fbpx

القائمة الرئيسية

تعريف الجريمة المنظمة وخصائصها

تعريف الجريمة المنظمة وخصائصها

تعريف الجريمة المنظمة وخصائصها

تعريف الجريمة المنظمة حاول الفقه والتشريع الداخلي، الوطني منه والمقارن وضع إطار تعريفي يستوعب المدلول الحقيقي لها، لكنه فشل في ذلك، نظرا لعدم استيعابه للعناصر الضرورية والاختيارية التي يمكن أن يقوم عليها النظام القانوني للجريمة المنظمة

 الأمر الذي جعلنا نستنبط مع بعض الفقه عناصر؛ يبدو أن أغلب التعريفات الفقهية قد توافقت بشأنها كعناصر مشتركة.

مع وجود اختلاف فيما بينها في بعض العناصر الأخرى، والتي يتعين إدخالها في التحديد الفقهي لمدلول الجريمة المنظمة, لنخلص إلى اقتراح تعريف شخصي للجريمة المنظمة، نعتمد عليه في استخلاص الطبيعة القانونية لهذه الجريمة، وما تتفرد به من خصائص تميزها عن غيرها من الجرائم المشابهة، والتي قد تثير الخلط أحيانا بينها وبين هذه الجرائم.

المطلب الأول: التعريف الفقهي و التشريعي للجريمة المنظمة

إن ما يشهده العالم اليوم من نتائج إجرامية خطيرة، منبثق بالدرجة الأساس عن الإجرام المنظم، وعن إهمال التشريعات الدولية و الوطنية لتعريف الجريمة المنظمة بشقيها الوطني و العابر للدول، سيما فيما يتعلق بمضمونها و أركانها العامة اللازمة لوصفها بالمنظمة، و ذلك باستثناء بعض المحاولات الفقهية لتحديد تعريف لهذه الجريمة.

إلا أنها تبقى تعاريف فقهية يعتريها النقص أحيانا، و يكتنفها الغموض أحيانا أخرى . و هذا معناه؛ أن الاتفاق أو الإجماع الفقهي بهذا الشأن لم يتحقق فعليا، لأن الجريمة المنظمة تتشابه مع أنواع أخرى من الجرائم.

ونرى مع بعض الفقه أن المفهوم الحقيقي للجريمة المنظمة يختلط كثيرا مع صور الجريمة التي ترتكب بطريقة متقنة أو مخططة، حيث يطلق البعض على جميع هذه الصور اسم الجريمة المنظمة.

لكن الواقع العملي أثبت أنها جريمة ذات طبيعة مؤسسية، ذلك أنه رغم وفاة أحد أعضاء التنظيم الإجرامي، فإنها لا تنقضي ولا تتوقف عن الإشتغال أو تجمد نشاطاتها، بقدر ما أنها تستكمل أشغالها، خاصة و أن الإجرام المؤسسي يستلزم لقيامه عنصر الاستمرارية ، الذي يعد بدوره خاصية من خصائص الجريمة المنظمة.

و نشير إلى أن أغلب التعاريف الفقهية نحت منحى مشتركا من حيث تحديدها للعناصر الشكلية لهذه الجريمة، مع تفاوت في بعض العناصر الأخرى.

الفقرة الأولى: التعريف الفقهي للجريمة المنظمة

يقتضي الوقوف على التعريف الفقهي للجريمة المنظمة تناوله على مستوى كل من:

– الفقه المقارن (أولا)

– الفقه المغربي (ثانيا)

أولا: تعريف الجريمة المنظمة على مستوى الفقه المقارن

أثار و لا زال يثير تعريف الجريمة المنظمة جدلا على مستوى الفقه المقارن، يعتمد فيه أصحابه على حجج و أسانيد متباينة، سنأتي على بيانها من خلال الوقوف عند اتجاهات الفقه التالي:

– الفقه الأمريكي.

– الفقه الكندي.

– الفقه الفرنسي

1 – الفقه الأمريكي

يعرف الفقه الأمريكي الجريمة المنظمة انطلاقا من الأساس العائلي و الجانب الاقتصادي؛ أي أن الجريمة المنظمة هي التي تجعل من السوق الاقتصادية السوداء، مكانا خصبا لها تنشط فيه بشكل سري، و التعريف الفقهي الأمريكي يأتي موضحا ذلك بأنها: “جماعة سرية أو على الأقل معزولة، على هامش المجتمع، لها سلطة مركزية، و تقوم على أساس عائلي، وتسيطر على الأسواق غير المشروعة” .

ولقد أكدت دراسة أمريكية حول الجريمة المنظمة و تحليلها، مع الاستعانة بمنهج المسح الاجتماعي الشامل، للقيام بتحديد فقهي مصطلحي، من قبل لجنة  خاصة للتصدي للجريمة المذكورة، وإبعادها عن مفهوم الصدفة حيث يتم استجلاء عنصر الاحتراف في الجريمة المنظمة، و الشراكة أو النظام التعاقدي فيما بين أعضائها، و تنفيذ الجرائم المحددة بدقة تحت رعاية الحماة

هذا و قد عرف الفقيه الأمريكي « alfned » الجريمة المنظمة، ” بأنها جريمة احتراف، تحوي نظاما محدود العلاقات مع جزاءات و حقوق متبادلة”.

في حين ذهب الفقيهان Donald cresseyandi و Edwinsuther ، إلى وصف الجريمة المنظمة، بأنها الجريمة التي: ” ترتكب من خلال شركة مكونة من مجموعة صغيرة من الأشخاص، قائمة للتنفيذ جرائم بذاتها” .

2 – الفقه الكندي

يعرف الفقه الكندي الجريمة المنظمة بأنها: ” تلك المؤسسة المنظمة و المتدربة و المكونة من المجرمين المحترفين، يخضعون لقواعد آمرة تنظم المؤسسات غير المشروعة التي تسيطر عليها بفضل استخدامها للعنف بشكل دائم متواصل” .

نلاحظ مع بعض الفقه ما انتقدوه عن هذا التعريف الكندي، فدون أن نبخس هذا التعريف حقه في إشارته لمعظم سمات الجريمة المنظمة، إلا أنه أغفل الإشارة إلى عناصر أخرى مهمة، تأتي كما يلي: تحقيق الربح المادي و إفساد الموظفين و التحالفات و الاحتكار

3 – الفقه الفرنسي

هناك العديد من الفقهاء الفرنسيين الذين بذلوا جهدا في محاولة تقديم تعاريف للجريمة المنظمة، و رغم تباينها ، فإننا نركز على أهميتها، رغم كونها قاصرة، التي أتت يستوعب الشمولية في العناصر التي تقوم عليها الجريمة المنظمة ،التي لم يعرفها المجتمع الفرنسي إلا موخرا

ويأتي التعريف للفقيه كاسين : “بأن الجريمة المنظمة، بأنها تلك الجريمة التي ترتكب عمدا، فعلا أو عدة أفعال إجرامية، وغالبا ما يتم الإعداد لها، أو تنفيذها بتنظيم دقيق ومنسق، وعلى قدر من القوة والفاعلية.”

ونلاحظ أن ذات التعريف أعلاه، أتى ناقصا جدا، من حيث العناصر المهمة اللازمة لقيام كيان إجرامي منظم، كي يكيف على أنه جريمة منظمة، إذ جاء فارغا لا من حيث الاستمرارية، ولا من و الهدف، الذي يسعاه أي تنظيم إجرامي

ثانيا:  موقف الفقه من الجريمة المنظمة

أضحى تعريف الجريمة المنظمة اليوم، مطلبا ملحا وهدفا لكل باحث جنائي، وكل مهتم، ليسهل بشأن النمط الإجرامي المنظم الجديد على الساحة المغربية

ابتداءا من المفهوم والوقوف على العناصر لتسهيل مهمة الباحث الجنائي في مختلف مراحل الدعوى العمومية، بل ابتداءا من لحظة ضبط المجرمين المنظمين وإخضاعهم لنظام الحراسة النظرية أو إجراء مرحلة البحث التمهيدي في حقهم. وكل الإجراءات التحفظية بشأن ذات الجريمة محل الذكر.

ومن هنا كانت مهمة هذه الأخيرة تبدو عملية مستحيلة أو مستعصية، إذا لم يكن في يد ضباط الشرطة إلمام بالتحديات الجديدة ، التي قد تعترضهم ؛ باعتبارهم ساهرين على هذا البحث التمهيدي بشأن الجريمة المنظمة، التي يكون أول أمر لازم للباحث أعلاه، هو العناصر معرفة التي يقوم عليها التنظيم الإجرامي.

ومن هذا المنظور، تحركت جهات من الفقه المغربي، ومنها الساهرين على وزارة العدل، وكباحثين، مستهذفين وضع تعريف للجريمة المنظمة، حيث يشير ذات التعريف إلى أن : “الجريمة المنظمة تعد جماعة مهما كان عدد أشخاصها، منظمة مبنية على الارتباط والسرية، تنطوي على هيكلة داخل دولة، أو عبر دول أساسها ارتكاب جرائم خطيرة، مستعملة في ذلك وسائل غير مشروعة وهدفها الكسب الغير المشروع والمس بالمصالح الاستراتيجية والأمن العام لدولة معينة 2 أو عدة دول

الفقرة الثانية:  إطار الاصطلاح القانوني للجريمة المنظمة

ونظرا لكون الجريمة المنظمة قد طالت مجموعة من الدول بالأولوية، خاصة المتقدمة منها،على سبيل الأولوية، ونظرا لكون العالم العربي؛مثل مصر والأردن، قد عانوا من الجريمة موضوع الذكر، ولفت انتباههم هذا الأمر نسبيا، فإن بعض التشريعات حاولت أن تقترب منها عبر المكافحة الغير مباشرة،في حين تشريعات أخرى اضطلعت بمهمة مكافحتها بشكل مباشر..

لعله بتأملنا للمجموعة الجنائية المغربية، سوف لن نجد بها نصا صريحا يعبر من خلاله المشرع على تنظيمه للجريمة المنظمة بالتجريم والعقاب، إذ لم نعثر على تعريف خاص للجريمة المنظمة.

فهو يعد فراغا تشريعيا يتم تسجيله في حق المشرع والسياسة الجنائية الحالية. لاسيما وأن عدم تدخل المشرع المغربي بالزجر لذات الجريمة بنص خاص مباشر، سيجعل من السياسة الجنائية المغربية فاشلة، إزاء المكافحة لمثل هذا النمط من الإجرام الجديد، الذي بدا يطفو على الساحة الجنائية المغربية .

ولئن كان المشرع المغربي قد جرم العصابات الإجرامية، وحضي توجهه بصوابيته، حيث أتى حينذاك منسجما مع الواقع الإجرامي

فإنه حاليا وكما نرى من وجهتنا أن المشرع لم يصبح بذلك منسجما مع  نفسه؛ لهذا فهو أولى به وأجدر أن يبادر إلى سد هذا الفراغ، ويقطع الطريق على المجرمين المنظمين، الذين قد ينفلتون من العقاب، أو يعاقبون بعقوبات غير ماسة

بالحرية، بالرغم من حجم الخسائر التي يخلفونها على جميع المستويات الحياتية في مقابل أرباح ضخمة، واسعة يمكن أن يعزروا عليها، بدون عدالة تجريمية وعقابية، قانونية وقضائية تواكبهم وتطبق في حقهم.

فالمشرع الجنائي المغربي سيكون بعيدا عن المكافحة الجنائية للجريمة المنظمة مادام لم يبادر إلى ملائمة تشريعه الجنائي العام لمثل هذه الجرائم الحديثة المكثفة ذات الطابع الخصوصي في التأسيس أو الانضمام والتنفيذ للأنشطة الإجرامية

ذلك، لأن مفهوم العصابة بسيط، كما أتى به ذات المشرع أعلاه بالفصل 293 ولا يليق به أن يبقى كذلك، في ظل التطور الحاصل في ارتكاب الجرائم بشكل جماعي، علاوة على أن هذا الأخير أمسى معقدا ومتقدما على النص القانوني أعلاه، ولربما لا يستوعبه ابتداء وانتهاء، خاصة وأن التنظيمات الإجرامية باتت ذات تحالفات إجرامية دولية.

فالنص التجريمي للعصابات الإجرامية قد لا يستوعب صور الجرائم التي ترتكبها نقابات إجرامية من طابع المافيا، كما رأينا مع المشرع الإيطالي، إذ هي على درجة من الخطورة الكبيرة التي ليس أمام المشرع الجنائي الحالي إلا أن يسارع إلى إضافة على الأقل مصطلح منظمة إلى جانب العصابات؛ هذا على الرغم من أن مفهوم العصابة أضيق من الواقع العملي من الجماعات أو التنظيمات.

ولكن مرحليا؛ نقترح على المشرع الجنائي المغربي أن يبادر إلى تحديد مفهوم الجريمة المنظمة متعاملا بالخصوصية النسبية مع العصابات، بعنونة الفصل المذكور أعلاه على الأقل بعصابات إجرامية منظمة وتعاون المجرمين معها

المطلب الثاني:  الطبيعة القانونية وخصائص الجريمة المنظمة

بعد تحديدنا لتعريف الجريمة المنظمة، فقها و تشريعا، و ذلك على المستوى الوطني و الدولي، حاولنا استخلاص الطبيعة القانونية للجريمة و خصائصها، فبالنسبة للطبيعة القانونية عرضنا إلى تصنيف الجريمة المنظمة من حيث ما إذا كان كانت تدخل ضمن الجرائم المستمرة أم الوقتية، و ما إذا كانت تصنف ضمن جرائم الضرر أم جرائم الخطر، و هل تعتبر جريمة شكلية؟

الفقرة الأولى:  تصنيف الجريمة المنظمة ضمن الجرائم المستمرة و الجرائم الشكلية

تمتاز الجريمة المنظمة بميزة الاستمرارية و لو باعتقال أو وفاة أحد أعضائها، كما أنه يمكن المساءلة عنها و المعاقبة عليها و لو دون تحقق نتيجتها الإجرامية.

و سنعمل فيما يلي على الوقوف عند : اعتبار الجريمة المنظمة جريمة مستمرة )أولا) واعتبارها جريمة شكلية) شكلية (

أولا: اعتبار الجريمة المنظمة جريمة مستمرة

رجوعا إلى القواعد العامة التي تعرف الجريمة المستمرة، نجدها تحدد مدلولها بناء على معيار طول الزمن أو قصره حسب ما يمليه الواقع من ظروف، ومن تم جاء تعريف الجريمة المستمرة على أنها: “هي تلك التي تستغرق تحقيق البنيان القانوني فيها فترة من الزمن تطول أو تقصر تبعا للظروف الواقعية” .

علما أنه ثمة جرائم تكون ضارة وخطرة وتحتاج إلى فترة طويلة من الزمن في مباشرة نشاطها الإجرامي غير المشروع، أو المشروع ، الأمر الذي نخلص من خلاله إلى القول بأن أشكال الجريمة وأصنافها تتميز بكونها متعددة  ومتباينة.

وبناء على ذلك، فإن الجناة في التنظيمات الإجرامية المنظمة العابرة للدول، أو الإقليمية ، يكونون متجددي النشاطات الإجرامية.

لتحقيق مبتغوهم الربحي بعد ارتكاب السلوك المادي في أشكال متعددة، ولا سيما بدول أو أقاليم متعددة، فيكون أثرها مباشرا أو غير مباشر، ويلحق ذات الأثر بلدا أخر لم يرتكب السلوك المادي على أراضيه.

أضف إلى ذلك، أن الجريمة المنظمة، تبقى مستمرة لفترة غير محددة، وتظل قائمة الكيان الجرمي، كما أن التنظيم يباشر نشاطاتها المشروعة وغير المشروعة، حتى ولو انسحب بعض أعضائها أو ماتوا أو اعتقلوا، حيث يحل فقط محلهم أعضاء آخرين، ذلك أن انقضاء هذه العصابة أو الجماعة الإجرامية المنظمة رهين بمدى حلها من عدمه

و قولنا هذا منبثق عن اقتناعنا بالوصف القانوني والفقهي للجريمة المنظمة بالعائقة ، الممتدة عبر الزمن الغير المحدد، استقرارا و استمرارا ، طالما وأنها جريمة غير متطلبة لأي نتيجة إجرامية معينة .

لنخلص إلى القول، إن تحديد أي صنف تنتمي إليه الجريمة المنظمة يقتضي منا التمييز بين أمرين:

الأمر الأول: و هو أن الجريمة المنظمة تعد جريمة قائمة، دون ارتكاب أي فعل جرمي أخر من الأفعال أو الأنشطة المحددة في بعض الاتفاقيات أو التشريعات الوطنية والمقارنة، أو المتوسع بشأنها في تشريعات دول أخرى، و هو ما يدفعنا للقول بأن هذا النمط الجرمي يدخل ضمن تصنيف الجرائم المستمرة؛ كالانتماء إلى الجماعة الإجرامية المنظمة أو تكوينها، و ذلك دون تنفيذ أي نشاط جرمي من قبل فاعل أصلي أو مساهم أو مشارك .

الأمر الثاني : وهو المتعلق بالنشاط الإجرامي المنظم، ونمثل له هنا: بالاتجار بالبشر أو الأعضاء البشرية، الذي يمارس من داخل تنظيم إحرامي دقيق وغاية في التخطيط والتدرج الهرمي.

ثانيا: اعتبار الجريمة المنظمة جريمة شكلية

استنادا للقواعد العامة نجد من أصناف الجريمة: هي الجريمة الشكلية ، التي لا يتطلب نموذجها القانوني تحقق نتيجة، سواء في ارتكاب نشاط مخالف للمقتضيات القانونية في شكل إيجابي أم سلبي، دون أن تكون النتيجة الإجرامية عنصرا مكونا له.

ومن هنا فإن كانت الجريمة المنظمة، مثلها في ذلك مثل الجريمة الشكلية، لا يتوقف قيامها على تحقق حدث معين 2 أو نتيجة معينة، سواء في شكل ضرر أو خطر ، بقدر ما تأخذ نموذجها القانوني المجرم لها والمعاقب عليها فقط، بمجرد إثبات السلوك ذاته  .

وتبعا لذلك، ولكي تكون الجريمة المنظمة جريمة قائمة قانونا فإنه يكفي فيها مجرد تكوين تنظيم إجرامي مهيكل غاية الهيكلة والدقة، ويشتمل على مجموعة أشخاص ينصب هدفهم على ارتكاب جرائم خطيرة وجسيمة، بغرض الربح في النهاية، حتى ولو لم يترتب عن هذا التنظيم أي خطر أو ضرر على المصالح المحمية.

ذلك لأن التنظيم هو جوهر الجماعة الإجرامية والذي يحترم مبدأ تلاقي واتفاق الإرادات تجاه تحقيق أهداف معينة غير مشروعة وربح المال الطائل.

وبالرجوع إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية الصادرة سنة 2000، سنجدها تشير إلى مصطلح الجرائم الجسيمة، الذي يفيد حتما وجود خطورة تنذر بها تلك الجرائم المتوقع ارتكابها من داخل التنظيم الإجرامي ، باعتباره يشكل مبررا لهذا التجريم، إذ كيف لا؟ ونحن أمام جسامة الخطورة، الأمر الذي ينبني عليها ذلك السلوك و المجرد عن تحقق لنتيجة ضارة و غير مشروعة.

ولعل العلة التجريمية لهذا النشاط باعتباره غير مشروع، هي ذلك الهدف الذي اجتمعت الإرادات القانونية من أجله ، واتجهت إليه نوايا المنتمين للجماعة الإجرامية المنظمة أو المشاركين والمساهمين فيها

الفقرة الثانية: خصائص الجريمة المنظمة

لم تعد الجريمة المنظمة مجرد تقليد تتمسك به جماعة إجرامية منظمة و إنما هي وسيلة أو مجموعة وسائل متكاملة تلتزم بقانون الصمت وقاعدة السرية، ذات هياكل قوية ومحددة البينية تستخدم العنف والارهاب أحيانا، وتلجأ إلى استعمال وسائل متطورة من أجل الحصول على الربح المادي والثراء المالي كهدف رئيسي لها، تسعى إليه بكافة الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة. ومن أجل اعتلائها قمة الهرم الإجرامي في العصر الحديث فإنها تستحكم في الخطط التنظيمية والتخطيط الدقيق الكفيل لضمان النجاح والاستمرار.

إذا كانت الجريمة المنظمة تمتاز بخصائص تقليدية، فإنها مع مرور الزمن والتطور التاريخي الذي لحقها، حيث انطلاقها من إجرام محلي إلى آخر إقليمي، مرورا من إجرام وطني، وانتهاء إلى إجرام عابر للدول، جعل منها جريمة تحتفظ ببعض من تلك الخصائص التقليدية لكنها تميزت كذلك بخصائص مستحدثة أخرى، ساعدت على تطوير قدرات مرتكبيها.

وذات الأمر هو ما نستشفه على الجريمة المنظمة العابرة للدول في صورتها الحديثة، حيث نجمل خصائصها فيما يلي:

أولا: امتداد الجريمة المنظمة إلى ما وراء الحدود الإقليمية و الوطنية 

إذا كان أصحاب التعريف الوضعي للجريمة المنظمة في صورتها الحديثة، ذهبوا إلى كونها تنظيم إجرامي هرمي يقوم على التسلسل، ويهدف لتحقيق الربح، و يقوم بأعمال جرمها القانون الدولي والمحلي، و ذلك عبر الحدود الدولية.

وإذا كان أصحاب التعريف الإجرامي قد جعلوا منها ذلك البناء التنظيمي الذي يتكون من مجموعة من الأشخاص المجرمين، لهم مراكز فرعية تنتمي إلى عدة دول، ويعملون في نشاط أو أنشطة إجرامية عبر دولتين وأكثر بهدف تحقيق أكبر ربح مادي ممكن، فهذا معناه؛ أن الجريمة المنظمة العابرة للدول ووفقا لهذه المحددات التي وضعها المهتمون كانت نتيجة لإفرازات سلبية للعولمة، حيث يتوزع أعضاء الجماعة الإجرامية المنظمة على أماكن مختلفة من هذا العالم، زيادة في بسط نفوذها، و اتساع رغبتها في السيطرة على الأسواق العالمية، أخذا بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ومن تم التبرير لارتكابهم لنشاطاتهم الإجرامية، عن طريق عقدهم لتحالفات مع جهات أخرى إجرامية .

ثانيا: الائتلاف الإجرامي كدعامة للمركز المالي للجماعات الإجرامية المنظمة

تستغل الجماعات الإجرامية المنظمة فراغات، كتلك المرتبطة بعدم وجود سيطرة فاعلة على اقتصاد الدول النامية، وكذا حاجة هذه الدول المتخلفة إلى جذب رؤوس الأموال من خلال استثمار الأجانب داخل تلك البلدان، فتبسط سيطرتها داخل هذه الأخيرة، من خلال التحالف معها، ومن تم تصبح للجماعات الإجرامية إمكانية ربط الاتصال بجهات رسمية لها شرعيتها من جانب، وإقامتها لتحالفات مع غيرها من الجهات الأخرى الإجرامية ذات الطابع السري في الاشتغال الإجرامي من جانب آخر .

فيفسح لها المجال لإقامة مشروعات ذات صبغة مشروعة وأخرى غير مشروعة، سعيا منها نحو بلوغ الأهداف الربحية، ومن تم تنامي قدرات المنظمات الإجرامية، وما تحققه من أرباح تقوم بإخفائها عن طريق الدمج والترقيد والتجميد، والتجميع بعد إيداعها بأقساط جزئية.

على أساس أن تقوم هذه المنظمات الإجرامية بتصريف أموالها المكتسبة داخل مجالات شرعية تخفي حقيقة مصدرها غير الشرعي بما يسمى اليوم بغسل الأموال الذي جرمته التشريعات المقارنة، كما جرمه المشرع المغربي

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!