محتويات المقال
الإجراءات المتعلقة بالحجة الكتابية
يمكن لأطراف الدعوى إثبات وجاهة إدعاءاتهم بالاستناد على كافة وسائل الإثبات التي حددها القانون بما فيها الحجة الكتابية، وتنقسم هذه الأخيرة إلى قسمين، القسم الأول يهم الوثائق الرسمية المحررة من طرف أشخاص محددين قانونا، والقسم الثاني يهم الوثائق العرفية المحررة من قبل الأطراف أنفسهم أو كل شخص لا يدخل ضمن لائحة الأشخاص الذين حددهم القانون.
ويكمن الفرق بين كلا النوعين في مدى قوته الثبوتية. فالوثائق الرسمية لا يمكن إزاحتها إلا إذا تم إثبات زوريتها، أما الوثائق العرفية فيمكن إزاحتها إما من خلال إثارة الزور الفرعي أو من خلال وسيلة أخرى تدعى تحقيق الخطوط والتي تهدف إلى إنكار التوقيع أو الكتابة.
ولا يشكل الزور الفرعي وتحقيق الخطوط في حقيقة الأمر إجرائين من إجراءات التحقيق، فهذه الوسائل تعتبر في الحقيقة بمثابة دفوع تمكن أحد طرفي الدعوى من إستبعاد الوثيقة المكتوبة التي أدلى بها خصمه، ويفسر تصنيف هذه الوسائل ضمن إجراءات تحقيق الدعوى من طرف المشرع لكون إثارتها يؤدي حتما إلى إنجاز إحدى إجراءات التحقيق الأخرى كالخبرة أو البحث.
المطلب الأول: تحقيق الخطوط
تنظم هذا الإجراء مقتضيات الفصول من 89 إلى 91 من قمم. ويهدف إعماله إلى التأكد من صحة وثيقة عرفية مدلى بها في الدعوى والتي كانت محل طعن من طرف الخصم، ويمكن أن ينصب الطعن على حد سواء على مضمون الوثيقة أو على التوقيع الموضوع عليها،
ولا تأمر المحكمة بهذا الإجراء ولا تأخذ به إلا إذا كان ضروريا للبت في النزاع، ويعني ذلك أنه يمكن للمحكمة الإستغناء عنه إذا ما تبين لها أنه من الممكن البت في النزاع دونیا حاجة للتأكد من صحة الوثيقة المدلى بها.
ويتعين على المحكمة التي تنظر في النزاع في حالة مطالبة أحد طرفيه بتحقيق الخطوط أن تدعو الطرف الذي أدلى بالوثيقة المطعون فيها للتعبير عن نيته التمسك بها من عدمه، ويلزم التمييز في هذا الصدد بين فرضيتين، الفرضية الأولى هي التي يتمسك فيها الطرف المعني بالأمر بالوثيقة الكتابية المطعون فيها، أما الفرضية الثانية فهي التي يقرر فيها سحب تلك الوثيقة من الملف، فلا تتم مباشرة تحقيق الخطوط إلا في الحالة الأولى إما بناء على طلب أحد طرفي الدعوى أو تلقائيا، ويكون هذا الجراء في كلتا الحالتين موضوع حكم تمهیدي، ويتعرض للبطلان كل إجراء تمت مباشرته في غياب الحكم المذكور
ويتم تحقيق الخطوط إما بمقارنة الوثيقة المطعون فيها مع غيرها من الوثائق الصادرة عن الشخص الذي يهمه الأمر أو من خلال الإستماع إلى شهادة الشهود أو عن طريق خبرة، ففي الحالة الأولى تكتفي المحكمة التي تنظر في النزاع بمقارنة الخطوط والتوقيعات التي تحملها الوثيقة المطعون فيها مع وثائق وتوقيعات يقر بها الطرف الصادرة عنه، أما في الحالة الثانية فإن المحكمة تأمر باستدعاء الشهود الذين حضروا توقيع الوثيقة المطعون فيها قصد الإستماع إليهم، ولا يمكن في كلتا الحالتين أن يتم ذلك إلا في إطار جلسة بحث تأمر المحكمة بإجرائها.
أما الوسيلة الثالثة فهي التي يتم فيها اللجوء إلى خبير قصد التأكد من صحة الخطوط والتوقيعات، ففي هذه الحالة يتعين على المحكمة التي تنظر في النزاع أن تأمر بإجراء خبرة.
وإذا أسفرت إجراءات التحقيق المأمور بها على صحة الوثيقة المطعون فيها فإن الطرف الذي طالب بتحقيق الخطوط يعاقب بغرامة مالية تتراوح قيمتها ما بين مائة | وثلاث مائة درهم ناهيك عن مصاريف الإجراء، كما يمكن للطرف الذي أدلى بالوثيقة المطعون فيها أن يرفع دعوى أمام المحكمة المختصة قصد المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تكبدها، وبالقابل إذا أسفرت إجراء التحقيق المأمور بها على كون أن الوثيقة غير صحيحة فإنه يتعين على المحكمة إستبعادها ويحكم على الطرف الذي أدلى بها بتحمل المصاريف القضائية الناتجة عن ذلك،
المطلب الثاني: الزور الفرعي
يمكن أن يثار الزور الفرعي في مواجهة كافة الوثائق الكتابية سواء أكانت رسمية أو عرفية، ويمكن إثارة هذه الوسيلة التي تقترب من الدفوع أكثر من اقترابها من إجراءات تحقيق الدعوى في أي مرحلة من مراحل النزاع أمام محاكم الموضوع التي تنظر فيه، ولا تخضع إثارتها لأي أجل تقادم
ويشكل الزور الفرعي في حقيقة الأمر دفعا موضوعيا، ويمكن إثارته في كافة الأحوال وكافة مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف، ولا يمكن للمحكمة المختصة أن تتغاضى عنه إلا في الحالات التي ينص عليها القانون.
ويتعين إثارة الزور الفرعي بشكل صريح من قبل أحد طرفي النزاع، ولا يمكن لمحكمة الموضوع إثارته من تلقاء نفسها، كما لا يمكنها التغاضي عنه والبت في موضوع النزاع إذا رأت أن مباشرة ذلك الإجراء ليس ضروريا.
وإذا تم قبول هذه الوسيلة أو الدفع من حيث الشكل فإنه يتعين على المحكمة التي تنظر في النزاع توجيه أعذار للطرف الذي أدلى بالوثيقة المطعون فيها، ويجب على هذا الأخير أن يدلي بتصريح في هذا الشأن داخل أجل ثمانية أيام للتعبير عن نيته في التمسك بها من عدمه، كما يعتبر عدم الإدلاء بأي تصريح داخل الأجل السابق الذكر بمثابة تنازل عن الحق في التمسك بالوثيقة المطعون فيها.
وإذا صرح الطرف الذي أدلى بالوثيقة برغبته في التمسك بها فإن المحكمة تأمر بإيداعها لدى كتابة الضبط داخل أجل ثمانية أيام، ويعتبر عدم إتيان هذا الإجراء بمثابة تراجع عن التمسك بها، كما يمكن للمحكمة عند الإقتضاء أن توجه هذا الأمر إلى المستودع العمومي التي يوجد المستند في حوزته.
وبعد الإيداع تقوم المحكمة بالتأشير على المستند المطعون فيه، كما يتم تحرير محضر يتم تضمينه كافة أوصافه بحضور الأطراف وممثل النيابة العامة، ويتم اعتياد نفس الوسائل التي سبقت الإشارة إليها في تحقيق الخطوط قصد التأكد من صحة المستند المطعون فيه، وبعد إنجاز هذه الوسائل تقوم المحكمة بعرض خلاصتها على الأطراف قصد التعقيب، وبعد ذلك تبت بمقتضى حكم تمهيدي
وفي حالة ما إذا ثبتت صحة المستند المطعون فيه فإن الطرف الذي أثار الزور الفرعي يعاقب بغرامة تتراوح قيمتها ما بين خمس مائة وألف وخمس مائة درهم، كما يمكن وبغض النظر عن هذه الغرامة للطرف الذي تكبد ضررا بفعل ذلك رفع دعوى قصد المطالبة بالتعويض، أما إذا ثبتت زورية المستند المطعون فيه، فإنه يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقوم بإستبعاده من الملف، وتتم بالموازاة مع ذلك إحالة المستند في الحال للنيابة العامة قصد إتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
.
أحدث التعليقات