محتويات المقال
الرقابة القضائية على قرارات المحافظ العقاري المتخذة أثناء مسطرة التحفيظ
المحافظ يصدر العديد من القرارات يكون لها تأثير كبير على المتعاملين مع جهاز المحافظة العقارية وعليه كان الزاما على المشرع والحالة هذه أن يخول الجهاز القضائي حق الرقابة القضائية على قرارات المحافظ العقاري التي تصدر عن المحافظين العقاريين على الأملاك العقارية
كما أن أعمال المحافظ و قراراته تتجاذبها حين الطعن فيها عدة جهات.
فأحيانا تكون الجهة القضائية المختصة في المحاكم العادية (الفقرة الأولى)،
وأحيانا أخرى تكون الجهة القضائية المختصة في المحاكم الإدارية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على قرارات المحافظ من خلال الطعن أمام المحاكم العادية
بالرغم من أن المحافظ العقاري يعد موظفا إداريا وقراراته تعتبر قرارات إدارية نافذة في حد ذاتها ومؤثرة في المركز القانوني للمعنيين بها
فإن المشرع طبقا للفصل 96 من ظ ت ع، ترك الاختصاص للقضاء العادي في مراقبتها بصفة استثنائية،
ولذلك سنتطرق في هذه الفقرة إلى رفض مطلب التحفيظ (أولا)، على أن تتناول كذلك قرار إلغاء مطلب التحفيظ (ثانيا)
أولا: قرار رفض مطلب التحفيظ
إن من أبرز الأسباب التي تجعل المحافظ العقاري يتخذ قراره برفض طلب التحفيظ والتي يمكن أن نستشفها من الفصل 30 من قانون 14.07، ويتعلق الأمر ب:
– في حالة عدم شرعية الطلب
– حالة عدم كفاية الحجج المدلى بها من طالب التحفيظ لتأييد مطلبه
– حالة صدور حكم قضائي نهائي لقوة الشيء المقضي به يفضي بصحة تعرض معنيين في مواجهة مطلب التحفيظ
إذ يمكن للمحافظ أن يلغي مطلب التحفيظ سواء جزئيا أو كليا للاستناد إلى الحكم المذكور
وفي جميع الأحوال، فالمحافظ العقاري ملزم بإنذار طالب التحفيظ بإصلاح النقص الحاصل في مطلبه برسالة مضمونة مصحوبة بشهادة التوصل
كما ينص الفصل 37 مكرر من قانون 14.07، على أنه:
“يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعطل قراره ويبلغه الطالب التحفيظ
يكون هذا القرار قابل للطعن أمام المحاكم الابتدائية الذي تبت فيه مع الحق في الاستئناف
وتكون القرارات الإستئنافية قابلة للطعن بالنقض”
من المهم الإشارة، أن هذا المقتضى جاء بعبارة جديدة :
أصبحت جميع حالات رفض التحفيظ لأي سبب كان، من اختصاص المحاكم الابتدائية، والتي لا تشاركها فيه بأي وجه من الوجوه المحاكم الإدارية
على خلاف المقتضى السابق (الفصل 96 في صيغته القديمة والمنسوخة)
الذي كان يحصر اختصاص المحاكم الابتدائية على حالتي رفض التحفيظ إما لعدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم،
وتظهر أهمية هذا التعديل في كونه سوف يساهم في توحيد الاختصاص لتسهيل علم المتقاضين بالقاعدة القانونية المسطرية
وضمان القاعدة القانونية ووضوحها ورسوخها للحفاظ على الأمن القانوني والقضائيا
كما أن هذا المقتضی يعد من الضمانات المهمة التي جاء بها القانون 07. 14 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري
والتي من خلالها تم النص على وجوب تعليل القرار بالرفض وبتيليغه لطالبه، لما لذلك من قواعد ستساهم في تفعيل التقاقية الإدارية وتحفظ حقوق الدفاع
ثانيا: قرار إلغاء مطلب التحفيظ
يختلف قرار المحافظ برفض مطلب التحفيظ عن قراره بإلغائه،
إذ يكون الرفض عند تقديم المطلب وقبل المضي في مسطرة التحفيظ بينما يأتي الإلغاء بعد قبول مطلب التحفيظ والمضي في المسطرة
إضافة إلى أن إلغاء طلب التحفيظ لا يرجع إلى عدم صحة الطلب وعدم كفاية الحجج المدلى بها كما هو الحال بالنسبة لقرار رفض مطلب التحفيظ،
وإنما يعود إلى تراخي طالب التحفيظ عن حضوره عمليات التحديد أو عدم رغبته في متابعة إجراءات المسطرة على أن هذا الإجراء يتم خلال تلاتة أشهر من يوم إنذار المعنى بمتابعة الإجراءات من طرف المحافظ
وعليه، فسواء تعلق الأمر برفض مطلب التحفيظ أو إلغائه فإن الاختصاص يعود للمحاكم الابتدائية حسب الفصل 37 مكرر من قانون 07. 14
الفقرة الثانية:الرقابة القضائية على قرارات المحافظ من خلال الطعن أمام المحاكم الإدارية
مما لا شك فيه أن قرارات المحافظ تعتبر قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية
ومن المؤكد أن هذه القرارات الإدارية قد تلحق أضرارا بحقوق الأفراد.
من هذا المنطلق فتح المشرع العقاري باب الطعن بالإلغاء في هذه القرارات بسبب الشطط في استعمال السلطة
وتكون المحاكم الإدارية صاحبة الاختصاص للنظر في مثل هذه الطعون بصريح المادتين 8 و 9 من قانون إحدات المحاكم الإدارية.
ونظرا لغزارة القرارات الإدارية التي يمكن أن يصدرها المحافظ أثناء سير مسطرة التحفيظ والمندرجة ضمن القضاء الإداري سنكتفي ببعضها نظرا لأهميتها
أولا: قرار رفض التعرض المقدم خارج الأجل
لكي يكون التعرض مقبولا يجب تقديمه داخل الأجل القانوني المحدد بمقتضى الفصل 24 من ظ ت ع
يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن إنهاء التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية،
وإن كان في الواقع أن هذه التعرضات تقبل ابتداء من تاريخ رفع مطلب التحفيظ إلى أن ينقضي أجل شهرين
وباستقراء المادة 29 من ظ ت ع، يتبين أن المشرع قد وضع استثناء لهذا الأجل :
– يتمثل هذا الاستتناء في إمكانية قبول التعرض شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية،
– وأن يلي المتعرض للمحافظ بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه
– كما يتعين عليه أو يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة
لكن الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من نفس القانون تنص على “قرار المحافظ على الأملاك العقارية يرفق التعرض غير قابل للطعن القضائي”
فهل المقصود هو التأسيس لحصانة جديدة من نوع أخر لقرار المحافظ من الطعن،
أم المقصود هو الحصانة ضد الطعن القضائي العادي أمام المحاكم الإبتدائية و ليس الطعن القضائي أمام المحاكم الإدارية؟
مادام أن القاعدة العامة والمستقر عليها عدم جواز تحصين أي قرار إداري من الطعن،
لأن الطعن بالإلغاء هو أساس المشروعية وسيادة القانون، بما يتضمنه ذلك من خضوع الإدارة للقانون والالتزام بأحكامه من حيث حماية مبدأ الشرعية على مستوى التشريع والتطبيق السليم للأحكام على مستوى التنفيذ لحماية حقوق وحريات الأفراد تفعيلا لدولة الحق والقانون شكلا وجوهرا
ثانيا: قرار إلغاء التعرض
ينص الفصل 32 من ظ ت ع، على أنه:
” يثير التعرض لاغيا كأن لم يكن إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من نفس القانون الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يتيت حصولها على المساعدة القضائية”
ومن المهم الإشارة إلى أن الفصل 32 في صيغته المنسوخة كان ينص صراحة على اختصاص المحاكم الابتدائية بالنظر في قرارات رفض التعرض وإلغائه بسبب عدم تنظيم المعرضين للرسوم والوثائق، لكن الرفض لغير هذا السبب كان يخضع للطعن أمام القضاء الإدارية
وبصدور تعديلات ظ ت ع وفقا للقانون رقم 07. 14، لم يعد النص يتضمن ما يوحي بالعقد الاختصاص في قرارات رفض التعرض أو قبولها للمحاكم العادية، مما يجعل الاختصاص راجعا لقضاء الأصل وهو اختصاص المحاكم الإدارية، بالنظر في جميع حالات رفض التعرض أو قبوله أيا كانت أسبابه التي أصبحت جميعها من اختصاص هذه المحاكم ولا تشاركها فيه بأي وجه من الوجوه المحاكم العانية”
ومن هذا المنطلق تختص المحكمة الإدارية بالنظر في الطعون المقدمة ضد المحافظ العقاري طبقا لما ينص عليه القانون المحدت للمحاكم الإدارية، إذ نجد المادة 8 من هذا الأخير تنص على أنه:
“تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة أحكام المالتين 9 و 11 من هذا القانون بالبت ابتدائيا في طلبت إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة وتختص المحاكم الإدارية أيضا بفحص شرعية القرارات الإدارية وفق الشروط المنصوص عليها من هذا القانون”
فحسب هذه المادة، وباعتبار المحافظ العقاري سلطة إدارية فإن القرارات التي يصدرها تسبب أضرارا لحقوق الغير يمكن الطعن فيها أمام الحاكم الإدارية، حيث يقوم القاضي الإداري بحماية الملكية العقارية من خلال تفعيل دعوى الإلغاء التي تخول الطرف المتضرر من قرار المحافظ محو آثاره والتخلص منها
المراجع
محمد الهيني : الطعن في قرارات المحافظ على ضوء العمل القضائي
زروالي رضوان : مدى قابلية القرارات المحافظ العقاري على الملكية العقارية للطعن
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك