fbpx

القائمة الرئيسية

أثر العقد من حيث الأشخاص

آثار العقد من حيث الأشخاص – الدائنين – الخلف العام والخاص – الغير

آثار العقد من حيث الأشخاص

عندما يستجمع العقد كافة العناصر اللازمة لنشوئه وفقا لما هو مقرر قانونا، فإنه يصبح ملزما لأطرافه (القوة الملزمة للعقد)، فالاتفاق على مضمون العقد يجعل العقد شريعة للمتعاقدين لا يجوز التراجع عنه إلا بمقتضى الاتفاق المزدوج أو في الحالات التي يقررها القانون.

إذا كان الأصل أن تسري الحقوق والالتزامات التي يرتبها العقد في مواجهة المتعاقدين فقط، فإن الشخص قد يخلف حقوقا أو التزامات عقب وفاته، وقد يفوت ماله خلال حياته، ومن هنا تنصرف آثار العقد أيضا إلى من يخلف العاقد خلافة عامة بواسطة الإرث أو الوصية وإلى من يخلفه خلافة خاصة في حدود المال الذي آل إليه وبشروط معينة، إضافة إلى أن دائني المتعاقد يتأثرون بعقوده بصفة غير مباشرة، لأنهم أصحاب ضمان عام على أموال المدين، لذلك يستفيدون أو يتضررون بما يطال هذا الضمان زيادة أو نقصان

وإذا كان الأصل أن العقد لا يضر ولا ينفع الغير تطبيقا لمبدأ نسبية العقد، فإن لهذه القاعدة استثناءات تسري فيها العقود على الخير .

آثار العقد بالنسبة للدائنين :

 ينص الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود على أن : “أموال المدين ضمان عام لدائنيه… ” ولئن كانت أموال المدين ضمان عام لدائنيه، فإن تصرف المدين في هذه الأموال من شأنها المساس بهذا الضمان العام المقرر لفائدة الدائنين لاسيما تلك التصرفات التي يتحمل بها المدين التزامات جديدة، لأنها تنقص من الضمان مما يؤثر سلبا على مركز وحقوق الدائنين، وبالتالي فإن آثار العقود التي يجريها الشخص المدين تكون سارية في وجه دائنيه.

وهكذا من أجل حماية مصلحة الدائنين من تصرفات المدين في أمواله تدخل المشرع المغربي، ومنح الدائنين عدة وسائل قانونية لحماية حقوقهم من التصرفات القانونية الضارة بهم والتي تصدر من المدين بقصد الإضرار بدائنيه من أهمها دعوى الصورية، وهي وسيلة قانونية تخول للدائن حسن النية حق الطعن في العقد الذي أبرمه بشكل صوري للإضرار بدائنيها

فالدائن بواسطة هذه الدعوى يعمل على الكشف عن الحقيقة التي أراد المدين إخفاءها من أجل إعمالها في حقه، ويسعى إلى إعادة الأموال التي خصمت من الذمة المالية للمدين كأثر للعقد الصوري الذي أبرمه لتبقى في ضمانه العام.

سريان آثار العقد على الخلف الخاص

المقصود بالخلف الخاص من تلقى من سلفه حقا معينا كان قائما في ذمة هذا السلف، سواء كان هذا الحق عينيا كما في الحق الذي ينتقل إلى المشتري أو الموهوب له أو الموصى له بعين معينة، أم كان حقا شخصيا كما في الحق الذي ينتقل من المحيل إلى المحال إليه. التشريع المغربي لم يتطرق لموضوع أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص، الأمر الذي يتطلب دراستها على ضوء المبادئ القانونية العامة وما استقر عليه الفقه والقضاء بشأن هذا الموضوع.

فمن المبادئ العامة، أن الشخص لا يستطيع أن ينقل لغيره أكثر ما يملك وينتج عن ذلك أن الخلف الخاص يتلقى الشيء أو الحق بالحالة التي كان عليها في ذمة سلفه المالية، وبالوضع الحقوقي الذي حددته لهذا الشيء أو الحق العقود السابقة التي جرت بشأنه،

 فمثلا قد يكون بائع العقار أنشأ عليه قبل بيعه رهنا رسميا، فالمشتري الذي يتلقی العقار المبيع إنما يتلقاه بالتكاليف المقررة عليه سابقا (أي الرهن)، ويتأثر بالتالي بالعقد الذي أنشأ هذا التكليف رغم أنه لم يكن أحد أطرافه. إلى جانب، أنه من المبادئ العامة المقررة أيضا أن المال (شيئا كان أم حقا) إذا انتقل من سلف إلى خلف، فهو ينتقل بسائر ما يتمتع به مميزات وضمان، فإذا اكتسب مثلا مالك عقار ارتفاقا لمصلحة عقاره على عقار مجاور ثم باعه، فإن المشتري يتلقى العقار المبيع مع الارتفاق الذي كان تقرر لمصلحته ويستفيد إذن من العقد الذي كان أبرمه البائع مع صاحب العقار المرتفق به المجاور رغم عدم كون المشتري طرفا في هذا العقد.

شروط سريان عقود السلف إلى الخلف الخاص :

يجب أن يكون عقد السلف سابقا في تاريخ إبرامه على تاريخ إبرام العقد الذي انتقل بموجبه الشيء أو الحق إلى الخلف الخاص.

ينبغي أن يكون العقد الذي أبرمه السلف على صلة وثيقة بالحق أو الشيء الذي انتقل إلى الخلف الخاص ” أي أن كثرة الحقوق والالتزامات المتولدة عن هذا العقد من مستلزمات الشيء أو الحق الذي انتقل فيما بعد إلى ذلك الخلف.”

يجب أن يكون الخلف الخاص على علم بالحقوق والالتزامات الناشئة والمترتبة على العقود التي أبرمها سلفه، وفي هذا الإطار يتعين التمييز بين الحقوق والالتزامات، من حيث علم الخلف الخاص بها، فعلى مستوى الحقوق لا يلزم -حسب رأي الفقه– أن يتوفر عند تلقي الخلف الخاص للشيء محل الاستخلاف علمه الحقيقي بها، وإنما يكتفي بمجرد العلم الافتراضي بها باعتبارها عناصر إيجابية من شأنها الزيادة مما تحتويه ذمته المالية من أصول. وعلى العكس من ذلك يجب العلم بها علما حقيقيا بالنسبة للالتزامات باعتبارها قيودا من شأنها التأثير في ذمة الخلف الخاص، لذلك تم اشتراط ضرورة علم ذلك الخلف بوجود هذه القيود والالتزامات

سريان آثار العقد على الخلف العام :

الخلف العام هو من يخلف الشخص في كل ذمته المالية أو جزء شائع منها، وهذا ما ينطبق على الورثة والموصى لهم بحصة غير مفرزة في التركة كالربيع أو الثلث وقد تعرض الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود الآثار العقد إزاء الخلف العام بقوله : “تنتج الالتزامات أثرها لا بين المتعاقدين فحسب، ولكن أيضا بين ورثتهما وخلفائهما ما لم يكن العكس مصرحا به أو ناتجا عن طبيعة الالتزام أو عن القانون،

 ومع ذلك فالورثة لا يلتزمون إلا في حدود أموال التركة وبنسبة مناب كل واحد وإذا رفض الورثة التركة، لم يجبروا على قبولها ولا على تحمل دیونها، وفي هذه الحالة ليس للدائنين إلا أن يباشروا ضد التركة حقوقهم”.

فبمقتضى هذا النص القاعدة هي أن أثر العقد ينصرف إلى الخلف العام مع عدم الإخلال بقواعد الميراث. ولكن لهذه القاعدة بعض الاستثناءات لا يسري فيها أثر العقد على الخلف العام.

أولا : انصراف أثر العقد إلى الخلف العام مع عدم الإخلال بقواعد الميراث :

في التشريع الفرنسي، يحل الخلف العام محل السلف فيتلقى منه الذمة المالية بكامل عناصرها، ويحل محله في الحقوق والالتزامات فإن رجحت كفة الالتزامات وجب عليه الوفاء من ماله الخاص، لكن له أن يرفض الميراث، أو أن يحتفظ في قبول التركة ببعض الشروط بحيث لا تتجاوز التزاماته موجودات التركة.

أما أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث فهي تقضي بأنه “لا میراث إلا بعد سداد الدين”، أي أن الوارث ينتقل إليه ما في التركة بعد وفاء الديون وتنفيذ الوصية منها، فبمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية تكون التركة وحدها هي المتقلة بالتزامات المورث، فلا يجبر الوارث على الوفاء بشيء من هذه الالتزامات من ماله الخاصة

وقد تأثر قانون الالتزامات والعقود المغربي بالقانون الفرنسي من حيث أنه أجاز للورثة رفض التركة، ومنع في هذه الحالة إجبارهم على قبولها، وحصر حق الدائنين بمباشرة حقوقهم في مواجهة التركة ليس إلا، دون أن يتحمل الورثة بأي التزام من التزاماتها.

ولكن المشرع المغربي بقي منسجما مع أحكام الشريعة الإسلامية، من حيث أنه جعل الورثة، حتى في حالة قبولهم التركة، لا يلزمون إلا في حدود أموال التركة بنسبة مناب كل واحد منهم.

ثانيا : حالات استثنائية لا يسري فيها أثر العقد على الخلف العام :

من خلال الرجوع إلى الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود، يتضح أن أثر العقد ينحصر على المتعاقدين وحدهما ولا يسري على الخلف العام في الأحوال التالية:

الحالة الأولى : إرادة المتعاقدان :

قد يعمد المتعاقدان وقت إبرام العقد إلى النص في صلبه على عدم انصراف أثر العقد إلى الخلف العام، كما لو اتفق الطرفان على أن الأجل الذي منحه البائع للمشتري لسداد الثمن لا يستفيد منه ورثة المشتري، حيث يكون على الورثة وفاء الثمن من التركة فورا.

الحالة الثانية: طبيعة العقد :

قد تأبى طبيعة العقد أن ينصرف أثره إلى الخلف العام، وذلك متى كانت شخصية المدين محل اعتبار في العقد كالتعاقد مع طبيب أو محامي، فلا تنصرف أثر عقده إلى ورثته وينقضي التزامه بموته.

الحالة الثالثة : نص القانون:

 قد ينص القانون نفسه على عدم سريان أثر العقد على الخلف العام، كما في الوكالة إذ تنتهي الوكالة بموت الموكل أو الوكيل (الفصل 929 قانون الالتزامات والعقود)

آثار العقد بالنسبة للغير

 يقصد بالغير كل شخص أجنبي عن العقد (أي ليس طرفا فيه)، ولا تربطه أية علاقة أو رابطة قانونية بأحد المتعاقدين، بحيث لا يكون خلفا عاما أو خاصا ولا دائنا لأحدهما.

والغير على هذا النحو لا تنصرف إليه كقاعدة عامة آثار العقد عملا بمبدأ نسبية آثار العقود، فالعقد لا يضر الغير ولا ينفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون حسب نص الفصل 228 قانون الالتزامات والعقود .

بيد أن المشرع أورد على هذه القاعدة بعض الاستثناءات تنصرف فيها آثار العقد إلى الغير من أهم هذه الحالات: الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه – الاشتراط لمصلحة الغير.

الفقرة الأولى : الالتزام عن الغير شرط إقراره :

يقصد بهذه الصورة ذلك التعاقد الذي يلتزم من خلاله شخص باسم الغير، لكن على أساس أن يلتزم هذا الأخير بهذا الالتزام إلا إذا أقره يكون له أثر في مواجهة الغير، إلا من يوم حصوله.

الفقرة الثانية : الاشتراط لمصلحة الغير :

من الاستثناءات على مبدأ نسبية آثار العقد التي نص عليها المشرع حالة الاشتراط لمصلحة الغير، إذ جاء في الفقرة الأولى من الفصل 34 من قانون الالتزامات والعقود ما يلي : ” ومع ذلك يجوز الاشتراط لمصلحة الغير ولو يعين إذا كان ذلك سببا لاتفاق أبرمه معاوضة المشترط نفسه أوسببا لتبرع لمنفعة الواعد”.

ويعرف بعض الفقه الاشتراط المصلحة الغير بأنه تلك الحالة التي يتم فيها التعاقد بين شخص يسمى المشترط و آخر يسمى المتعهد من أجل إنشاء حق لمصلحة شخص ثالث يسعى المستفيد من الاشتراط. ومثاله: عقد التأمين على الحياة والذي يشترط فيه المؤمن له بأن تدفع شركة التأمين المتعهدة عند وفاته مبلغ التأمين لزوجته وأولاده باعتبارهم مستفيدين من الاشتراط.

المصادر والمراجع:

عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، الكتاب الأول: مصادر الإلتزام، الجزء الأول: التصرف القانوني، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط

عبد الحق صافي، القانون المدني، الجزء الأول: المصدر الإرادي للإلتزامات، الكتاب الأول: تكوين العقد، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء

 

 تذكر أنك حملت هذا المقال من موقع Universitylifestyle.net

تحميل المقال:


 



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

موقع يعني بشعبة القانون, محاضرات, ندوات, كتب جامعية, مقالات و كل ما له علاقة بالقانون من منظور أكاديمي

آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف
تصنيفات
منوعات
آخر المنشورات
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
Open

error: Content is protected !!