fbpx

القائمة الرئيسية

الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة 2011

الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة 2011

الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة 2011

الجهوية المتقدمة قد خصها دستور 2011 بمكانة متميزة بين باقي المؤسسات الدستورية الأخرى. فبعد أن نص في فصله الأول على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامرکزي يقوم على الجهوية المتقدمة، خصص الباب التاسع منه للجهات والجماعات الترابية الأخرى (12 فصل بدل 3 فصول في دستور 1996).

وبقراءة متأنية للفصول المذكورة، يتضح جليا أن المشرع الدستوري عمل على تحديد معالم الجهوية المرتقبة إن على مستوى تحديد النمط والنموذج الجهوي الملائم لبلادنا (أولا) أو على مستوى إبراز المبادئ الأساسية المؤطرة للجهوية المتقدمة فيما يخص تنظيمها أو تسييرها واختصاصاتها وعلاقتها مع الدولة (ثانيا).

أولا: الجهوية المتقدمة بين البعدين الإداري والسياسي

أول سؤال يطرح بهذا الخصوص هو هل المغرب يحتاج إلى جهوية إدارية أو إلى جهوية سياسية؟ وثاني سؤال هو ما هو النموذج الجهوي الذي اختاره المشرع الدستوري؟

إن تحديد وموقعة بلادنا بين النموذجين السياسي والإداري للجهوية كفيل بتحديد نوع العلاقة التي ستربط بين هذه الجهات والدولة من جهة وحجم السلطات والاختصاصات ودرجة الاستقلالية التي ستمنح لها.

فتحدید میکانیزمات وآليات العلاقة بين الجهة والدولة رهين بتبني نمط معين للجهوية براعی الخصوصيات المغربية، كما أن رسم إطار وحدود اختصاصات و استقلال الوحدات الجهوية مرتكز على ضرورة تبني نموذج أمثل للجهوية.

إن الجهوية السياسية تقتضي توزيع سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية بين الدولة الاتحادية المركزية والدوليات المكونة لها (الجهات) وما يتبعه ذلك من توزيع للسيادة.

وعليه فالجهوية السياسية أسلوب من أساليب الحكم الذي يلائم الدول المركبة (الاتحادية أو الفدرالية) حيث نجد أن الدستور الاتحادي هو الذي يتولى تحديد اختصاصات الدويلات – الجهات المكونة للاتحاد – ومن ثم لا يجوز توسيع تلك الاختصاصات أو تعديلها إلا بمراجعة الدستور نفسه.

فنظام اللامركزية السياسية ينبني على وجود وحدات جغرافية تتوفر على أجهزة تشريعية وتنفيذية  وقضائية مستقلة تربطها بالدولة المركزية علاقات يحكمها الدستور، ومن ثم فرقابة الدولة للوحدات الجهوية لا يحكمها مبدأ الوصاية (المصادقة الصريحة أو الضمنية) وإنما تخضع لمبدأ الدستورية أو عدم الدستورية، فهل يمكن تصور لامركزية سياسية في اطار الدولة الموحدة؟ وهل ينسجم شكل الدولة الموحدة مع التنظيم السياسي اللامركزي؟ إن تطبيق النموذج السياسي للجيوية في إطار الدولة الموحدة لم يعرف إلا تطبيقات قليلة وفي إطار ضيق جدا

بالمقابل تعتبر الجهوية الإدارية نظام ديمقراطي يسمح للمواطنين بالمشاركة في إدارة شؤونهم المحلية تأخذ به الدول على اختلاف أشكالها بسيطة أو مركبة, وفي هذا النظام يتولى المشرع تحديد الاختصاصات الممنوحة للوحدات الجهوية ومن ثم فتعديل تلك الاختصاصات يكون بقانون وهذا لا يمنع طبعا من تكريس النظام الجهوري الإداري دستوريا.

إن تحليل مرتكزات الدولة المغرية سواء فيما يخص شكلها البسيط والموحد أو فيما يتعلق بالتشبت بمقوماتها ومرتكزاتها الأساسية: الإسلام، الملكية الدستورية المرتكزة على إعارة المؤمنين والبيعة والوحدة الترابية يدفع إلى القول بأن الجهوية السياسية بعيدة عن خصوصيات الدولة المغربية التي راکمت تجربة مهمة في الوحدات اللامركزية كهيئات متمتعة بالشخصية المعنوية وما يترتب على ذلك من استقلال مالي وإداري. فالمغرب دولة بسيطة وموحدة عرف عبر تاريخه تجارب مكنت السكان من تدبير شؤونهم المحلية مع الحفاظ على وحدة الدولة وضمان سيادتها.

ويدعم هذا الطرح خطاب جلالة الملك الذي ميز بين الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية وبين الجهوية المتقدمة لباقي مناطق المملكة. كما أن مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية يندرج في إطار الجهوية السياسية بل يعد النموذج الأكثر تقدما للامركزية السياسية داخل الدولة الموحدة

وبالرجوع لدستور 2011 يلاحظ أنه عمل على تكريس وحدة الدولة بالتنصيص على ذلك صراحة في الديباجية التي تشكل جزء لا يتجزأ منه “المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة” كما اعتبر الدستور الجديد الجهات جماعات ترابية أي أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية ومنحها مجموعة من الاختصاصات الذاتية والمشتركة والمنقولة وأحال على صدور قانون تنظيمی يحدد تفاصيل تشكيل مجالسها واختصاصاتها وماليتها وآليات التعاون فيما بينها ولكن في إطار دولة موحدة ذات سيادة تعمل على مراقبة مختلف الوحدات الترابية.

ثانيا: مبادئ الجهوية المتقدمة في إطار دستور 2011

وفقا لأحكام الدستور الجديد، يرتكز التنظيم الجهوي، والترابي بصفة عامة، على مجموعة من المبادئ الدستورية التي تعد الإطار العام الذي سيحكم تنظيم واختصاصات الجهات ونظامها المالي. ويمكن إجمال هذه المبادئ فيما يلي:

1 – مبدأ المشاركة في الجهوية المتقدمة

وهو مبدأ ديمقراطي من أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة. فبمقتضى الدستور تسير الجهات – کجماعات ترابية – شؤونها بكيفية ديمقراطية وتؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.

ويرتكز هذا المبدأ على قاعدتين :

القاعدة الأولى هي الإقرار بالاقتراع العام المباشر لانتخاب أعضاء مجالي الجهات. وبالفعل كرس القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية الذي صدر تطبيقا لمقتضيات الفصل 146 من الدستور هذا المقتضی فنص صراحة في المادة 78 منه ” ينتخب أعضاء مجالس الجهات بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة و بالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون مزج الأصوات والتصويت التفاضلي

غير أن الانتخاب يباشر بالاقتراع الفردي بالأغلبية النسبية في دورة واحدة إذا كان الأمر يتعلق بانتخاب عضو واحد في إطار دائرة انتخابية واحدة”.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن النفوذ الترابي للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات يشكل أساس التقطيع الانتخابي للجهة.

في القاعدة الثانية تنص عليها مقتضيات الفصل 139 من الدستور «تضع مجالس الجهات آليات تشاركية اللحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.»

فالمجالس الجهوية ستضع آليات استشارية وفق القانون تیسر المشاركة المنظمة والمسؤولة للمواطنين في إعداد المخططات الجهوية للتنمية ويحدد طرق تعبير المواطنين عن حاجباتهم وتطلعاتهم عن طريق تقنية رفع العرائض

فمشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة يفرض تبني مقاربة تشاركية في اتخاذ القرار وتنفيذه وهو ما سيتم توضيحه في القانون التنظيمي المرتقب.

والمشاركة المباشرة للسكان تتيح لهم قدرة أكبر للتأكيد على الذات ومعرفة الجمعيات بالساكنة والمجال الترابی، بجعلها صلة الوصل مع الفاعلين المؤسساتيين انطلاقا من قوتها الاقتراحية والترافعية ومساهمتها في توعية وتحسيس المواطنين ومشاركتها في إنجاز المشاريع.

كما ضمن الدستور لأول مرة للمواطنين والمواطنات والجمعيات تقديم عرائض يكون الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة في اختصاصه ضمن جدول أعماله

 2 – مبدأ التفريع في الجهوية المتقدمة

علاقة بموضوع توزيع الاختصاصات سواء بين الجهات والدولة من جهة أو بينها وبين باقي الجماعات الترابية الأخرى ولتجاوز معضلة تداخل الاختصاصات وعموميتها، عمده دستور 2011 إلى تبني مبدأ التفريع كأساس لتوزيع الاختصاصات.

وغني عن البيان أن مشروع المبادرة المغربية بشأن التفاوض لتخويل الصحراء حكما ذاتيا كان سباقا إلى تبني هذا المبدأ حيث نصت الفقرة 17 منه على ما يلي : (من جهة أخرى تمارس الاختصاصات التي لم يتم التنصيص على تخويلها صراحة، باتفاق بين الطرفين، وذلك عملا بمبدأ التفريع).

وهو مبدأ أوصت به أيضا اللجنة الاستشارية للجهوية في تقريرها المرفوع إلى جلالة الملك ومما جاء فيه ما يلي: «فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، يعتبر كل مجال للاختصاص الماء، الطاقة، النقل…) قابلا لأن تتقاسمه الدولة والجماعات الترابية عملا بمبدأ التفريع»

وبمقتضى هذا المبدأ تكون الوحدة الإدارية القاعدية أو الأدني هي صاحبة الاختصاص ولا يمكن اللوحدة الإدارية الأعلى التدخل إلا في حالة عجز الوحدة الأولى وعلى ضوئه تكون الوحدة الجهوية ملزمة بممارسة الاختصاصات الجهوية ولا تتدخل الدولة إلا في حالة عجز هذه الأخيرة عن مباشرة ذلك الاختصاص. وبصيغة أخرى لا يمكن للدولة أن تقوم إلا بما تعجز عنه الجهات والجماعات الترابية الأخرى.

وعليه فمبدأ التفريع الذي أخذت به مجموعة من الدول الديمقراطية يقتضي أن تكون أقرب السلطات المنتخبة إلى المواطنين هي التي تمارس المسؤوليات العامة، ويؤدي من الناحية العملية إلى تدعيم وتقوية الاختصاصات الذاتية للجهات وباقي الجماعات الترابية الأخرى. فما يستطيع الأدنى القيام به يترفع عنه الأعلى وما يعجز عنه الأدني يتولاه الأعلى.

غير أن دسترة مبدأ التفريع يحد منه تبوأ الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، وإن كان لا يجوز لأي جماعة ترابية أن تمارس وصايتها على جماعة أخرى.

وبصفة عامة فتحديد وتوزيع الاختصاصات الذي سيتولى تفاصيله القانون التنظيمي المرتقب من المواضيع المفصلية في تحديد معالم الجهوية المرتقبة باعتبارها تبرز إطار العلاقة بين الدولة والجهات وبمختلف الجماعات الترابية الأخرى. ومن ثم فتبني مبدأ التفريع سيشكل آلية من الآليات اللازمة لتحديد الاختصاصات خصوصا تلك المشتركة مع الدولة.

3 – مبدأ التدبير الحر في الجهوية المتقدمة

نص الدستور الجديد أيضا على أن التنظيم الجهوي و الترابي يرتكز على مبدأ التدبير الحر وهو ما تم تكريسه عن طريق:

منح اختصاصات ذاتية للجهات تمارسها بشكل أصلي و مستقل عن الدولة؟

منح السلطة التنظيمية للجهات لممارسة صلاحيتها. إذ لأول مرة بعترف الدستور الجديد بوجود سلطة تنظيمية محلية (الفصل 140) رغم كل الجدل الذي يمكن أن يثيره تطبيقها هل هي سلطة تنظيمية محلية، مستقلة أم تبعية؟

فالتدبير الحر في الترجمة الإدارية لنظرية الديمقراطية المحلية. فهو يتيح للجماعات الترابية کوحدات متمتعة بالشخصية المعنوية نوعا من الاستقلال في التدبير بعيدا عن تحكم ووصاية الدولة. ویفی فقط على الجهات وباقي الجماعات الترابية التقيد بالقانون، ومن ثم يتعين إعادة النظر في طبيعة العلاقة التي تربطها بالدولة

في هذا الإطار تغاضى الدستور الجديد عن مصطلح الوصاية بمفهومها التقليدي و استعاض عنه بمفهوم الرقابة، ولكنها رقابة مصاحبة تقتضي التخلي عن الرقابة المسبقة مقابل الرقابة البعدية بما يعزز من دور المساءلة والمحاسبة أمام المحاكم الإدارية والمحاكم المالية..

بالإضافة إلى المرجعية الدمقراطية للأجهزة التي تتولى تدبير شؤون الجهات – والجماعات الترابية الأخرى – يرتبط مبدأ التدبير الحر أيضا بالسلطات اللامركزية في علاقتها باقي الأشخاص المعنوية العامة وعلى رأسها الدولة. كما أن الأمر يقتضي أيضا تمكين الجهات من الوسائل القانونية الضرورية لممارسة صلاحياتها خاصة منها الذاتية التي تمنع أي تطاول عليها من طرف مصالح الدولة. ويندرج في هذا الإطار توفر الجهات – والجماعات الترابية – على سلطات حقيقية لتنفيذ قرارات أجهزتها التنفيذية ومقررات أجهزتها التداولية، وعلى موارد وإمكانيات مالية لممارسة اختصاصاتها.

4 – مبدأ المعادلة بين الموارد والاختصاصات

لا يمكن تفعيل التدبير الحر للجماعات الترابية دون تمكينها من الموارد اللازمة. وبالفعل أقر الدستور الجديد أن الجهات كغيرها من الجماعات الترابية الأخرى تتوفر على موارد مالية ذاتية، و موارد مالية مرصودة من قبل الدولة وأكد على أن «كل اختصاص ننقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية الأخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له». فالتدبير المستقل والحر للجهات يقتضی موارد ذاتية مستقلة و بالتبعية فالمبدأ الدستوري الأخير يمنع على الدولة التنصل من مسؤولياتها عن طريق التخلص من بعض الاختصاصات المرهفة لماليتها ما لم يكن مقرونا بنقل الاعتمادات المالية

ومبدأ المعادلة بين الموارد والاختصاصات تم تكريسه دستوريا بعدما قننته التشريعات الترابية الخاصة بالجهات والجماعات الحضرية والقروية. فقد نصت المادة 8 من القانون رقم 96-47، على ما يلي : “يکون کل نقل للاختصاص من اختصاصات الدولة أو عبء من أعبائها إلى الجهات مقترنا وجوبا بتحويل للموارد المطابقة لذلك الاختصاص أو العبء”، وهو نفس المقتضى الذي ورد في المادة 43 من قانون التنظيم الجماعي (الفقرة الأخيرة) “یکون کل نقل للاختصاصات مقترنا وجوبا بتحويل الموارد اللازمة لممارسة هذه الاختصاصات ويتم هذا النقل، حسب الحالة، وفق النص التشريعي أو التنظيمي الملائم”

فلا يكفي أن تسند اختصاصات مهمة للجهات، وإنما من الضروري وضع الموارد المالية اللازمة رهن إشارتها بما يتيح لها فرصة ممارسة تلك الاختصاصات. فنقل الاختصاصات لا يجب أن يكون أداة التخلص الدولة من أعباء تدبير بعض المشاريع غير المنتجة ونقل عبئها إلى الجهة، كما أن إملاء قائمة من النفقات الإلزامية على كاهلها بضيق من حريتها في صرف الميزانية وتحديد أولوياتها بما يؤثر سلبا على تنفيذ برامجها التنموية

لذلك من الضروري وضع الموارد المالية اللازمة رهن إشارتها بما يتيح لها فرصة ممارسة اختصاصاتها. إذ من اللازم تخصيص ضرائب محددة للجهة كمورد رئیسی لخزينتها المالية بما يترجم الاستقلال المالي الفعلي.

5 – مبدأ التعاون والتضامن في الجهوية المتقدمة

لا شك أن التقطيع الجديد للجهات يعد إحدى المحطات الرئيسية لهندسة التنظيم الجهوي وإحدى الرهانات الاستراتيجية لمعالجة الاختلالات الجهوية لذلك فالتقطيع يجب أن يؤدي إلى إحداث وحدات وظيفية ومؤسساتية مكرسة للتنمية المندمجة

من طبيعة الحال من الصعوبة بمكان تقرير ورسم خريطة جهوية عادلة ومتكافئة بصفة مطلقة، وإنما المطلوب هو إيجاد وحدات مجالية متجانسة تضمن التنوع الثقافي والسوسيولوجي وتتوفر على موارد متقارية ومتوازنة تتيح تنمية المنطقة على جميع الأصعدة.

لهذا السبب – ولتجاوز معيقات التقطيع الترابي – نص الدستور الجديد على إحداث صندوقين لفائدة : الجهات :

صندوق التأهيل الاجتماعي الذي يهدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية و البنيات التحتية الأساسية والتجهيزات.

– صندوق التضامن بين الجهات ويهدف إلى التوزيع المتكافئ للموارد قصد التقليص من التفاوتات بينها.

وللإشارة، فقد سبق التقرير اللجنة الاستشارية الملكية المتعلقة بالجهوية أن أوصي بإحداث هاذين  الصندوقين كما حدد مواردهما وكيفيات صرف نفقاتهما

كما أسس المشرع الدستوري لنظام التعاون بين الجهات فنص على أنه كلما تعلق الأمر بإنجاز مشروع يتطلب تعاون عدة جماعات ترابية، فإن هذه الأخيرة تتفق على كيفيات تعاونها.

ويمكن للجماعات الترابية تأسيس مجموعات فيما بينها، من أجل التعاضد في الوسائل والبرامج.

ويبقى الأمل معقودا على القانون التنظيمي للجماعات الترابية المرتقب لتحديد سبل وآليات التعاون التي سنكرس ولا شك التجربة التي راكمتها مختلف الجماعات الترابية في ميدان التعاون اللامركزي بمختلف تجلياته

وعليه “فالتنمية الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع وطني، إلا إذا قامت على تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها على الوجه الأمثل، مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق في مغرب موحد” على حد تعبير جلالة الملك محمد السادس في خطابه بتاريخ 3 يناير 2010.

6 – ربط المسؤولية بالمحاسبة

من المبادئ الأساسية التي حكمت التعديل الدستوري لسنة 2011 مسألة ربط المسؤولية بالمحاسبة التي تشكل الدعامة الرئيسية للتدبير الإداري وهو ما يشكل إشارة واضحة على أن الدستور الجديد يشكل قطيعة مع كل الممارسات التي كانت توشم العمل الإداري ويؤسس للحكامة الجيدة. فالمرافق العامة يجب أن تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة وربطها بالمسؤولية

/وقد أحاط الدستور المسؤولية بمجموعة من القواعد والضوابط فأعوان المرافق العمومية بمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة. كما أن تمكين المواطنين من تقديم ملاحظاتهم وتظلماتهم للإدارة من شأنه أن يساهم في تخليق المرافق العامة

وعلاقة بالموضوع تم تغيير الأمر بصرف المداخيل والنفقات المتعلقة بالتسيير الإداري للجهة فبدلا من والي الجهة سيصبح رئيس المجلس الجهوي هو الذي سيتولى تنفيذ مداولات المجلس ومقرراته

كما أن التحديد الدقيق لاختصاصات المجالس الجهوية ورؤسائها يكرس مبدأ حيث توجد السلطة توجد المسؤولية وحيث توجد المسؤولية توجد المحاسبة

فالوحدة الجهوية المتمتعة بالشخصية الاعتبارية باختصاصات وموارد ذاتية ستتولى تدبير شؤونها تدبيرا حرا ولكن وفق قواعد الحكامة والمراقبة والتقييم وإجراءات المحاسبة التي سيحددها القانون التنظيمي المرتقب للجماعات الترابية

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك اضغط هنا


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!