محتويات المقال
إجراءات فصل الأجير العادي
من أجل فصل الأجير يلزم أخد مجموعة من الإجاءات بحيث تنص المادة 62 م.ش على ما يلي:
“يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل او من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه، وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه
يحرر محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة، يوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه إلى الأجير
إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة يتم اللجوء إلى مفتش الشعل”.
يتضح جليا من المقتضي التشريعي الموما إليه أعلاه، أن توقيع عقوبة الفصل من قبل المشغل في حق أجير ارتكب خطأ جسيما، يجب أن تسبقه جملة من الإجراءات، تتمثل في إتاحته فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه (الفقرة الأولى)، علی أن يتم بعدها تحرير محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الاستماع إلى الأجير
لم تكن في تشريع الشغل الملغی أية إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى ضرورة قيد المشغل باجراء الاستماع إلى الأجير الذي ارتكب – حسب زعمه – خطأ جسيما، وهو ما كان يشكل تغرة تشريعية، ذلك أن منع الأجير فرصة الدفاع عن نفسه قبل اتخاد مقرر فصله، قد يؤدي إلى إيجاد تبرير لفعله، أو نفی مسؤوليته بالمرة، ناهيك عن أن هذا الأجراء من شأنه التقليل من حالات الطعن في مقررات الفصل أمام القضاء
وقد تداركت مدونة الشغل ذلك الفراغ التشريعي، حيث أوجبت في مادتها 62 علی کل مشغل يعتزم فصل أجير ارتكب خطأ جسيما، أن يتيح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب اجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجیر بنفسه
والحقيقة أن استدعاء الأجير للحوار و المحادتة قبل فصله، يحمل عدة دلالات، حيث إن هذا الإجراء له علاقة بثقافة الحوار الاجتماعي وبتقافة حقوق الإنسان، والاعتراف لهذا الأخير بآدميته وإنسانيته ، فالأجير ليس كتلك الألة التي يجب التخلص منها برميها في قبو المقاولة بمجرد ثبوت عدم صلاحيتها
ومع تقريري للمزايا الجمة التي تنطوي عليها هذه الخطوة التشريعية، فإن لي بشأنها مجموعة من المحطات، أجملها فيما يلي :
أ- لئن كان المشرع قد أوجب سماع المشغل أو من ينوب عنه للأجير قبل فصله، فإنه لم يخض بشيء من التفصيل في الإجراءات الواجب اتباعها في هذا الصدد، حيت لم يحدد كيفية استدعاء الأجير من أجل الاستماع إليه، فهل معنى ذلك أن المشغل يبقى حرا في تبليغ الأجير بأية وسيلة كانت؟
جوابا على هذا السؤال، يري الدكتور عبد اللطيف خالفي أن تبليع الأجير بالإخلال بالتزاماته، يجب أن يكون كتابة، وذلك حتى يتمكن من إعداد دفاعه قبل الاستماع إليه
ومع احترامي لما ذهب إليه الدكتور المحترم في هذا الصدد، فإنني أعتقد أن المشغل. وأمام صمت المشرع غير مقيد بسلوك أسلوب معين في تبليغ الأجير بالخطأ المنسوب إليه، فله أن يقوم بذلك كتابة أو شفويا، ولا ضير في ذلك، وإلا لكانت المادة 62 م.ش قد ألزمته بطريقة معينة في التبليغ، كما فعل المادة 63 من ذات القانون في معرض بيانها لكيفية الإعلام بمقرر الفصل کما سوف نورى
والحقيقة أن ما ذهب إليه الدكتور في هذا الصدد، هو الساند في أغلب التشريعات المقارنة
وهكذا تناول المشرع الفرنسي هذا الجانب بكتير من التفصيل حيث فرض على المشغل قبل سماع الأجير, استيفاء شرط استدعائه إلى محادثات مسبقة، ويتم هذا الاستدعاء كتابة عن طريق رسالة مضمونة أو رسالة تسلم إلى المعني بالأمر شخصيا مقابل وصل استلام وفي نفس السياق سار المشرع المصري، حيث نصت المادة 64 من قانون العمل المصري الجديد رقم 12 لسنة 2003 على ما يلي :
” يحظر توقيع جزاء على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه…”
وحبذا لو نهج المشرع المغربی نهج نظيره الفرنسي والمصري، واشترط ضرورة تبليغ الأجير كتابة بالمخالفة المنسوبة إليه تفاديا لما يمكن أن يطرحه الأسلوب المعتمد في التبليغ مستقبة من إشكالات أمام المحاكم، خصوصا إذا علمنا أن هذه الأخيرة تتخبط في نزاعات لا تقع تحت حصر تدور في أغلبها حول إجراءات الفصل الخطأ جسيم
ب- إن المادة 62 م.ش قد أوكلت مهمة الاستماع إلى الأجير التي اقترف خطأ جسيما، إلى المشغل أو من ينوب عنه، وقد كان عليها ضمانا للحياد أن تشترط ألا يكون من ينوب عن المشغل في هذه الحالة هو من ادعي اقتراف الأجير الخطا أو اكتشف هذا الأخير، بل إن بعض التشريعات قد ذهبت إلى أنه يشترط ألا يقل المستوى الوظيفي لمن يحقق مع الأجير المخالف عن مستوى هذا الأخير
ج- إذا كانت المادة 62 م.ش قد خولت الأجير فرصة الاستماع إليه مؤازرا بمن يختاره من مندوبي الأجراء أو الممثلين النقابيين بالمقاولة، فإنها لم تعط لهذين الأخيرين حق المشاركة في تكييف ما قد ينسبب للأجير من أخطاء، حيت سيستأثر المشغل في هذه الحالة باتخاذ مقرر الفصل، وهو ما يعني أنه سيكون خصما وحكما في الآن ذاته، وقد كان على المشرع المغربي أن يذهب أبعد من ذلك ويقرر انعقاد مجلس تادیبی کما تقضي بذلك الاتفاقية الدولية رقم 158 المتعلقة بإنهاء الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل، التي صادق عليها المغرب كما مر بنا, والتي استقى منها أحكاما أخرى ضمنها في مدونة الشغل، تفاديا لذلك التعامل الانتقالي مع الاتفاقية المذكورة الذي قد يؤدي إلى تحريف مضمونها، ولماذا لا تتكلف لجنة المقاولة بممارسة مهنة المجلس التأديبي فضلا عن باقي اختصاصاتها ؟
د- لئن كان المشرع المغربي قد خول الأجير محل إجراءات الفصل لخطأ جسيم حق الاستعانة بمن يختاره من مندوبي الأجراء بالمقاولة، فإنه لم يتصد للحالة التي لا تتواجد فيها هذه الفئة بالمؤسسة خصوصا وأن المشغل غير ملزم باعتماد هذا النظام التمثيلي إلا إذا كان يشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء دائمين
الفقرة الثانية : تحرير محضر من قبل إدارة المقاولة من أجل فصل الأجير
تصديا لإمكانيات تحلل المشغلين من التزاماتهم، وحتي يتم إثبات احترام مسطرة الاستماع إلى الأجير، نصت الفقرة الثانية من المادة 62 م.ش على وجوب تحرير محضر في هذا الشأن من قبل إدارة المقاولة على أن يتم التوقيع على هذا المحضر من قبل كل من المشغل والأجير، وتسلم نسخة منه إلى هذا الأخير
ورغم أهمية هذا المحضر، فإن المشرع المغربي لم يبين فحواه و بديهي أن “مضمون المحضر يتعلق بطبيعة الفعل المنسوب إلى الأجير وبتاريخ ارتكاب الى الفعل، وكذلك بوسائل إتبات ارتكاب الى الفعل، مثل الشهود مثلا، كما يتضمن هذا المحضر أيضا الوسائل الواردة في دفاع الأجير والنقط المثارة من طرف مندوب الأجراء أو العمل النقابي والموقف النهائي للمشغل”، و عموما كل العناصر التي تعتبر رئيسية والتي تكون قد أثيرت أثناء الاستماع إلى الأجير
ويبقى أنه إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة ، يتم اللجوء إلى مفتش الشغل ، وما ذا عسى أن يقوم به هذا الأخير سوی تسوية الخلاف الحاصل بين الطرفين أو إقناعها بضرورة إتمام المسطرة
تجدر الإشارة في الأخير إلى أن مسطرة فصل الأجير المنصوص عليها في المادة 62 م.ش ، تطبق كذلك في حقه متی ارتكب خطا غير جسيم واتخذت في حقه إحدى العقوبات التأديبية التالية :
– التوبيخ الثاني، أو التوقيف عن الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام.
– التوبيخ الثالث، أو النقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند الإقتضاء
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات