليقات