مفهوم الأمن القانوني و مبادئه

إن الأمن مفهوم متعدد المداخل وأولى مداخله الأمن القانوني الذي هو احد الركائز الأساسية للدولة

 الأمن القانوني يعد احد أهم الأسس التي يقوم عليها بناء الدولة, وعليه ففكرة الأمن القانوني تعني ضرورة التزام السلطات العامة بتحقيق الثبات للعلاقات القانونية والاستقرار للمراكز القانونية المتشعبة بهدف إشاعة كل من الأمن والطمأنينة بين كافة أطراف العلاقات القانونية

وبهذا فتحقيق الأمن القانوني بمثابة احد المرتكزات الأساسية والمهمة لضمان الأمن على عدة مستويات

كما يعتبر الأمن أو الاستقرار القانوني من أهم شروط ومقومات النجاح الاقتصادي.

فالنشاط الاقتصادي يتمخض في نهاية الأمر على تحديد مراكز قانونية للأفراد والمشروعات، وبقدر ما تكون هذه المراكز القانونية واضحة ومحددة ومعترف بها وتحظى بالاحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع، بقدر ما يمكن أن تتم الأعمال في سهولة ويسر، وبقدر ما يشوب هذه الأمور من غموض أو خلط أو عدم يقين بقدر ما ترتبك الأعمال بل وقد تتوقف تماماً.

ولذلك لجأ المشرع في الدول المختلفة لسن التشريعات لكفالة الحقوق وضمانها وتحديد العلاقات،

وأن كان المشرع قد استخدم الطريق الجزائي لحماية بعض الحقوق التي رآها جديرة بالحماية وذلك لأثارها على تحقيق الأمن واستقرار المجتمع وسميت بذلك بالمصالح الجوهرية.

فعندما نتحدث عن الاستقرار القانوني المصاحب لأي نشاط مجتمعي، أو لتحقيق أي معنى من معاني الأمن سالفة البيان

 فإن ذلك يعني أن تكون المراكز القانونية الناجمة عن النشاط البشري واضحة وفعالة وغير معرضة للاهتزاز والمفاجآت

 فأي نشاط بشري وأهمها على سبيل المثال النشاط الاقتصادي لكونه بطبيعته نشاط ممتد من الزمن، وجوهر الاقتصاد التعامل مع المستقبل والرهان عليه، ولذلك فينبغي أن تكون هناك فكرة واضحة عن المراكز القانونية ليس في الحاضر فقط، وإنما في المستقبل أيضاً.

 وليس معنى ذلك أن القانون ينبغي أن يظل جامداً، وإنما المقصود هو ألا يكون مجال تطور القانون وتعديله ميداناً للمفاجآت والصدمات

مفهوم الأمن القانوني

تتشعب معاني الأمن التي يحتاجها المجتمع ,وان كان يعني بالأمن في الأساس تحقيق الطمأنينة والسلام الاجتماعي في كافة ربوع الوطن ,فهناك الأمن الاقتصادي والأمن الفكري والأمن النفسي والاستقرار الأسري, والأمن البيئي إلى غير دلك من الأنواع المترابطة والمتداخلة مع مفهوم الأمن القانوني الذي هو الضامن لاستقرار هده الأنواع

ومن خلال هدا المطلب سنحاول الإحاطة بمفهوم الأمن القانون في الفقرة الأولى ,وسننتقل في معرض حديثنا إلى المبادئ المرتبطة به

الفقرة الأولى: تعريف الأمن القانوني

لا يمكن الحديث عن مفهوم الأمن القانوني دون الرجوع إلى تاريخ نشأته ,بحيث فكرة الأمن القانوني لم تكتسب صفة المبدأ إلا بعد تواتر اجتهادات محكمة العدل للمجموعة الأوروبية من ستينات القرن 20 ولقد تم ترسيخ هدا المبدأ في ألمانيا مند سنة 1961 حين أكدت المحكمة الدستورية الفدرالية بألمانيا بدستورية هدا المبدأ وعليه فالقانون الألماني هو السباق اليه, قبل العمل به من طرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ,وبعد دلك تم الاعتراف به دوليا من قبل محكمة العدل للمجموعة الأوروبية وكذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان سنة 1981 م.

ثم تأثر فرنسا باجتهادات القضاء الأوروبي والألماني المتعلقة بمبدأ الأمن القانوني الشيء الذي دفع بالمجلس الدستوري إلى الاعتراف بالمبدأ بشكل متدرج في قراراته بتأكيده على ان القوانين يجب أن تكون واضحة في معانيها وان تكون توقعيه ومعيارية وغير متسمة بالرجعية او بالإغفال القانوني, وهدا باختصار .

علاوة على هدا فالأمن القانوني يعرف بأنه عملية وليس بفكرة تسعى إلى توفير حالة من الاستقرار في العلاقات والمراكز القانونية ,ودلك عبر سن تشريعات متطابقة مع التشريع الأساسي إلا وهو الدستور ,لكونه عنصرا من عناصر شيوع الثقة في المجتمع ,كلما كان واضحا في قواعده وسهلا في الولوج إليه والفهم من قبل مخاطبيه, وعليه فهو العنصر الأساسي والركيزة الصلبة التي تقوم عليها المجتمعات ,بحيث تؤسس قوتها وتضمن سلامتها واستمرارها بناء على توفره فيها .

والأمن القانوني بصفة عامة مبدأ من مبادئ دولة القانون التي من سماتها الأساسية سيادة حكم القانون وفصل السلط واستقلال القضاء ,وضمان حماية ناجعة للحقوق والحريات الأساسية للإفراد والجماعات

الفقرة الثانية: المبادئ المرتبطة بالأمن القانوني

مبدأ الأمن القانوني يرتكز على عدة مبادئ  المتمثلة في :

1 – وضوح القواعد القانونية وعدم تناقضها ,حتى لا يفتح الباب أمام التأويلات

2 – سهولة فهم واستيعاب القواعد القانونية من قبل المخاطبين بها

3 – مبدأ المساواة

4 – مبدأ عدم رجعية القوانين

5 – الشفافية

6 – عدم الإغفال او العوار القانوني

7 – قابلية القانون للتوقع

8 – سهولة الولوج الى القانون والى المحاكم

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك