محتويات المقال
الطلبات العارضة
الطلبات العارضة هي تلك التي يتم التقدم بها خلال سريان الدعوى، وتضاف هذه الطلبات للطلبات الأصلية وتشكل إلى جانبها وحدة متكاملة غير قابلة للفصل، ويمكن التقدم بطلب عارض الأطراف من تعدیل مجال النزاع وتوسيعه ليشمل وقائع وعناصر جديدة لم تتم الإشارة إليها في المقال الإفتتاحي.
ولا يستفرد المدعي وحده بالحق في التقدم بالطلبات العارضة، إذ يمكن للمدعى عليه أيضا إستعمال نفس الوسائل من أجل مواجهة الطلب الأصلي الموجه ضده، بل أكثر من ذلك، يمكن إستعمال نفس الوسائل من طرف الغير الذي يرى أنه من الضروري التدخل في النزاع الذي لم يكن في الأصل طرفا فيه مخافة أن يضر الحكم الذي قد يصدر فيه بمصالحه.
ويمكن التمييز بيت ثلاث أنواع من الطلبات العارضة، ويستند هذا التصنيف على معیار واضح وهو صفة الشخص الذي يتقدم بها.
المطلب الأول: الطلبات الإضافية
تعريف الطلبات الإضافية
يمكن تعريف الطلبات الإضافية بأنها تلك الطلبات التي يتقدم بها طرف في النزاع قصد تعديل الطلب الذي سبق له التقدم به أمام المحكمة التي تنظر في النزاع، ويمكن أن يصدر الطلب الإضافي على حد سواء من المدعي والمدعى عليه، إلا أنه يشترط لكي يستفيد المدعى عليه من هذه الإمكانية أن يكون قد سبق له التقدم بطلب مقابل، وبإمكان الغير أيضا الذي سبق له التقدم بطلب التدخل في الدعوى أن يتقدم بطلب من نفس الفئة.
ويترتب على التقدم بطلب إضافي أيا كان مصدره توسيع مجال النزاع الذي سبق وأن حدده المدعي في مقاله الإفتتاحي من خلال الطب الأصلي، فعلى سبيل المثال يمكن للمدعي الذي سبق له وأن طالب بالتعويض عن الأضرار التي تكبدها في طلبه الأصلي، أن يتقدم خلال سريان النزاع بطلب إضافي رام إلى رفع سقف التعويضات التي مطالب بها بفعل تفاقمها بعد رفع الدعوى، كما يمكن للطرف الذي تقدم في طلبه الأصلي بطلب رام إلى أداء دين، التقدم بطلب إضافي قصد المطالبة بالفوائد أو بتعويض عن التماطل.
شروط الطلبات الإضافية
الشرط الأول : عنصر الإرتباط
وقد إشترط المشرع المغربي لقبول الطلبات الإضافية من حيث الشكل أن تكون تلك الطلبات متصلة بالطلب الأصلي اتصالا لا يقبل التجزئة. ولم يقم المشرع المغربي بتعریف مفهوم الإتصال المذكور ودرجته. ويترتب على ذلك أن تقدير هذه المسألة يبقى متروکا لمحاكم الموضوع. ولا تمارس محكمة النقض أية رقابة عليها في هذا الشأن.
ومن الملاحظ كذلك أن الفقهاء لا يجمعون على مدى إمكانية إثارة غياب الإرتباط ما بين الطلب العارض والطلب الأصلي تلقائيا من طرف محاكم الموضوع، والشأن نفسه بالنسبة للإجتهاد القضائي المغربي والمقارن، إذ نلاحظ بالنسبة لمحكمة النقض الفرنسية على سبيل المثال بأنها تلجأ في بعض الحالات إلى نقض الأحكام الصادرة بالنظر لعدم مراقبة توفر عنصر الإرتباط بين الطلبين، وتؤيد في أخرى عدم إثارة هذا الدفع تلقائيا من طرف محاكم الموضوع
ولا يهم هذا الشرط طلبات المقاصة التي تشكل أيضا طلبا مقابلا هدف من ورائه المدعى عليه إلى حمل المحكمة على إجراء مقاصة ما بين الدين الذي يطالب المدعي بأدائه والدين الذي لا يزال في ذمته، وقد استثنى المشرع المغربي هذا النوع من الطلبات المقابلة من ضرورة تحقق الشرط المذكور بنص صريح، بل أكثر من ذلك فقد نص المشرع المغربي على إمكانية التقدم بهذه الطلبات ولو لأول مرة أمام محكمة الدرجة الثانية.
الشرط الثاني : عنصر التأثير :
وإلى جانب الشرط الأول المتمثل في عنصر الإرتباط، أخضع المشرع المغربي قبول الطلبات المقابلة من حيث الشكل لضرورة تحقق شرط ثاني يتمثل في مدى تأثير مناقشة موضوعها من طرف المحكمة التي تنظر في النزاع على الوقت الذي سيتم فيه البت في الطلب الأصلي، فقد تم التنصيص على أن قبول تلك الطلبات رهين بعدم تأخيرها للبت في الطلب الأصلي،
وعلى الرغم من عمومية هذا الشرط إلا أن الملاحظ هو أن الإجتهاد القضائي يختزله في معيار مبسط هو الوقت الذي تم فيه الإدلاء به، وتبعا لذلك يتم إعتبار كافة الطلبات المقابلة التي تستجيب للشرط الأول مقبولة إذا ما تم الإدلاء بها في أي مرحلة من سريان الدعوى ما لم يكن الطلب الأصلي جاهزا للبت.
وعلى الرغم من ذلك فإن مسألة تحديد الحيز الزمني الذي يمكن فيه التقدم بطلب مقابل والحيز الذي يتعين فيه التصريح بعدم قبول الطلبات المذكورة تبقى خاضعة للسلطة التقديرية لمحاكم الموضوع، غير أنه في الغالب ما يتم الرجوع إلى معیار مبسط للتمييز ما بين المرحلتين ألا وهو صدور الأمر بالتخلي عن القاضي المقرر أو المكلف بالقضية، وبناء على هذا المعيار يمكن القول بأن التقدم بالطلبات المقابلة يبقى ممكنا طالما لم يصدر الأمر السابق الذكر وأن الأبواب توصد أمامها بمجرد صدوره بالنظر لصيرورة الطلب الأصلي جاهزا للبت.
ويرجع الإختصاص بالبت في الطلبات الإضافية إلى المحكمة التي تنظر في الطلب الأصلي، غير أن التقدم بطلب إضافي بإمكانه أن يؤثر على إختصاص تلك المحكمة القيمي أو النوعي، إذ قد ينتج عن التقدم بالطلب المذكور رفع قيمة النزاع بشکي يخرجه من دائرة النزاعات التي تدخل ضمن إختصاص المحكمة التي تنظر في الطلب الأصلي.
المطلب الثاني: الطلبات المقابلة:
الطلبات المقابلة هي تلك التي يتقدم بها المدعى عليه الأصلي بهدف الحصول على حكم لصالحه، فاستعمال هذه الوسيلة هو بمثابة تعبير من المدعى عليه عن نيته في عدم الإكتفاء بالدفاع عن نفسه من خلال دحض إدعاءات خصمه، ويتحول المدعى عليه الذي تقدم بطلب مقابل بشكل نسبي إلى مدعي، كما يتحول المدعي الأصلي إلى مدعى عليه.
وتختلف الطلبات المقابلة عن الدفوع وعلى الخصوص الدفوع الموضوعية فهذه الأخيرة تهدف فقط إلى التصريح برفض طلب المدعي، أما الطلبات المقابلة فتلعب دورا مزدوجا، فإلى جانب كونها وسيلة دفاع فهي تهدف أيضا إلى تمكين المدعى عليه من الحصول على حماية حق أو تقرير وجوده
وتخضع الطلبات المقابلة للعديد من التصنيفات الفقهية، ويبقى التصنيف الأكثر أهمية هو ذلك الذي يميز ما بين الطلبات المقابلة الصرفة والطلبات المقابلة المختلطة، فالأولى يكون لها موضوع خاص بها، مستقل عن إدعاءات الخصم، ويترتب عن ذلك عدم تأثير أخذ المحكمة بها على الطلب الأصلي، أما الثانية فهي تشكل في نفس الوقت طلبا ووسيلة دفاع، وبالتالي فإن أخذ المحكمة بها يؤثر بشكل مباشر على الحكم الصادر بخصوص الطلب الأصلي،
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن غالبية فقهاء المسطرة المدنية لا يؤيدون قبول الطلبات المقابلة الخالصة من حيث الشكل، بالإستناد إلى غياب عنصر الإرتباط الذي اشترط المشرع توفره لأجل ذلك.
