fbpx

القائمة الرئيسية

البحث التمهيدي

البحث التمهيدي في الأحوال العادية

البحث التمهيدي في الأحوال العادية

يتضح من خلال قراءة نصوص المسطرة الجنائية بأن مهام ووظائف الشرطة القضائية تتمثل في انجاز الأبحاث التمهيدية، التي تعتبر الاختصاص الأصيل لها مقارنة مع اختصاصات أخرى موكلة لها والتي لا ترقى إلى أعمال البحث والتحري التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية.

وبالرجوع للمقتضيات الواردة ضمن الكتاب الأول من قانون المسطرة الجنائية المتعلق بالتحري عن الجرائم ومعاينتها، يتضح أن إجراءات البحث التمهيدي العادي تنظمه المواد 21 و78 إلى 82 من نفس القانون.

والملاحظ أن المشرع المغربي لم يحدد شروطا خاصة بالبحث التمهيدي كما هو الشأن بالنسبة للبحث في حالة التلبس، مما يجعله يصطبغ ببعض الخصوصيات تعطي ضمانات اكبر للحقوق والحريات وحماية المراكز القانونية للأطراف.

الفقرة الأولى : الاستماع للأطرف

يباشر ضابط الشرطة القضائية أبحاثه التمهيدية بالاستماع إلى الطرف المشتكي بعد استدعائه للمثول أمامه إذا كان البحث ينصب على شكاية محالة من النيابة العامة، أو الاستماع إليه مباشرة في حالة التقدم بشكاية مباشرة أمام الشرطة القضائية.

ويعتبر المشتكى الضحية أول حلقة في البحث التمهيدي من خلال إدلاءه بمجموعة من المعلومات، والإيضاحات تسعف ضابط الشرطة القضائية في بحثه وإلقاء الضوء على أهم الجوانب التي سينصب عليها التحري، واستكمالا لعناصر البحث التمهيدي، يستمع ضابط الشرطة القضائية كذلك للمصرحين إن وجدوا في محاضر قانونية منفصلة عن بعضها البعض وعن محضر استماع المشتكي.

إذا كانت الغاية من الاستماع للمشتبه فيه محاولة التثبت من الجريمة ونسبتها أو نفيها عنه بغية الوصول إلى الحقيقة، فان هذه الغاية ينبغي ألا تتحقق إلا بالوسائل والطرق المشروعة الضامنة للسلامة الجسدية والحياة الخاصة للمشتبه فيه بعيدا عن كل شطط أو تعسف لانتزاع الاعتراف بالعنف والإكراه.

لذلك أحاط المشرع استماع المشتبه فيه بمجموعة من الضمانات رتب على خرقها آثارا وجزاءات قد تعصف بإجراءات البحث التمهيدي، ناهيك عن إثارة مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المخالف، ويمكن تلخيص هذه الضمانات في ما يلي:

أولا : ضمانات الاستماع

سيج المشرع الاستماع إلى المشتبه فيه بمجموعة من الضمانات أطرت صلاحيات ضابط الشرطة القضائية في هذا الإطار في العديد من مواد قانون المسطرة الجنائية وهي شكليات يجب التقيد بها و مراعاتها حتى تنتج آثارها القانونية کما ابتغاها المشرع.

يتعين على ضابط الشرطة القضائية الاستعانة بمترجم، إذا كان الشخص المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة لا يحسنها أو يستعين بكل شخص يحسن التخاطب مع المعني بالأمر إذا كان أصما أو أبكما أو يشار إلى هوية المترجم أو الشخص المشتکی به بالمحضر ويمضي عليه, ويتم إشعار المشتبه فيه بالأفعال المنسوبة إليه.

 ثانيا : تفادي انتزاع الاعتراف بالعنف والإكراه

يعتبر الاعتراف أحد وسائل الإثبات في المادة الجنائية، ويخضع للسلطة التقديرية لقضاة الحكم، وقد نص المشرع في المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية أن لا يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه مع تعريض مرتكب العنف أو الإكراه للعقوبات والجزاءات المنصوص عليها في القانون الجنائي.

ورتب المشرع على الإخلال بهذا المقتضی مجموعة من الآثار القانونية تتمثل فيما يلي :

1 – حق المشتبه فيه في طلب إجراء فحص طبي إذا تعرض للتعذيب أمام النيابة العامة أو في التحقيق.

2 – استبعاد أي اعتراف تبث انتزاعه تحت العنف والإكراه.

3 – معاقبة ضابط الشرطة القضائية الذي انتزع الاعتراف تحت وطأة التعذيب والإكراه متى ثبت في حقه.

الفقرة الثانية : الاعتقال والتفتيش

لقد خول المشرع المغربي ضباط الشرطة القضائية مجموعة من الصلاحيات للقيام بالإجراءات المطلوبة في نطاق البحث التمهيدي إلا أنه ونظرا لخطورة هذا الإجراء وحفاظا على حرمة المسكن نص المشرع في المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية على أنه “لا يمكن دخول المنازل وتفتيشها وحجز ما بها من أدوات الاقتناع دون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري العمليات بمنزله.

تضمن هذه الموافقة في تصريح مكتوب بخط يد المعني بالأمر، فإن كان لا يعرف الكتابة يشار إلى ذلك في المحضر کما يشار فيه إلى قبوله وتسري في هذه الحالة مقتضيات المواد 59 و 60 و 62 و 63.

إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية وامتنع الشخص الذي سيجري التفتيش أو الحجز بمنزله عن إعطاء موافقته أو تعذر الحصول عليها، فإنه يمكن إجراء العمليات المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة بإذن كتابي من النيابة العامة بحضور الشخص المعني بالأمر، وفي حالة امتناعه أو تعذر حضوره فبحضور شخصين من غير مرؤوسي ضابط الشرطة القضائية

تفتيش المنازل

حاول المشرع في حالة تفتيش المنازل التوفيق بين ضرورة البحث التمهيدي وهدفه وبين حصانة المنزل وحرمته، ولذلك ألزم ضابط الشرطة القضائية عدم دخول المنازل وتفتيشها وحجز ما بها في الأحوال العادية من أدوات الإقناع إلا بموافقة صريحة ومكتوبة بخط يد المعني بالأمر الذي ستجرى العمليات بمنزله ضمانا لمبدأ الرضی، والطواعية، الاختيار،

وإذا كان الشخص المعني بالتفتيش لا يعرف الكتابة فإن ضابط الشرطة القضائية يقوم بتضمين ذلك في المحضر مع الإشارة إلى الموافقة على التفتيش فإذا توفرت هذه الشروط يلتزم الضابط ويتقيد باحترام المقتضيات القانونية الواردة في المواد 50 و60 و62 و63 من قانون المسطرة الجنائية.

فالمادة 59 من قانون المسطرة الجنائية توجب على ضابط الشرطة القضائية إجراء عمليات التفتيش بحضور الأشخاص الذين حضروا التفتيش، وتحريره محضرا بذلك مع اتخاذ جميع التدابير والاحتياطات الكفيلة باحترام السر المهني إذا أجري التفتيش في أماكن معدة لاستعمال مهني يستغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني مع ضرورة إشعار النيابة العامة بذلك.

إذا تعلق الأمر بتفتیش مکتب محام لابد أن يقوم به أحد قضاة النيابة العامة ولا يجوز أن يقوم به أحد ضباط الشرطة القضائية العاديين، ويتعين حضور نقيب هيئة المحامين بعين المكان أو من ينوب عنه أو بعد إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة، في حين يجوز في قضايا المخدرات إجراء التفتيش بدون إذن صاحب المنزل، كما يمكن أن يقع خارج الساعات القانونية بإذن كتابي من وكيل الملك.

وحددت المادة 60 من قانون المسطرة الجنائية إجراءات عملية التفتيش الذي يجب أن تتم بحضور الشخص الذي سيتم تفتيش منزله، وفي حالة تعذر ذلك يتم التفتيش بحضور شاهدين يقوم باستدعائهما ضابط الشرطة القضائية من غير الموظفين الخاضعين لسلطته،

وإذا تعلق الأمر بتفتیش مکتب محام لا بد أن يقوم به احد قضاة النيابة العامة ولا يجوز أن يقوم به احد ضباط الشرطة القضائية العاديين، ويتعين حضور نقيب هيئة المحامين بعين المكان أو من ينوب عنه أو بعد إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة, وإذا تعلق الأمر بتفتيش أماكن توجد بها نساء، انتدب ضابط الشرطة القضائية امرأة لحضوره.

كما يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يستدعى أي شخص لسماعه إذا تبين له انه بوسعه مده بمعلومات حول الأفعال أو الأشياء أو الوثائق المحجوزة، وقد يرغمه على  الحضور بإذن من النيابة العامة، ويتم توقيع محاضر عمليات التفتيش والحجز من طرف الأشخاص الذين اجري التفتيش بمنازلهم أو من يمثلهم أو الشاهدين، أو يشار إلى امتناعهم عن التوقيع والابصام أو تعذره.

 أما المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية فقد حددت الوقت القانوني الذي يجري التفتيش داخله فيما بعد الساعة السادسة صباحا وقبل التاسعة ليلا ما لم يتعلق الأمر بأماكن تمارس أنشطة ليلية بكيفية معتادة، كما يمكن الاستمرار في إجراء عملية التفتيش بعد خروج الوقت القانوني إذا كان قد شرع فيها خلال الوقت القانوني,

أما المادة 63 من قانون المسطرة الجنائية فقد أجبرت ضباط الشرطة القضائية باحترام الإجراءات المقررة في المواد 59 و 60 و 62 من نفس القانون تحت طائلة بطلان الإجراءات وما قد يترتب عنها من إجراءات لاحقة.

والملاحظ أن الإجراءات المصاحبة لعملية تفتيش المنازل في حالة البحث التمهيدي لا  تختلف عن نظيرتها في حالة التلبس إلا باشتراط المشرع لموافقة صريحة ومكتوبة من الشخص الذي سيجري التفتيش بمنزله .

تجدر الإشارة إلى أن المشرع رتب البطلان على كل إجراء يأمر به قانون المسطرة الجنائية ولم يثبت إنجازه على الوجه المطلوب، كما أنه رتب على كل قاض أو موظف عمومي أو رجل سلطة أو رجل قوة عمومية يدخل مسكن أحد الأفراد دون إذنه ورضاه في غير الأحوال التي قررها القانون عقوبة حبسية

 

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك







 


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!