محتويات المقال
اختصاصات المحكمة العسكرية
تحديد اختصاصات المحكمة العسكرية يعني تحديد القضايا التي يمكنها النظر فيها
و يعتبر الاختصاص بصفة عامة، صلاحية المحكمة للبت في قضية معروضة عليها، وينقسم هذا الأخير إلى اختصاص نوعي ومحلي.
فالاختصاص النوعي هو الذي يعطي للمحكمة صلاحية البت في نزاع معروض أمامها استنادا إلى نوعه وطبيعته، أما بالنسبة للاختصاص المحلي، فهو الذي يخول للمحكمة صلاحية البت في الدعوى بناء على أساس جغرافي معين.
ومن خلال قراءتنا للمقتضيات التي جاء بها المشرع حول الاختصاصات المسندة للمحكمة العسكرية في إطار القانون رقم 108.13 أن هذه الاختصاصات إما تكون موضوعية أو شخصية أو محلية.
سنتناول في هذا المقال اختصاص المحكمة العسكرية بالنظر إلى الأشخاص الذين تختص بهم وكذلك موضوع بعض الجرائم
الاختصاص الشخصي والموضوعي للمحكمةالعسكرية
يقصد بالاختصاص الشخصي للمحكمة العسكرية، الأشخاص الذين يمكن متابعتهم أمام هذه المحكمة االفقرة الأولى(، أما الاختصاص الموضوعي للمحكمة العسكرية هو اختصاص هذه الأخيرة وحدها بالنظر في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية االفقرة الثانية(.
الفقرة الأولى: اختصاصات المحكمة العسكرية الشخصية
إن الحديث عن هذا الاختصاص يدفعنا لطرح سؤال: على من تسري الأحكام الصادرة منالمحكمة العسكرية؟
بمقتضى المادة 3 من القانون رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري، تختص المحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم العسكرية المنصوص عليها في الكتاب السادس من هذا القانون والمرتكبة من قبل العسكريين وشبه العسكريين والذين هم في وضعية الخدمة. ثم الجرائم المرتكبة من قبل أسرى الحرب أيا كانت صفة مرتكبيها كما جاء المشرع في الفقرتين الخامسة والسادسة من نفس المادة لإعطاء توضيح أكثر للعسكريين وشبه العسكريين الذين يوجدون في وضعية الخدمة التي جاءت في مدلول البند الأول من المادة 3 من القانون رقم 108.13
ومنه فالمحكمة العسكرية تختص بالنظر في الجرائم التي يرتكبها الأشخاص الأتي ذكرهم:
أولا : على جميع العسكريين وشبه العسكريين الذين هم في وضعية الخدمة
يقصد بالعسكريين كل أفراد القوات المسلحة الملكية التابعين للأسلحة الثلاثة (أرض، جو، بحر(، بالإضافة إلى رجال الدرك الملكي بالنسبة للجرائم المرتكبة خارج مزاولتهم لمهام الشرطتين القضائية والإدارية، وكذا رجال القوات المساعد.
ونلاحظ بخصوص هذه الأخيرة وكما نعلم أن هذه الفئة رجال القوات المساعدة تخضع لوزارة الداخلية وليس الجهة المكلفة بالدفاع الوطني،
فما هو المعيار الذي اعتمده المشرع لجعل هذه الفئة تخضع لاختصاص المحكمة العسكرية؟ إذ نسخ قانون القضاء العسكري أحكام الفصل 16 من الظهير الشريف المتعلق بالنظام الأساسي الخاص برجال القوات المساعدة.
يخضع لاختصاصات هذه المحكمة جميع الأشخاص الذين يشبهون العساكر بموجب ظهائر أو مراسيم نظامية والذين هم في حالة قيامهم بخدمتهم، كمثال رجال القوات المساعدة.
رفعا لكل لبس بشأن وضعية بعض الأشخاص الذين لا يمارسون فعلا إما بسبب المرض أو بسبب تمتعهم برخص أو بعض الأسباب الأخرى، قد جاء المشرع في الفصل على أن بعض الأشخاص يعتبرون كقائمين بخدمتهم العسكرية وهم :
العسكريين الجدد المنتمون إلى القوات المسلحة الملكية.
المنخرطون في الجندية
المنخرطون من جديد في الجندية
المسرحون مؤقتا من الجندية لأجل مرض أصابهم أو عجز بدني؛ وهؤلاء الجنود يكونون في انتظار التسريح النهائي من صفوف القوات المسلحة الملكية، وفي انتظار ذلك يعتبرون كقائمين بخدمتهم العسكرية ويخضعون لاختصاصات المحكمة العسكرية الدائمة.
وتجدر الإشارة أن هؤلاء خارج هذا الإطار لا يحاكمون أمام المحكمة العسكرية إلا في حالة ارتكابهم لجريمة العصيان المنصوص عليها في الكتاب السادس من القانون المتعلق بالقضاء العسكري.
ثانيا : أسرى الحرب
إذا ارتكب أحد أسرى الحرب جريمة، سواء كان هذا الأسير مدنيا أو عسكريا فإن المحكمة العسكرية هي المختصة بالنظر في الجريمة التي اقترفها.
لقد نصت المادة 84 من اتفاقية جنيف المؤرخة في 12 غشت 1949 على ما يلي: ” إن محاكمة أسير الحرب من اختصاص المحكمة العسكرية وحدها، ما لم تسمح تشريعات الدولة الحاجزة عن المخالفة نفسها التي يلاحق أسير الحرب قضائيا بسببها”.
ونصت المادة 87 من نفس الاتفاقية على ما يلي: “لا يجوز أن يحكم على أسير الحرب بواسطة السلطات العسكرية ومحاكم الدولة الحاجزة بأية عقوبات خلاف العقوبات المقررة عن الأفعال ذاتها إذا اقترفها أفراد القوات المسلحة لهذه الدولة”.
ومنه وحسب مقتضيات المادة 3 من قانون القضاء العسكري تختص المحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم المرتكبة من قبل أسرى الحرب، أيا كانت صفة مرتكبيها.
وتجدر الإشارة كذلك أن المحكمة العسكرية تختص بالنظر في جميع الأفعال التي ينص القانون صراحة على اعتبارها من اختصاص هذه المحاكم
وهذا يدفعنا لطرح سؤال هل يمكن اعتبار هذه إمكانية لخلق نصوص قانونية مستقبلا تلغي الحدود الموضوعية في هذا القانون وتتجاوز الاختصاص المحدد في الجيش؟
ثالثا: الأشخاص الخاضعين للخدمة العسكرية في إطار مشروع قانون رقم 18-44
تنص المادة السادسة من مشروع قانون رقم 18 – 44 المتعلق بالخدمة العسكرية على أنه ” يخضع المجندون للقوانين و الأنظمة العسكرية، لا سيما القانون رقم 13 – 108 المتعلق بالقضاء العسكري”
الفقرة الثانية : اختصاصات المحكمة العسكرية الموضوعية
تختص المحكمة العسكرية وحدها بالنظر في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية وقد نص القانون 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري على الجرائم العسكرية والعقوبات المقررة لها في الكتاب السادس منه.
ونذكر من هذه الجرائم، العصيان والفرار من الجندية، ثم الجرائم المرتكبة ضد الواجب والانضباط العسكري، والتمرد العسكري ونبذ الطاعة والاعتداء والإهانة والثورة، والعطب المتعمد، ثم جريمة الاستسلام والجرائم الماسة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات والجرائم الماسة بنظم ووسائل الاتصال التابعة للدفاع الوطني، وغيرها من الجرائم وسنقتصر على ذكر بعضها بشيء من التفصيل.
أولا : جريمة العصيان
تنص المادة 159 من (ق.ق.ع(، “يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة كل شخص أدين وقت السلم من أجل العصيان بمقتضى النصوص المتعلقة بالتجنيد في الجيش… «
فجريمة العصيان المنصوص عليها في قانون القضاء العسكري ليست هي جريمة العصيان الواردة في الفصل 300 من القانون الجنائي “كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة…”.
والمراد من العصيان الأول هو رفض الالتحاق بالوحدة العسكرية في إطار التجنيد، بينما يقصد من العصيان في القانون الجنائي هو المقاومة ضد موظفي وممثلي السلطة العامة أثناء قيامهم بتنفيذ مهامهم.
والمشرع وعيا منه فقد حصر هذه الجريمة في الميدان المتعلق بالتجنيد في الجيش ولم يتركه كمصطلح فضفاض حتى لا يتجاوز مفهومه الميدان العسكري.
كما أن المشرع جعل لجريمة العصيان عقوبات مختلفة حسب إذا كان مرتكبها قد اقترفها أثناء السلم أم أثناء الحرب، ففي الحالة الأولى يعاقب العسكريون بخصوص هذه الجريمة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة. بينما ترفع العقوبة بين سنتين حبسا وعشر سنوات سجنا في الحالة الثانية أي أثناء الحرب أو في مواقع العمليات العسكرية.
كما يمكن أن تكون مصحوبة بالحرمان من ممارسة حق أو عدة حقوق من بين الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 من القانون الجنائي لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات. كما أن العقوبة تختلف حسب إذا كان المتهم ضابطا أو ضابط صف حيث يحكم عليه بالخلع إذا ارتكب الفعل وقت الحرب أو في مواقع العمليات العسكرية.
ثانيا – جريمة الفرار من الجندية
لقد عدد المشرع في المادة 160 من (ق.ق.ع( الحالات التي يكون فيها العسكريين مرتكبين لجريمة الفرار من الجندية بالداخل وفي وقت السلم، كالعسكري الذي تغيب عن وحدته بدون إذن بعد مرور ستة أيام على معاينة الغياب، غير أن الجندي الذي لم يقضي في الجندية أشهر لا يعتبر فارا إلا بعد تغيبه مدة شهر واحد وغير ذلك من الحالات.
ونصت المادة 161 من (ق.ق.ع( على الحالات والعقوبات أثناء الفرار من الجندية إلى الخارج وقت السلم بعد انصرام 3 أيام على معاينة الغياب، كل عسكري أو شبه عسكري تجاوز بغير إذن حدود التراب المغربي أو تخلى خارج المغرب عن الوحدة التي ينتمي إليها.
ثالثا : جريمة العطب المتعمد
يقصد بهذه الجريمة أن العسكري يتعمد إلحاق ضرر بنفسه بشكل يجعله عاجز على أداء واجبه العسكري سواء كان ذلك الضرر الذي ألحقه بنفسه مؤقتا أو دائما، وهذا ما نصت عليه المادة 197 من (ق.ق.ع( ” يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات كل من ثبت أنه تعمد جعل نفسه غير صالح للخدمة العسكرية بكيفية مؤقتة أو دائمة أو حاول ذلك قصد التملص من واجباته العسكرية…”
وتصل العقوبة إلى المؤبد إذا كان مقترف الجريمة أمام العدو. وتضاعف العقوبات إذا كان المشاركون أطباء أو صيادلة او ممرضين ويعاقبون علاوة على ذلك بغرامة تتراوح بين 5000 و 10.000 درهم.
ثالثا: جريمة الاستسلام
هذه الجريمة خصها المشرع بالقادة العسكريين ويمكن تعريفها أنها تخلي القائد العسكري أو من يقوم مقامه، من الدفاع والمقاومة مستسلما إلى العدو مع الوحدة التي يقودها.
وقد نصت المادة ( 199 ق.ق.ع(، “يعاقب بالسجن المؤبد مع التجريد من الرتبة العسكرية كل قائد عسكري أحيل إلى المحكمة بناء على رأي اللجنة المكلفة بمعالجة الملفات التأديبية في حالة ثبوت استسلامه أمام العدو أو تسليم الموقع الذي كلف بالدفاع عنه، دون أن يستنفذ جميع وسائل الدفاع التي كان يتوفر عليها ودون أن يقوم بكل ما يفرضه عليه الواجب والشرف” ولتحقيق هذه الجريمة لابد من توفر أركانها.
أن يكون الفاعل قائدا عسكريا.
استسلام القائد العسكري أمام العدو أو تسليم الموقع الذي كلف بالدفاع عنه.
ثبوت عدم استنفاذه جميع وسائل الدفاع المتوفرة لديه.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات