محتويات المقال
تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة تحديد كيفية تسييرها
تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة من أهم أنواع الشركات التجارية التي يعتمد عليها التشكيل الاقتصادي في العديد من الدول، نظرا للمزايا التي تقدمها هذه الشركة، فهي تجمع بين مزايا شركات الأشخاص ومزايا شركة الأموال، ويتجلى الطابع الشخصي للشركة من حيث العدد المحدود للشركاء في الغالب الأعم، تربط بينهم علاقة قرابة أو صداقة أو معرفة تشكل النواة الصلبة لعنصر الثقة، فكل شريك يولي ثقته لباقي الشركاء
ولا يمكن أن يقسم رأسمالها من أسهم. ولا يملك الشريك فيها الحق في التنازل عن حصته إلا بشروط معينة. أما الطابع المالي فيتجلى في عدم اكتساب الشركاء للصفة التجارية، ولا يسال الشريك فيها عن ديون الشركة إلا في حدود حصته في رأسمالها، ولا تنقضي الشركة بأحد الأسباب القائمة على الاعتبار الشخصي.
وتشكل شركة ذات المسؤولية المحدودة نموذجا يتفادى الشركاء بموجبه صعوبات تعقيد إجراءات التأسيس الذي يميز بعض أنواع الشركات الأخرى كشركة المساهمة، كما تتميز بمرونة الأحكام المتعلقة بإدارتها، مما يضمن للشركاء الحق في هذه الإدارة دون أن تكون مسؤوليتهم مطلقة وتضامنية كما هو الشأن بالنسبة للشركاء الموصون في حالة تدخلهم في إدارة الشركة، ناهيك عن الحرية الكامل التي يملكها الشركاء بخصوص تحديد رأسمالها، مما يجعلها تتبوأ مكانة متميزة في الهرم الاقتصادي في العديد من الدول.
الفقرة الأولى: تعريف شركة ذات المسؤولية المحدودة وخصائصها
بحسب الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون باقي الشركات: « تتكون المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر سوي في حدود حصصهم”
ويمكن القول إن الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي شركة تجارية بشكلها به شخص واحد أو أكثر لا يسألون عن ديونها إلا في حدود حصصهم في رأسمال الشر يكتسبون الصفة التجارية. ولا يجوز لهم تفويت هذه الحصص إلا بقيود معينة.
وعليه، تنفرد شركة ذات المسؤولية المحدودة بخصائص معينة هي كالتالي:
أولا: تحديد عدد الشركاء
تؤسس شركة ذات المسؤولية المحدودة كقاعدة بين شريكين فأكثر. غير أنه، وعلى خلاف باقي الشركات تنفرد هذه الشركة بخاصية معينة تتمثل في الحد الأدنى والحد الأقصى لعدد الشركاء. ففيما يخص الحد الأدنى للشركاء، فقد أجاز المشرع الشركة أن تؤسس بشخص واحد، وقد سماه المشرع من خلال الفقرة الثالثة من المادة 44 من قانون باقي الشركات بالشريك الوحيد وتخول إليه صلاحية ممارسة جميع السلطات التي تمارسها جمعية الشركاء
وتطبيقا لهذا التصور من جانب المشرع، تستمر الشركة ذات المسؤولية المحدودة في حالة امتلاك جميع الأنصبة من لدن شخص واحد، بمعنى أنه يمكن تأسيس هذا النوع من الشركات من شخص واحد، ويمكن أيضا أن تستمر بشخص وحيد بعد أن سبق تأسيسها بكيفية عادية بين شريكين فأكثر، فركن التعدد لا يتعلق بالنظام العام بخصوص هذا النوع من الشركات سواء فيما يخص تأسيسها أو استمرارها.
أما فيما يتعلق بالحد الأقصى للشركاء، فقد أوجبت المادة 47 من قانون باقي الشركات، على أنه لا يمكن أن يتجاوز عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة خمسين شريكا، وإذا حصل وأن تحقق هذا التجاوز بسبب من الأسباب، وجب تحويلها إلى شركة مساهمة داخل أجل سنتين و إلا تم حلها، ما لم يخفض عدد الشركاء في نفس الأجل إلى الحد المسموح قانونا. وتكمن غاية المشرع من تحديد هذا الحد الأقصى، كمحاولة منه في حصر هذا النوع الشركات في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى المحافظة على الاعتبار الشخصي.
ثانيا: تسمية الشركة
شركة ذات المسؤولية المحدودة تسمية مشتقة من غرضها أو مبتكرة یمکن ان يضاف إليها اسم واحد أو أكثر من أسماء الشركاء، ويتعين أن تكون هذه التسمية مسبوقة بعبارة تدل على نوع الشركة وهي: شركة ذات المسؤولية المحدودة” أو بالأحرف مختصرة لهذه العبارة “ش.ذ.م.م” أو اختزال الاسم بالفرنسية SARL، ويطبق نفس الحكم إذا كان الأمر يتعلق بشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد.
ويجب أن تتضمن جميع الوثائق والمحررات والفواتير الصادرة عن الشركة اسم الشركة ومبلغ رأس مالها ومركزها الاجتماعي وغرضها ورقم تقييدها في السجل التجاري، وتكمن الحكمة من هذا الإلزام، في حماية الأغيار الذي يتعاملون مع الشركة بحيث يستلزم الوضع منهم الوقوف على طبيعة هذه الشركة حتى يكونوا على بينة من الأمر.
وقد عاقب المشرع المسيرين الذين يغفلون الإشارة إلى التسمية التجارية للشركة في كل المحررات والوثائق الصادرة عن الشركة والموجهة الأغيار مسبوقة أو متبوعة مباشرة بالعبارة الدالة على شكلها القانوني أو أحرفها الأولى وبیان رأسمال الشركة، بغرامة من 1.000 إلى 5.000 درهم
ثالثا: المسؤولية المحدودة للشركاء
لا يكون الشريك في شركة ذات المسؤولية المحدودة مسؤولا عن ديون الشركة إلا في حدود الحصة التي قدمها كنصيب في رأس المال الشركة، لذلك تسمى هذه الشركة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة، غير أن معنی محدودية المسؤولية هذا ينصرف إلى الشركاء وليس إلى الشركة، فمسؤولية الشركة غير محدودة وتشمل جميع الديون، أما الشريك فمسؤوليته عن ديون الشركة محدودة وليست تضامنية أو مطلقة
وينبني على هذا نتيجة هامة، تتمثل في أنه لا يمكن للدائنين التنفيذ على أموال الشركة إلا في حدود ذمتها المالية المقررة لها فقط باعتبارها شخصا معنويا، ولا يمكن أن يمتد التنفيذ ليشمل أموال الشريك الخاصة، بخلاف الشريك في شركة التضامن.
وبخصوص شركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص واحد، فالحكمة من تقرير هذا النوع من الشركات هو تخصيص الذمة المالية للتاجر، بحيث يفرد لتجارته مقدارا معينا من الأموال، ويظل مسئولا عن ديون الشركة في حدود ما خصصه للشركة
ويترتب على طبيعة مسؤولية الشريك في هذه الشركة، أن هذا الأخير لا يكتسب الصفة التجارية، ولا يلزم تبعا لذلك أن تتوافر فيه الأهلية التجارية. ولعل هذه الخاصية التي تميز هذه الشركة هي التي جعلت بعض الفقه يلحقها بشركات الأموال، والبعض الأخر يقربها من شركات الأشخاص.
رابعا: انتقال حصة الشريك
يقسم رأسمال الشركة إلى أنصبة يكتتب فيها الشركاء، ويمكن للشريك التنازل عن أنصبته إلى أحد أزواجه أو أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية، ما لم يشترط في النظام الأساسي الموافقة القبلية على الشخص المرشح ليصبح شريكا في الشركة، وذلك خلال أجل ثلاثين يوما تبتدئ من تاريخ تبلیغ انتقال الأنصبة
أما بالنسبة للغير، فقد أجاز المشرع للشريك، من خلال الفقرة الأولى من المادة 58 من قانون باقي الشركات، التنازل عن أنصبته للغير ولكن بقيد يتمثل في عدم انتقال الحصة للغير إلا بعد موافقة أغلبية الشركاء التي تمثل ثلاثة أرباع رأسمال الشركة على الأقل، وذلك للحفاظ على الطابع الشخصي للشركة .
وتفاديا للأضرار التي يمكن أن تلحق بالشركة نتيجة تفويت أنصبة أحد الشركاء، ألزم المشرع الشريك قبل تفويته لأنصبته إخطار الشركة وجميع الشركاء طبقا لطرق التبليغ المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية أو عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل، وفي هذه الحالة لا يسلم الأمر من الفرضيات الثلاث التالية
1- الفرضية الأولى :
تملك الشركة مدة ثلاثين يوما ابتداء من اخر التبليغات، للإعلان عن رغبتها في استرداد الأنصبة المفوتة، وفي حالة مرور هذه المدة دون إفصاح الشركة من هذه الرغبة، فإن المشرع اعتبر هذا المكون من جانبها بمثابة قبول ضمني للتفويت
2- الفرضية الثانية :
إذا عبرت الشركة عن رفضها الصريح للتفويت، يتحتم على الشركاء في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الرفض، شراء أو العمل على شراء الأنصبة بثمن محدد يقدره خبير، ويعين هذا الأخير من قبل الشركاء أنفسهم أو في حالة الخلاف من قبل رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات
3- الفرضية الثالثة :
يمكن للشركة بالاتفاق مع الشريك المفوت داخل نفس الأجل المشار أن تخفض رأسمال الشركة بمبلغ القيمة الاسمية لأنصبة هذا الشريك و إعادة شرائها بالثمن المحدد وفق الشروط المبينة أعلاه
وفي حالة إذا لم تتوصل الشركة إلى أي حل من الحلول المتعلقة بالفرضيتين الثانية و الثالثة أعلاه وانتهاء المهلة المحددة قانونا، يمكن للشريك القيام بتفويت أنصبته إلى الغير دون اعتراض من الشركة أو الشركاء.
خامسا: استمرار الشركة رغم وفاة الشريك أو خضوعه للتصفية أو الحجز
خلاف الخاصية السابقة المتعلقة بتفويت أنصبة الشريك، والذي قيده المشرع بقيود لدواعي حماية الاعتبار الشخصي، فإن خاصية استمرار الشركة رغم وجود ما يؤثر على هذا الاعتبار، جعلت المشرع يبعد هذا النوع من الشركات عن شركات الأشخاص ويقربها من شركات الأموال.
فطبقا للمادة 85 من قانون باقي الشركات، فإن الشركة تستمر رغم وفاة أحد الشركاء ما لم ينص النظام الأساسي على خلاف ذلك، ويكون هذا الاستمرار بين باقي الشركاء وورثة المتوفي، شريطة ألا يترتب على هذا الاستمرار تجاوز الحد الأقصى للشركاء وهو خمسون شريكا، اللهم إلا إذا اختار الورثة من بينهم من يعتبر مالكا منفردا للحصة في مواجهة الشركة.
ولا تحل الشركة عند صدور حکم ضد أحد الشركاء بالتصفية القضائية أو بالمنع من التسيير أو بإجراء يمس الأهلية
الفقرة الثانية : تكوين الشركة ذات المسؤولية المحدودة :
يتطلب إنشاء الشركة توافر الأركان العامة والأركان الخاصة بالإضافة إلى الأركان الشكلية غير أن شركة ذات المسؤولية المحدودة تنفرد ببعض الخصائص المميزة لأركانها وشروط تأسيسها.
أولا : الأركان العامة :
يتعين لصحة تأسيس شركة ذات المسؤولية المحدودة، شأنها في ذلك شان التجارية، أن تتوافر فيها الأركان الموضوعية العامة من رضا ومحل وسبب إما بخصوص ركن الأهلية، فمن نتيجة محدودية مسؤولية الشركاء في هذه الشركة، أن الشريك لا يكتسب الصفة التجارية ومن ثم لا يشترط توافره على الأهلية التجارية، فيمكن للقاصر أن يكون شريكا في هذا النوع من الشركات، غير أن المشاركة في الشركات عموما تعد من الأعمال بين النفع والضرر،
ويتوقف نفاذها على إجازة النائب القانوني هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يشترط المشرع استصدار إذن من القاضي المكلف بشؤون القاصرين إذا رغب النائب كان أو مقدما, المساهمة بجزء من مال القاصر في هذا النوع من الشركات، بخلاف ما إذا ك النائب وليا الأب أو الأم عند غيابه حيث لا حاجة لاستصدار مثل هذا الإذن حسب ما ستفاد المادة 271 من مدونة الأسرة.
أما بخصوص المحل، فالأصل فيه أن يشمل غرض الشركة كل الأنشطة المدنية او التجارية لأن شركة ذات المسؤولية المحدودة هي شركة تجارية بحسب شكلها، غير أنه وطبقا المادة 44 من قانون باقي الشركات، يمنع منعا كليا على شركة ذات المسؤولية المحدودة ممارسة أو مزاولة النشاط البنكي والقروض والاستثمار والتأمين والرسملة والادخار، وخارج نطاق هذا المنع يمكن للشركة أن تقوم بجميع الأنشطة المشروعة و تتخذها غرض لها.
ثانيا: الأركان الخاصة :
جعل المشرع المغربي، لركن تعدد الشركاء في الشركات بصفة عامة خاصية ذات طابع مميز بالنسبة لشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث أجاز تأسيس هذه الشركة بشخص واحد ودون أن يتجاوز الحد الأقصى 50 شريكا.
وبالنسبة لمقدار رأسمال الشركة، فقد جاءت المادة 46 من قانون باقي الشركات تقضي به يلي يحدد رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بحرية من طرف الشركاء في النظام الأساسي ويقسم إلى أنصبة قيمتها الاسمية متساوية “
أن يكتتب الشركاء في كل الأنصبة وأن يدفعوا ربع القيمة الاسمية على الأقل إذا تمثل حصصا نقديا، ويتم دفع الباقي كاملا أو على شكل دفعات حسب قرار يتخذه المسير دون أن يتعدى أجل هذه الدفعات خمس سنوات تبتدئ من تاريخ تقييد الشركة في السجل التجاري، ويمكن لكل ذي مصلحة أن يطلب من رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضیا المستعجلات، إذا لم يتم دفع كامل الحصص النقدية داخل هذا الأجل، توجيه أمر إلى المسير تحت طائلة غرامة تهديدية من أجل الدعوة إلى دفع الأموال المذكورة، وإما لتعيين وكيل مكلف بالقيام بهذا الإجراء
أما بخصوص الحصص العينية، فقد قضت الفقرة الأولى من المادة 51 من قانون باقي الشركات بأنه يجب على الشركاء أن يدفعوا مجموع مبالغها كاملة عند التأسيس، بخلاف الحصص النقدية التي تخضع للأحكام السابق ذكرها، غير أن عبارة، يدفعوا مجموع مبالغها” تثير نوعا من التشويش عند التعمق في مدلولها، فهل يقصد المشرع ب” مبالغها بيع الحصص العينية ودفع ثمنها للشركة، أم كان يقصد فقط تقديم الحصص العينية كاملة عند تأسيس الشركة؟
نعتقد أن المعنى الثاني هو المقصود لأنه إذا كان المقصود هو تحويل الحصص العينية إلى مبالغ نقدية من طرف الشركاء لما كان للأحكام، التي أدرجها المشرع، والخاصة بالحصص العينية وإلزامية تضمينها في النظام الأساسي وتعين مراقب للحصص لتقييمها وغيرها من الأحكام، أي معنى، فالأمر – في نظرنا۔ لا يعدو أن يكون عيبا في الصياغة ليس إلا.
ويتم تقييم الحصص العينية بموجب تقرير يعده تحت مسؤوليته مراقب للحصص يعين بإجماع الشركاء المرتقبين وإلا فبأمر من رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي للمستعجلات بطلب من أحد الشركاء، ويجب أن يرفق هذا التقرير بالنظام الأساسي للشركة
ثالثا : الأركان الشكلية
وتتمثل هذه الأركان في كتابة النظام الأساسي موقع عليه من طرف كافة الشركاء إما بصفة شخصية أو بواسطة وكيل يتوفر على وكالة خاصة، وأن يؤرخ مع تضمينه البيانات الإلزامية المشار إليها في المادة 50 من قانون باقي الشركات والمتعلقة أصلا بالبيانات
المرتبطة بهوية الشركاء، وموطنهم وغرض الشركة، وتسميتها، ومقرها، ومبلغ رأسمالها وحصة كل شريك، ومدة الشركة، وأسماء وموطن الشركاء أو الأغيار الذين يحق لهم إلزام شركة، وكتابة ضبط المحكمة التي سيودع بها النظام الأساسي
ويتم إيداع نسختين أو نظيرين من النظام الأساسي في كتابة ضبط المحكمة الموجود بدائرتها المقر الاجتماعي للشركة داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التأسيس، وبعد هذا الايداع يتم تقييد مستخرج منه في السجل التجاري طبقا للتشريع الجاري به العمل في هذا الصدد، كما يجب شهر تأسيس الشركة بواسطة إشعار، ضمن نفس الأجل، في الجريدة الرسمية وفي جريدة الإعلانات القانونية متضمنا البيانات المنصوص عليها في المادة 96 من قانون باقي الشركات بل أن المشرع فتح الباب أمام الشركة للقيام بهذا النشر في هذه الجرائد بطريقة الكترونية وفق الشروط التي سوف يتضمنها مرسوم تنظيمي
الفقرة الثالثة : هيئات الشركة ذات المسؤولية المحدودة
تسير الشركة إما من طرف مسير أو عدة مسيرين. وقد قام المشروع من خلال قانون رقم 5 – 96 المتعلق بباقي الشركات بإدخال نظام مراقبي الحسابات كنظام أساسي يساهم في بلورة إدارة واضحة وشفافة وإعداد حكامة جيدة في تسيير الشركة، بالإضافة إلى توسيع صلاحيات الجمعية العامة العادية. وهذا النظام هو شبيه بالنظام المتبع في شركات المساهمة غير أنه أقل تعقيدا مما هو عليه في هذه الأخيرة.
أولا: تسيير الشركة ذات المسؤولية المحدودة
الأصل في تعين المسير أو المسيرين أن يتم بمعرفة الشركاء في النظام الأساسي للشركة، وهذا هو الوضع الغالب، وقد يكون من الشركاء، إذ غالبا ما يفضل الشركاء أن يحتفظوا بالإدارة لأنفسهم، قد يقع الاختيار على الغير كحل لتفادي صراع الشركاء على الزعامة
وقد يعين المسير أو المسيرون بموجب عقد لاحق، أي بقرار من الجمعية العامة، وفي هذه الحالة يتم التعيين بموافقة الأغلبية الحائزة لثلاثة أرباع رأسمال الشركة، أي أن المشرع يشترط الأغلبية القيمية وليس الأغلبية العددية
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسير الشركة من طرف أشخاص معنوية. ويشترط ألا المسير المرتقب ممنوع من مزاولة أعمال التسيير بسبب سقوط أهليته التجارية، أو يسبب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في حقه أو أي سبب آخر يمنع هذا الشخص مزاولة أعمال التسيير في شركة تجارية
وبموازاة مع هذا التعيين، يمكن للشركاء أن يحددوا مدة مزاولة المسير لمهامه بفترة معينة، وفي حالة سكوت النظام الأساسي فلا تتجاوز هذه المدة ثلاثة سنوات
ويجوز عزل المسير بموافقة أغلبية الشركاء الحائزة لثلاثة أرباع الأنصبة، كما يمكن لكل شريك بغض النظر عن حصته في رأس المال أن يطلب من المحكمة عزل مسير الشركة إذا كانت هناك أسباب معتبرة تبرر مثل هذا الطلب، ويكفل المشرع للمسير الحق في طلب التعويض عن الضرر الذي لحق به بسبب هذا العزل إذا كان تعسفي
وبحسب بعض الفقه، فإن استقالة المسير تخضع لنفس القواعد المتعلقة بالتعيين إذا لم تنظم في النظام الأساسي أو العقد اللاحق، مع الاحتفاظ الشركة بحقها في المطالبة بالتعويض إذا سببت لها تلك الاستقالة ضررا.
مهام المسير :
ويختص المسير أو المسيرون عند تعددهم بالقيام بكافة الصلاحيات التي تهدف إلى تحقيق غرض الشركة، دون الإخلال بالسلطات التي يمنحها القانون الشركاء أي للجمعية العامة، وتبعا لذلك يملك المسير صلاحية إجراء كافة التصرفات من بيع أو شراء أو كراء أو اكتراء أو قرض أو اقتراض إلى غير ذلك من التصرفات المحقق للمنفعة المشروعة لصالح الشركة كما أنه يمثل الشركة أمام القضاء وأمام الغير.
غير أن للشركاء صلاحية تقييد سلطات المسير أو المسيرين في النظام الأساسي أو في عقد التعيين، وهو تقييد لا يسري أثره إلا في العلاقة بين المسير والشركاء، بحيث لا يمكن الاحتجاج بهذا التقييد في مواجهة الغير، إذ إن الشركة تتحمل كافة الالتزامات المترتبة على أعمال المسير في مواجهة الغير حتى ولو كانت هذه الأعمال تتجاوز حدود صلاحيته، بل حتى ولو لم تكن لها علاقة بغرض الشركة، ما لم يكن هذا الغير على علم بهذا التجاوز أو كان من المفترض علمه بذلك
وإذا تعدد المسيرون، فالمنطق يفرض أن تحدد صلاحيات كل مسیر ونطاقها المادي في النظام الأساسي أو في عقد التعيين، حتى لا يترتب عن هذا التعدد تعدد في الآراء التي قد تسفر عن تناقض في مضمونها أو تعارض في فحواها يصعب معه تنفيذ أي منها، وهو تناقض أو تعارض قد لا يخدم مصلحة الشركة. وفي حالة عدم وجود مثل هذا التحديد، فالأصل أن كل مسير على حدة يتمتع بنفس السلطات والصلاحيات المخولة لباقي المسيرين، أي القيام بجمیع الأعمال التي تهدف إلى تحقيق غرض الشركة
ويمكن لأي مسير أن يعترض على عمل من الأعمال التي قام بها أو ينوي القيام بها مسير أخر، غير أن هذا الاعتراض لا يمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير ما لم يثبت أن هذا الاعتراض كان في عمل هذا الأخير.
كما يتحمل المسير أو المسيرون المسؤولية الجنائية عن مخالفة أحكام القانون المنظم لهذا النوع من الشركات، وهي مسؤولية منصوص عليها في المواد من 113 إلى 117 من قانون باقي الشركات،
ثانيا : الجمعية العامة
الجمعية العامة هي الهيئة أو الجهاز الذي يضم جميع الشركاء لاتخاذ القرارات الأساسية وتحديد سياسة الشركة المتعلقة بالتسيير إلى غير ذلك من الصلاحيات التي تتولاها القانون. والجمعية العامة قد تكون عادية وهي التي تتداول في المسائل المتعلقة بالسير العادي للشركة وقد تكون جمعية عامة سنوية وهي التي تختص بالتقرير والمصادقة على الميزانية الموازنة
ومن بين الصلاحيات التي يحق للجمعية العامة العادية أن تتداول بشأنها تلك المتعلقة بتعيين المسير أو عزله وقبول استقالته أو النظر في الصفقات والمعاملات المزمع إبرامها مهر أحد المسيرين أو أحد الشركاء وبصفة عامة كل أمر أو وضع يكون ذا أهمية في تحقيق غرض الشركة، ويمكن أن تتخذ القرارات الجماعية عن طريق الاستشارة الكتابية باستثناء ما يتعلق بالجمعية العامة السنوية التي تبت في الجرد والقوائم التركيبية وتقرير مراقبي الحسابات فيتخذ القرار بشأنهما في هذه الجمعية
ويدعى الشركاء للحضور قبل انعقاد الجمعية بخمسة عشر يوما على الأقل برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل تتضمن جدول الأعمال، وتوجه هذه الدعوة من طرف المسير أو من طرف سر أقل، أو مراقبي المتسابات إن وجدوا
كما يمكن لكل شريك، أو أكتر ممن يملكون نصف الأنصبة أو ربعها إذا كانوا يمثلون ربع الشركاء على الأقل أو يطلبوا عقد الجمعية. كما يمكن لأي شريك بعد تقديم طلب للمسير لعقد جمعية عامة يبقى دون جدوى، أن يطلب من رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، تعيين وكيل يكلف بالدعوة لانعقاد الجمعية وتحديد جدولها.
وتتخذ القرارات بأغلبية الأصوات ممن يمثلون أزيد من نصف الأنصبة في الشركة، وفي حالة عدم تحقق تلك الأغلبية وما لم ينص النظام الأساسي على خلاف ذلك، يستدعى الشركاء او يستشارون وتتخذ القرارات آنذاك بأغلبية الأصوات المعبر عنها مهما كان عدد المصوتين.
ثالثا : مراقب الحسابات
يتم تعيين مراقب أو عدة مراقبين للحسابات في الشركة ذات المسؤولية المحدودة إما بكيفية اختيارية أو بصيغة إلزامية.
ويكون التعيين إلزاميا إذا ما تجاوز رقم معاملات الشركة عند اختتام السنة المحاسبية 50 مليون درهم دون اعتبار الضرائب
وفي غير هذه الحالة يكون التعيين اختياريا إما بالتنصيص على هذا التعيين في النظام الأساسي للشركة أو في اتفاق لاحق حيث يتطلب هذا الاتفاق موافقة أغلبية الشركاء الحائزة لثلاث أرباع رأسمال الشركة اللهم إذا نص النظام الأساسي على أغلبية معينة
كما يمكن لأي شريك أو عدة شركاء يمثلون على الأقل ربع رأس المال حتى ولو لم يبلغ رقم المعاملات 50 مليون درهم ، أن يطلبوا من رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا المستعجلات تعيين مراقب الحسابات.
وتسند المراقب الحسابات مهام الفحص والتدقيق في جميع الوثائق والمحررات وجميع المعلومات من الأغيار ودق ناقوس الخطر المحتمل التي يتهدد الشركة وبصفة عامة جميع الإجراءات والصلاحية ذي الطبيعة الوقائية لحماية الشركة.
المصادر والمراجع:
فؤاد معلال, شرح القانون التجاري الجديد – الشركات التجارية
احمد الورفلي, الوسيط في قانون الشركات التجارية
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا
تحميل المقال: