محتويات المقال
أهداف اللامركزية
انطلاقا من نظرة النظام المحلي يتبين أن تطبيق أسلوب لامركزي في دولة ما يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف، و أهداف اللامركزية قد تتباين من دولة لأخرى
وهذا التباين يجب أن يفهم من خلال سياق تطور إنشاء الدول والمتغيرات البيئية التي تؤثر على تنظيم وإدارة علاقات الإدارة المحلية مع الحكومة المركزية،
ولكن مهما يكن من عيوب قد يراها البعض في نظام الإدارة المحلية، كالقول بأنها يمكن أن تؤدي إلى المداس بوحدة الدولة بالنظر إلى توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية والهيئات المحلية، وأن الهيئات المحلية يمكن أن تسعى إلى تحقيق مصالح أقاليمها على حساب المصلحة العامة، وأن انتخابات المجالس المحلية قد تؤدي إلى صراعات قبلية وطائفية فإن لنظام الإدارة المحلية العديد من الأهداف والتي ينتج عنها العديد من الفوائد على الصعيد السياسي والإداري والاجتماعي والاقتصادي.
أ – الأهداف السياسية
إن الأخذ بنظام الإدارة المحلية من شأنه أن يساهم في إشراك المواطنين في إدارة وحذائهم المحلية، لأن من مقوماته اعتماد مبدأ الانتخاب لرؤساء وأعضاء المجالس المحلية وأنماط العمل السياسي الذي سيرافقه هذا المبدأ، ومن ثم ستتحقق التعددية ويترسخ النهج الديمقراطي وفكرة حكم الشعب لنفسه بنفسه بدءا بالصعيد المحلي (الديمقراطية الإدارية أو المحلية)، لتكون المحصلة هي ممارسة الديمقراطية على المستوى الوطني الديمقراطية السياسية)
يقصد بالتعددية توزيع السلطة في الدولة بين الجماعات والمصالح المتنوعة، وتكون وظيفة الدولة في هذه الحالة التنسيق ووضع الحلول التوفيقية بين هذه الجماعات والمصالح المتنافسة، وتعتبر المجالس المحلية من بين أهم الجماعات التي تشارك الحكومة المركزية في اختصاصاتها وسلطتها
وفي ظل تراجع دور الدولة، وما ترتب عليه من سمات جديدة للحكومة، ويمكن استعراض أهمها أصبحت الحكومة مساندة، ودورها رقابي وتتيقي وتمنح القطاعات الأخرى مزيدا من حرية العمل والمشاركة، حكومة يملكها المجتمع، وهذا يعني مساندة الجهود غیر الحكومية لتقديم الخدمات من خلال هيئات محلية ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني، لأنها أكثر التزاما وأكثر معرفة بمشكلاتها المحلية، حكومة تسعى لإرضاء المتعاملين معها، حكومة اللامركزية فيمكن إدراك ضرورة عدم تركيز السلطة بين الحكومة المركزية وضرورة تعدد الأطراف المشاركة في عملية صنع القرار في الإدارة الحكومية الجديدة، ولعل تقارير المعدة حول بحث شؤون الحكم المحلي في بريطانيا كتقرير ريد كليف مود ( Redcliff – Maude ) وتقرير ويلي (Wheatley) تؤكد دور الهيئات المحلية في موازنة سلطة الحكومة المركزية وتعدد صنع القرارات في النظامين السياسي والإداري، إذن فكلما كانت التعددية في صنع القرارات كلما أتيحت للوحدات المحلية نفوذ أقوى في المشاركة في صنع السياسات في ميادين مهمة كالتعليم والصحة والإسكان والأمن و غيرها
مزايا الديمقراطية على المستوى المحلي
إن تطبيق الديمقراطية على المستوى المحلي من خلال نظام الإدارة المحلية يحقق مجموعة من النتائج التي يمكن إجمالها على النحو التالي:
1- إن الممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي تربي الناخبين وهم ينتخبون أعضاء مجالسهم المحلية تربية سياسية وتدربهم على ممارسة العملية الديمقراطية و انتخاب ممثليهم في البرلمان.
2- إن الممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي تدفع المواطن إلى الاهتمام بالشؤون العامة وتوثيق صلته بالحكومة، وبالتالي فإن ممارستها على المستوى المحلي تتشابه مع ممارستها على المستوى القومي، كما أن تلك الممارسة تنمي الشعور لدى الأفراد بالدور الذي يؤذونه تجاه محلياتهم، وهذا الشعور من شأنه أن يرفع كرامتهم ويزيد من إحساسهم بحقوقهم الوطنية وواجباتهم القومية، بعدما ما توسعت الفجوة بين المواطنين والأنظمة الحاكمة، وإن اللامركزية الإقليمية كفيلة بإزالة عوامل الشك والريبة من أذهان الأفراد تجاه الحكومات، لأن الأشخاص الذين يتولون إدارة الشؤون المحلية من أبناء الوحدة المحلية ومنتخبون في أغلبيتهم من قبل المواطنين أنفسهم، وبالتالي فإن قراراتهم وتصرفاتهم تلقی عمادة القبول من المواطنين.
3- إشراك المواطنين من خلال تمكينهم من اختيار ممثليهم في المجالس المحلية في إدارة شؤون وحداتهم المحلية مما ينمي لديهم الشعور بتحمل المسؤولية، بمعنى أن الحكم المحلي يدح بتحقيق التنمية السياسية من خلال تقوية الفهم السياسي لدى المواطن، ويمكنه من التمييز بين الشعارات و البرامج الممكنة واختيار الأكفاء، ومناقشة القضايا المهمة كالتخطيط المحلي.
4- تتيح فرصة التدريب للقيادات، وإعدادها التشغيل مناصب سياسية أعلى في الانتخابات البرلمانية أو في المواقع القيادية العليا، وهذا يسبب النجاحات التي تحقق على المستوى الإقليمي کفهم الأدوات والمهارات اللازمة للعمل السياسي مثل القدرة على استيعاب وسائل حل الصراع السياسي واتخاذ القرارات وطبيعة عمل جماعات الضغط أو المصلحة وطريقة صنع السياسات العامة و غيرها.
5- تقوية البناء السياسي للدولة وذلك من خلال توزيع الاختصاصات الإدارية، و عدم تركيزها في العاصمة.
6- ثديهم الديمقراطية المحلية في تحقيق المساواة السياسية بين المواطنين، ومن خلالها تحد من تركيز السلطة في يد الحكومة المركزية، ومن ثم عدم مصادرة حقوقهم
ب – الأهداف الإدارية
يعتبر نظام الإدارة المحلية من أكثر الوسائل الكفاءة الأداء وتقديم السلع والخدمات المحلية ، لأنه يتأثر بآراء و انتقادات وتقييم السكان المحليين، ويتطلب الاستجابة السريعة لحاجات المواطنين في المجتمعات المحلية ويمكن تلخيص الأهداف الإدارية النظام الإدارة المحلية، فيما يلي :
1- تعتبر الوحدات المحلية أكثر قدرة وكفاءة من الناحية الاقتصادية في تقييم الخدمات المحلية، وأن تبني النظام اللامركزية يؤدي إلى تحقيق منفعة اقتصادية وكفاية أكثر من تبني النظام المركزي، لأنه يجسد مبدأ التخصص وتقديم العمل، وهو ما يميز الإدارة الحديثة في ظل العولمة، ويستطيع تزويد المواطنين بالكميات المطلوبة والمفضلة من السلع والخدمات تبعا لرغباتهم لأنه له القدرة على الاستجابة للطلبات المتباينة مقارنة بالنظام المركزي الذي يقدم الخدمات اعتمادا على التوازن، والذي هو في الواقع يكون أكثر وأقل من احتياجات السكان المحليين، وقد ثبتت فعالية النظام اللامركزية في رفع كفاءة الجهاز الإداري وتحسين قدراته لمواجهة مختلف المتغيرات و المستجدات في الساحة المحلية.
2- تعد المجالس المحلية أكثر استجابة من الحكومة المركزية للمطالب المحلية، وذلك المعرفة هذه المجالس بالمجتمع المحلي وظروفه، وإحساسها بالمسؤولية المباشرة تجاه الناخبين.
3- تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليص الروتين، وذلك من خلال تقليل المراسلات وضرورة أخذ موافقة السلطات المركزية في العاصمة بشأن كل مسألة صغيرة أو كبيرة، وتأخير المعاملات وطوابير الانتظار وعدم احترام خصوصية المراجع.
4- على خلاف الأمر في النظام المركزي الذي يستخدم في العادة أنماطا وأساليب متشابهة تطبق على جميع المواطنين في الدولة، وقد يشكل هذا الأسلوب ضررا بالنسبة للمرافق القومية، فإن الأخذ بالنظام اللامركزية يحقق تفادي تنميط الأداء على مستوى الدولة، لأنه يتسم بالمرونة والتنوع في استخدام أساليب الإدارة طبقا لما يلاءم حل المشكلات المحلية التي تختلف عن بعضها البعض، من حيث متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي يمكن لكل وحدة محلية إتباع أسلوب العمل الذي يتناسب مع واقعها وظروفها وحاجات مواطنيها.
5- إن الأخذ بالنظام اللامركزية يوفر فرصة أكثر للإبداع وتجريب السياسات والبرامج، والذي يعتبر أمرا مهما ولازما للسياسات الرشيدة ذات القيمة و المردود الإيجابي، وكما يسهل عادة عملية الإصلاح الإداري أولا بأول، وذلك لأن أجهزة الوحدات المحلية تكون محدودة وبسيطة بخلاف الأمر في الأجهزة المركزية الضخمة.
6- يساهم نظام اللامركزية في تحقيق درجة عالية من الفعالية الإدارية، نظرا للإلمام رجال الوحدة المحلية بالشؤون المحلية، مما يجعل قراراتهم ملائمة للواقع المحلي أكثر من قرارات السلطة المركزية في العاصمة.
7- العدالة في توزيع الأعباء المالية، ففي حالة تبني النظام اللامركزية يتم توزيع المال باختيار أهالي الوحدات المحلية، إضافة إلى أن ما يدفعونه من ضرائب ورسوم سيتم صرفه على هذه المرافق المحلية بالذات، وهذا يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية، وتساوي المواطنين في تحمل المسؤوليات المالية والاستفادة منها، على عكس قيام الإدارة المركزية بإدارة المرافق العامة والمحلية، إذ لا يؤدي إلى تحقيق العدالة في توزيع الأعباء المالية على دافعي الضرائب إلى درجة تضرر بعض المرافق والأفراد من هذا التوزيع.
ج – الأهداف الاجتماعية
يمثل نظام اللامركزية فرصة حقيقية لتحقيق جملة من الأهداف الاجتماعية تتمثل في :
1- تحقيق رغبات واحتياجات السكان المحليين من الخدمات المحلية وفق ما يتفق مع ظروفهم و أولوياتهم وميولاتهم؛ لأن بوجود مجلس محلي في رقعة جغرافية محددة يشعر بمسؤولية اجتماعية تجاه المواطنين، لاسيما عدد من الأعضاء هم من الأهالي، لابد أن ينعكس على زيادة المستوى الاقتصادي والاجتماعي لهم، والحد من تلوث البيئة والحصول على جميع الخدمات المحلية بسهولة.
2- إثارة اهتمام المواطنين وحفزهم للتعاون الإدارة شؤونهم المحلية، طالما أن المواطن سيشعر أنه سيشارك بفعالية بطريقة مباشرة أو من خلال ممثليه في المجلس المحلي في إدارة مصالحه اليومية، وذلك من خلال التأثير على صناعة وتنفيذ القرارات المحلية، بما يعزز ثقته بنفسه، وهذا من شأنه أن يفجر الطاقات الفكرية والثقافية لدى السكان المحليين.
3- يساهم نظام اللامركزية إذا ما وصلت المجتمعات المحلية من خلال الممارسة إلى درجة الوعي السياسي والثقافي في تحويل الولاء من ولاء الأسرة و العشيرة إلى ولاء للوطن والمصلحة العامة، بعدما يرتبط بالمجتمع المحلي الذي ينتمي إليه، والتي تعد خطوة أولى نحو تطوير المواطنة الحرة.
4- خلق شعور لدى المواطنين بعدالة الضرائب التي تفرض عليهم، لمعرفتهم بأن حصيلتها ستدفع لإنشاء مشاريع محلية يتم الاستفادة منها بصورة مباشرة.
5- خلق شعور بوجود نوع من العدالة الاجتماعية، إذ يكون للمواطنين في مختلف أرجاء الدولة نفس القدر تقريبا من المزايا والخدمات.
6- خلق نوع من التنافس بين سكان الأقاليم المتجاورة في مجال التنمية والتطوير، وهذا من شأنه أن ينعكس إيجابا على المصلحة العامة للدولة.
د – الأهداف الاقتصادية
تتمثل الأهداف الاقتصادية من خلال نظام الإدارة المحلية فيما يلي:
1 – توفر مصادر التمويل المحلي من خلال الضرائب والرسوم المحلية و إيرادات أملاك المجالس المحلية وممتلكاتها، مما يساهم في تخفيف العبء عن مصادر الدولة التقليدية وتخصيص تلك المصادر للمشروعات القومية، وليست بالضرورة القيام بمهام الدولة التدخلية، لأن من النتائج الإيجابية التي تحقق من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية المحلية ستدفع لمحال من زيادة التمويل المحلي بزيادة الدافعين له.
2- تأسيس مشروعات اقتصادية تلائم احتياجات الوحدات المحلية وحاجات المواطنين فيها، أخذة بعين في الاعتبار الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة، وتشجيع الاستثمارات المحلية أو إقامة شراكة مع الأجانب التي تناسب المنطقة المحلية، ويفضلها الأفراد المحليون، فالمجالس المحلية أقدر عادة من السلطة المركزية على إقرار المشروع الاقتصادي الذي تحتاجه الوحدة المحلية و بالتالي المجتمع المحلي.
3- تنشيط الاقتصاد على المستوى المحلي سيؤدي إلى تنشيط الاقتصاد على المستوى الوطني، لاسيما في ظل المنافسة بين الوحدات المحلية.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
أحدث التعليقات