محتويات المقال
العلاقات الدولية في الإسلام
يهدف الإسلام إلى توحيد البشرية في ظل نظام قانوني واحد هو الشريعة الإسلامية, لكن الدولة الإسلامية كغيرها من الدول العالمية, لم تشمل العالم بأسره , وقد مرت في سياق تطورها بمراحل مختلفة بدأت بالدولة المدينة في المدينة المنورة, لتشمل بالتدريج الجزيرة العربية و البلاد المجاورة لها وأقاليم أخرى كثيرة في آسيا وإفريقيا وأوروبا, ثم أخذت بعد ذلك تتجزأ إلى وحدات سياسية مستقلة, إلى إن قامت الدول الإسلامية الحالية التي حصل أغلبها على الاستقلال حديثا, وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية. فتطور الدولة الإسلامية بهذا الشكل جعل العلاقات الدولية في الإسلام ذات وجهان :
الوجه الأول: علاقات المسلمين فيما بينهم
إن علاقة المسلمين فيما بينهم, فوضعها الطبيعي ألا تكون محلا لأي قواعد دولية, إذ كان للمسلمين حكومة واحدة, على اعتبار أن العلاقات بين أجزاء الدولة الواحدة تخضع للقانون الداخلي, الذي هو الشريعة الإسلامية في هذه الحالة.
أما إذا كانت للمسلمين حكومات متعددة ذات سيادة, فان ذلك يستدعي بالضرورة قيام علاقات دولية بين الدول الإسلامية المستقلة وهذا ما حدث فعلا
فمنذ مطلع القرن العاشر الميلاد بدأ التفكك في الدول الإسلامي, إذ ظهر خلفاء منافسون للخليفة العباسي في مصر الفاطمية و في بلاد الأندلس و المغرب,
والواقع أن الحكام المسلمين الذين تحدو السلطة المركزية في بغداد كانوا مستقلين استقلالا ذاتيا في أقاليمهم, ولم تظهر بوادر الانقسام الدائم إلا في مطلع القرن السادس عشر الميلادي حين تجزا العالم الإسلامي إلى ثلاث وحدات سياسية مستقلة هي الدولة العثمانية و الدولة الإيرانية و الدولة المغربية
وسواء أسفنا لوقوع هذا التجزؤ, لأنه تفكك لدولة عالمية تسودها الشريعة الإسلامية, أم استحسناه بوصفه تطورا يتكيف باستمرار مع الأوضاع المتغيرة في العالم الإسلامي, فانه مما لا شك فيه إن هذا التجزؤ كان أمرا لازما لبقاء الدولة الإسلامية.
إن التوسع الاستعماري الأوروبي نقل إلى بلاد المسلمين الأفكار العلمانية, وكانت النتيجة حلول المفهوم الأوروبي للإقليم, وخاصة مبدأ احترام الحدود الإقليمية محل الفكرة الإسلامية العالمية التي لا تقيم وزنا للحدود بين البلاد الإسلامية.
الوجه الثاني : علاقة الدولة الإسلامية بالدول غير الإسلامية :
فقد كان من الطبيعي أن تنشأ مشكلة قانون العلاقات الدولية عند المسلمين منذ ظهور دولة الإسلام, وبسبب دعوة الإسلام الشاملة للبشرية جمعاء, وقد أفاض فقهاء الشريعة الإسلامية و المفسرون فيما أتى به الإسلام من قواعد بشأن العلاقات مع الدول غير الإسلامية في حالتي السلم و الحرب ومعاملة أهل الذمة و الأجانب وعالجوا ذلك في مؤلفات خاصة مثل سير الاوزاعي 157 هجرية و كتاب الجهاء لعبد الله بن المبارك 181 هجرية , وكتاب الجهد للطبري 310 هجرية.
إن هذه المؤلفات لا تدع مجالا للشك في أن الفقه الإسلامي كان أول فقه يدرس القانون الدولي كفرع مستقل عن الدراسات القانونية الأخرى, وذلك قبل ظهور كروسيوس الذي يسمى بأب القانون الدولي بثمانية قرون.
وقد اشتملت الشريعة الإسلامية على ضوابط و أحكام تكون نظاما متكاملا يحكم العلاقات الإنساني, لم يصل القانون الدولي لمثلها إلا بعد أربعة عشر قرنا, وكان الإسلام خلاقا لقواعد جاءت أخيرا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وقانون البحار, وقانون المعاهدات, والقانون الدبلوماسي, ومعاهدات جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب و الجرحى و المدنيين.
كما أن ضرورات الحياة فرضت على المسلمين إن ينظموا علاقاتهم مع الدول غير الإسلامية كعقد المعاهدات وانتقال لأغراض تجارية و التمثيل الدبلوماسي وغير ذلك من القواعد التي تستهدف العلاقات السلمية, ولذلك نجد أن الفقه الإسلامي نواة لمعظم الإحكام التي تحتاجها الدول في علاقاتها الدولية وقت السلم ووقت الحرب.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
تحميل المقال:
أحدث التعليقات