محتويات المقال
إجراءات التفتيش
من خلال هذا المبحث سنحاول التطرق إلى إجراءات التفتيش محاولين بذلك الوقوف على كل ما يستوجب لفهم هذه الإجراءات سواء في مرحلة البحث التمهيدي (المطلب الأول) و في مرحلة التحقيق الإعدادي (المطلب الثاني)
المطلب الأول : إجراءات التفتيش اثناء البحث التمهيدي
تختلف إجراءات التفتيش في مرحلة البحث التمهيدي بحسب ما إذا كنا بصدد جريمة في حالة التلبس (أولا) أو في الحالات العادية (ثانيا)
الفقرة الأولى: حالة التلبس
نظم المشرع إجراء تفتيش المنازل بشكل دقيق و أعطى لضابط الشرطة القضائية مهمة القيام به كما أوجب عليه احترام عدة شروط و شكليات أثناء القيام بتفتيش المنازل و تتمثل هذه الشروط كالتالي :
1 – يجب أن يتولى التفتيش ضابط الشرطة القضائية
يتولى التفتيش ضابط الشرطة القضائية و هذا ما جاء في قانون المسطرة الجنائية و كذلك يمكن أن يقوم بمرافقته بعض أعوانه أو مساعديه أثناء القيام بإجراءات التفتيش بأنفسهم. لكنه سمح لهم بمساعدة ضباط الشرطة القضائية أثناء قيامهم بهذه المهمة و هذا ما جاء في المادة 26 من قانون المسطرة الجنائية
2 – احترام أوقات التفتيش
جاء في المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية ” لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا و بعد التاسعة ليلا …”
من خلال هذه المادة فالمشرع حدد أوقات التفتيش القانونية و هي ما ببن الساعة السادسة صباحا و التاسعة ليلا.من خلال هذه المادة يتضح أن المشرع قرر قاعدة عامة تتعلق بالساعات القانونية لتفتيش لكن هذه القاعدة ليست مطلقة بل ترد عليها مجموعة من الاستثناءات الواردة في نفس المادة و هي كالتالي :
– إذا طب صاحب المنزل إجراء التفتيش خارج الوقت القانوني.
– أن تسمع نداءات أو استغاثة من داخل المنزل .
– وجود نص يجيز التفتيش خارج الوقت القانوني .
– إذا كان التفتيش يجرى في محلات يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة كالملاهي الليلية.
– إذا تعلق التفتيش بجريمة إرهابية و هذا الاستثناء قيده المشرع بضرورة الحصول على إذن مكتوب من النيابة العامة للتفتيش داخل الوقت القانوني .
3 – المحافظة على السر المهني
نص المشرع على هذا الشرط في الفصل 59 من قانون المسطرة الجنائية بقوله “إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن معدة للاستعمال المهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة و أن يتخذ مسبقا جميع التدابير اللازمة لضمان السر المهني “.
من خلال المادة أعلاه فإن ضابط الشرطة القضائية الذي يقوم بعملية التفتيش في أماكن الأشخاص الذين يلزمهم القانون بكتمان السر المهني العمل على عدم إطلاع الغير على هذه الأسرار على سبيل المثال كعيادات الأطباء و مكاتب الموثقين العدول و المحامين
فبالنسبة لمكتب المحامي فقط اشترط المشرع ضرورة قيام ممثل النيابة العامة بهذه المهمة مع حضور نقيب هيأة المحامين أومن ينوب عنه أو بعد أشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة
4 – حضور بعض الأشخاص عملية التفتيش إلى جانب ضابط الشرطة القضائية
قصد المشرع من التنصيص على وجوب حضور أشخاص إلى جانب ضابط الشرطة القضائية أثناء التفتيش الاطمئنان إلى سلامة الإجراء و صحته و ما قد ينتج عليه. فإذا تعلق الأمر بالبحث في حالة التلبس وجب أن يحضر المشتبه فيه للتفتيش الذي يجرى بمنزله أو من يمثله . فإذا تعذر ذلك كان على ضابط الشرطة القضائية أن يستدعي شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطته لحضور التفتيش.
و هذه التدابير نفسها التي يتعين مراعاتها عند تفتيش منزل شخص من الغير ممن يحتمل في حيازته مستندات , أو أشياء , لها علاقة بالأفعال الجرمية, حيث وجب أن يجري التفتيش طبقا لما جاء في تفتيش المشتبه فيه .
و أيضا تعزيزا لما ينبغي أن يكون للمرأة من توقير و حفظ الكرامة الواجبة لها أوجب المشرع حضور امرأة منتدبة من قبل ضابط الشرطة القضائية لتفتيش النساء في المكان الذي يجري فيه التفتيش حسب المادة 60 من قانون المسطرة الجنائية
5 – تحرير محضر للتفتيش
بعد انتهاء ضابط الشرطة القضائية من عملية التفتيش بغيت عليه عملا بمقتضيات المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية في الفقرة الأخيرة أن يحرر محضرا بالتفتيش يوقعه و يؤرخه كما يوقعه الأشخاص الذين أجري التفتيش بمنزلهم أو من يمثلهما أو الشاهدين و يشار إلى الممتنع منهم
كما يجب أن يبين المحضر الصفة التي يتمتع بها ضابط الشرطة القضائية و اسمه و زمان و مكان إجراء التفتيش و ما قام به من عمليات الحجز و سبب لجوئه إلى ذلك و كل ما عاينه و اطلع عليه من وثائق و مستندات و ما قام بضبطه من محجوزات فعدم الالتزام بالشكليات التي ثم التنصيص عليها من طرف محرر محضر من اسم و زمان و مكان التفتيش يجعل المحضر باطلا حسب المادة 63 من قانون المسطرة الجنائية.
الفقرة الثانية: في الحالات العادية
سبق أن أوردنا في إجراءات التفتيش في حالة التلبس قد فيها المشرع بمجموعة من الشروط لا يجب مخالفتها و هذه الشروط هي نفسها التي خولها المشرع لضابط الشرطة القضائية في الحالات العادية حسب المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية نجد أن المشرع أضاف شرط ضرورة الحصول على موافقة صريحة على التفتيش من الشخص الذي يجرى التفتيش في منزله في تصريح مكتوب بخط يده
ما لم يكن يجهل الكتابة حيث يكتفي حينئذ بالإشارة لذلك في المحضر و يبقى هذا الشرط هو القاعدة العامة في الحالات العادية و لا يقع التخلي عنها إلا إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية, حيث إذا امتنع صاحب المنزل في هذه الحالة عن إعطاء موافقة هنا سمح المشرع لضابط الشرطة القضائية أن يقوم بالتفتيش شريطة الحصول على إذن مكتوب من النيابة كما يجب أن يحضر الشخص الذي سيجرى التفتيش في منزله فإذا امتنع أو تعذر حضوره فإن التفتيش يتم بحضور شاهدين من غير مرؤوسي ضابط الشرطة القضائية.
فهذا بالنسبة لإجراءات التفتيش في البحث التمهيدي،فماذا عن إجراءات التفتيش في مرحلة التحقيق الإعدادي؟
المطلب الثاني: إجراءات التفتيش في مرحلة التحقيق الإعدادي
أباح المشرع لقاضي التحقيق حسب المادة 101 من قانون المسطرة الجنائية إجراء التفتيش في جميع الأماكن التي قد يعثر فيها على أشياء من شأنها المساعدة في اكتشاف الحقيقة لذا وجب عليه التقيد بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في المواد 59 و 60 و 62 من قانون المسطرة الجنائية تحت طائلة البطلان
و المشرع استخدم مصطلح الأماكن الذي يحمل عدة دلالات واسعة تشمل المنازل و العيادات و المكاتب و المحلات و المقاهي و غيرها من الأماكن.
لقد ميز المشرع في تفتيش المساكن بين مسكن المتهم المادة 102 و مسكن غير المتهم المادة 103 من قانون المسطرة الجنائية و نظم كل منهما بإجراءات خاصة تهدف إلى الحفاظ على حرمة المساكن ، لهذا سنتطرق في هذه الفقرة إلى تفتيش مسكن المتهم )أولا ( و إلى تفتيش مسكن غير المتهم )ثانيا(
الفقرة الاولى: تفتيش مسكن المتهم
إن بوشر التفتيش في مسكن المتهم فإن على قاضي التحقيق التقيد بمقتضيات المواد 60 و 62 من قانون المسطرة الجنائية أي أن التفتيش ينبغي أن يكون في حضور صاحب المنزل و إذا هو تعذر عليه الحضور، فعلى قاضي التحقيق أن يدعوه لتعيين نائب عنه. إذا امتنع من ذلك و كان فارا استدعى قاضي التحقيق شاهدين أجنبيين عن الموظفين الخاضعين لسلطته لحضور الإجراء، و أيضا يتعين أن يتم التفتيش داخل الوقت القانوني أي بعد الساعة السادسة صباحا و قبل التاسعة ليلا مع ملاحظة أن القانون أعفى قاضي التحقيق من التقيد بالوقت القانوني إذا كان التفتيش يتعلق بجريمة إرهابية حيث له أن يباشره خارج الوقت القانوني المحدد في المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية شريطة أن يقوم به شخصيا و بحضور ممثل النيابة العامة المادة 101 و 102 من قانون المسطرة الجنائية
كما يجوز له حسب المادة 102 من قانون المسطرة الجنائية أن ينتدب و بقرار معلل قاضيا أو ضابطا من ضباط الشرطة القضائية لإجراء التفتيش خارج الساعات القانونية بحضور ممثل النيابة العامة و ذلك في حالات الاستعجال القصوى .
هذا بالنسبة للضمانات التي أعطاها المشرع في حالة تفتيش منزل المتهم، فماذا عن تفتيش منزل غير المتهم
الفقرة الثانية: تفتيش مسكن غير المتهم
أما إذا تعلق الأمر بتفتيش مسكن غير المتهم المنصوص عليه في المادة 103 من قانون المسطرة الجنائية فإنه يتعين استدعاء صاحب المنزل أو من يشتغل معه للحضور وقت التفتيش و إن هو تغيب أو رفض الحضور أجري التفتيش بحضور شخصين من أقاربه أو أصهاره الموجودين بالمكان و إذا تعذر ذلك فيثم بحضور شاهدين لا تربطهما علاقة التبعية بقاضي التحقيق
و يجب أن يقع التفتيش وفق الوقت القانوني المحدد في المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية حيث يجب التقيد بالضوابط القانونية المنصوص عليها في الفصل 64 من قانون المسطرة الجنائية و ذلك بخلاف الاستثناء الوارد على إجراءات تفتيش منزل المتهم
و العلة من ذلك تحقيق ضمانات اكبر للشخص الذي يباشر التفتيش في منزله بأنه يباشر وفق القانون هذا إجراء جوهري يترتب عنه البطلان
أما فيما يتعلق بتفتيش مسكن شخص يلزمه القانون بالحفاظ على السر المهني كالطبيب و الموثق و المحامي هنا يجب على قاضي التحقيق أن يتخذ جميع التدابير لحماية هذا السر المهني. كمكتب المحامي هنا يتولى قاضي التحقيق القيام بالتفتيش أو قاضي أخر ينتدبه )و لا يجوز انتداب ضابط الشرطة القضائية لذلك ( بحضور نقيب هيأة المحامين أو من ينوب عنه أو بعد إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة
و باعتبار التفتيش هو عمل تحقيق فإنه وجب أن يتسم بالحياد و الموضوعية فلا يجب أن يكون بهدف البحث عن الإدانة فقط بل وجب البحث أيضا من أجل تبرأت المتهم أو التخفيف عنه .
و في جميع الأحوال فان الأمر موكول إلى ضمير قاضي التحقيق بان لا يضطلع إلا على الأشياء و الوثائق التي لها صلة بالجريمة فبمجرد أن يتبين له أن الوثيقة أجنبية عن الجريمة أو غير قانونية توجب عليه التوقف عن الاسترسال في قراءتها كرسالة بين المشتبه به و محاميه.
و من التدابير الأخرى التي يتوجب على قاضي التحقيق اتخاذها هو الحرص على أن لا يضطلع غيره على محتويات المنزل محل التفتيش و أن يقوم بإبعاد الوثائق و الأشياء عن أعين الأجانب و في النهاية و كما سبق القول فان الآمر موكول إلى ضمير قاضي التحقيق لتقدير التدابير المزمع اتخاذها مع كل قضية و حسب ظروفها
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات