محتويات المقال
العلاقات الدولية في العصور القديمة
كانت العلاقات الدولية في العصور القديمة متمتلة في القوة باعتبارها أهم وسيلة لتسوية الخلافات و المنازعات, او لنقل الثروة وعوامل القوة من المهزوم إلى المنتصر, أو لتحقيق السيطرة و التسلط وإخضاع الشعوب الأخرى, لكن هذه العلاقات العدائية لم تحل دون قيام العلاقات السلمية في هذه العصور و خاصة العلاقات التجارية
أولا: الحضارات القديمة :
ظهرت المدن كنتيجة لاستقرار الجماعات في الأراضي الزراعية, ولذلك كانت الدولة المدينة هي أول و اصغر وحدة سياسية عرفتها الإنسانية, لقد كانت هذه الوحدة السياسية مستقلة مستكفية بذاتها, تسيطر على جميع القرى و المزارع التي كان أهلها يلجئون داخل أسوار هذه المدينة في وقت الشدة, وكانت أكثر الحكومات نجاحا أقدرها على حفظ حقوق الناس في امتلاك الأرض.
دولة المدنية بهذا المعنى, لم تكن مقصورة على منطقة دون أخرى من بلاد العالم القديم المعروفة آنذاك, فقد وجدت بين نهري دجلة و الفرات, وعلى ضفاف النيل, وفي بلاد الإغريق وغيرها, لكن دولة المدينة تطورت في فترة زمنية تتفاوت من منطقة إلى أخرى, إذ قامت الإمبراطوريات القديمة التي اتسعت رقعتها وترامت أطرافها, ومن أمثلتها الإمبراطورية الفرعونية و الإمبراطورية الفارسية وإمبراطورية لاسكندر المقدوني والإمبراطورية الرومانية.
لقد قامت هذه الإمبراطوريات, التي تفاوتت في مدة بقائها لإشباع طموح الحكام الراغبين في التوسع, واستطاعت إن تسود في مساحات كبيرة من العالم, متخطية الحدود الجغرافية للبلدان أو القارات, حامية تحت لوائها أجناسا مختلفة, وشعوبا متعددة, ولغات متنوعة, واديان كثيرة.
بيد أن نشأة الدولة المدينية, وتوحيدها, وتكوين الإمبراطوريات المترامية الأطراف, أدى إلى قيام علاقات ذات طبيعية دولية, سعت من خلالها تلك الوحدات السياسية لتحقيق مصالحها, أو لضمان أمنها وسلامتها وبقائها.
ثانيا: الإغريق :
كانت المدن اليونانية في عهد الإغريق تتمتع باستقلال كامل عن بعضها, مما أنشأ قواعد في أوقات السلم و الحرب, وكان من آثار العلاقات السلمية بين الدول المدينية اليونانية و ازدهار التبادل التجاري بينها, قيام نظم قانونية خاصة بحماية الأجانب, فكانت الدولة الأجنبية تعهد بطريقة رسمية إلى أحد المواطنين بحماية مواطنيها و القيام بالوظائف الدبلوماسية داخل دولته هو, وهذا النظام كان له دور مهم في التاريخ اليوناني وه شبيه بنظام القناصل الحالي, وقد عرف الإغريق أيضا التحكيم لحسم الخلافات التي تثور بين مختلف المدن اليونانية المستقلة, وقواعد تسليم المجرمين, وازدهار الأحلاف العسكرية و الاتحادات الدولية.
كما عرف الإغريق بعض القواعد التنظيمية في حالة الحرب, منها قاعدة وجوب إعلان الحرب قبل الدخول فيها, وقاعدة لمكان تبادل الأسرى, ووجوب احترام حياة اللاجئين إلى المعابد, وكانت عمليات التأثر كثيرا ما تعكر صفو العلاقات السلمية بين المدن الإغريقية.
هذه القواعد التي راعها الإغريق في علاقاتهم المتبادلة, بسبب الاشتراك في الأصل و الأعراف و اللغة و الدين, جعلت المدن الإغريقية تتشابه مع الدول الحديثة التي تكون وحدات مستقلة في المجتمع الدولي المعاصر, لكن علاقة الإغريق بالبلاد غير اليونانية كان لها شأن آخر, إذ كانوا يعتبرون أنفسهم عنصرا ممتازا وشعبا فوق الشعوب الأخرى من حقه إخضاع هذه الشعوب و السيطرة عليها. ومن هنا كانت علاقاتهم بهذه ” الشعوب الهمجية في نظرهم, تحكمية لا ضباط له, وكانت في الغالب علاقات عدائية وحروبا مشوبة بالقسوة لا تخضع لأي قواعد و لا تراعي فيها أي اعتبارات إنسانية”
ثالثا: الرومان
يمكن التفريق بين مرحلتين في التاريخ الروماني, ففي المرحلة الأولى التي امتدت إلى الحرب البونية الثانية كانت روما أكثر استعدادا للاعتراف بقواعد سلوك دولية اعتبرتها ملزمة لها وللدول الأخرى كالمعاملة بالمثل والمساواة القانونية, لكن تطورا تدريجيا طرأ على هذا الموقف منذ القرن الثالث قبل الميلاد, إذ بدأت روما بسبب تزايد قوتها تنظر إلى أعدائها على أنهم شعوب غير متحضرة, لذلك أنكرت أية التزامات قانونية حيالهم, وبدأت قاعدة المعاملة بالمثل تختفي, وان ظلت قواعد أخرى ملزمة كحصانة السفراء ومراسيم إعلان الحرب أو السلام.
وقد عقدت روما كثيرا من المعاهدات من أهمها المعاهدات التي أبرمتها مع قرطاجنة, وقد تضمنت هذه المعاهدات شروطا تفيد الخضوع لروما و الاعتراف بالعظمة الرومانية, أو محالفات بينها وبين بلاد اقل قوة منها, كما عقدت روما اتفاقات تضمنت امتيازات متبادلة والأخذ بمبدأ التحكيم وتسليم المجرمين, وكانت معاهدات الصداقة أو التحالف تعطي الحق للإفراد الأجانب في التمتع بالحماية في حالة انتقالهم أو وجودهم في بروما, أما الشعوب التي لم تربطها بروما أية معاهدة, فان أفرادها وممتلكاتهما لم يتمتعوا بهذه الحماية بل كان يحل قتلهم واستبعادهم و الاستيلاء على ممتلكاتهم.
لكن رومان لم يختلفوا كثيرا عن الإغريق في نظرتهم إلى سواهم من الشعوب, فلم يكن لهذه الشعوب أي حقوق قبلهم يتعين عليهم احترامها, وكانت صلاتهم بها في الغالب صلات عدائية وحروب متواصلة من اجل السيطرة على العالم, وضم أكبر عدد ممكن من الأقاليم إلى الإمبراطورية الرومانية, وبالفعل فقد أصبحت العلاقات بين روما و الدول التي فقدت شخصيتها نتيجة لهذه السياسة, علاقات بين أجزاء إمبراطورية واحدة تخضع لقانون هذه الإمبراطورية, وهو القانون الروماني.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
تحميل المقال:
أحدث التعليقات