fbpx

القائمة الرئيسية

أساس القانون التجاري

في البحث عن أساس القانون التجاري ونطاقه ظهرت هناك نظرتان، تبحث الأولى عن الشخص القائم بالعمل وتعرف بالنظرية الشخصية، أما الثانية فتهتم بطبيعة العمل في حد ذاته دون النظر إلى شخص القائم بالعمل، ويطلق عليها بالنظرية الموضوعية.

النظرية الشخصية

ينظر القانون التجاري حسب هذه النظرية إلى شخص القائم بالعمل، فالتاجر هو الذي ينظم النشاط التجاري، وتقتصر تطبيق قواعده على من يمتهنون حرفة التجارة وحدهم، بحيث جاء لينظم علاقاتهم وليقدم الحلول المناسبة للمنازعات التي تنشأ بينهم. والحقيقة أن القانون التجاري ذو نشأة طائفية وظل هذا الطابع الطائفي لصيقا به حتى بعد إلغاء نظام الطوائف .

ويرى أصار هذا الرأي، أنه رغم تحقق المساواة التي نادت بها الثورة الفرنسية، بقي هذا القانون مهيني ينظر إلى العمل الذي يقوم به التاجر، واستند أنصار هذه النظرية في تدعيم وجهة نظرهم إلى حجج أربع: الأولى سیاسية، ومفادها أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يمنع من وجود قوانين ذات طابع مهني ما دام أن الانضمام لهذه المهن يحكمه مبدأ الحرية، والثانية تاريخية وفحواها أن نظرية العمل التجاري، التي أقام منها البعض أساسا للقانون التجاري، ليست إلا بدعة صنعها بعض فقهاء القرن التاسع عشر، أمثال Pardessus et Del amarre

لا يؤيدها تاريخ ذلك القانون ولا يزكيها قصد المشرع. والثالثة اقتصادية، وخصلتها أن فكرة المهنة التجارية لا تتعارض ومبدأ الحرية الاقتصادية، والرابعة قانونية، مؤداها أن غالبية الأحكام التي قررها التقنين الجديد لا تجد تبريرا إلا في فكرة المهنة التجارية، كالأحكام الخاصة بالقيد في السجل التجاري وإمساك الدفاتر التجارية والإفلاس..الخ، أو ارتبطت بمباشرة المهنة التجارية كالأعمال التجارية بالتبعية

و من عيوب النظرية الشخصية أنها غير دقيقة لأنها تستلزم وضع معيار يفرق بين التاجر وغير التاجر عن طريق تحديد الحرف التجارية، وهذا أمر ليس من السهل تحقيقه إذ يصعب على المشرع تحديد الحرف التجارية تحديدا جامعا مانعا. كما أن التاجر لا يقتصر نشاطه في الحياة على الناحية التجارية فقط، بل يقوم إلى جانب ذلك بنشاط مديني لا صلة له بالنشاط التجاري فهو يبيع لغيره ويشتري من غيره أغراضا ليست مرتبطة بتجارته، والتي يقوم بها كل الأشخاص بغض النظر عن صفاتهم.

ب- النظرية الموضوعية

يهتم القانون التجاري حسب هذه النظرية بطبيعة العمل ذاته، دون أي اعتبار لشخص من صدر منه سواء كان تاجرا أو غير تاجر، فهو إذن قانون الأعمال التجارية. وعلى هذا فقد تنطبق أحكام القانون التجاري على أعمال تعتبر تجارية ولو لم يحترفها الشخص، بل ولو قام بها مرة واحدة، أما إذا أحترف هذه الأعمال فإنه یکتسب صفة التاجر ويخضع لأحكام القانون التجاري -خاصة في هذه الحالة- ولا يعتد القانون الموضوعي بصفة التاجر إلا لهذا الغرض، أي إخضاع التاجر الواجبات معينة كالقيد في السجل التجاري ومسلك الدفاتر التجارية و الإفلاس.

وقيل في تبرير هذه النظرية أنها أكثر تماشيا مع فكرة المساواة بين المواطنين ومبدأ حرية التجارة الذي يسمح لكل فرد أن يزاول العمل التجاري، مما يستلزم خضوع هذا العمل القواعد القانون التجاري، إذ لم تعد الأعمال التجارية – طبقا لهذا المبدأ – وقفا على التجار بعد أن تطورت الأعمال التجارية وما ترتب على هذا التطور من تعميم الأخذ بالأساليب التجارية في التعامل بين الأشخاص، کالعمليات المصرفية واستغلال السندات التجارية، إذ ليس من المنطق أن يطبق القانون التجاري على أعمال من طبيعة واحدة، قواعد مختلفة لجرد اختلاف صفة الشخص القائم بها.

ومع أن النظرية الموضوعية تستند إلى طبيعة العمل وأن الاعتماد عليها في تحديد نطاق كل من القانون المدني و القانون التجاري أقرب إلى طبائع الأشياء، فإن هذه النظرية يؤخذ عليها أن اعتبار العمل التجاري المحور الذي تدور من حوله قواعد القانون التجاري يقتضي تحديد الأعمال التجارية مقدما أو على الأقل وضع معيار يهتدي به لتمييز العمل التجاري عن العمل المدني،

وهذا من الأمور التي يصعب تحقيقها، إذ ليس من السهل على المشرع تحديد الأعمال التجارية تحديد مانعا، لأنه لا يستطيع أن يتنبأ مقدما بالأعمال التجارية التي قد تظهر في المستقبل استجابة لحاجات التجارة المتطورة، كما أنه ليس من السهل وضع معيار يهتدى به التمييز العمل التجاري عن العمل المدني .

موقف القانون التجاري من المذهب الموضوعي و الشخصي

وفي البحث عن موقف القانون التجاري في الأخذ بالفكرة الموضوعية أم أنه تأثر بفكرة وجود التاجر، أي الأخذ بتحديد الحرف التجارية، فيمكن القول بأن المشرع المغربي أثناء وضعه للنصوص المنظمة للتجارة عموما ضمن الكتاب الأول، قد جمع بين النظرتين، ففي البداية أخذ بالمبدأ الشخصي، فقد اعتبر أن التاجر هو كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، بحيث جعل من امتهان الأعمال التجارية شرطا لاكتساب صفة التاجر، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك.

كما يظهر تأثير المذهب الشخصي أيضا، في الأخذ بنظرية التبعية، والتي تشترط في الأعمال التجارية بالتبعية، تلك الأعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة أو المرتبطة بتجارته أو متجره. وبالمقابل نجد بأن المشرع أخذ بالنظرية الموضوعية أثناء عرضه للأعمال التجارية الموضوعية، خاصة تلك الأعمال التي لا يشترط فيها عنصري التنظيم والتكرار، ونذكر منها عمليات الشراء لأجل البيع.

 أما بشأن محاولة إعطاء تعريف للقانون التجاري، فيمكن القول بأنه ( فرع من فروع القانون الخاص، يتضمن مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الأعمال التجارية و التجار) بمعنى لا يمكن الأخذ بفكرة العمل التجاري دون الأخذ بعين الإعتبار القائم بالعمل والعكس صحيح.

 

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net


 


موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!