محتويات المقال
أسباب تنوع العلاقات الدولية
توسع مهام الدولة, و الثروة العلمية و التكنولوجية, ومشاركة الدول الجديدة في المجتمع الدولي, كلها أسباب تنوع العلاقات الدولية وبالتالي إلى تطور القواعد و المؤسسات المنظمة لها.
1 – توسع مهام الدولة
شهدت نشاطات الدولة ومسؤولياتها توسعا كبيرا ومطردا إذ أصبحت الدولة تقوم بمهام متنوعة بعد أن كانت وظائفها تقتصر على الدفاع الوطني و الأمن الداخلي و القضاء و العلاقات مع الخارج.
لقد تحولت الدولة منذ القرن التاسع عشر من دولة حارسة, إلى دولة متداخلة, إذ بدأت الدولة منذ هذا التاريخ تتدخل في غدارة و توجيه الاقتصاد ومنح المساعدات و الإعلانات الاقتصادية و الاجتماعية بمبادرة منها أو من تلبية مطالب مواطنيها . فتولت إنشاء الطرق والجسور و القنوات والموانئ والخدمات البريدية و الصحية وحماية الصناعة الوطنية وتجديد ساعات العمل ووضع حد أدنى الأجور وحماية العمال من الحوادث و الأمراض المهنية و القيام بالأعمال و المشاريع التي لا تستطيع الهيئات الخاصة القيام بها.
وتحت تأثير الأفكار الاشتراكية ومبادئ الماركسية البينينية أصبحت الدولة تتدخل بدرجات متفاوتة من أجل تملك الأرض و الاستثمارات الفلاحية و المعدنية و المشاريع الصناعية و التجارة الداخلية و الخارجية, ووضع التخطيط التي تمكنها من تحقيق الإنماء الاقتصادي السريع.
والواقع أن توسع مهام الدولة أسهم في تغيير مفهوم الدولة ذاتها, إذ أصبحت أداة للخدمة لا أداة للسيطرة كما كانت في الماضي, فقد أدت الثروات الاجتماعية, والتقدم العلمي و التكنولوجي, و التطورات الاقتصادية والاجتماعية, وتعقد الحياة الثقافية , إلى زيادة مهام الدولة, فكل هذه التغييرات تفرض على الحكومات أعباء جديدة سواء كانت فلسفتها ليبرالية أو ذات صبغة جماعية.
وخلاصة القول أن هناك أسباب عديدة استحثت تدخل الدولة في مختلف الميادين أهمها العمل على تحقيق لرفاه العام و العدالة الاجتماعية, والنفقات الباهظة التي يتطلبها التسلح وتجهيز الجيوش, واستكشاف الفضاء, وإنماء الطاقة النووية سواء سخرت لأغراض سلمية أو عسكرية, فقد أصبح على الحكومات أن تواصل جهودها لإيجاد نظام عالمي يقضي على خطر الحروب خصوصا وان الحرب النووية لن تؤدي إلى النصر و الهزيمة بل إلى الفناء.
2 – الثروة العلمية و التكنولوجية
ذكرنا أن الثروة العلمية و التكنولوجيا كان اثر كبير في التقريب بين الدول في مختلف النواحي, بحيث أصبحت كل دولة تشعر بأنها جزء كم مجتمع دولي تتأثر مصالحها بما يحدث في غيرها, ويؤثر ما يحدث فيها على مصالح الدول الأخرى.
وقد بدا هذا الترابط في المصالح مع الثروة الصناعية, وما ترتب عليها من تطور في وسائل الإنتاج, وزيادة في الطاقة الإنتاجية, ومحاولة الدول المصنعة تصريف الفائض من إنتاجها في البلاد الأخرى.
وشملت الثروة العلمية و التكنولوجية ميادين مختلفة, وكان لها آثار هامة في زيادة العلاقات الدولية, وفي تغيير ملامح المجتمع الدولي في القرن العشرين ومن هذه الآثار تقدم وسائل الاتصال, وتطور وسائل المواصلات, واستخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية و العسكرية, وغزو الفضاء, وتطور أساليب الحرب ومعدات القتال.
3 – تقدم وسائل الاتصال
فالتطورات التكنولوجية في مجال الاتصال الدولي, خاصة بعد الحرب العالمية الثانية, جعلت ما يحدث في اي مكان من العالم, يتردد صداه في كل مكان بالصوت و الصورة وفي نفس اللحظة, أو بواسطة الكلمة المكتوبة في لغتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغات الوطنية.
ومحور الوسائل المستخدمة في هذا الاتصال هو السيطرة والتحكم في عقول الناس وسلوكهم باستخدام الكلمة المطبوعة, الكتب و الصحف و المجالات و المطبوعات, والكلمة المسموعة “الإذاعة” والصوت و الصورة معا ” التلفاز و السينما” وذلك من أجل استمالة الرأي العام, وجعله ينحاز إلى طرف معين سواء كان دولة أو مجموعة من الدول أو حزبا أو جماعة دينية أو غيرها.
والواقع أن هذه الوسائل تسهم في إنشاء رأي عام يتخطى الحدود الوطنية ليوحد بين مواقف وسلوك الأفراد من الجنسيات المختلفة, خصوصا وان الإذاعة المرئية و المسموعة تقدم للناس الأحداث التي تجري في اي مكان من العالم, بطريقة تستمليهم إلى التأييد أو المعارضة أو عدم الاهتمام بها, وبذلك “أصبح الرأي العام العالمي عاملا مؤثرا في العلاقات الدولية, وضابطا من ضوابطها.
4 – تطور وسائل المواصلات
وإذا كانت وسائل النقل و المواصلات في العالم بمثابة الشرايين في جسم الإنسان, فإن الثروة العلمية و التكنولوجية قد أدت إلى تطور هذه الوسائل على اختلاف أنواعها من برية وبحرية وجوية, فمنذ القرن التاسع عشر إلى الآن ظهرت وسائل جديدة للمواصلات مثل السيارات و القطارات و السفن التي تسير بالطاقة, و الطائرات و السفن الفضائية, وبسبب هذه الابتكارات تغلب الإنسان على الموانع الطبيعية, وفقدت الجبال و الصحاري و المحيطات و البحار و الأنهار و القنوات تأثيرها كموانع تعوق الإنسان من الانتقال السريع من مكان غلى آخر.
كما أن تطور المواصلات أدى إلى نقل الاهتمام بها من النطاق الوطني إلى النطاق الدولي, واقتضى إحداث تنظيم دولي في هذا المجال بواسطة المعاهدات الثنائية في بادئ لأمر, ثم بواسطة المعاهدات المتعددة الأطراف, وأخيرا بواسطة منظمات دولية متخصصة ذات صبغة عالمية كاتحاد البريد العالمي, والاتحاد الدولي للمواصلات السلكية و اللاسلكية و الهيئة الدولية للطيران المدني, والهيئة العالمية للأرصاد الجوية, و الهيئة الاستشارية الدولية للملاحة البحرية.
5 – تطور أساليب الحرب و معدات القتال
استخدم الإنسان في البداية المطارق و أدوات القتال المصنوعة من الحجارة ثم طورها إلى السيوف و السهام و الرماح, وأدى اكتشاف البارود في العصور الوسطى إلى تطور آخر في معدات القتال, فاستخدمت المسدسات و البنادق و المدافع, وفي عصر الآلات استخدمت المدفعية ذات النيران المركزة و ظهرت الدبابات و الغواصات و الطائرات واستخدم اللاسلكي في الاتصال, وتشكل الطاقة النووية و القذائف الموجهة و الصواريخ العابرة للقارات و الأقمار الصناعية و سفن الفضاء أسلحة جديدة يمكنها إحداث الدمار الشامل في أي منطقة من العالم وبدقة وسرعة.
وهذا التطور من أساليب الحرب ومعدات القتال, جعل محور العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية ينتقل من دول غرب أوروبا إلى الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي باعتبارها أكثر الدول تقدما في هذا المجال, كما أدى ذلك إلى تغير بعض الأسس التي تقوم عليها العلاقات الدولية, فصار لنظريات توازن القوى و السيادة مفاهيم جديدة, وتطورت أساليب الصراع من أجل القوة و السيطرة وتحقيق الأمن الجماعي, وانقسم العالم إلى معسكرين يتضمن كل منهما نظاما دفاعيا يوفر الحماية و الوقاية للدول الأعضاء فيه, وخاض المعسكرات سابقا محموما من أجل تطوير أسلحتهما وتدعيم قواتهما المسلحة.
6 – استخدام الطاقة النووية
وكان استخدام الطاقة الذرية بداية لمرحلة جديدة من مراحل تطور الإنسانية, تغيرت فيها تكنولوجية الحرب و السلام, بحيث استخدمت كسلاح له قوة تدميرية رهيبة, كما أمكن استخدامها في الأغراض السلمية مثل توليد الكهرباء و إدارة آلات المصانع ومحركات وسائل النقل المختلفة برية وبحرية وجوية, واستخراج المياه العذبة من مياه البحار والمحيطات, وفي التشخيص الطبي وعلاج الأورام السرطانية و الغدة الدرقية وأمراض الدم, وفي تحسين الإنتاج الزراعي و الحيواني.
وقد أضافت الأسلحة النووية أبعادا جديدة إلى قوة التدمير التي يمتلكها الإنسان, إذ تطورت الأبحاث و التجارب بعد الحرب العالمية الثانية لأجل صناعة نووية تناسب في حجمها وقوة تدميرها الأهداف العسكرية المتباينة التي تدعو الحاجة لتدميرها في الحرب المقبلة, سواء ما كان منها في البر أو البحر أو في الجو, وأدت هذه الأبحاث و التجارب إلى صناعة قنابل نووية متفاوتة في الحجم و القوة, كما صنعت أسلحة نووية أخرى خاصة باستخدام الطاقة الإشعاعية في تدمير العدو وممتلكاته.
وقد تأثر ميزان القوى بالقوى النووية في العالم, وهي الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفياتي و المملكة المتحدة و فرنسا و الصين, فإن كان استقطاب القوى التقليدية و النووية في دولتين كبيرتين بعد الحرب العالمية الثانية, قد جعل توازن القوى بسيطا, فان تحولا قد ظهر بعد ذلك نتيجة لعوامل تهدف إلى إعادة التوازن إلى شكله القديم, منها بناء فرنسا لقوتها النووية المستقلة, وتوصل الصين الشعبية إلى صناعة الأسلحة النووية وتنافسها مع الاتحاد السوفياتي على زعامة الدول الشيوعية وفي العالم الثالث.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
تحميل المقال:
أحدث التعليقات