محتويات المقال
أسباب اكتساب الملكية – الاستيلاء و الالتصاق
من أسباب اكتساب الملكية وتجعل الشخص مالكا للشيء إما أن ترجع إلى التصرف القانوني أو إلى الواقعة.يمكن اكتساب حق الملكية بطريق الالتصاق والاستيلاء ، وعن طريق الشفعة والعقد والتقادم المكسب والإرث والوصية والنزع الجبري للملكية والحكم القضائي.
وهناك جانب آخر من الفقه يعتبر الحيازة سببا من أسباب الملكية, وقد اهتمت مدونة الحقوق العينية أسباب كسب الملكية وذلك في الكتاب الثاني من هذه المدونة
سنتطرق في موضوعنا فقط إلى الاستيلاء و الالتصاق كأسباب لاكتساب الملكية. فما هوالاستيلاء وما هو الالتصاق وماهي الأحكام الخاصة بكل واحد منهما؟
المبحث الأول : الاستيلاء
الاستيلاء كسبب لكسب الملكية، يفترض أن الشيء الذي تكسب ملكيته ليس له مالك وقت الاستيلاء وعلى ذلك لا يرد الاستيلاء إلا على الأشياء ، فلا يرد على الأموال إذ وقت الاستيلاء كان الشيء لا مالك له ، فهو شيء لا مال ويصبح مالا بالاستيلاء.
ويندر أن توجد أشياء لا مالك لها في المجتمعات المتحضرة، أما في المجتمعات البدائية التي لم تستغل مواردها الاقتصادية وفي المجتمعات الجديدة الناشئة ، وفي البلاد الصحراوية فكثير من أشيائها يكون لا مالك له، ومن ثم يرد عليه الاستيلاء وإذا كان الشيء الذي لا مالك له نادرا في المجتمعات المتحضرة فهو في العقار أندر منه في المنقول.
ذلك أن العقار تقبل الناس على تملكه، فلا يكاد يبقى عقار لا مالك له، وإذا بقيت أراضا غير مزروعة في الصحراء أو في الجبل لا مالك لها فيغلب أن يتدخل المشرع ويعتبرها ملكا للدولة ، كما فعل المشرع المصري عندما نص في المادة 874/1 من القانون المدني على ان الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة.
و
كما نص المشرع المغربي في المادة 222 من مدونة الحقوق العينية : “الاراضي
الموات التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة ، ولا يجوز وضع اليد عليها الا
باذن صريح من السلطة المختصة طبقا للقانون
“.لذلك يجب التمييز في الاستيلاء بين المنقول والعقار.
المطلب الأول : الاستيلاء على منقول
يعد الاستيلاء سببا لكسب ملكية الأشياء التي لا مالك لها عن طريق وضع اليد عليها بنية تملكها. والاستيلاء بهذا المعنى يتكون من عنصرين عنصر مادي يتجسد في الحيازة أي وضع اليد، وعنصر معنوي وهو وجود نية التملك.
ولما كان من غير المستساغ الاعتداد بالاستيلاء كسبب لاكتساب العقار، فإن المنقول يبقى تبعا لذلك المجال المعتد به لاكتساب الملكية عن طريق واقعة الاستيلاء هذا على اعتبار أن المنقولات هي من تكون في الغالب بلا مالك يتملكها ويتصرف فيها.
ويتضح مما سبق أن الاستيلاء لا يتحقق من مجرد حيازة المنقول المباح انطلاقا من وضع اليد فحسب بل يلزم ضرورة توافر نية تملك ذلك المنقول لكن السؤال المطروح يتعلق بمفهوم وشروط المنقولات التي لا مالك لها بهذا الخصوص، وهذا ما سنعالجه فيما يلي :
و يشترط في الاستيلاء الشروط الآتية :
1- أن يرد الاستيلاء على شيء منقول لا مالك له ، والأشياء التي لا مالك لها تصنف إلى الأنواع التالية :
– الأشياء المهملة او المتروكة ويراد بها تلك التي كانت في الأصل مملوكة ثم وقع التخلي عنها ومن ثم تصير وتصبح غير مملوكة لأحد.
– الأشياء المباحة أو الخالية وهي تلك التي ليست في الأصل ملكا لأحد كالطيور في الجو والأسماك في البحار والأنهار والحيوانات غير الأليفة ما دامت طليقة.
2- أن يكون المنقول شيئا ماديا، على أساس أن الأشياء المادية وحدها من يجوز تملكها عن طريق الاستيلاء أما الأشياء المعنوية فلا يمكن تملكها بهذه الكيفية
المطلب الثاني : إحياء أراضي الموات والحريم
لم تكن إحياء الأراضي الموات والحريم منظمة من قبل بمقتضى نصوص قانونية إلا أنه حضي هذا السبب بعناية كبيرة من طرف فقهاء مختلف المذاهب الفقهية، وهم يكاد يتفقون على أن الأرض الموات هي الأرض التي لا مالك لها ولا عمارة فيها ولا ينتفع بها في الزراعة ولا بناء استنادا إلى قوله تعالى ” والله أنزل من السماء ماء ، فأحيا به الأرض بعد موتها”. وإحياء أراضي الموات هي قيام الشخص بإعمال تؤدي إلى جعل الأرض غير المملوكة والتي لا يمكن الانتفاع بها على حالتها، صالحة للاستغلال.
ولقد تبنى المشرع المغربي موضوع إحياء أراضي الموات والحريم واعتبرها سببا مكسبا للملكية حيث عالجها في الباب الأول من القسم الأول المتعلق بأسباب كسب الملكية العقارية من مدونة حقوق العينية حي خصص لها المواد 222 إلى 226 من نفس المدونة وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين :
الفقرة الأولى : إحياء أراضي الموات
قبل التطرق لأحكام إحياء أراضي الموات لابد من معرفة المقصود بأراضي الموات ولماذا سميت بهذا الاسم.
أولا : تعريف أراضي الموات
هي الأراضي التي لم يكن لها مالك من قبل ولا تصلح للزراعة والتي أصبحت بدخول م.ح.ع حيز التنفيذ ملكا للدولة . وبذلك لا يجوز وضع اليد عليها إلا بإذن صريح من السلطة المختصة (المادة 222 من مدونة الحقوق العينية ). وعرفها ابن الحاجب بكونها “الأرض المنفكة عن الاختصاص بنفع “.
وإحياء الأراضي الموات هو مصطلح فقهي، يطلق على قيام الشخص بأعمال تؤدي إلى جعل الأراضي غير المزروعة وغير المملوكة والتي لا يمكن الانتفاع بها على حالتها الاستغلال.
أما المشرع المغربي لم يعرف أراضي الموات تعريفا محددا ولكنه حدد مجموعة من الأفعال والتصرفات التي تتم بها عملية الإحياء وتجعلها صالحة للاستغلال وذلك في المادة 222 من مدونة الحقوق العينية وعموما يمكن تعريف الأرض الموات بأنها الأرض التي لا مالك لها ولا سبيل إلى الانتفاع بها إما لكون المياه قد غمرتها ويكون إحيائها بإزالة تلك المياه وحفرها عنها أو يكون سبب موتها الجفاف وانقطاع الماء عليها فيكون إحيائها بشق الجداول لإيصال الماء إليها أو حفر الآبار بها، وإما كون سبب مواتها عدم استوائها ، او توجد الأتربة والرمال والأحجار والنبات الضارة بها ، فيكون إحياؤها بتسويتها وإزالة هذه المضار عنها وبذلك يتم إستصلاحها وتصبح صالحة الاستغلال في الزراعة أو البناء وغيرها.
ثانيا: التحجير
يقصد بالتحجير وضع العلامات ، ويتم إحياء الأرض الموات بتحجيرها ، وذلك بوضع الأحجار حول الأرض التي يراد إحياؤها، كعلامات تدل على سبقية وضع اليد عليها ، ولا يقتصر التحجير على ذلك بل يتعداه ليشمل كل تصرف يدل على وضع اليد.
وتحجير الأرض الموات لا يثبت ملكيتها لصاحبه، بل يجعله أولى بإحيائها من غيره، وينتظر مدة ثلاث سنوات، فإن أحياها خلال هذه المدة ملكها وإلا أخذت منه وأعطيت لغيره.
وعليه ينتهي ويسقط حقه المكتسب بالتحجير ، وهذا الحق ينتهي بأحد الأمور التالية :
-مضي مدة ثلا سنوات فإذا لم يقم خلالها المحجر بعمل جاد بإحياء الأرض وهي مدة الورادة بالحدي النبوي “… وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين”
-عدم القدرة على الإحياء : فإن اتضح عدم قدرة المحجر على الإحياء اما لفقره او لعجزه عن تهيئة أسبابها اللازمة ، فلا اثر التحجير لغيره إحياؤها.
المبحث الثاني : الالتصاق
يعد الالتصاق سبب من أسباب كسب الملكية عالجه المشرع المغربي في الفصل الثاني القسم الأول المتعلق بأسباب كسب الملكية والالتصاق في مفهومه الواسع يعني اتصال أو اندماج شيئين معا يكون على الغالب أحدهما تبعيا والآخر أصليا سواء نتج عن ذلك إحداث أو نقل ملكية جديدة أو لم ينتج. كما عرفه السنهوري ” الالتصاق هو اندماج أو اتحاد شيئين متميزين أحدهما عن الآخر ، و مملوكين لمالكين مختلفين”.
وعليه يمكن تعريف الالتصاق بأنه اتحاد شيئين ببعضهما البعض مملوكين لشخصين مختلفين على نحو يتعذر الفصل بينهما دون تلف سواء كان ذلك بفعل الطبيعة أو بفعل الإنسان، مما يترتب عليه إلحاق ملكية الشيء التعي بالشيء الأصلي.
ولقول بوجود الالتصاق لا بد من توفر الشروط التالية :
أن يوجد شيئان مختلفان بحيث يمكن التمييز بينهما بمعنى عدم تولد أحد الشيئين المتلصقين عن الآخر وأن يكون أحدهما أكثر أهمية من الآخر بحيث يمكن اعتبار أحدهما أصلا والآخر تابعا.
أن يتخذ الشيئان اتحادا ماديا بحيث يصعب الفصل بينهما دون تلف
أن يكون الشيئان مملوكين لمالكين مختلفين، أما إذا كان مملوكين لنفس المالك فلا يمكن تطبيق قواعد الالتصاق .
ألا يوجد اتفاق بين مالك الشيئين على الالتصاق فاندماج بين الشيئين يتم دون رضا أحد المالكين أو كلاهما، فإذا وجد اتفاق سابق على الاندماج طبقت أحكامه دون أحكام الالتصاق .
وميز المشرع المغربي الالتصاق بالعقار بين نوعين من الالتصاق وهما: الالتصاق بفعل الطبيعة (المطلب الأول) والالتصاق بفعل الإنسان (المطلب الثاني).
المطلب الأول : الالتصاق بفعل الطبيعة
الالتصاق الطبيعي هو : ما يحدث بدون عمل الإنسان وإنما بفعل الطبيعة ويتحقق هذا الالتصاق نتيجة تراكم الطمى الذي يجلبه النهر أو نتيجة تغير مجرى النهر أو نتيجة انحسار المياه عن الأراضي.
ولقد تطرق المشرع إلى حالات التصاق الطبيعي في المواد من 227 إلى 230 من مدونة الحقوق العينية وهي كالآتي :
الفقرة الأولى : طمي السيل
أشارت إلى هذه الحالة المادة 227 من م ح ع ” الطم الذي يأتي به السيل إلى أرض يملكها الغير يصبح ملكا لصاحب هذه الأرض “
والطمي هو الطين الذي يجلبه السيل إلى اليابسة بطريقة تدريجية ودون أن يلفت النظر فيكون بطميه أراضي جديدة تجاوز أراضي مملوكة لأشخاص اخرين.
وعليه فالطمي الذي يجلبه إلى الأرض الذي يملكها الغير يصبح جزءا منها ويكون ملكا لصاحبها بطريقة الالتصاق.
الفقرة الثانية : تغيير مجرى النهر واتخاذ مجرى جديد
تطرقت إلى هذه الحالتين المادة 228 من م ح ع “إذا وقع تغيير في مجرى النهر أو اتخذ النهر مجرى جديدا فإنه تسري في شأنهما الأحكام المنصوص عليها في المادتين 3 و 4 من قانون 10.95 المتعلق بنظام المياه”.
وبالرجوع إلى المادتين المذكورتين من القانون 10.95 المتعلق بالماء يلاحظ أن المشرع أشار إلى ما يلي :
إذا حصل تغيير في مسيل مجرى مائي لأسباب طبيعة ، تنتقل حدود الضفاف الحرة تبعا للعرض المحدد في المادة 2 من القانون رقم 10.95 المذكور سابقا مع الميسل الجديد.
في حالة تراجع المياه، تضم إلى الملك العام المائي المنطقة الموجودة بين الحدود القديمة و الحدود الجديدة للضفاف الحرة، دون تعويض للمالك الذي ستكون له فقط إمكانية إزالة المنشآت والإنشاءات المشيدة من قبله، وكذا جني المحصول القائم وفي حالة تقدم المياه تسلم المنطقة المذكورة مجانا للمالك المجاور إذا ثبت ملكية لها من أن تغطيها المياه وشريطة المنطقة احترام الارتفاقات الناتجة أو التي قد تنتج عن العرف او عن القوانين والأنظمة .
يضم إلى الملك العام المائي مع الضفاف الحرة التي يحتويها المسيل الجديد الذي يشقه المجرى المائي بشكل طبيعي أو بدون تدخل الإنسان.
وإذا لم تهجر المياه كلية المسيل القديم، فليس لمالكي العقارات التي يخترقها المسيل الجديد الحق في أي تعويض.
وعلى العكس إذا تركت المياه كليا المسيل القديم يكون للمالك الحق في التعويضات.
المطلب الثاني : الالتصاق بفعل الإنسان
لقد حددت مدونة الحقوق العينية حكم الثمار الطبيعية أو الصناعة أو المدنية ونتاج الحيوان على أنها تعود للمالك بطريق الالتصاق، وهذا الأخير هو الذي يتم بفعل الإنسان وذلك كأن يقوم الشخص ببذر حقل غيره، أو يقوم ببناء أو غرس أرضه بمواد مملوكة للغير ، وكأن يبني أو يغرس أرضا مملوكة لغيره سواء بمواد يملكها هو أو غيره وقد نظمت المدونة حالات الالتصاق الصناعي في فرضيات متعددة من المواد 231 إلى 238 كالآتي :
الفقرة الأولى : الالتصاق عن طريق قيام شخص ببذر أرض الغير
تعرض المشرع لهذه الحالة ضمن المادة 232 من مدونة الحقوق العينية وميز فيها بين الزراع سيئ النية والزارع حسن النية حيث جاء فيها ” إذا زرع شخص أرضا مملوكة للغير بسوء نية، فإن أخذها مالكها قبل فوات وقت الزراعة فهو مخير بين المطالبة بقلع الزرع مع التعويض إذا كان له ما يبرره، وبين تملك الزرع مع دفع نفقاته إلى الزراع ومنقوصا منها أجرة القلع ، وإن أخذها بعد فوات وقت الزراعة فله الحق في أجرة المثل مع التعويض إن كان له ما يبرره.
أما إذا زرع شخص أرض غيره بحسن نية كمن استأجر أرضا من غير مالكها، فإن استحق المالك أرضه قبل فوات وقت الزراعة فللزراع أجرة المثل ، وإن استحق المالك أرضه بعد فوات وقت الزراعة فليس له إلا الحق في المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر من المتسبب فيه”.
ومن مستجدات مدونة الحقوق العينية في هذا الصدد التكريس التشريعي لصاحب الأرض في المطالبة بالتعويض عند الاقتضاء ، إذ لا شك أن تقدير التعويض في هذه الحالة يكون على أساس ما لحق بالمتضرر من خسارة وما فاته من كسب، وعلى المحكمة أن تبرز ما اعتمدته في تقدير التعويض حتى تتمكن محكمة النقض من بسط رقابتها بشأن حقيقة الضرر الذي لحق بالمدعي .
الفقرة الثانية : الالتصاق من خلال بناء وغرس المالك في أرضه بمواد مملوكة للغير
المبدأ حسب مدونة الحقوق العينية أن كل البناءات و الأغراس الموجودة فوق الأرض أو داخلها تعد محدثة من طرف مالكها ما لم تقم بينه على خلاف ذلك، حيث جاء في المادة 235 من مدونة الحقوق العينية ” كل البناءات و الأغراس والمنشآت الموجودة فوق الأرض أو داخلها تعد محدثة من طرف مالكها وعلى نفقته وتعتبر ملكا له ما لم تقم بينة على خلاف ذلك”.
لكن إذا ما أقام المالك بناءات أو أغراس ومنشآت بمواد ليست له يجب عليه أداء القيمة التي كانت لتلك المواد وقت استعمالها وذلك بغض النظر عما يمكن أن يطالب به من تعويضات وليس لصاحب المواد الحق بعدما أدخل عليها تغييرا طبقا لنص المادة 236 من مدونة الحقوق العينية .
وبالتالي فمدونة الحقوق العينية أسست لفرضية تملك الغرس أو البناء من قبل صاحب العقار إذا ما تبدلت معالم المواد المستعملة كما في الأعمدة الرخامية التي اسند إليها السقف وكما في الخشب الذي صنعت منه النوافذ والأبواب الملصق بها البناء ومثل الاسمنت والرمل التي شيدت بها الجدران لكن هذا التملك يكون مقابل أداء قيمة المواد لصاحبها وتعويضه عن الضرر عند الاقتضاء كان يثبت أن قيمة تلك المواد قد ارتفعت عما كانت عليه يوم استيلاء مالك الأرض عليها .
وبمفهوم المخالفة إذا ما كانت المواد المستعملة يمكن نزعها مثل المرايا المعلقة بالجدران والرفوف المتحركة والأقفال فيجب لصاحبها أن يستردها وإذا تطلب نزع المواد من البناء مصاريف فيمكن إلزام صاحب البناء أو بالأرض بأدائها.
تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net
لمناقشة المقال فى صفحة الفايسبوك
أحدث التعليقات