وتصدر الطلبات المقابلة من حيث المبدأ عن المدعى عليه، إلا أن هناك بعض الفقهاء الذي يرون أنه يحق كذلك للمدخل في الدعوى التقدم بها.
ويخضع قبول الطلبات المقابلة من حيث الشكل لنفس الشروط التي تخضع لها الطلبات الإضافية، كما أنه يمكن في حالة ما إذا تبين للمحكمة التي تنظر في النزاع بأن اللجوء إلى إستعمال تلك الطلبات كان بهدف إستدراج المدعي للتقاضي خارج دائرة المحكمة المختصة ترابيا للبت في الطلب المقابل أن تأمر إستنادا على مقتضيات الفصل 30 من ق.م.م بإحالة المدعى عليه على من له النظر.
المطلب الثالث: طلبات التدخل:
تتشكل الفئة الثالثة من الطلبات المقابلة من طلبات التدخل بنوعيها، أي سواء كانت صادرة عن شخص من الغير أو موجهة ضده، وتسمى طلبات التدخل الصادرة عن شخص من الغير بطلبات التدخل الإرادي، أما الطلبات الموجهة ضد أحد الأغيار قصد حمله على التدخل في الدعوى فتسمى طلبات التدخل الإجباري.
الفقرة الأولى: طلبات التدخل الإرادي:
طلب التدخل الإرادي هو الطلب الذي يتقدم به شخص من الغير بهدف الانضمام إلى الدعوى الرائجة أمام المحكمة، ويتعين وجوبا تحت طائلة عدم القبول أن يتم توجيه هذا الطلب ضد أحد الأطراف
ويجب التمييز بين نوعين من طلبات التدخل الإرادي، النوع الأول هو التدخل الأصلي، أما النوع الثاني فيسمى التدخل الإضافي أو الإنضمامي، فالنوع الأول هو الذي يقوم فيه شخص من الغير بالتقدم بطلب مستقل عن الطلبات التي تقدم بها خصوم الدعوى، أنا النوع الثاني فهو الذي يهدف من ورائه من تقدم به إلى دعم إدعاءات الخصوم.
ويتوقف قبول طلبات التدخل الإرادي الأصلي على ضرورة إستجابة المتدخل لكافة الشروط الضرورية لرفع الدعوى المنصوص عليها في الفصل 1 من ق.م.م كما أن توفر عنصر الإرتباط ما بين الطلب الذي تقدم به المتدخل والطلب الأصلي الذي تقدم به المدعي يعد ضروريا، يضاف إلى ذلك أنه يتعين أن لا يترتب عن التدخل الإرادي الأصلي تأخير البت في الدعوى.
ولا يتوقف قبول طلبات التدخل الإنضمامية على ضرورة توفر نفس الشروط کا أن هذه المسألة لا تطرح بنفس الحدة من الناحية العملية، فهذه الطلبات وعلى الرغم من صدورها عن شخص من الغير إلا أنها لا تؤدي إلى تعديل مجال النزاع، غير أنه يشترط مع ذلك ضرورة توفر المدخل على مصلحة في النزاع، وتكمن هذه المصلحة في أن يكون التدخل في الدعوى ضروريا لتمكين المتدخل من الدفاع عن حقوقه وتجنب الإضرار بها.
الفقرة الثانية: طلبات الإدخال الإجباري:
طلب الإدخال الإجباري هو طلب عارض يتقدم به أحد طرفي النزاع في مواجهة أحد من الغير قصد إجباره على الانضمام إلى الدعوى الرائجة أمام المحكمة،
ويميز الفقه بين نوعين من طلبات الإدخال، ويستند هذا التمييز على معيار واضح وهو الهدف الذي يصبو إليه الطرف الذي تقدم بهذا الطلب، فالنوع الأول هو الذي يكون الهدف منه إصدار حكم في مواجهة المدخل في الدعوى، ويمكن أن يتقدم بهذا الطلب المدعي والمدعى عليه على حد سواء، أما النوع الثاني فهو الذي يهدف من خلاله الطرف الذي تقدم بالطلب إلى تمديد آثار الحكم على الخصوص ما يتعلق بحجية الأمر المقضي به في مواجهة المدخل على الرغم من عدم صدور الحكم في مواجهته.
ويخضع قبول طلبات الإدخال الإجباري من حيث الشكل لنفس الشروط الضرورية لقبول الطلبات العارضة، كما يشترط توفر عنصر الارتباط بين موضوع طلب الإدخال وموضوع الطلب أو الطلبات التي سبق للأطراف التقدم بها
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات